وقفة مع الذات لعام مضى وعام آت
12-27-2011 11:15 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

وقفة مع الذات لعام مضى وعام آت

الإمام الصادق المهدي


الاحتفال بذكرى الميلاد بدعة حميدة، فالبدعة الذميمة هي التي تُحدث أمراً في ثوابتْ الدين وهي: التوحيد- النبوة- والمعاد- والأركان الخمسة.
في جيلي كان هذا الاحتفال غريباً ولكن أمي سنته لحسن الصدفة كان يوم مولدي في عيد الفطر وفي عيد ميلاد المسيح عليه السلام، بهذه المناسبة للأمة المسيحية أطيب التهاني على هذا العيد.
بعض قومنا يحرّمون تهنئتهم في مناسباتهم ولذا سأقول لهؤلاء إن القرآن يأمر به في قوله: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ، وقوله عن فئات منهم: (يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِين) ، و(وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) ، وفي حديث رواه مسلم جاء فيه مدح نبوي للروم أي سكان شمال البحرالأبيض المتوسط الحديث رقم (5289): \"إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالًا أَرْبَعًا إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ وَأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ\".
نعم لقد ارتكبوا جرائم كثيرة: الاحتلال، والإذلال، وشن الحروب الظالمة غير المتكافئة، والاستشراق الظالم، ولكن يقابل هؤلاء مستشرقون منصفون، ومنهم كثيرون يُقبلون على الإسلام بعقل مفتوح. ثم صار يساكنهم كثير من المسلمين كلاجئين ينعمون بالحياة وسطهم، وبالإضافة لهذا كله فعدد كبير من المسيحيين يؤاخوننا في المواطنة ويجاوروننا في الجغرافيا، إن الذين يقولون بتحريم مبادلتهم التحايا والتهاني يعيشون خارج التاريخ وخارج الجغرافيا وخارج روح الإسلام.
أعود لحديثي لأقول إنني أريد أن أغير مناسبة الاحتفال بيوم مولدي كما سنت ذلك أمي وواصلته أسرتي ومكتبي إلى مناسبة تسمى وقفة مع الذات.
إن في هدايتنا حثاً على إظهار النعمة: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) ، على ألا يتعدى فيصير ذميماً: (فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ) كذلك تشجيع على الاعتراف بالعيوب: (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) للنقد الذاتي، ومقولة: \"رحم الله امرءا أهدى لنا عيوبنا\" لنقد الآخر، على ألا يبلغ الأول درجة جلد الذات ولا يبلغ الثاني درجة هتك الستر، لذلك كانت عقوبة القذف شديدة القسوة وما خلده الحكيم:
جراحات السنان لها التئام ولا يلتام ما جرح اللسان
والستر محمود على نحو مقولة أحد الصالحين يناجي ربه: \"لقد أصبح بي من نِعمْ الله ما لا أحصيه من كثرة ما أعصيه، فلا أدري أيهما أشكر على قبيح ما يستُر أم جميل ما ينشر؟\"
عام 2011م انطوى وتركني مثخناً بجراح عام كبيس على بلادنا أكاد أقول عنه مع الخيام:
سَعِدَ الَّذِي لَمْ يَحْيَى فِيْهِ لَحْظَةَ حَقاً وَأَسْعَدُ مِنْهُ مَنْ لَمْ يُوْلَدِ!
لا يجبر الكسر فيه إلا قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) .
تعالوا نقف عند حائط مبكى الوطن.
أولا: الانفصال: انفصل الجنوب بما يكاد يكون إجماع أهله كأنما العلاقة بالشمال لا بواكي لها، وولاة الأمر في الشمال بدل أن يفهموا أن سياسات اتبعوها ساهمت في هذه النتيجة أطلقوا العنان لمقولات طاردة فاندفع الأمر بين البلدين بالفعل وردة الفعل إلى مساجلة عدائية خلقت حرباً باردةً بينهما تتدحرج نحو الاحتراب.
ثانيا: حروب اتفاقية السلام: عيوب اتفاقية سلام نيفاشا وهي كثيرة أحصيناها في كتابنا: اتفاقية السلام يناير 2005، ومشروع الدستور أبريل 2005 في الميزان الصادر في مايو 2005م. وعيوب تطبيقها أورثتنا ثلاث جبهات قتالية فلا الوحدة تحققت ولا السلام.
ثالثا: دارفور وأخواتها: بعد عشر سنوات من اقتتال أهلي في دارفور يقف السلام في دارفور في طريق مسدود لم تفتحه اتفاقية أبوجا 2006م ولا اتفاقية الدوحة في 2011م. وكأن ما فينا لا يكفينا فالتوتر القابل للانفجار يمور في شرق البلاد، وشمالها، ووسطها ويوشك أن يكون له ضرام.
رابعا: الجوع والمحل: والسنة عجفاء لأن معلوماتنا تدل على نقص غذائي للإنسان، أي مجاعة، وللحيوان، أي محل.
خامسا: الانهيار الاجتماعي: وفي هذا العام الأغبر شهد المجتمع السوداني جرائم لم يعهدها من قبل. انتشرت المخدرات، والأوبئة الجنسية، وجرائم لا تصدق: اغتصاب الاطفال ذكورا وإناثا مثل: رماز، وأسمار، وأب يقتل ابنه، وابن يقتل أباه، وأم تقتل ابنها، وابن يقتل أمه. وجرائم التشويه بماء النار لأتفه الأسباب تكاثرت بصورة وبائية لفتت نظر المحسنين الذين خاطبناهم فلبوا مشكورين للعلاج في بعض الحالات مثل سناء، وعايدة، لقد صارت الجرائم المدهشة في السودان دراما ملفتة ما جعل للصحف الاجتماعية كالدار، وحكايات رواجاً كبيراً. والمجتمع السوداني المعروف بالتسامح والتعايش على طول تاريخه غرق في ممارسات شاذة لا تشبهنا: جرائم مجتمعية تضاهي الاحتراب الأهلي السياسي، وكلاهما بهذا الحجم جديد على المجتع السوداني.
سادسا: الغلو الديني والعلماني المضاد: كل نظام ذو اتجاه أيديولوجي تجبره ظروف الواقع على تراجع لمواجهتها. رفع انقلاب \"الإنقاذ\" شعارات أملتها عليه عجلة غير رشيدة عندما أعلنت الجبهة الإسلامية القومية ثورة المصاحف، وثورة المساجد، وأعلنت تطبيق الشريعة قبل الخريف في عام 1989م وإلا: إعلان الجهاد، بهذه الذهنية العجولة استولوا على السلطة بأسلوب الانقلاب الغريب على النهج الإسلامي. سئل الإمام الألباني عن الانقلابات العسكرية فقال إنه أسلوب يخالف نهج الإسلام وحرمه، ومع ذلك بعد الاستيلاء على السلطة أعلنوا أجندة إسلامية دون برمجة تراعي حقائق الواقع، فأجبرتهم ظروف الواقع على تراجعات بلغت قمتها في اتفاقية نيفاشا في يناير 2005م، مما فتح مجالا لتمدد تيارات إسلامية منكفئة قادمة إلى السودان من مناطق التوتر، فوجدوا في السودان مرتعاً خصباً ودعوا لبرامج من خارج التاريخ من باب: المرأة كلها عورة، والحوار مع العلماني كفر، وكذلك المسيحي، هؤلاء كفار وليس لدينا معهم إلا السيف أو الجزية أو الإسلام. والديمقراطية في نظرهم كفر. هؤلاء تجمعوا من مناطق مختلفة، والآن وبعد 23 عاما من \"ثورة\" قامت لتطبيق الشريعة ها هم يتكتلون للمناداة بما سموه دستوراً إسلامياً. دستور لم يراعوا فيه واقع البلاد ولا العبرة مما ساقه للبلاد هذا النهج البعيد عن معطيات الواقع، قال أحد الحكماء: \"إن التاريخ هو سباق بين الكوارث والقدرة على التعلم منها\".
وقديماً رفع قومٌ المصاحف في وجه على إمام المتقين قائلين: \"إن الحكم إلا لله\"، ولكن حُكم الله ليس نصوصاً مجردة كما يتوهمون لذلك سُموا خوارج لأنهم خرجوا على منهاج التدبر.
قال الإمام ابن القيم إنّ على الفقيه أنْ يعرف الواجب اجتهاداً، وأنْ يعرف الواقع إحاطةً ثم يزاوج بينهما. وضرب مثلا بما فعل يوسف عليه السلام الذي قبل الواقع في بلاط فرعون وأصلح ما استطاع إلى ذلك سبيلا بحجة: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) .
نحن نعيش في مجتمع فيه تنوع مذهبي، وديني، حتى بعد انفصال الجنوب؛ ونجاور مجتمعات فيها توتر بين مسيحيين ومسلمين يتأثرون بما نفعل، ونعيش مع عالم خارجي يتطلع لمنظومة حقوق إنسان نحن جزء منها ويطالبنا بالتعايش مع الآخرين على أساسها، هذه العوامل جعلت كثيرين من الحريصين على النهج الإسلامي يتعاملون مع الواقع بالحكمة كما فعل أهلنا في تونس بعد الثورة.
ومثلما حفز إخفاق المشروع الحضاري هؤلاء الغلاة للتمادي، فإنه جعل آخرين ينسبون كل إخفاقات البلاد للنهج الإسلامي وينادون بإبعاد الدين نهائيا عن السياسة وعن الدولة. ويشهد السودان الآن اصطفاف عدد كبير من الحركات المسلحة في جبهة ثورية علمانية بهدف الإطاحة بنظام الخرطوم وتطبيق برنامجهم.
هذان التياران يسوقان المجتمع السوداني إلى استقطاب حاد حول قضية الدين والدولة، والدين والسياسة، بدأ بالكلام وسوف ينتهي إلى الاقتتال.
الجبهة الإسلامية القومية نظمت انقلابا عسكريا ضد نظام منتخب والانقلاب في حقيقته عدوان مسلحين على مدنيين عزل، وهو يخالف نهج الإسلام في ولاية الأمر الذي يقوم على الشورى لا المباغتة. وأقام الانقلاب حُكماً أحادياً فاشستياً بصورة مزقت الجسم السياسي في الشمال، ومنذ 1993م دفعت أهل الجنوب لتقرير المصير هرباً من هوية عازلة لهم، وادعى تطبيقاً للإسلام هزم مقاصد الإسلام السياسية في كرامة الإنسان والحرية، والعدالة. هذا حكم التاريخ على الفترة حتى إبرام اتفاقية السلام في يناير 2005م، وبموجب اتفاقية السلام أقام النظام حكماً ثنائياً بهدف تحقيق السلام، والوحدة الجاذبة، والتحول الديمقراطي عبر فترة انتقال تنتهي في عام 2011م. أهداف اخطأها النظام جميعاً. ولكن استبدال نظام اقصائي فاشل بنهج الانكفائيين الإفراطي أو نهج الاستلابيين التفريطي، هو استبدال مشروع إقصائي فاشل بمشروعات من جنسه وحتما ستكون استقطابية ممزقة للبلاد.
والاستقطاب داخل الجسم الإسلامي نفسه صار حاداً بين ظاهريين سنة، وشيعة مواجهة تقف خلفها دولتان، وهنالك مواجهة بين الفكر الظاهري والصوفي.
في ندوة تحدثت فيها عن دور الإلهام في الهداية، تصدى لي ظاهريون يناقضون ما قلت، فات عليهم تدبر قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ، ومن الإلهام النداء الذي سمعه الصحابي بالأذان واعتمده النبي (ص)، كذلك الرؤية الصادقة، وقد سجلتُ في حياتي أكثر من عشرين رؤيا صادقة أرى الرؤيا وأشهِد عليها اشخاص بعينهم وتصدق.
وحتى خارج نطاق الدين هنالك دلائل استشعار لا حسي في البشر:
الألمعي الذي يريك الرأي كأن قد رأي وقد سمع
سابعا: شر البلية: ولأول مرة في تاريخ بلادنا نعى مجتمعنا \"المشروع الحضاري\" بالنكتة الساخرة سيراً على درب المجتمع المصري الذي ضحك على عهود الاستبداد التي تعاقبت عليه قبل أن ينفجر ضدها.
قالوا: نأكل مما نزرع في أرجوزة طويلة فرد الواقع عليها: نضحك مما نسمع في أرجوزة أطول، ودعوا الناس للمساجد فقال أهل السودان وعندما ذهبنا للمساجد عقبونا على السوق، ورفعوا شعار رفع المعاناة عن الناس فرد عليهم واقع الحال: إنما قصدوا رفع المعانا. وقال إنقاذي لن نقلص الوزارات والشارع لن يمرق، فأجاب أحدهم وهو طريح على الأرض هو البوش خلى فينا حيل نمرق للباب؟، وكاركتير لواحدة بحجم الفيل همت بالدخول لدار رشاقة ومكتوب على السمينة: الحكومة العريضة، وواحد قال: منقو قال ما عاش من يفصلنا، والتفت لإنقاذي بجانبه وقال: ما قاصدك ولا حاجة. حقا إن شر البلية ما يضحك!
ثامنا: في النقد الذاتي: في الفترة الماضية وقعنا في عيوب مهمة هي:
صدقنا ما جاء في قانون الانتخابات بأن المسئولين سوف يمنعهم القانون من استغلال نفوذهم انتخابيا، وصدقنا أن مال الصرف على العملية الانتخابية سوف يكون محدداً، وصدقنا أن القوى السياسية المتنافسة سوف تُدعم مالياً من خزينة الدولة، صدقنا هذه وغيرها من ضوابط قانون الانتخابات فخُرقت كلها، وكان الأولى أن ندرك أن الأحادية المسيطرة لا يمكن أن تجري انتخابات حرة ونزيهة فلا نتردد في مقاطعتها، والدرس المستفاد هو: لا انتخابات إلا في ظل حكومة قومية حقيقية أو إدارية محايدة.
استمر عملنا الجهبوي السياسي لفترة أكثر مما يلزم بصورة هلامية:
تسمية قوى الاجماع لم تعد تنطبق على الواقع.
التكوين السياسي المشترك مجرد من هيكلة فاعلة وما يصدر من قرارات فوقية لا تمس الواقع.
بعض عناصر قوى الاجماع تحركها عوامل ذاتية فترفع شعارات تقفز بها على المرحلة.
العلاقة بالحركة الشعبية صارت أشبه بحب من جانب واحد بينما هدف الحركة كان الحرص على استخلاص حقوق الجنوب من المؤتمر الوطني ثم الانصراف لبناء دولة الجنوب للجنوبيين.
هذه العوامل خلقت لنا فجوة مصداقية فضحك الناس على أدائنا مثلما ضحكوا على الحكومة العريضة.
ج. ومثلما فاتنا أن نراجع العلاقة بالحركة الشعبية بالصورة الواقعية، تعاملنا مع أحد الأحزاب السياسية الكبيرة كأن قيادته تتصرف في حزبها بالمؤسسية والمشاركة اللازمة، وواصلنا هذا التعامل حتى بعد أن اتضح لنا جليا أن قيادته تتصرف خارج نطاق المؤسسية فكأنما ساهمنا في دعم نهج غير ديمقراطي.
وأنا شخصيا عاب علي قوم الافراط في العقلانية، وآخرون عابوا عليّ التردد، وآخرون التقدم في السن.
أما العقلانية فصحيح إنني استخدم دائما العقل البرهاني على نهج القرآن: (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ) ، إن النهج العقلاني منجاة من أمراض كثيرة تصيب الناس عامة والساسة خاصة مثل نهج التفكير بالأماني wishful thinking، أو النهج الانتقامي، أو النهج الخيالي، أو النهج النرجسي، وهي مناهج موجودة في الآفاق أمامنا ولا سبيل إلا العقلانية المنضبطة كما تمثلها الأجندة الوطنية.
ومع ذلك فأنا اعتقد أن ابن آدم قد نفخ فيه من روح الله، فاستلهم كياني الروحي وأقرأ الأحداث حدسا أوعن طريق الرؤيا الصادقة وغير ذلك مما يسميه الصوفية كشفاً، والكشف وارد في حياة البشر، أسجل وقائعه في حياتي وفي حياة الآخرين – مثلا- في حياتي رأيت موت عبد الناصر- ورأيت نهاية حسني مبارك- ورأيت نهاية نظام مايو- ورأيت أن جماعة الانقاذ منذ 1989م سوف ينقسمون وغيرها. أما في حياة الآخرين ففي 18/1/2007م زارني عوض صديق العوض وزوجه والدا مرام الطفلة القتيلة وقالا إن شيخاً أمرهما أن يرددا قوله تعالى: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ) عدد 887 مرة، ففعلا ذلك فجاءهما الجاني يعترف بما فعل ووجدا جثمان الطفلة حيث دلهما عليه. وألقى رجل بنته أم شوايل في بئر 40 يوما أنقذت بعدها وقالت كان شخص يمدها بلبن يوميا إلى أن انقذت، وهلم جرا.
أما مسألة التردد هذه فقصتها إنني من أكثر الناس وضوح رؤية عما هو الصحيح وما ينبغي عمله ولكنني أحرص دائما على أن يكون الموقف جماعياً وهذا يحتاج لوقت وإقناع، ولكن اثنين من السياسيين أحدهما في حزبي والآخر في حزب حليف تركيبتهما أوتقراطية وفي مواقف معينة يلحان عليّ أن اتصرف أوتقراطياً وعندما يجدان أنني لا أقبل ذلك يشيعان أنني متردد ولكن الاثنين إذ خالفا نهجي واتبعا النهج الانفرادي وقعا في شر أعمالهما. غامرا بمواقف الحسم الانفرادي هذا وحصدا الندامة، وقديما قال الحكيم:
مقلب آراء تخاف أناته إذا الاخرق العجلان خيفت بوائقه
نعم التقدم في السن يوجب التنحي إذا فقد الشخص ثقة الجماعة أو إذا صار عاجزا فالعجوز أصلا من العجز ولكني أعطي المؤسسات التي أقودها لا آخذ منها وأجد من ثقة الجماعة ما يفوق تصوري، ومع ذلك فأنا حضّرت كوادر مستعدة ومؤسسات قادرة على المساءلة والإبدال وهذا هو الاختبار الحقيقي للقيادة أن تكون معطاءة وأن تجّهز من يواصلون العطاء.
د. ولكنني شخصيا مرهق لأنني أقوم بمهام تقليدية في مجتمع يحاسب عليها بدقة، وأقوم بمهام مؤسسية بانضباط شديد وأقوم بأنشطة دينية، وثقافية، وفكرية استثنائية، وفي تصريفي لهذه المهام الجسام اتضح لي أن ثغرة الحبيبة الراحلة تزداد ولا تصغر مع الأيام. الحبيبة حفية سيدة ودودة، وكريمة ومجاملة وتبذل غاية جهدها، ولكن الثغرة التي أقصدها هي في مجالات أخرى: مجال الزمالة الفكرية، والمساعدة البحثية، وتبادل الرأي فقد كنت أعرض عليها ثمرات اجتهادي كما أن المحبة جعلتها تلبي احتياجاتي دون طلب مني وإلى ذلك فقد كانت تمارض العليل على حساب راحتها:
ورود الربى بعد الربيع بعيدة ويدنيك منها في قواريره العطر
تاسعا: هذا العام الكبيس على بلادنا كان على الصعيد الشخصي في بعض المجالات مورقا، قمت أثناءه بسبع زيارات داخلية شملت: الجزيرة أبا- النيل الازرق- زيارتين لجوبا- شمال كردفان- وجنوب دارفور. زيارات تعبوية لصالح الأجندة الوطنية سياسياً ومن أجل التبشير بالبقعة الجديدة وما يلزم لها من دعم أنصارياً.
وفي العام زيارات خارجية بلغت 17: للقاهرة- وللدوحة، ولمدريد، وطهران مرتين، وألمانيا ثلاث مرات، ولعمان مرتين، ولماليزيا، ونيويورك، وواشنطن. كانت زيارات عمل للوسطية الإسلامية العالمية، وللمؤسسة العربية للديمقراطية، ولحوارات حضارية، ولنادي مدريد، وللمعهد الدولي لوحدة المسلمين، وللمجلس العربي للمياه، وللأم المتحدة، والإدارة الأمريكية.
هذه الزيارات أهم أهدافها:
- الخروج بالعمل العام من المحلية إلى الأممية.
- الدعوة لعلاقات جديدة عادلة ما بين عوالمنا والآخرين.
- تصحيح الانطباع الذي كونته سياسات النظام في السودان وهو الاتكال على الخارج لحل مشاكل البلاد كما حدث في أمر اتفاقيات الجنوب، والغرب، والشرق والحرص على نمط ثنائي لحلها، بينما الصحيح هو أن يدعم الخارج الرؤى السودانية لحل مشاكل البلاد وأن يكون إطار الحل قومياً لا ثنائياً.
كذلك مؤخراً نشرت مؤلفين احدهما \"ميزان المصير الوطني\" وهو شهادة على العصر لوقائع السودان الحديثة، والثاني \"معالم الفجر الجديد\"، وهو تحليل للحالة العربية قبل وبعد الثورات الأخيرة ومآلاتها.
ومؤخراً أصدر حزبنا دراسة موثقة عن انتخابات 2010م المزورة، ثم درس حزبنا ما ينبغي عمله بعد أن خابت الانتخابات في تحقيق الإصلاح المنشود، وأصدر وثيقة الحوكمة البديلة التي انبثقت منها الأجندة الوطنية فصارت هذه الأجندة هي البوصلة لحواراتنا مع كافة الأطراف السياسية.
وفي هذا العام كللت مساعي هيئة شئون الأنصار بالنجاح في الحصول على أرض لإقامة البقعة الجديدة عليها، هذا المشروع هو تخطيط لإقامة حضارة مجتمعية جديدة وسوف يوزع عليكم المطبق الذي يشرح تفاصيله.
وفي هذا العام زادت نبرة المرجفين أن أولادي يسيطرون على عملنا العام. هؤلاء شباب مؤمن ووطني قامت تربيتهم على نمط الايحاء والقدوة وحافز المحبة إن أحسنوا ورادع الجفوة إن أساءوا، وأمكنهم التخلص من أية شوفينية نَسَبية أوجندرية، وكان التركيز في تربيتهم على:
ولستُ أعتد للفتى حسباً حتى يُرى في فعاله حسبهُ
مع مساواتهم في التربية والتأهيل فإن من انخرط منهم في عمل عام فعل ذلك باختياره أو اختيارها وبانتخاب الجماعة لهم، والمدهش أن الحساد لم يلاحظوا أن العمل العام في ظروفنا الحالية تضحية كبيرة لأنها فترة غرم لا غنم فيها، وتأهيلهم يسمح لهم أن يجدوا امتيازات في مجالات أخرى داخل أو خارج السودان كما فعل أندادهم.
رموا بالأسرية والطائفية. الأسرية تقوم على الانكفاء على الأسرة بينما نهجنا المتبع هو الانفتاح على الآخرين حتى في أمر الزواج، وتقوم الأسرية على الامتياز التلقائي بلا تأهيل ولا انتخاب.
أما الطائفية فقد وثقنا لحقيقة أن الأنصارية دعوة لكل أهل القبلة بموجب قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ) وأن الإمام المهدي أخرج المهدية من قوالب الشخصنة إلى الوظيفية، وظيفة التحرر من استنباطات الأقدمين والركون إلى نصوص الوحي في الكتاب والسنة، ومن يقرأ أوثق نصوص الإمام المهدي أي الراتب لا يجد فيه أية عبارة ذاتية بل هو ديوان فريد لروحانيات الدين يدخل مباشرة إلى عقول وقلوب الناس أجمعين.
صحيح أدت ظروف السودان الاجتماعية اثناء فترة الاحتلال الاجنبي لمعالم طائفية علقت بكيان الانصار، ورغم تلك المعالم فلا ينكر أحد الدور الإحيائي للإمام عبد الرحمن. إنه:
أعاد هيكلة الدعوة للتعايش مع الآخرين دون تراجع عن مبادئها.
قدم نهجا للتوفيق بين الأصل والعصر.
صار رائد بناء السودان الحديث في أكثر من مجال.
حقق بجهده وتعاون الآخرين استقلال السودان.
إنها مناهج اتبعها من خلّفه ونحن الآن اتخذنا خطوات في سبيل جعل الإمامة وهيئة شئون الأنصار مؤسسات تقوم على المشاركة والمساءلة لا التوريث الأصم.
وعندما عين ابني عبد الرحمن في منصب دستوري ضمن تعيين آخر، كالوا ما كالوه، ولكن أقول لهؤلاء السطحيين:
إن ما ينبغي للوطني السوداني التخوف منه الآن هو أن سياسات نظام الإنقإذ التي إذ اضعفت الإنتماءات الأوسع الدينية والسياسية لم تستطع تقديم انتماء بديل جامع فبثت الولاءات الاثنية والقبلية والجهوية بصورة غير مسبوقة فاندفع المجتمع السوداني إلى الوراء لما قبل التكتلات السياسية والدينية الواسعة.
إن العقيد عبد الرحمن لم يعين ممثلا لوالده أو لجماعته كتعيين غيره، صحيح لا يستطيع أحد أن ينزع من عبد الرحمن جلده الانصاري ولا عضويته في حزب الأمة فنحن نتعامل مع عضوية حزب الأمة كالجنسية حتى أنه عندما انسلخ منا من انسلخ وكونوا حزبا آخر وانضموا للحكومة لم ننزع منه لا عضوية حزب الأمة ولا الأنصارية.
والحقيقة هي أن العقيد عبدالرحمن الصادق كان قبل وبعد التحاقه بالقوات المسلحة يرى التعاون مع النظام القائم لتحقيق مصلحة وطنية وهو ضابط في القوات المسلحة عرض عليه قائده القيام بمهمة تتعلق بالتعاون مع دولة الجنوب وقبلها على شرط أن أوافق على ذلك، قلت ليكن بشرط أن تكون المهمة للتعاون مع دولة الجنوب، وأن يكون واضحا أنه في أية مهمة توكل إليه لا يمثلني، ولا يمثل حزب الأمة، وأن حزب الأمة ماض في الدعوة لسياسات الأجندة الوطنية، ولإقامة نظام جديد، مستمراً في حركة الجهاد المدني لتحقيق ذلك وهذا ما أعلناه نفياً لأية شبهات، ولكن المرجفين بالحقائق يجحدون، إن كانت هناك طائفية يمثلها اختيار ابني عبد الرحمن فإنها الطائفية العسكرية.
عاشراً: ماذا عن العام الجديد؟
على الصعيد السياسي يواجه السودان أربعة سناريوهات:
الأول: الحكومة العريضة التي كونها النظام في سبيل ما سماه الجمهورية الثانية، هذه الحكومة شبعت تعريضا وهي أبعد ما تكون عن إرضاء الرأي العام السوداني وعن مستوى التحولات الثورية التي تتحرك في المناطق المجاورة.
الثاني: سناريو الإطاحة المسلحة بالنظام كما جاء في النداء الثوري المنطلق من جوبا، إن للفصائل المسلحة المشتركة في هذا النداء قضايا مشروعة ولكن طبيعة تكوين الجبهة، والمناداة ضمنا بتقرير المصير للمناطق المعنية، وانطلاقها من جوبا في ظروف التشويه الاستقطابي الاثني الحادث في السودان، وفي ظروف التوتر بين دولتي السودان سوف يغرق هذا النداء في الانقسام الإثني الحاصل وفي التوتر الحاد المتجه نحو احتراب بين دولتي السودان، والنتيجة أن قضية النظام الجديد تتراجع لصالح حرب أهلية واسعة بين دولتي السودان تؤجج عصبيات دينية واثنية. إن التبادل الدبلوماسي بين دولة جنوب السودان وإسرائيل متوقع فكل دول أفريقيا جنوب الصحراء فعلت ذلك، ولكن توقيت الزيارة بعد أن قدمت دولة الجنوب شكوى ضد حكومة السودان للإدارة الأمريكية، وتوتر العلاقة الآن بين الشمال والجنوب يضع الزيارة في خانة الاستنصار بإسرائيل وبالتالي وضع السودان في وضع دولة مواجهة مباشرة في نزاع الشرق الأوسط، ولا شك أن اليمين الأمريكي واللوبي الإسرائيلي كانوا وراء توقيت هذه الزيارة وستكون نتائجها ضارة لدولة الجنوب وأكثر ضرراً للدولة السودانية.
الثالث: الاطاحة المدنية على سُنة اكتوبر 1964م، ورجب/ أبريل 1985م، والربيع العربي واردة وستكون في ظروف استقطاب حاد بين القوى الشعبية والحكام الذين استعدوا لقمعها وسوف يكون النمط المتوقع أقرب لما حدث في الشام واليمن منه لما حدث في تونس ومصر.
أذكر هذه الحقائق لا لتثبيط قوى التغيير فهي ماضية في سبيلها ما دام الفساد والاستبداد مستمراً ولكن للفت نظرهم ونظر الحكام أن هنالك خياراً رابعاً يمكن أن يحقق المطالب المشروعة في سلام عادل شامل وتحول ديمقراطي دون حاجة للمخاطر المذكورة.
الخط الرابع مؤسس على الأجندة الوطنية كخريطة طريق لنظام جديد تقوم الدعوة إليه على تعبيئة شعبية وأنشطة حريكة تتصاعد نحو هدفها وتترك المجال مفتوحا لتسوية إقامة نظام جديد يحقق مطالب الشعب على نحو ما حدث في أكثر من دولة في أمريكا الجنوبية.
أما على الصعيد الانصاري فسوف نركز في العام الجديد على مشروع البقعة الجديدة في أمدرمان وهو انموذج نرجو أن ننقله للجزيرة أبا ثم يشع على بقية أقاليم السودان.
أما على الصعيد الفكري فاتجه لنشر كتابين في العام الجديد هما:
كتاب محمد رسول الإنسانية عن السيرة تصويبا لما علق بها من أوشاب وانصافاً لصاحبها عليه الصلاة والسلام.
كتاب أيها الجيل لمخاطبة الأجيال الناشئة بخطة تربوية توفق بين الأصل والعصر وبين الوافد والمحلي وبين الدين والدنيا.
ومن خطط العام القادم الأنشطة خارج حدود السودان، فإني مشارك في أنشطة فكرية، وثقافية، ودبلوماسية في مجالات عربية، وأفريقية، وإسلامية ودولية، ومن آخر الأنشطة في العام الماضي تكوين شبكة لحركات الربيع العربي، من أجل التناصر، والتعاون، وتبادل التجارب والفكر، هذا المجال سوف أوليه عناية خاصة في العام الجديد.
بعض الناس أقلقهم ما واجه بعض البلدان من عثرات تنذر بتدخلات عسكرية لفرض وصاية حماية للأمن والنظام.
آخرون أزعجهم صعود تيارات إسلامية عبر الانتخابات فكأنما الديمقراطية في نظرهم سوف تمكن عناصر بطبعها غير ديمقراطية.
وفريق ثالث لم ير في كل هذا الفوران العربي إلا أياد خفية تعمل على تمزيق العالم العربي من جديد أي سايكس بيكو جديدة.
ابدأ بهذا الفريق أولاً: هؤلاء راهنوا على القومية العربية موحداً للأمة العربية في شكل ناصري وآخر بعثي ولكن نتيجة هذا المد كانت مزيداً من الانقسام العربي، ومزيداً من الاحتلال الأجنبي. ورأوا في خلافة التيارات الإسلامية للقومية العربية مدخلاً لمزيد من التمزق.
اعتقد أن الشعوب العربية ثارت لأسباب معلومة هي:
- رفض الاستبداد والفساد.
- رفض الفقر والعطالة والتباين الطبقي الاجتماعي.
- رفض الاستلاب الثقافي والتبعية وبالتالي تطلع لنظام:
- يكفل الحرية والديمقراطية ويزيل الفساد.
- ونظام اقتصادي يحقق الكفاية والعدل ويحارب العطالة والفقر.
- وتوجه عام يحفظ كرامة المواطن والوطن في وجه الهيمنة الدولية.
- ونهج ثقافي يحل التأصيل مكان الاستلاب.
واكتشفت القوى الشبابية والشعبية وسيلة ناجعة لمواجهة الطغيان بالحشد الجماهيري الذي يحميه ضمير حقوق الإنسان في الداخل والخارج.
وسوف تتبارى التيارات الفكرية والسياسية للحكم عبر الانتخابات ومهما كانت الشعارات التي ترفعها فإن هي إعادت انتاج المفاسد المنشودة فإنها سوف تثور عليها مثلما يحدث الآن في بلدان ديمقراطية عريقة شوهت التجربة الديمقراطية فيها دكتاتورية المال، العالم العربي حبسه الطغاة خارج التاريخ وهو إنما يعبر إلى متن التاريخ وسوف يعبر بهويته لا بغيرها، وأي حكام تخلفوا عن التطلعات الشعبية سوف يصيرون هدفاً لمطرقة الإرادة الشعبية وحركة التاريخ.
في ختام هذه الوقفة مع الذات يساءلني كثيرون: ما سر هذه الحيوية؟
هؤلاء يرون أن التقدم في السن حكم بالإعدام التدريجي على صاحبه مثلما يرون أن الشباب حكم بالإقدام لصاحبه أقول مع الحكيم: \"يا صاح ليس السر في السنوات، لكنه في العمر كيف يعيشه في يقظة أم في عظيم سبات\".
الناس يقولون إنك تعجز عندما تتقدم في السن، أقول: إنك لا تتقدم في السن إلا عندما تعجز. إن لحيوية الإنسان مقومات:
معنوية: الإيمان، والمحبة، والتجدد، وفسحة الأمل.
ومادية: تجنب العادات الضارة من تبغ وخمر ومخدرات، وتجنب القاتل الناعم أي البدانة، والحرص على بلسمي العافية وهما: الرياضة، وضبط الطعام، سلح نفسك بالأسباب المعنوية والمادية تغلب عاديات الزمان، وهذا هو الجهاد الأكبر وهو الدليل على أن الجسم السليم في العقل السليم.
وسؤال أخر: أين تجد الوقت لما تفعل؟ الحقيقة هي أن الوقت مُتسع لو أحسن صاحبه إدارته، ولكن كثيراً من الناس أحبطهم اليأس من مصير هذا البلد حتى صاروا يعانون عبوساً جماعياً، ولكنني أقول للكافة دعونا ندخل العام الجديد بفكرة أن مع البلوى وإن عظمت فرصة، ولذلك المنن في طي المحن، والمزايا في طي الرزايا قال الجيلاني: \"ليس الرجل من يستسلم للقدر، إنما الرجل من ينازع القدر بالقدر\". وقال محمد إقبال: \"المؤمن الضعيف يحتج بالقضاء والقدر، ولكن المؤمن القوي يعتقد أنه هو قدر الله الذي لا يدفع\"، وهي تراجم بشرية لقوله تعالى: (لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) وقوله: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) ، فلنمح بهذه البشائر كآبة العام المنصرم ولنضيء بها شمعة العام الجديد.
أيها الشاكي الليالي إنما الغبطة فكرة


والسلام عليكم مع أطيب التمنيات





تعليقات 7 | إهداء 1 | زيارات 3872

خدمات المحتوى


التعليقات
#264436 [نيام]
2.56/5 (19 صوت)

12-28-2011 10:27 PM
امامنا الحبيب
متعك الله بالصحة و العافية...
ذو العلم يشقى في النعيم بعلمه و أخو الجهالة في الشقاوة ينعم ...
تربيتم بالادب لتعيشوا مع اناس لا يعرفون الادب و تربيتم علي المكارم لتعيشوا مع الارازل و كان السوداني في عهدكم يسمح له بالسفر الي كل بقاع العالم بتاشيرة تستخرج في المطارات لزمان التاشيرة ممنوعة لكل سوداني حتي من داخل بلده...
امامنا الحبيب..
نعدك بامر واحد الا نركن للخذلان مهما كانت الاثمان
فالسودان ليس هؤلاء..
وسلاحنا الايمان بالله سبحانه و تعالي و باخلاصكم و نقائكم و نظافة اليد و اللسان...


#264044 [مغترب مقهوووور]
2.56/5 (17 صوت)

12-28-2011 10:05 AM
سر اكثر من رائع وخواطر أجمل ما يكون بالفعل لقد إستمتعت كثيرا بقراءة هذا المقال

حفظك الله يا زعيم الامة والله لست بحزب امة ولكن احترمك يا إمام واقدرك يكفيك انك عفيف اليد واللسان في هذا الزمن الفلتان.

الرجاء نشر كتبك في الانترنت لنتحصل عليها ورجاء اخير بأن تكتب لنا علي الاقل مرة في الشهر.


#263767 [وحيد]
2.56/5 (18 صوت)

12-27-2011 05:40 PM
حفظك الله و اطال عمرك و نفع بك.. فانت حقا اماما لكل مسلمي السودان و ليس للانصار فقط....
هذه الوقفة هي حقيقة تحفة ادبية و سياسية و خطبة دينية و مشاعر لا تصدر الا عن رجل امتلأ قلبه بحب الله و الاخلاص لدينه و امتلات جوانحه بحب الوطن و السهر عليه و امالأ فؤاده بحب الناس
جزاك الله خير الجزاء و نصرك على من عاداك و كاد لك، فانت قدوة دينية و سياسية و ابية و انسانية
و اسال الله ان يهدي سفهاء السودان ممن اعماهم الجهل و الحسد و الطمع و غلبت عليهم الشهوات و حب الدنيا
و حفظ الله السودان الذي انجبك
و هذه مشاعر مواطن سوداني لم يلتقيك و لا ينتمي لحزبك و لكن تقديرا لمن يستحق التقدير


#263688 [amin]
2.56/5 (18 صوت)

12-27-2011 02:11 PM
متّعك الله بالصحة والعافية
وحفظك ذخراً للدين والوطن
وإنشاءالله ..إنشالله ..وياالله هوي
تحتفل السنة الجاية ونحن معك
والجماعة مافي ..بح..طاف عليهم طائف من ربك
وما ذلك على الله بعزيز


#263679 [أبو شبال]
2.56/5 (20 صوت)

12-27-2011 01:59 PM
الامام الحبيب كل سنة وانت طيب ومتعك الله بالصحة والعافية.. وليتك تدع مجال السياسة ودروبها الشائكة التى خبرتها منذ الستينيات وتتفرغ للمجال الفكرى والكتابة كى تكون مشعلا ونبراسا لجيل الفيس بوك والتويتر لا خصما على تاريخ ابائك واجدادك ونضالهم من اجل سودان ينعم بالحرية والكرامة....


#263640 [محمد عبدالرحمن - غرب شندى]
2.56/5 (19 صوت)

12-27-2011 01:03 PM
حفظك الله ياالصادق المهدى

انا عندى التحدى التالى والجائزة مية جنيه ومناديل ورق

1- اذا عمر البشير قدر يقرا المقال بدون خطا - طبعا مافى داعى يكتب واحد زيو - انا بديهو مية جنيه

2- اذا وزير الدفاع قرا من المقال تلاتة سطور بدون مايريل انا بديهو مناديل ورق

وشكرا

حزب امة والحمد لله


#263627 [ود ساتي]
2.56/5 (18 صوت)

12-27-2011 12:43 PM
..اوفيت يا الحبيب...اريد قرائته بعد الطباعة بتمهل ....وآه من البيان رقم واحد !!!


الإمام الصادق المهدي
الإمام الصادق المهدي

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة