ليبيا القذافي وذاكرة قيادات سودانية
10-25-2011 06:48 AM

ليبيا القذافي وذاكرة قيادات سودانية

حيدر ابراهيم علي
[email protected]

تتميز علاقات كثير من السودانيين بتشابكات معقدة في التعامل مع ليبيا القذافي ومع الليبيين انتهت مرات عدة بانتزاع العاملين السودانيين ووضعهم علي الحدود المصرية بلا حقوق ولا مقتنيات فهم لم يأتوا بها من بلادهم، فهذه حقيقة ولكنها عرق جبينهم كما يقال.اما القيادات السياسية بالذات المحافظة والتقليدية فقد عانت من مزاجية العقيد وعشوائية تعامله،ولكن ذهب المعز كان يجبرها علي أن ترضى بالهم وبما لو رآه الواشي لقرت بلابله.اما النظام الحالي فقد كان في حالة رعب دائم من العقيد،فهو يعلم بتدخلة السافر في الشؤون الداخلية السودانية ولكن كان في فمه ماء.وحتي في احداث ام درمان،وحين زل لسان مستشار الشؤون الخارجية وجاء ذكر ليبيا عرضا،اضطر لبلع كلماته.وفي قلب الخرطوم له \"برج الفاتح\" وفي الاطراف حي\"عمر المختار\" وقاعة في المدخل الغربي لجامعة الخرطوم. وعلي المستوي الشخصي،عانيت لمدة خمس شهور في ليبيا–رغم عقدي الطويل مع الجامعة-من السهر،فقد كان الطلاب الثوريون:موسي كوسا واحمد ابراهيم وعمر السوداني،يقومون بايقاظنا في أي وقت ليلا لان العقيد يريد أن يناقش:المشكل الاجتماعي،في الكتاب الأخضر،مع الاساتذة.فهو لاينام وانسان ليلي تماما.وكنا في متناول ايديهم،لسبب يبدو غريبا،فقد كنا نسكن في داخليات الجامعة،لماذا؟لأنه بعد قرار البيت لساكنه،رفض الملاك تأجير منازلهم!وهنا اضطرت الجامعة لاسكان الاساتذة بأسرهم في داخليات الطلبة.وهذا طبعا يسهل-ايضا- مراقبتهم ومتابعة تحركاتهم.
لم تكن اخبار ليبيا السعيدة والحزينة بالنسبة لي مجرد احداث وأنباء،ولكنها مشاعر كثيرة مختلطة ومتداخلة.ومما اثار الشجن والتذكر المر كيف استطاع العقيد بكل نزقه وجنونه الفالت أن يجتذب شخصيات ذكية مثل بابكر كرار، وعبدالله زكريا ،والصادق المهدي، وحسين الهندي، وعثمان خالد مضوي؟ وقد يفسر جنونه وعشوائيته اسباب هذا الجذب،فالرجل كان كالاعصار ولايعرف الحدود والاعراف ،ويمكن ان يذهب الي اقصى مدى حين يقتنع بأمر ما.ولكن القيادات السودانية قدمت تنازلات مبدئية وكان عربون صداقتها غاليا.فلا ادري كيف بررت ان يقوم دكتاتور بمساعدة قوى \"ديمقراطية\" لكي تسترد الديمقراطية والحرية في بلدها؟ألم يرون كيف يحكم الشعب الليبي وكيف كان يتعامل العقيد القذافي مع معارضته التي اسمي افرادها الكلاب الضالة؟وكلنا يعرف مصير الكلب الضال.الم يشعر أهل الجبهة الوطنية أنهم شاركوا في نهب الشعب الليبي وفي حرمانه وافقاره.وإن كل رصاصة أو بندقية اشتراه لهم القذافي كانت مقابل نقص كراسة تلميذ ليبي أو خصما علي نصيب دواء مستشفى الكفرة؟ والآن يقفز الاحياء من الساسة السودانيين علي هذا التاريخ معلنين
الفرحة بموت(القذافي) ومؤيدين الثورة، ومستعدين لتقديم خبراتهم في الشورى والديمقراطية للثوار-كما قال السيد مصطفي عثمان اسماعيل مستشار الرئيس للشؤون الخارجية.لا ادري هل سيوزعون عليهم كتيبات مثل:تعلم الفرنسية في اسبوع!
تقول لليبيين:كيف تقسم وطنك في أقل من ست اعوام؟كيف تنشئ بيوت اشباح
في شهرين؟كيف تهجّر ملايين من مواطني بلدك في وقت قياسي؟كيف تحول سلة غذاء محتملة الي سلة تسول ومجاعات وغلاء فاحش خلال بضعة سنين؟
هل كان للعداء للنميري يبرر الاستقواء بالخارج-حسب اللغة السائدة-ضد الوطن الأم حتي ولو كان الحليف قوميا عربيا أو مسلما؟ كان الاسلامويون السودانيون هم عراب التحالف مع القذافي بحكم وضعيتهم المميزة في الجبهة الوطنية.وحافظوا علي ودهم\"الظاهري\" حتي قبل شهور قليلة رغم ثورة17 فبراير لانهم لم يكونوا متأكدين من انتصارها،لذلك هرعوا في الايام الاخيرة وبمبالغة واضحة يحاولون محو التقاعس بأثر رجعي.ويقول التاريخ أن قيادة الاخوان المسلمين كان لها فضل نقل الجبهة الوطنية من السعودية الي ليبيا.يكتب(مكي):-\"أخذ خطاب الجبهة الوطنية يمتد الي ليبيا التي كانت غير راضية عن نهج نميري تجاه اتفاقية الوحدة الموقعة في طرابلس(....)مع أن قيادة الأنصار كانت متوجسة في الدخول في حوار مع ليبيا لأن أياديها تلطخت بدماء الأنصار في موقعة الجزيرة أبا...إلا أن الاستاذ/عثمان خالد مضوي الأمين العام للجبهة مضي للحوار مع الليبيين حيث أرسل مذكرة إلي العقيد القذافي عن طريق سفيره في المملكة العربية السعودية مبرزا أخطار اتفاقية أديس أبابا علي مسار حركة العروبة والاسلام وأردف تلك بمذكرة أخري تشيد بموقف القذافي في دعمه لنظام عيدي أمين.وجاءت المذكرة الثالثة في 22مارس1973م في محاولة لتعريف القذافي بالجبهة الوطنية\".(الحركة الاسلامية في السودان1969-1985.الخرطوم،الدار السودانية،الطبعة الثانية،1999:67).
وللقارئ ان يتأمل في بؤس اسباب التحالف:معارضة اتفاقية جلبت السلام للسودان ومساندة دكتاتورية مستوحشة في يوغندا.ولكن كله يهون في سبيل اسقاط النميري.
لم يكن(الصادق المهدي)أقل تهافتا في خطة التقارب مع ليبيا،رغم التحفظات التي اوردها(مضوي).فقد شعر ببرود العلاقة بل توترها مع السعودية،وفي مارس1972كتب رسالة من المعتقل في بورتسودان يقترح علي المرحوم عمر نورالدائم،موضحا:-\"إننا نتفق علي انطلاق الالتزام القومي العربي من قاعدة إسلامية،ونتفق علي أهمية العلاقة الافريقية العربية،ونتفق علي اشتراكية المؤمنين،ونقف ضد الاشتراكية الملحدة\".وكتب الصادق بقترح علي عبدالحميد صالح القيام بإجراء مماثل.(فؤاد مطر:المصالحة الوطنية الأولي-انتكسوها أم انتكست.بيروت،المؤسسة العربية للدراسات والنشر،1999:80). وكان بابكر كرار يري أن ما يحدث في ليبيا فتح جديد للعروبة والإسلام.ويعتقد أن ثورة الامام المهدي\"كانت نتيجة أساسا وفي كليتها لتعبئة الشعب السوداني تعبئة عقدية واقتصادية واجتماعية وسياسية لمقاومة الاحتلال والاستعمار..رفع راية الجهاد لتحرير العالم الإسلامي من الظلم والاستعمار\".(بابكر كرار-سيرته وفكره:اعداد نادية يس عبدالرحيم.الخرطوم،جامعة افريقيا،2005:180).كان هذا هو مدخله في تقديم انصار المهدي لليبيين.وتحمس في جمع عمر نورالدائم مع القيادة الليبية ونجح في ذلك.ودعا(نورالدائم) كل من حسين الهندي وعثمان خالد للمشاركة.
واخيرا، تم اجتماع في طرابلس ضم ممثلين للقيادة الليبية والمعارضة السودانية،واتفقوا علي ما يلي:-
- تعاون بين السلطة الليبية والمعارضة السودانية لإسقاط النظام الحاكم في السودان بكل الوسائل.
- بعد اسقاط النظام تقوم وحدة اندماجية سودانية-ليبية.
- يقوم تنظيم سياسي واحد في البلدين يسمي المؤتمر الشعبي الاشتراكي.
- تطبق في الوطن الجديد الشريعة الإسلامية.
علينا ان نتخيل مصير السودان لو نجحت محاولة انقلاب عام1976،وهل ينطبق علي السودان القول:من لم يمت بالسيف مات بغيره.وقد متنا بما هو افظع من السيف:انقلاب الجبهة الإسلامية في30يونيو1989.فقد كان السودان بسبب اطماع
السياسيين معروضا علي مائدة (القذافي)واليوم يتبارون في ابداء الفرحة لموته الشنيع ويتسابقون علي ود الثوار الليبيين، معتمدين علي ذاكرة مثقوبة:هل في رؤوسهم أم رؤوسنا؟





تعليقات 6 | إهداء 0 | زيارات 4275

خدمات المحتوى


التعليقات
#231153 [التاج]
2.56/5 (19 صوت)

10-26-2011 03:37 AM
شكرآ دكتور حيدر على الوثائق التاريخيه وهم خربوا اتفاقيات السلام الاثنين التى فى عهد نميرى والتى فى عهد الميرغنى والغريبه كلا الاتفاقيات لم تحمل فى طياتها الانفصال


#231121 [مدحت عروة]
2.56/5 (17 صوت)

10-26-2011 12:01 AM
الاخوان المسلمين ميكافيليين و براغماتيين الاستعانة بالاجنبى اذا كانت فى صالحهم فهى مقبولة و ما خيانة وطنية هم قايلين الناس بتنسى ياخى خليك من الماضى الاسود بتاعهم الآن هم ولاؤهم للحركة الاسلامية العالمية و بيتعاونوا معها فى جميع المجالات و حتى لو كان هذا التعاون ضد مصلحة المواطن السودانى اللى هو ما كله عرب و لا مسلمين انحنا مالنا و مال هؤلاء القذرين انحنا سودانيين و بس مصلحة المواطن السودانى تاتى اولا و قبل اى واحد فى الكون حتى و لو كان هذا السودانى مسلم او مسيحى او حتى لا دينى ابيض او اسود او اخضر او حتى ازرق ما مهم المهم انه السودان و السودانيين ياتوا اولا قبل هؤلاء العفن و القذارة عديييييل كده و الما عاجبه الكلام ده يسوى الدايره و لا نامت اعين الجبناءو الخونة و العملاء بلا حركة اسلامية عالمية بلا وسخ بلا عفن بلا قذارة!!!!


#231062 [واحد]
2.56/5 (18 صوت)

10-25-2011 09:21 PM
لماذا كرهناهم =ثيران ليبيا =
التشفي المبالغ فيه وتجاوز الخطوط الحمراء في معاملة الخصوم من قبل =ثيران ليبيا = مما لا يقره دين او خلق ثم الكذب في اعلان ما حدث خوفآ من الناتو ==ولم يخافوا من رب الناتو= اضافة لمحاولتهم == اصدار صكوك دخول الجنه = مستندين علي ما فعلوه بالرجل وابنه وتسويقه تحت مسمي ==سوء الخاتمه == في تذاكي غبي متناسين ان سيد شباب اهل الجنه ابا عبدالله الحسين ابن علي ==حوصر ومنع ورود الماء واثخن بالجراح وقتلته الفئه الباغيه وفصل رأسه عن جسده ومثل بجثته وهو سبط النبي وان عبدالله بن الزبير قتل وعلقت جثته بالكعبه حتي تعفنت ولم تنزل حتي قالت امه ذات النطاقين اسماء بنت ابوبكر الصديق قولتها المشهوره =اما آن لهذا الفارس ان يترجل وان حمزة بن عبدالمطلب قتل ومضغت كبده
لقد صادر المتأسلمون حقنا في الحياة الكريمه =بل في الحياة نفسها = ويريدون مطاردتنا في الاخرة وتعالي الله مالك يوم الدين ان يشاركه احد فهو علام الغيوب وسارع =علماء السلطان في تفصيل الفتاوي
اشراط الثورة في ليبيا لم تكتمل وقام الناتو والمتأسلمون باجهاض فرص تقدم ليبيا والحديث يدور حول 200 مليار دولار في بنوك الغرب ونموال ضخمه واستثمارات تحت مسمي اعادة الاعمار


#230648 [قرنق ]
2.56/5 (18 صوت)

10-25-2011 08:49 AM
بوركت يا رجل ..وأبقاك الله لكشف الزيف وإجلاء الحقيقة التاريخية .. ويكفيك فخراً أنك رجل فكر تركل السياسة وتتفل عليها إن هي جافت الموضوعية والعلمية وما ينفع الناس. فعلاً كلهم وقفوا ضد أديس أبابا السلام وذبجوها بالتآمر وبالإندساس في الاتحاد الاشتراكي ،فكانت النتيجة تقسيم البلاد ... واليوم يريدون أن يصدروا إلى ثوار ليبيا خبرتهم الفاسدة التي ما جنينا منها غير شريعة جوفاء، وإسلامٍ شعار، أحال أمرنا إلى دمار. بوركت يا رجل .. وأمد الله في أيامك لبث الوعي في هذا الشعب الطيب المخدوع ...


#230586 [مصعب]
2.56/5 (19 صوت)

10-25-2011 07:42 AM
(( لم تكن اخبار ليبيا السعيدة والحزينة بالنسبة لي مجرد احداث وأنباء،ولكنها مشاعر كثيرة مختلطة ومتداخلة.ومما اثار الشجن والتذكر المر كيف استطاع العقيد بكل نزقه وجنونه الفالت أن يجتذب شخصيات ذكية مثل بابكر كرار، وغيره - وأنت واحد منهم يا استاذ حيدر , ما هى الأسباب التى جذبتك للعمل مع القذافى فى جامعاته ؟ هل هو المال ؟ أم هل هو حباً فى شخصية القذافى المثيرة للجدل - وكانت هنالك مقولة يقولها السودانيين كثيرا (ليبيا واليمن ضياع زمن) - التاريخ لا ينسى ......


#230572 [مواطن]
2.56/5 (17 صوت)

10-25-2011 07:26 AM
الثورات العربية من وإلى (ليبيا نموذج)
سامي الأخرس
\"دار الخيانة التي يتكدس فوقها خيوط العناكب تفصلها عن دار الكرامة خرابة يكوم بها رجال يقتاتون من سباخ الزرائب، في عصور تقبع على المصلين إمارات النجاسة، التي تمسح الرؤوس وتتساقط على رقاب الماشية ولا تقول لأحد: سجلوا بدفاتركم لمعان الشمس على ريشة الفجر، وأوسعوا للمارة حرية الحركة في ظاهرة كفهّا مُتحرك نحو الألواح الكبيرة التي تحمي السقف، من قيظ الموت.\"
كَثر الجدل في اليوميين الماضيين عن تحرر الشعوب، وخلاصها من ديكتاتوريات الأنظمة العربية التي استبدت وجثمت على الصدر العربي خلاّل العقود الطويلة السابقة، وهو ما يتفق عليه الجميع بضرورة وحتمية أن تنال شعوبنا العربية حريتها، وتمضي في بناء دولتها الديمقراطية الحرة، التي تحترم الإنسان، وتحترم الكرامة، وتنهض بالبناء الإنساني قبل البناء المؤسساتي، وهو شعار جاذب بريقه ولمعانه يُسحر الناظرين. ويدغدغ مشاعر الجميع، ونحن منهم ومثلهم، صفقنا وهللنا، ومدحنا، وحللنا الثورات العربية في تونس ومصر ولا زلنا نقف منها موقف المؤيد، والداعم، والحافز، بما أنها عبّرت عن إرادة الشعوب وتحركها الوطني الصادق، رغم الكثير من الملاحظات والتحفظات التي شابت هذه الثورات، ورغم الخفايا التي لم تكشف بعد، إلاّ أن هاتين الثورتين سجلتا سجل نظيف حتى راهن اللحظة برفضهما التدخل الخارجي بالشؤون الداخلية، وتعبيرهما عن حالة شعبية يمكن متابعتها وتحليلها جيدًا واستخلاص العبّر منها.
وموقفنا هذا لا يمكن تعميمه على الجميع أو على كل ما يحدث بمنطقتنا العربية، حيث منحنا الله عقول نفكر بها ونحلل بها، ونستقي معلومتنا وتحليلنا مما يجري على الأرض، ومن الأحداث التي تتضح معالمها، وخفاياها وخباياها، ولن نسمح لأنفسنا بأن نكون أنعام في حظيرة الناتو الأوروبي، والبيت الأبيض الأمريكي، وهما أكبر قوة داعمة للحركة الصهيونية العالمية التي أغالت منذ (ثلاثة وستون) عام في ذبح وتشريد شعبنا العربي عامة، ولم ننسَ بعد مذابح الصهيونية في سوريا، ولبنان، ومصر، والأردن، وغاراتها على العراق وملاحقتها للعلماء العرب ومحاربتها لكل عربي، والدور الغربي - الأمريكي في دعم وتشجيع هذه الحركة على فعل كل المبوقات التي عرفها التاريخ ضد الأمة العربية، وكذلك ممارستها ومذابحها واحتلالها للأرض الفلسطينية، وتشريد شعب بأكمله مَثل مجتمع منظم شارك في النهضة الحديثة، وفي تنظيم الحياة في الواقع العربي، وجعل منه شعب مشتت مشرد لاجئ، وكذلك الحلف العداوني الذي شنته الولايات المتحدة والغرب ضد العراق وتحويله من دولة متقدمة غنية إلى دولة مجزأة فقيرة تنهب خيراتها وتغتصب ماجداتها، ويهتك عرض رجالها تحت مسمى الديمقراطية وحقوق الإنسان الخديعة الجديدة التي يحاول الغرب والولايات المتحدة التناغم به مع ضحالة الفكر العربي، واستغلال حالة الإستبداد التي يعيش بها المواطن العربي، وحالة ضيق الأفق التي تطغو على التفكير والوجدان، والمتزامنه مع إطلاق العنان للأقلام المتصهينة والمتأمركة التي تحكي بلسان عربي، وفكر عربي بعدما نجحت في تمريرهم بالعراق باسم كتَّاب(المارينز)، ها هي تمررهم لنا باسم كتّاب (الناتو) وتحاول أن تروج لعدوانها على ليبيا، بنفس الصياغات والمبوقات التي استخدمتها بالعراق مع اختلاف الأداة المنفذة، فإن كانت بالعراق قوات المارينز والغرب قد وطأت أرض العراق، وواجهتها المقاومة العراقية الباسلة بضربات موجهة دفعتها لوضع مخططات للخروج الشكلي من العراق، فهي قد تعلمت الدرس جيدًا وحركت بعض قواها النائمة في ليبيا الذين يرتدون ثوب الإسلام من جهة، وبعض رجالاتها التي اشترت ذممهم في النظام السابق مثل مصطفى عبد الجليل(عبد الناتو) وشلقم، ومحمود عبد الجبار، وبلحاج، وغيرهم من الذين تحولوا بين ليلة وعشاها إلى ثوار، ومتأسلمين ينادون بالشريعه الإسلامية، في حين إنهم كانوا جزء أساسي ورئيسي من نظام العقيد الشهيد (معمر القذافي).
أمام تلك الحالة علينا التوقف قليلًا والتفكير طويلًا بالحالة الليبية التي كل تجلياتها قد اتضحت منذ اليوم الأول الذي أغارت به طائرات النيتو والولايات المتحدة فوق طرابلس بحجة حماية الشعب الليبي والدفاع عنه، في حين أن إسرائيل تقتل الشعب الفلسطيني منذ (ثلاثة وستون) عام ولم يهتز ضمير العالم أنملة، ولا زال يتمترس خلف الصهيونية العالمية وينكر على الشعب الفلسطيني حقوقه، وحقه الذي كفلته لك المواثيق الإنسانية والدولية، كما ولا زال يبيح لإسرائيل إرتكاب كل الجرائم والمذابح وآخرها حرب غزة سنة 2008م التي صَمت العالم أمامها، وهي تحرق غزة فوق رؤوس أطفالها ونسائها، وشيبها وشيوخها، لم ترحم الحجر ولا البشر، ولم تحرك اساطيلها البحرية والجوية للدفاع عن هذا الشعب، ولم تتحرك منطمة العفو الدولية لوضع لائحة اتهام ضد جرائم قادة إسرائيل وعصاباتها، بل سارعت بريطانيا العظمي بتوقيف الشيخ (رائد صلاح) بتهم الإرهاب لأنه يدافع عن المسجد الأقصى، وتفتح كل مجالها وأرضها لقادة اسرائيل وتستصدر القوانين والتشريعات التي تحميهم من المساءلة والملاحقة القانونية، وهو ما تَعتد به الولايات المتحدة في توقيع اتفاقياتها مع الدول بأن تضع بنود تحمي جنودها وجنود اسرائيل من أي ملاحقات مستقبلية.
ورغم ذلك فلا زال لدينا ثقة بالولايات المتحدة، ونتبنى الخطاب الأمريكي - الغربي ونجعله مرشدًا لنا، ونستقي معلومتنا منهم، وتحولوا لبنك معلومات لنا نؤمن بكل ما يملوه علينا وكأنه ترتيلا منزلًا، ونستخدمه في التسويق للمنتج السياسي الفراغي الأمريكي تحت قانون حرية الرأي والرأي الآخر الذي إعتمدت عليه جزيرة أمير قطر، في تصدير التطبيع لنا بكل اتجاهاته، وتحويل الخيانة ليس لوجهة نظر فحسب- بل لمطلب- تَعتد به أجيالنا الحالية والمستقبلية، وهو ما لمسناه في شعارات ما يسمى ثورة ليبيا، وبدأ يتسلل لما يسمى كذلك ثورة سوريا، وبدأت ترجماته تؤتي أوكلها في العقل العربي والشعوب العربية، باسم الربيع العربي دون النظر للمستقبل والتعمق بالتاريخ لإستدراك الحقائق.
نؤمن بحرية الشعوب كما أمنا بحرية شعب فيتنام التي ناصرت نفسها ولم تستعنِ بِمُحتل ليحررها تحت شعار \" بدنا نتحرر نحرر أنفسنا من المحتل\" وهو شعار لم يطرحه سوى عقل البلاهة العربي معتقدًا أن هذه القوى المحتله لديها من الغباء ما يجعلها مطية لمراهقة الصغار في تفكيرهم، متناسين إنهم أمام قوى استعمارية امبريالية كبرى، لديها مخططات استعمارية دولية واقليمية. وكذلك على غرار ثورة الشعب الأندونيسي ضد الديكتاتور (سوهارتو)، وشعب الفلبين ضد الديكتاتور (فريناند ماركوس)، والشعب الكوبي، والشعب الفنزويلي الذي هَب بكل فئاته وشرائحه لحماية فنزويلا من المخطط الأمريكي الذي كان على غرار المخطط الليبي تحت شعار (الديمقراطية وحقوق الإنسان). ولكن ورغم كل ذلك لا زال العرب في غيهم وضلالهم يعمهون، لم يتعلموا من التاريخ شيئًا ولن يتعلموا ما دام هناك من يجرهم من داخل جلدتهم بأفكاره الخيانية، مرتديًا قميص الوطنية، والديمقراطية وحقوق الإنسان، والدفاع عن الشعوب.
إن ما حدث ويحدث في ليبيا ما هو إلاّ احتلال غير معلن الوجه، بطائرات غربية وشخوص خيانية سقطت في مستنقع الرذيلة والخيانة ضمن دوائر المؤامرة الأشمل في المنطقة العربية، التي تقسم المقسم، وتجزأ المجزأ وسط سبات عمق من شعوبنا المسلوبة، التي يسيل لعابها للشعارات، ولا تتقن أكثر من الإنقياد خلف كل من يبرمجها كآلة الحاسوب. وما المشاهد المشينة والقذرة التي تناقلتها وسائل الإعلام بالأمس ضد (القذافي) وهتك عرضه علانية مما يسمى الثوار، إلاّ تأكيد على أن هذه الخيانات تنفذ ما يملى عليها، وأن أوامرها تتلقاها من الولايات المتحدة الأمريكية، والغرب، وهو ما فعلته هيلاري كلينتون باجتماعها مع ثوار الناتو(وكبيرهم مصطفى عبد الجليل)(عبد الناتو).



حيدر ابراهيم علي
حيدر ابراهيم علي

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة