المقالات
السياسة
ارشيف مقالات سياسية
التغيير في حزب الامة (1) ..الانتقال من جدل الغوغاء لحوار العقلاء
التغيير في حزب الامة (1) ..الانتقال من جدل الغوغاء لحوار العقلاء
02-26-2012 08:36 PM

التغيير في حزب الامة (1) ........ الانتقال من جدل الغوغاء لحوار العقلاء

عبدالمطلب عطية الله المحامي
[email protected]

أثارت مذكرة نداء التغيير المقدمة لرئيس حزب الأمة القومي جدلاً واسعاً في المشهد السياسي والحزبي لكونها مقدمة من نخبة من أنشط الفاعلين في مسار الفعل النضالي للحزب وبجانب أهم لامست قضية في الحزب تعد من المسلمات الممنوع الطرق عليها ، فالمذكرة تجرأت على تقييم أداء الحزب وتحميل رئيسه النصيب الأوفر في المسئولية عن الإخفاقات التي لازمت مسيرة الحزب في العشر سنوات العجاف التي أكلت بنية الحزب التنظيمية و هزت هيبته أمام الرأي العام للشارع السوداني فمنذ نداء الوطن الذي خلع بموجبه الحزب عباءة التجمع و إنخرط في العمل السلمي الداخلي تقلب الحزب في عدة مواقف تفاوضية دون تحقيق أي نتائج تذكر فعند كل موقف تفاوضي يطلق الحزب مصطلحاً جديداً يتخذه عنواناً لحواره مع النظام ثم يخرج الحزب من عملية الحوار بخسائر مضاعفة وإنقسام داخلي يعمق حالة الإستقطاب و التوتر بين تياراته المختلفة وذلك لأن الحزب يدير عملية التفاوض بطريقة غير منهجية يزيدها هشاشة عدم وضوح الرؤية و الأهداف الواقعية لعملية التفاوض ، والذي يضاعف حالة الإحباط إن الحزب يسكن نفسه في موقف ضبابي بعد إنهيار عملية التفاوض مع النظام ، هذا الموقف الضبابي مؤرق جداً للكوادر التي تعتبر الطاقة المحركة للحزب والتي تمتلك رؤية واضحة في علاقة الحزب بالنظام ، وقد تضاعفت حالة الإحباط بعد الموقف الضبابي من النظام بعد مشاركة نجل رئيس الحزب في السلطة هذا الموقف بدد مصداقية خطاب الحزب في الشارع وهز مصداقية قيادته في الذهن العام خاصة و أن نجله قد شارك في أعلى المواقع القيادية لنظام وسمنا تجربته بالفساد والاستبداد وقد شرحنا ذلك في كل خطاباتنا السياسية وأزاء ذلك إتخذ رئيس الحزب موقفاً مرتبكاً من مشاركة ابنه الذي صنع أمجاده القيادية على حساب نضالات أبناء الأنصار الخلص ، زكاه والده ( رئيس أكبر حزب معارض ) زكاه على إعتبار أنه ارتفع في موقعه هذا بالكفاءة والقدرات الذاتية ولم يراعي مشاعر أولئك الذين ذهب أرواح أبنائهم رصيداً سهلاً لمغامرات ابنه الهمام فالفعل النضالي عند المساعد لا يعد أكثر من كونه مغامرة تنتهي بصاحبها إلى القصر ، وبعد هذا الموقف ارتبك موقف حزبنا السياسي أمام كافة القضايا ولم يعد ذلك الحزب الذي يأمل عليه أهل السودان ليكون حاضنة لربيع التغيير القادم ، ولا جدال أن الأزمة التي طالت الحزب في موقفه السياسي أثرت على بنيانه التنظيمي ومن بين ثقوب الصراعات غير المنهجية بين التيارات الداخلية تسرب إلى قيادة الجهاز التنفيذي والسياسي قيادات وعيها ما تحت السياسي لذلك انحرفت بأداء الحزب وخطه السياسي لما تحت الصفر ، لأنها رفعت مصالحها الذاتية على مصالح الحزب الجمعية و مواقفه الأخلاقية من نظام يرتكز على بنية الفساد والاستبداد ، فعلى الصعيد التنظيمي يعاني الحزب من أعطاب كثيرة تولدت بعد المؤتمرالعام السابع وقد فاقم النهج المتسلط للأمين العام من حالة التأزم الداخلي خاصة وأنه إتخذ نهجاً إقصائياً لكل كوادر الحزب الحية التي تمثل عصب الحزب وضميره النضالي ، فمن أجل سعي حثيث نحو السلطة إستبدل الرجل جلد الحزب الخشن بأخر ناعم يمكنه ومجموعته من تمرير أجنداتهم الخفية وكل ذلك جرى تحت سمع وبصر رئيس الحزب الذي تواثبت عليه المذكرات الإحتجاجية من كافة الحادبين على وحدة الحزب ومستقبله وكل هذه المذكرات ذهبت إلى سلة الإهمال ، ولعل رئيس الحزب في حوار مع صحيفة أخبار اليوم المنشور بتاريخ 20/2/2012 قد كشف موقفه من عملية الإحتجاج عبر المذكرات معتبراً إياها بالوسيلة التي لا تصلح إلا لمخاطبة الأحزاب ذات البنية الشمولية وفي تقديري هذا التبرير غير موفق من مفكر يرى الناس إنه من رموز الفكر الديمقراطي على الصعيد الدولي والوطني ، المهم أن أدوات العمل التأمرية التي يتعاطى بها الأمين العام في تدبير شئون الحزب قد خلفت كوارث تنظيمية على الحزب لدرجة أن الناطق الرسمي باسم الحزب أضحى لا ينطق و بحماس إلا في مواجهة الخلافات الداخلية وقد نجد له العذر لأن الشح المعرفي والبؤس الفكري الذي يوسم تجربته السياسية الفطيرة يجعله أقل قامة من إستحقاقات هذا الموقع الحساس فالرجل قد بنى كل تجربته السياسية من خلال تمويله لأدوات الصراع الداخلي ويفتقد تماماً لأي دور في عملية نضال الحزب ومعاركه السياسية كل نضاله يتمثل في توزيع الشائعات والتأثيم الأخلاقي لمن يختلف معه لذلك برعت مهاراته في التعبيرالغوغائي عن ما جاء في المذكرة واصفاً إياها بأبشع التوصيفات المستلفة من قاموس الأنظمة الشمولية ولعل هذه العدوى انتقلت إليه من ملازمة رئيسه المباشر المتمكن في الفكر الشمولي من خلال انخراطه في تجربتين شموليتين ، على كل تماهى الناطق في تكثيف الصورة السالبة عن المذكرة ( الموقف) التي في تقديري تتجاوز قدراته الفكرية والسياسية فصديقنا سعى سعياً حثيثاً لتسويرها بالإشاعات الخبيثة بقصد إفراغها من سياقها الموضوعي المتمثل في مجموع القضايا التي خاطبتها ، وقد تشمر الناطق ورئيسه المباشر وهم مدججون بروح المزايدة لملاحقة الموقعين والإنحراف بالمذكرة من الموقف الفكري الكبير الذي أسسته وتحويله لمجرد مغالطات من شاكلة ( فلان وقع ... فلتكان ما وقع ) متوهمين أن ذلك سينجيهم من مأزقهم الداخلي و ورطتهم المنتظرة في الهيئة المركزية القادمة وقد حسبوا أنهم يحسنون صنعاً وما دروا أنهم بطريقة تعاملهم مع المذكرة قد صوروا حزبنا وكأنه حزب معادي لكل مفاهيم الديمقراطية والحداثة منقلب على تاريخه المعتق بالنضال من أجل تثبيت دعائم الحكم الديمقراطي بالبلاد ، إن صوت هؤلاء يعد صوت من الماضي لا يجسد إلا حالة الإنحطاط والتقهقر التي تمكنت في مفاصل حزب لا زال أهل السودان يركزون عليه طموحاتهم لإسترداد الديمقراطية .



إن إشاعات التخوين الخبيثة التي يبثها هؤلاء لن تفلح في مواجهة كادر شطب الخوف والتردد من قاموسه وهو يواجه سدنة الفساد والاستبداد في أعتى الأنظمة الشمولية التي مرت على تاريخ بلادنا ، وبالتالي مثل هذه التدابير البائسة لا تنجح في فت عزيمته و إرهابه بفرية التخوين وبالتالي محاصرة خطوة كبيرة كهذه حتى وإن نجحت مؤقتاً في إستدرار مشاعر التأليب ضد من وقعوا على المذكرة إلا أنها مدانة للإنحسار أمام أول منعطف يميز فيه المدجج بالمصداقية من المتذرع بالمزايدات المنحرفة .



إذاً كما أسلفنا لا يجدي التعاطي التشكيكي مع خطوة ايجابية كبيرة قامت على فرضية واقعية من خلال تحليل أداء الحزب بعيداً عن تضخيم الذات وخداعها فنحن معنيون بقراءة واقع حزبنا من خلال تأثيراته المباشرة على حياة الناس وقضاياهم على نحو يرتب في رأيي الإعتراف بالحقائق الآتية :-



· حزبنا يرتكز على أكبر قاعدة جماهيرية ورئيس حزبنا يستقبله الناس في كل مكان (الأعمى يحمل الكسيح) وبرغم ذلك تسربت الديمقراطية من بين يدي قيادتنا وفشلنا في استردادها لما يقارب ربع قرن من الزمان وهذا دليل على غياب الرؤية والاستراتيجية و التخطيط المنهجي الذي يحول الكم الجماهيري إلى كيف ينتظم في قنوات تنظيمية فاعلة تضفي تأثيراً حقيقياً على خطط حزبنا وأهدافه وبرامجه .



· حزبنا أكثر حزب لديه حراك في المركز والولايات و يتنقل رئيسه من ولاية لأخرى لكن هذه الزيارات ينتهي مفعولها كمادة تصلح للتسويق الاعلامي وليست كفعل يلامسه الناس في حياتهم ، و الأدهى والأمر بل والأفدح أنه ليست لدينا رؤية لبناء قيادة جديدة نسوقها للذهن العام السوداني بإستثمار مثل هذه الحشود الجماهيرية فحزبنا يركز من يخططون لزياراته فقط على الرئيس وهذا برهان على عجز الحزب في تقديم بدائل قيادية جديدة



· المربك أن حزبنا ليست لديه قدرة على بناء أي موقف سياسي في غياب رئيسه وبعد هذا نقول أننا حزب يعتمد على المؤسسية صحيح لدينا مؤسسات لكنها تتعامل بعقلية التسليم المطلق في مواجهة أفكار رئيس الحزب وكل القرارات تبنى على تقديرات ذاتية لرئيس الحزب ومن ثم يتم إخراجها كقرارات لمؤسسات يظل دورها شكلي وديكوري فقط تبصم على أفكار الرئيس .



· حزبنا ليست لديه آليات في تدبير شئونه الداخلية تمكن كوادره القيادية المقتدرة من هم خارج إطار المؤسسات من المساهمة في إستراتيجياته وخططه بل حتى الورش التي يخاطبها بعض الكفاءات لا تتوفر لها آليات فاعلة على صعيد التنفيذ والمتابعة



· حزبنا يا سادتي رئيسه يسافر أكثر من وزير الخارجية لكنه لم يوظف مجهوده الخارجي لصالح التماهي المثمر مع قضايا الجماهير ولم يستثمر علاقاته الخارجية لصالح إيجاد فرص جادة لتأهيل كوادر الحزب ، ولم يقدمنا للعالم الخارجي كحزب ديمقراطي محترم يعتمد على عبقرية المؤسسة وليست عبقرية الفرد فهو يسافر لوحده في أحايين كثيرة في مهام تخص الحزب ،هذا المسلك القيادي لا يليق بحزب يدعي أهله أنه وفي لقيم الديمقراطية والمؤسسية .



كل هذه النواقص أسباب موضوعية تستدعي التدبر الواعي مع ما جاء في المذكرة وتحويلها لفرصة ايجابية للحوارالمسئول كما ذكر الحبيب أبو هريرة زين العابدين في رؤيته حول المذكرة ، فإذا كنا نعني بالديمقراطية الحقيقية فهذا يحتم علينا إعمالها داخل حزبنا حتى نعطي المثال للشعب بأن الديمقراطية تعني حق المسائلة والمحاسبة والنقد على مستوى هياكلنا الحزبية ومؤسساتنا القومية ، ونواصل .


عبدالمطلب عطية الله المحامي
أحد الموقعين على مذكرة نداء التغيير





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 1275

خدمات المحتوى


التعليقات
#302049 [عبدالمجيد جبوره]
5.00/5 (1 صوت)

02-26-2012 09:32 PM
يا الحبيب :

حزبك السياسي يحتاج ( فرمتة ) = ( مسح بالكامل ) .. من الرئيس وحتى الغفير .. و مع تحفظي على مصطلح ( ديمقراطية ) فإني لا أرى أي حزب ديمقراطي في السودان .. كلهم عجايز مكنكشين في الكراسي من المهد وحتى اللحد :

نقد .. الترابي .. البشير .. الصادق .. الميرغني ...... وبهناك عندك ناس سيلفا .. بونا ملوال .. جوزيف لاقو .... الخ

لا نحتاج كل هذا الزبد .. لا نحتاج إلى حزبية ..

حقاً التاريخ يعيد نفسه ..

قبل عدة عقود قال الشاعر الكبير محمد سعيد العباسي :

إن التحزب سمٌ فاجعلوا أبداً .. يا قوم منكم لهذا السم ترياقا

ضموا الصفوف وضموا العاملين لها .. لكي تنيروا لهذا الشعب آفاقا


عبدالمطلب عطية الله المحامي
مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة