المقالات
السياسة
ارشيف مقالات سياسية
فتحي شيلا : أسرعهم رحيلاً.. من يعطيك وعداً بالبقاء
فتحي شيلا : أسرعهم رحيلاً.. من يعطيك وعداً بالبقاء
02-19-2013 01:14 PM


حين يَمم فتحي شيلا وجهه تلقاء دار المؤتمر الوطني أواخر العام 2008م، مخلفاً وراءه دار أبو جلابية، خلّف –كذلك - وراءه أشقاءً يتلمظون طعم فراقه المر كلما أطل عليهم بزينة السلطة وزخرفها، وحين غادر الفانية على يد المنون صبيحة الأمس، كان ذات أشقائه الاتحاديين يعتصرون جرح رحيله النازف بألم غير قابل للتطبيب. وبين الرحلتين، اعتاد أيقونة الاتحاديين وقيادي الحزب الحاكم – فيما بعد - فتحي شيلا، توزيع رقاع الألم والأمل بين المستظلين بأشجار جنينة السيد علي الميرغني ومرتادي النادي الكاثوليكي؛ ذلك ربما إمعانا في التأكيد على أن الفروقات بين الشُّعورَين رفيعة، وتتشكل وفق تقلّب الحال.. والحروف.
(1)
ولنبدأ برحلة شيلا صوب بوابات المؤتمر الوطني، إذ إنه وعلى نحو مفاجئ؛ تخلى شيلا عن صفة المقرّب من مولانا محمد عثمان الميرغني زعيم الاتحاديين وراعي الختمية، إلى قادح في نهجه وأدائه، قَدْح بموجبه تحول حزب الحركة الوطنية - طبقاً لتصريحات شيلا - من حزب جماهيري إلى شركة خاصة يحوذ المراغنة على (90%) من أسهمها، ليبين عن اعتراضه لأيلولة نسبة الـ(10%) المتبقية له ولأقرانه، وقال "ما أنا بِشَارٍ".
وعلى غِلظة درته التي هوى بها على رأس السيد وأتباعه؛ أتبع شيلا قَدْحه (براغماتية) عالية حول بمقتضاها بوصلته جنوباً عكس الجغرافيا، ومواقفه السابقات ناحية حزب المؤتمر الوطني الحاكم، حيث لم يفضل الاعتزال والانكفاء بحسبان أن "السياسة ما فيها حرد"، ولم يكوِّن جناحاً جديداً لحزب، رغم أجنحته العديدة، عاجز عن الطيران، وقرر هكذا أن (يبلع) تصريحاته النارية بحق قادة الحزب الحاكم ويصبح هكذا ضربة لازب (مؤتمراً وطنياً)، وهي الصفة التي كانت تضاهي عند الاتحاديين - يومها - أقبح سبّة وأقذع نعت.
(2)
وفي ترّحله، طالت الاتهامات شيلا، وصنفت إبداله جلده بأنها عملية مدفوعة القيمة، حدّ أن صوّر الكاريكاتيرست نزيه، في الزميلة (الرأي العام) الموقف، بفرشاته على لسان امرأتين تتكئ إحداهما على حائط عَلَتْه لافتة (المؤتمر الوطني) إذ تقول أولاهما للأخرى: "جبنا ليكم شيلا" فيما ترد الثانية: "أها المهر كم؟".
وهي تهم قابلها شيلا، بِجَلَد شديد وعنف أشد، استبان في قوله: "لا مأجر بيت ولا عندي ولد بقرِّي فيهو وما محتاج والحمد لله". بعدها أوضح حاجته الماسة لتوظيف طاقاته السياسية. وقطع أنه بمنأى عن أراجيف البيع والشراء التي تلاحقه، اختار المؤتمر الوطني لشعوره أنه تحوّل للأحسن، وقال مهدداً: "لكن إذا عاد الوطني إلى مرحلته الأولى وفتح بيوت الأشباح فنحن لن نكون جزءاً منه". وهو تهديد لم يقع لحين وفاته، ما يشي ضمناً باستشعاره أن الحزب الحاكم يسير في طريق الإصلاح لا يغادره قيد أنملة.
(3)
وفي الحزب الحاكم تقلّد شيلا منصب أمين الإعلام بمجرد أن وطأ عتباته المطلة على المطار، وفي تلكم المرحلة كثيراً ما طار بأحاديثه نحو فضاءات "الفريضة الغائبة" التي لطالما لاحقها وهي الإصلاح والمؤسسية، لكن هذه المرة من خلال مناداته بقية المكونات الحزبية - وليس حزبه الجديد - بالتزام جادة الإصلاح ومهاجمة الطرائق التي تنم عن الشمولية واللاديمقراطية.
وفي تقمصه دور أمين الإعلام، كثيراً ما أوجع شيلا رفاق الأمس في نادي المعارضة، فينسب له القول: "سنقطع لسان أي زول يقول الانتخابات ما قائمة". والانتخابات المقصودة انتخابات العام 2010م، وله يعود توصيف السيد مبارك الفاضل بالخيانة "مبارك الفاضل خرج بالخيانة الوطنية من الساحة السياسية". كما وهاجم الإمام الصادق المهدي بقوله "الجماهير انفضت من حوله". وغيرها من التصريحات اللاهبة التي تثير حفيظة المعارضين.
وبالركض في ذات مضمار انتخابات 2010م، نجد أن شيلا ترشح عن حزب المؤتمر الوطني في الدائرة (2) «أبو سعد» وحصد المقعد البرلماني الذي تفرغ له بموجب تعديلات طالت هياكل الوطني وتسنم بموجبها بروفيسور إبراهيم غندور، محل شيلا، في سبتمبر 2011م، ليسري حديث هامس بأن التعديل مجرد (اسم دلع) للإبعاد، إبعاد شيلا الذي نظر للأمر من زاوية المؤسسية التي لطالما أعلن احترامه وانحيازها لها، وأوضحها في قوله "لست غاضباً. التعديلات الأخيرة توصيات للجنة عملت على تقييم أداء الأمانات".
وفي البرلمان؛ نشط شيلا بصورة كبيرة، نشاط جعله لكتلة المعارضة أقرب منه إلى كتلة الوطني، فهاجم الرقابة المفروضة على الصحف، وهاجم الجهاز التنفيذي وسلوكه تجاه البرلمانيين، فضلاً عن غارات شنها ولم تجد لمهابط الصحف سبيلا.
(4)
وخلال أربعة عقود قضاها شيلا – تقريباً - داخل الحزب الاتحادي، كابد الرجل رهق السجن على أيام حكم المشير جعفر نميري مرات عدة، جراء علاقاته القوية بقيادات الجبهة الوطنية وعلى رأسهم الرمز الشريف حسين الهندي، فلوحق بتهمة العمل على تقويض النظام وتأليب الرأي العام والنقابات لمناهضة مايو في تقلباتها العديدة.
وحين أناخت الديمقراطية للمرة الثالثة برحلها، وتقديراً لنضالاته أمسك شيلا بملف تنفيذي من الدرجة الأولى وهو إدارة مكتب وزير الداخلية، وقتها، سيد أحمد الحسين، وبعدها نتيجة لألمعية أدائه انتدبه الحزب للإقليم الشمالي ليعمل وزيرا للدولة مع نائب الحاكم عبد العزيز محمد الأمين.
(5)
وحين وصل العسكر، المتحالفين مع الحركة الإسلامية، لسدة الحكم في نهايات يونيو العام 1989م، ترصدوا لقادة المعارضة كل مرصد، وأودعوا شيلا زنازين كوبر، ليخرج منه غضبان أسِفا، ويتولى إدارة عمل يخصه ويشرف عبره على عدد (2) لوري يملكهما ووظفهما في مجال الترحيلات، لكن وبمجرد أن غادر مولانا الميرغني بمعية الأمير أحمد سعد عمر، إلى القاهرة لحق بهما شيلا عبر مطار الخرطوم، ونشط في صفوف التجمع الوطني الديمقراطي فنال عضوية هيئة قيادته، وناطقاً باسمه ردحا من الزمان أسوة بأشقائه حاتم السر، ومحمد المعتصم حاكم، الذين كانوا وديعة لأسرار الميرغني وخزانة لها، إذ ابتعثهم السيد عدة مرات إنابة عنه لمحاورة القوى السياسية، وبندقية التجمع – وقتئذٍ - د.جون قرنق.
وفي العام 2003م آب شيلا للبلاد بمعية السيد أحمد الميرغني، وهَنْدَسَا معاً اتفاق القاهرة المبرم بين التجمع والحزب الحاكم، ويقول شيلا عن الاتفاق الذي تعثر لاحقاً بأنه اتفاق لمناقشة قضايا الدين والدولة والسلام ونبذ العنف والتداول السلمي للسلطة لا البحث عن مناصب سلطوية.
(6)
وفي مؤتمر المرجعيات "مؤتمر القناطر"؛ سرت شائعة مفادها أن شيلا من ضمن تيار "الهيئة العامة" الذي ناهض المؤتمر كونه تكريساً لسلطة المراغنة، شائعة سرعان ما بددها شيلا بسفره صوب القاهرة ليضطلع بدور مهم في إخراج المؤتمر على النحو الذي انتهى إليه، ومع إسدال الستار خرج بغنيمة أعلى نسبة تصويت، ومنصب نائب الأمين العام.
وفي أعقاب المؤتمر؛ نشط شيلا في التبشير بالديمقراطية سيما في الأقاليم، حيث كان متجاوباً للغاية مع روابط الطلاب الاتحاديين في الجامعات والمعاهد العليا، وأطلق من منابرهم مدفعيته الثقيلة صوب صدر الحكومة قبل أن يقرر الالتحاق بها.
ومؤخراً رمى رافضة المشاركة من الاتحاديين، شيلا بأنه المتسبب في ركوب قادة حزبه على ظهر السفين الذي يقوده المؤتمر الوطني، وأشاروا لعدة اجتماعات تمت بين الجانبين واحتضنها منزله الرابض بالقرب من حديقة القرشي.
(7)
وعزا عضو المكتب السياسي للحزب الاتحادي يس عمر حمزة، مغادرة شيلا لديار الأشقاء نتيجة لما وصفه بضغوطات مورست على الراحل من أشخاص ألحق بهم صفة التخريب وأمسك عن تسميتهم، بينما قال رفيقه بذات المكتب طارق إلياس المحامي، إن السبب عائد لخلافات تنظيمية.
ونزع حمزة إلى الإشادة بالعلاقة الخاصة التي ربطت الأشقاء وشيلا، رغماً عن اختياره الانحياز تجاه الوطني ودلل على ذلك بالحضور الكبير لقادة الحزب في تشييعه إلى مقابر فاروق، وهو ما قال إنه يعبر عن حب واحترام كبيرين، بينما اختار إلياس المباهاة بثقافة شيلا العالية، وصيانته أسرار الاتحادي رغما عن قدرته على إلحاق الضرر بالحزب الذي شهد تكوينه حال أخرج مكنون صدره.
(8)
وبعيداً عن السياسة؛ عمل فتحي شيلا أستاذاً بالمرحلة الابتدائية وكان أبرز تلامذته القيادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم د.كمال عبيد، وهو متزوج وله من الأبناء الزميل الإعلامي عمار، وإيهاب، ومحمد، بجانب ابنة وحيدة هي د.عائشة.

صحيفة القرار
الاثنين 19/فبراير/2013


[email protected]





تعليقات 2 | إهداء 0 | زيارات 2342

خدمات المحتوى


التعليقات
#589670 [tarco]
1.00/5 (1 صوت)

02-19-2013 06:35 PM
مات شيلا ميتة الكيزان ان شاءالله يبعث كوزاااااااااااااااااا


#589534 [دولار العكد]
1.00/5 (1 صوت)

02-19-2013 02:12 PM
هذا الكلام فارغ وما يهم اى شخص وهو لزوم مايلزم


يصورها – مقداد خالد
مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة