المقالات
الصحة والتكنولوجيا
متلازمة صوم رمضان
متلازمة صوم رمضان
08-12-2010 12:36 PM

متلازمة صوم رمضان

بروفسير مأمون محمد علي حميدة

أقبل علينا شهر رمضان والذي إختصه الله بفضل لا يدانيه فضل ورغم أن ظاهر الصوم هو الامتناع عن الأكل والشرب ومتعة الجنس إلا أن صوم رمضان متلازمة لعبادات أخرى تصاحب هذا الشهر الكريم من ارتفاع بالروحانيات والسماحة والجود والإحسان وحفظ اللسان وجوارح الشر وما الامتناع عن الأكل والشرب إلا عوامل مساعدة ووسيلة لهذا الارتقاء الملائكي بالإنسان، إذا أخذنا جزئية الامتناع عن الأكل والشرب معزولة عن هذه المتلازمة يصبح الصوم عبئاً على الجسم وضاراً بالصحة لأن الذي يجوع لساعات يفرط في الأكل والشرب حين يقبل على المائدة لدرجة التخمة إلا إذا كان هنالك ضابط لتطويع لهذه الشهوة. وليس من ضابط إلا الارتفاع بإحساس الجوع والعطش للارتباط بالسماء وتوطين النفس على الوسطية وحماية الجسم من المؤذيات من أكل وشرب ومكيفات. ومن يخرج من رمضان بنفس شهواته في الأكل والشرب والتدخين والإسراف في الحياة خرج من الصوم بالجوع والعطش. وهذا مآل العبادات الأخرى كالصلاة والتي يمكن أن تكون تمريناً رياضياً إذا لم يستصحب المسلم معانيها. العبادات أداة فاعلة لتغيير السلوك الاجتماعي وإحداث الالتزام الدنيوي لخير البشرية. والمؤسف أن يقبل علينا رمضان والأمة الإسلامية – في أدنى قائمة الأمم حضارة وتقدماً وفي أعلى قائمة الأمم عجزاً واتكالاً واعتماداً على الغير. حتى الأمم الإسلامية التي أفاء الله عليها من خيراته لعدم التزامهم بالوسطية وضبط النفس سبقوا الأمم الأخرى في السمنة وظهور أمراض الانفراط من سكري وضغط الدم وأمراض القلب فشاعت في الأمة المسلمة أمراض النقيضين أمراض الجوع والتخلف وأمراض اتباع الشهوات حتى إن رمضان حُوّل الى مواسم الأكل الفاخر والراحة والدعة والنوم ولأن المكان الجغرافي كبنغلاديش والصومال والباكستان ليس السبب الوحيد في تعدد الأمراض بين المسلمين فإنا نجد أن المسلمين الذين يعيشون في أوربا هم أقل المجموعات العرقية أو الدينية صحة وأكثرهم مرضاً حتى في السلوك المعيشي من أكل وشرب واستعمال المكيفات هم الأسوأ، ففي دراسة إنجليزية نجد المسلمين الذين عاشوا لعشرات الأعوام بإنجلترا هم أكثر السكان تدخيناً بنسبة 24% وتصل هذه النسبة الى 40% في بعضهم كما أن نسبة السكري وارتفاع الكوليسترول هي الأعلى إذ تبلغ نسبة هذه الأمراض خمسة أضعاف مقارنة بالإنجليز الوطنيين، وليس غريباً مع هذا الانفراط أن نجد أن وزن المسلم يزيد بعد شهر رمضان وأن المسلمين يعودون وبسرعة إلى العادات السيئة في الأكل والشرب والتدخين والإسراف في أكل الدهون والانحراف السلوكي، التوقف عن الأكل والشرب عند بعض المرضى كما في صوم رمضان يؤدي الى إخلال بالصحة ومن حكمة المشرع تبارك وتعالى \"ومن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر\" وإذا لم يرجو المؤمن شفاءً من المرض الذي أباح الفطر فعليه بالفدية – والأمراض تشعبت وتعددت ويحتاج المسلم الى فتاوي تقوده الى القرار الذي يرضى الله صوماً أو فطراً – لأن في الصوم ثواب للأصحاء كما في الفطر ثواب للمرضى لأن الله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه، يقول بعض الأطباء إنّ المريض طبيب نفسه وله أن يقدر إذا كان قادراً على الصوم وأجد أن هذا التعميم لا يسنده سند علمي أو فقهي. فالمريض يجهل مضاعفات ما يصيبه من الأمراض وأثر الجوع والعطش على جسمه ويحتاج الى مشورة الطبيب في الأمر ونجد أنفسنا أمام مجموعتين من الناس الذين يترددون على الأطباء قبل رمضان بحثاً عن مخرج من الصيام وآخرون أعياهم المرض ويصرون على الصوم وكلاهما خرج من مضمون متلازمة الصوم، يجمع الأطباء على أن الأمراض الحادة كالملاريا والالتهابات – كالتهاب الكبد الفيروسي والإسهال وفقدان السوائل تبيح الفطر أما الأمراض المزمنة كضغط الدم والسكري والربو الشعبي (الازما) فهذه أمراض تتفاوت حالة المصابين بها وقرار الصوم تحدده حالة المريض الصحية وطرق العلاج المُتّبعة. عموماً فإن معظم علماء الإسلام من الأطباء يبيحون الفطر لمريض السكري الذي يتعالج بالآنسلين خوفاً من انخفاض الجلكوز بعد الحقن – وبعض المرضى في إصراره على الصوم يوقف الأنسلين في فترة رمضان وهذا مُضر بالصحة، أما الذين يعانون من السكري من النوع الثاني (سمنة – ويعتمدون على الحبوب) فهؤلاء في الأغلب يستفيدون من الصيام وربما يحتاجون الى تغيير نوع الحبوب من طويلة الأثر (داونل) الى متوسطة الأثر. أما مرضى السكري الذي يعانون من مضاعفاته في القلب والكلى والعيون عليهم التأكد من آثار هذه المضاعفات على الجسم قبل الصيام بإجراء بعض الفحوصات، مرضى ضغط الدم يمكنهم تعاطي الحبوب مساءً وقبل السحور وكذلك الحال مع مرضى الازما – استعمال البخاخ يُفطر لأن الهواء المستنشق يخلط ببعض الماء، ومرضى الازما الذين يحتاجون لاستعمال البخاخ بصورة متكررة نهاراً يباح لهم الفطر بسبب المرض– أما الذين يمكنهم أن يستغنوا عن استعمال البخاخ نهاراً باستعمال النوع طويل الأثر فيمكنهم الصوم واستعمال ذلك النوع عند الإفطار أو السحور، مرضى الكلى الذين يعتمدون على الغسيل البرتوني أو الاستصفاء الدموي (haemodialysis) لهم الرخصة بعدم الصوم، المرضى الذين زرعوا كلية فيمكنهم الصوم مع الالتزام بتناول الأدوية المثبطة للمناعة بعد الإفطار وهنالك دراسة من بعض الأطباء السودانيين في هذا المجال نالت استحساناً عالمياً، المرأة الحامل لها رخصة فقهية بالإفطار وهنالك من السند العلمي يشيرإلى أن الصيام ربما يضر بصحة المرأة أو طفلها كما ننصح أيضاً المرضع بالإفطار لأن تغذية الطفل من غذاء الأم. استعمال الأدوية المحقونة بالعضل أو بالوريد (إذا لم تكن غذاء كالجلكوز) لا تفطر – وكذلك قطرات العين والأذن وتجنب هذا النوع من الأدوية أثناء الصيام أفضل، التدخين .. بأنواعه المختلفة من السميات التي حرمها الله سبحانه وتعالى فرمضان فرصة للمدخنين للإقلاع عن هذه العادة التي استشرت بين المسلمين ، وكثير من الشباب تعلم التدخين في رمضان حول جلسات الأنس الليلية حول \"الشيشة\" في النوادي وحول الطرقات – معرضين أنفسهم لمضار النكوتين والتهابات الرئة من سل وفيروسات قاتلة كانفلونزا الخنازير والطيور والتي تقتل يومياً أعداداً من الملسمين، خلاصة الأمر أن الصيام تمرين روحي وتنقية للنفس والامتناع عن الأكل والشرب هي وسيلة الى هذا الارتقاء الملائكي بالإنسان وإذا ما أدينا الصيام كما جاء في السنة – تذوقنا حلاوة الإيمان، والذين يعودون للعادات السيئة من تدخين وإفراط في الأكل أو من تراكم دهني في الجسم وزاد وزنه بعد رمضان عليه أن ينظر ماذا جنى من صيامه.

التيار





تعليقات 2 | إهداء 0 | زيارات 6009

خدمات المحتوى


التعليقات
#15435 [عمر]
1.20/5 (12 صوت)

08-13-2010 08:05 AM
أسمع كلامك أصدقك ، أرى فعائلك أستعجب ، أراك في مقالك هذا إنسانا متدينا وخلوقا بينما أراك هناك مصاص دماء أقام إمبراطوريته الطبية الاستثمارية العظمى من عرق الغلابة والمساكين بعد أن تقربت من الآخرين بسوق طلاب جامعة الخرطوم إلى سوح القتل في جنوبنا الحبيب إبان إدارتك للجامعة ، حلقت صلعة ولبست الكاكي وأخذتهم إلى المحرقة ماتوا هم وعدت أنت سالما فأنت لم تقاتل أصلا بل قضيت تلك الفترة في فنادق جوبا. لم تستح حتى من التغول على برنامج د. عمر محمود خالد فأخذته لنفسك مع أن الكثير من أخلاقيات مهنة الطب تحث على تجنب مثل هذا الفعل. ليتك كنت كعمك المغفور له بإذن الله حامد حميدة الذي كان يجوب أحياء سنار في الثلث الأخير من الليل ليوزع مظاريفه المالية على الأسر الفقيرة حتى لا يحرجها أمام الناس عند إستلامها للصدقات . لقد كان رجلا خيرا بحق وحقيق إذ لا تعرف يساره ما أعطت يمينه.


#15362 [د.عبد الله بشير]
1.20/5 (13 صوت)

08-12-2010 04:52 PM
جزاك الله خير يابروف على الموضوع ..ونسأل الله ببركة هذا الشهر أن يصلح حالنا وحال جميع المسلمين


بروفسير مأمون محمد علي حميدة
مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة