المقالات
السياسة
ارشيف مقالات سياسية
هيئة محامى دارفور.. صوت الحق فى زمن الصمت
هيئة محامى دارفور.. صوت الحق فى زمن الصمت
02-19-2013 09:25 AM


يعتقد الكثيرون ان واجبات المحامى تنحصر فقط تجاه موكله و ان المحامي ما هو الا لسان موكله و الناطق باسمه فقط، بالرغم من أن ذلك جزء من واجبات ومهام المحامي، الا ان الواجب الاعلى و الاسمى هوواجبه و ولاؤه للعدل، فهو مدين بالولاء و الاخلاص للقضية الاهم و هى قضية العدالة.
ان استقلالية مهنة المحاماة و باعتبارها رسالة سامية و فن رفيع ومع ظروف نشاءتها بعيدا عن سلطان الدولة و دونما خضوع لها و انطلاقها من واجب الدفاع وتقديم المساعدة و دورها كاداءة للدفاع عن المحتاج يجعلها –بحق- رسالة لنصرة الحق و تحقيق العدل . لذا فلا غرو فى اعتبار مهنة المحاماة حامية للحقوق و الحريات و المحامي هو خط الدفاع الاول لاصحاب تلك الحقوق .
إن المحاماة القادرة على ادارة نظام العدالة و اعلاء صرح الحق ، هى المحاماة المستقلة و هى التى تتولى شئونها نقابات محامين تتمتع بالاستقلالية فى تولى و ادارة شئون المهنة و الحفاظ على كرامتها و كفاءة منتسبيها ، نقابات بمقدورها لعب ادوار حاسمة فى تعزيز و رصد التنفيذ الفعال للمعايير الدولية لحقوق الانسان على الصعيد الوطنى.
و هذا ما لا ينطبق باى حال على نقابة المحامين السودانيين ، التى ارتاءت اتجاها مغايرا تماما لما ينبغى لنقابة حقوقية مثل نقابة المحامين ان تسلكه. فبدلا من الاطلاع بمهامها الوطنية فى المساهمة فى بناء مجتمع ديمقراطى مدنى فى اطار دولة القانون و المؤسسات و استقلال القضاء، و مراجعة التشريعات و تشجيع الحوار حول القوانيين و مشاريع القوانيين الوطنية و الاتفاقيات الدولية، و دعم و تعزيز حقوق الانسان و احترامها و عمل المراجعات المتعلقة بها بشكل يودى الى توفير ضمانات اكبر للفرد و خلق وعى لديه و السعى الى ترسيخ مفهوم حقوق الانسان و سيادة دولة القانون بشكل يصون كرامة الانسان و يحترم ادميته، بدلا من كل ذلك فقد تم افراغ نقابة المحامين من مضمونه، ذلك فى اطار الاختطاف المنهجى الذى تم لكل المؤسسات النقابية و الاهلية. لقد تحولت نقابة المحامين السودانيين الى جهاز حكومي وذراع من اذرع النظام، تدافع عن جرائمه و انتهاكاته المشينة للحقوق و الحريات الانسانية، محاولة مساعدة من ارتكبوا الجرائم على الافلات من العقاب. ان مسلك نقابة المحامين السودانيين بانحيازها الى جانب النظام على حساب واجباتها القانونية والاخلاقية و باعتبارها مؤسسة تضم قانونيين مستقلين هذا الانحياز يمثل واحد من اخطر العوامل التي تهدد استقلالية مهنة المحاماة ويعد انتهاكا صارخا لا لمبدأ استقلال مهنة المحاماة فحسب، بل للحقوق المكفولة دستوريا ، من خلال سماح النقابة للسلطة ببسط سيطرتها واستخدام نفوذها للسيطرة على النقابة وتمرير مخططاتها و تهميش دورها، مما يعد خرقا لمبادئ دولية مثل، اعلان اثينا الصادر عن اللجنة الدولية للحقوقيين حول سيادة القانون الصادر فى 1955 م والذى يدعو الى استقلال المحاماة و تحررها من التدخل الخارجى لضمان احترام و سيادة حكم القانون و الاعلان العالمى حول استقلال العدالة و الذى تبنته الدورة العامة الختامية لمؤتمر مونتريال حول استقلال العدالة فى 1982 م.
تعتبر هيئة محامي دارفور واحدة من اكثر التكوينات التى انتظمت بين المحامين و اكثرها بروزا، ذلك من خلال تعاطيها مع قضايا حقوق الانسان، و تعتبر الهيئة فى تقديرى تعبير صريح لرفض المحامين للادوار التى تقوم بها النقابة الممثلة لهم و تحولها الى محامي النظام . هيئة محامي دارفور دلالة على وعى كبير من قبل القائمين على امرها و ايمان بحتمية مشاركة المحامين الفاعلة فى قضايا تعزيز الحريات و سيادة حكم القانون و ترسيخ العدالة، خصوصا و قد اصبح الناس (اكثر من اى وقت مضى)يتطلعون للقانون لحماية و تعزيز الحقوق الفردية و الجماعية . بالرغم من عظم و جلال مهمة الهيئة، فقد جوبهت بالكثير من العراقيل و تعرض منسوبيها للمطاردات، فى سبيل القيام بواجباتها الحقوقية و التى عجزت نقابة المحامين السودانيين و بامتياز على القيام بها، و قد رفضت النقابة الاعتراف بها، مع وجود الفقرتين 23و24 من وثيقة مؤتمر الامم المتحدة الثامن لمنع الجريمة و معاملة المجرمين المعقود فى هافانا من 27 اغسطس و 7 سبتمبر 1990 م و التى جاءت فيها ( للمحامين شانهم شان اى مواطن حر، الحق فى حرية التعبير و تكوين الرابطات و الانضمام اليها و عقد الاجتماعات و يحق لهم بصفة خاصة المشاركة فى المناقشات العامة المتعلقة بالقانون و اقامة العدل و تعزيز حقوق الانسان و حمايتها و الانضمام الى المنظمات المحلية و الوطنية و الدولية او تشكيلها و حضور اجتماعاتها.). لقد اتسم اداء الهيئة بصلابة فائقة و مبدئية و صدقية و التزام تجاه مشروع سيادة حكم القانون و حماية الحقوق و الحريات و الدفاع عن المنتهكة حقوقهم، و العمل بجد على ترسيخ مبدأ العدالة. لقد ساهمت الهيئة بشكل كبير فى كشف و رصد الانتهاكات التى تتم من قبل النظام و دافعت فى عشرات القضايا امام المحاكم على قضايا الحماية الاساسية، مثل منع التعذيب و المعاملة المهينة او حالات الاعدام باجراءات موجزة و الاحتجاز و الاختفاء القسريين، كما دافعت عن المدافعين عن حقوق الانسان و الحريات العامة. لقد استطاعت الهيئة ان ترسى اداب و قواعد فى التعاطى مع قضايا الحريات، خصوصا فيما يتعلق بجوانب سيادة حكم القانون من خلال تعاملها مع السلطة القضائية و وكالات انفاذ القانون و السجون. ان ما قامت به هيئة محامى دارفور يعتبر عملا كبيرا، مع وضعنا فى الاعتبار مدى الصعوبات التى اعترضتها فى سبيل واجبها المقدس، مثل منعها مرارا من حقها فى مقابلة المتهمين، او الاطلاع على اسباب الاعتقال او الاحتجاز و تنظيم الوكالة و تقديم لوائح الدفاع، و التى تعتبر ممارسات غير مسئولة من شانها ان تودى الى الغاء لضمانة اساسية من ضمانات حقوق الانسان، تلك التى تتمثل فى دور المحامين فى الدفاع عن حقوق الانسان كما وردت فى المواثيق الدولية ، خصوصا المادة 14 من العهد الدولى للحقوق المدنية و السياسية والفقرة 9 من ديباجة مقررات مؤتمر الامم المتحدة و المتعلق بمنع الجريمة الصادر فى 27 اغسطس1990 م بهافانا ، و التى ارست المبادئ الاساسية لدور المحامين و التى اشارت بان الحماية الكافية لحقوق الانسان تقتضى حصول جميع الاشخاص فعلا على خدمات قانونية يقدمها مهنيون قانونيون .


[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 936

خدمات المحتوى


عثمان عيسى يوسف _ المحامى
مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة