ارفع رأسك أنت حزب أمة.. ولكن؟!
04-16-2012 05:23 PM

رأي

ارفع رأسك أنت حزب أمة.. ولكن؟!

محمد عيسي عليو

لقد كتبت السيدة أم سلمة الصادق المهدي في العدد «9176» بتاريخ 21/4/2102م في صحيفة «الصحافة» مقالاً بعنوان «ارفع رأسك أنت حزب أمة»، وكعادة السيدة أم سلمة في كتاباتها التجريحية حاولت أن تتهم فئة مقدرة في الحزب بالعنصرية والجهوية، فقد ذكرت في سياق سردها لتاريخ المؤتمر الفائت 9002م عن ترشيح محمد عبد الله الدومة بأنه مرعي من قبل مجموعة عُرفت بالنهج العنصري والجهوية الصارخة، وذكرت أن إبراهيم الأمين أيضاً كان مرشحاً لكنه لم ينل وقتها من الأصوات ما يمكنه من المنافسة، لأن الناس خافوا يومها من تشتيت الأصوات بسبب تمسك خاطئ بوجوب أن يكون الأمين العام من دارفور. بينما الصحيح تبرئة الحزب تماماً من الجهويات والحرص على أن يكون أمين الأمة متوازناً في نظرته لكل جهات السودان وعناصره دون تحزب لجهة بسبب عرق أو عنصر، مثلما الحال في الأيام الخوالي بغض النظر عن الجهة التي ينتمي إليها الأمين عنصرياً. انتهى.
وما كنت سأعلق لو جاء الحديث من شخص آخر غير أم سلمة للآتي: أم سلمة بنت الإمام الصادق، وهذا يلقي عليها مسؤولية كبيرة، ولا نقبل أبداً أنها تتكلم بصفتها الشخصية، وفي مثل هذه الحالات لا ينفصم الوالد عن المولود حتى يخرج الجمل من سم الخياط، هكذا تعودنا في ثقافتنا السودانية، ثانياً لأن الأسلوب فيه تجنٍ وظلم على فئة أساسية في الحزب لها دورها التاريخي والحاضر أيضاً، ثالثاً الأخت أو بالأحرى «السيدة» أم سلمة تعودت على أسلوب المهاترات والتجريحات ولم تجد من يقول لها لا.. لا.. أذكر بعد خروج مجموعة مقدرة من الحزب ودخولها حزب المؤتمر الوطني، استطيع أن أسميها «مجموعة حسن النور وصديق بشار»، كالت هذه السيدة الشتائم المقذعة والإهانة المفزعة ووصمتهم بالهرولة نحو المؤتمر الوطني أو من شاكلة هذا الحديث الناري، فأمسكت قلمي ورددت عليها بكل تهذيب، وأذكر فيما قلت أن السيدات لا يتحدثن على الملأ، إلا بما هو خير للأمة، فاذا كان علينا الالتزام بالنهج السُني القائل: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو يصمت» فأولى بذلك السيدة أم سلمة، والإشارة واضحة، وبعد ذلك بأيام قليلة قابلت عدداً من الإخوة الذين هاترتهم السيدة أم سلمة في مناسبة، وقالوا لي والله نحن اكتفينا بردك عليها، ولكن كان لنا مقال آخر لولا مقالك. وهذا ما كنت أعنيه لاستباقي لهم في الرد.
السيدة أم سلمة مازالت في نهجها الاتهامي والتجريحي، فها هي توصم مجموعة مقدرة في الحزب بالعنصرية، وهي مجموعة الدومة التي نالت «053» صوتاً من مجمل الأصوات البالغة «008» صوت، «حوالى نصف العدد»، إذا كان الأمر كذلك فإن نصف حزبها عنصري، ولا أدري كيف تعالج السيدة أم سلمة هذه المشكلة؟!
ولكن قبل أن نؤمن على قول السيدة، علينا أن نتأكد أن هؤلاء عنصريون أم لا، السؤال: إذا مجموعة ارتأت شخصاً مناسباً لمنصب ما وهو خارج ما تصورته السيدة ورهطها ورشح هذا الشخص بغير رغبة الرهط المعلوم هل يعتبر ذلك نهجاً عنصرياً؟!
أعتقد أن السيدة جانبها الصواب ووجهت سهامها بالقذف والسباب وهي بنت الأكرمين! إلى من نشكوها؟ الأمر الآخر أن مجموعة الدومة العنصرية رجعت إلى مؤسسات الحزب بعد مؤتمر الهيئة المركزية، ولا أدري كيف يستقيم أن يعودوا للحزب بهذا المرض العضال المعدي، وعلى أقل تقدير يجب أن يبقوا في حبس «الكرنتينة» حتى تتأكد السيدة من معافاتهم وبالذات رأس الحربة الدومة، ثم يسمح لهم من بعد بالدخول. وإن لم يكن ذلك كذلك فإن السيدة الجليلة أم سلمة ستكون المسؤولة عن تفشي هذا المرض الفتاك في الآخرين، لأنها اكتشفته ولم تبلغ عنه.
يا سبحان الله أعجب لإعلام المجموعات العرقية التي نخرت في عظم هذا الوطن، عندما يقوم أحدهم بمحاولة الاستيلاء على السلطة عسكرياً فإن نجح العمل سيكون ثورة، وإن فشل فسيكون انقلاباً، أما إذا جاء من الهامش فيدمغ بالعنصرية خاصة إذا جاء من الجهة الغربية. أما أن يجيء هذا الكلام من السيدة أم سلمة العضو في الحزب الذي ظل نهجه ينادي بحقوق المهمشين الذين كانوا هم سنده وحماته فهو أمر غريب، وعظيم أن يقف الحزب مع نهضة دارفور وجبال النوبة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وعظيم أن يقف الحزب مع أهداف الحركات المسلحة المعلنة مع الاختلاف في وسيلة التنفيذ لتلك الأهداف، وعظيم أن ينادي السيد رئيس الحزب بتغيير الأمين العام من جهة إلى أخرى لتشمل القومية جميع أوجه عضوية الحزب، رغم أن السيدة قالت إن ذلك تمسك خاطئ بوجوب أن يكون أمين الأمة من دارفور، فإن كان هناك خطأ فهو من السيد والدك، ولا نعتقد أنه أخطأ وإنما أصاب كبد الحقيقة، وإن لم يقل ذلك فإن أهل الهامش لا يشمون رائحة الأمانة العامة ليوم القيامة، لأن المهندسين والكباتن والتجار متمركزون في أم درمان، وهم سيهندسون «للعبة». وإلا فقولي لي بربك كيف نال إبراهيم الأمين «35» صوتاً في الهيئة المركزية السابقة من أصل «008» صوت، ونفس الشخص ونفس «البني آدميين» يأخذ موافقتهم بالإجماع بعد أقل من ثلاث سنوات! ما هو العمل الخارق الذي قام به د. إبراهيم الأمين حتى أقنع إجماع الهيئة المركزية ليكون أميناً عاماً عليهم. ألم أقل أن هناك هندسة في الموضوع برمته، لذا فقد صدق السيد رئيس الحزب بتوجيه الناس جهوياً، ولا بد أن يأتي يوم سيكون فيه منصب الأمين العام «دورياً» بين الأقاليم شاءت السيدة أم أبت.
أما عن الجهوية فقد صدقت السيدة أم سلمة في قولها، فما عيب الجهوية يا سيدة أليس كل العالم مبنياً على الجهوية، وما حرصك على هذا الكلام إلا حفاظاً على الجهوية، ومن حقك أن تفعلي ذلك، ولكن يجب ألا تحرمي الآخرين من نيل حقوقهم.. حرام على بلابله الدوح وحلال للطير من كل جنس!!
يا سيدة ما معنى بنك الشمال، وبنك المشرق، وآيڤوري بنك، وحتى في أميركا معظم المؤسسات هناك جهوية، وكذلك في أوروبا.. ونحن نرفض العنصرية ونتبرأ منها، وعلى المجموعة التي صوتت للدومة أن تأخذ حقها من السيدة بالطرق المشروعة، لأنه قذف وبهتان ولا أقول كذب فإن السيدة لا تكذب. ولكن بكل تأكيد أقول إن إلقاء القول على عواهنه ومن سيدة جليلة ومن بيت كبير لا يفيد وقد يضر، وليس كل مرة تسلم الجرة. بمعنى قد لا يستمر التقدير كثيراً للدم المهدوي الذي يجري في العروق، وهو دم غالٍ وعزيز علينا ليس في ذلك شك، ولكن إن لم يقدره صاحبه فأولى بالآخرين أن يكونوا أقل تقديراً.
السيدة أم سلمة لم تكن منصفة في حكمها، فقد نعتت الإخوة المارقين من الحزب والداخلين للوطن بأقذع التهم، ولكن عندما دخل عزيز لديها الحكومة لم تسجل لها كلمة نقد واحدة له على صفحات الصحف.. ما لكم كيف تحكمون؟!
أما حكاية الفريق صديق الذي وصفته السيدة باتخاذه خطاً مهادناً للمؤتمر الوطني، وزعمت أن الهيئة المركزية رأت ذلك، فهذه بضاعة كاسدة، واتضح أن الفريق صديق هو الذي كان يحرس الجماعة من دخول المؤتمر الوطني، ورغم ذلك فرَّط أحد القيادات الكبيرة والكبيرة جداً ودخل حكومة المؤتمر الوطني، إذن من الذي كان يهادن؟! بضاعة المرونة مع المؤتمر الوطني بضاعة كاسدة لا سبيل إلا رميها في القمامة أو تسويقها للمساكين إذا لم تكن لهم أجهزة المواصفات والمقاييس. والسيدة الفضلى.. لقد تحاشيت كثيراً الرد عليك، ولكن رأيت أنني المعني بلفظة العنصرية، لأنني كتبت مقالاً بهذا الخصوص الأسبوع الماضي. نعم ارفع رأسك أنت حزب أمة، تاريخياً ولكن حاضراً «فيه دنقيرة»!!
حتى لا يفوتني، انتقل الاسبوع الماضي إلى رحاب ربه الرئيس السابق للجزائر أحمد بن بيلا الرجل الذي حرر بلاده من الاستعمار، وكان جزاؤه السجن من قبل المستعمر والسجن من قبل بني وطنه، لقد قابلت هذا الرجل العملاق في جنيف بسويسرا عام 5002م، وقد كحلت عيني بالنظر لهذا الرجل العملاق العربي المسلم الشامخ، فقد قال لي: الحمد لله.. في حياتي لم يدخل جوفي مثقال ذرة من خمرة.. في سياق حديث عن المتشددين. وقال إن عروبتنا لا تحتاج إلى مزايدة، رحمه الله فإن أخذ الله منا مانديلا أو بن بيلا الإفريقي العربي، فمازلنا ننظر إلى مانديلا القارة الافريقية بكل فخر وإعزاز، ومنه نستلهم قوة الإرادة الوطنية، أمد الله في عمره، وأطال في أعمار ثوار افريقيا الحقيقيين عرب وأفارقة، ورحم الله موتاهم.
الحركة الشعبية تحول أمرها من خطيئة إلى خطأ كبير، ولن يقف معها في احتلال هجليج الا الذين في نفوسهم أغراض، ولن تفلح في البقاء فيها، وان لم تحررها الحكومة فسيحررها الشعب طال الزمن أم قصر.

الصحافة





تعليقات 3 | إهداء 0 | زيارات 2585

خدمات المحتوى


التعليقات
#335550 [ميسر جبور]
2.60/5 (6 صوت)

04-17-2012 12:54 AM
سلمت وحفظة من كل شر كلامك جميل وصريح و واضح

أتمنا من السيدة والسيد والد السيده إعادة النظر ما بداخل أنفسهم وقلوبهم


#335486 [mohy]
2.07/5 (5 صوت)

04-16-2012 11:33 PM
سيدة جليلة بيت كبير بت الأكرمين لا تكذب ووووووو

إنت من أي عصر

خلينا من حزب حبوبتي


#335005 [samdosh]
1.85/5 (9 صوت)

04-16-2012 06:01 PM
سلم فمك والله منذ الجعجعة التي حدثت بدار حزب الامة لم يكتب مقال بهذه الروعة والتنسيق والاقناع ولكن المتامل في سياسة الحزب احسب انهم فقدوا البوصلة ان لم اقل فقدوا زمام الامور


محمد عيسي عليو
محمد عيسي عليو

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة