الأخ عمر كتب لنا هذه القصة عن هذا الرجل العميق المحتوى من جبال النوبة وجعله من المحاربين القدامى وممن لهم إحساس بأمر السودان وسماه اسماً سودانيا نيّراً –سماه "جبريل صابون كوكو" وانطقه باللهجة السودانية الدارجة فأصبح اسمه "جبرين" تماما كما يقولون في الاسم "إسماعيل" إذ ينطقونه "إسماعين" ولا بأس. هنا قضايا لا أدري أيها أحب الكاتب أن يتعرض لها فالمحاربون القدامى الذين حاربوا مع الدولة الاستعمارية في السودان كانوا من كل بقاع السودان وهم في يومنا هذا قليل فقد أودى بهم الدهر وقضيتهم هي أنهم حاربوا مع الاستعمار وعندما كسب الاستعماريون الحرب( العالمية الأولى-الثانية) لم يجد الاستعماريون ما يدعوهم لمكافأة أحد منهم وتركوهم يواجهون الحياة دون إعداد لها ودون مساعدة.
لعلهم قد أنعموا على "عمنا جبرين" بالبندقية التي كان يحارب بها كما فعلوا مع ابن عمنا مختار ود الشايقي اذ تركوا له بندقية من ذوات الطلقات الخمس وهي الآن تعتبر من سقط المتاع ولولا ندرة السلاح الناري عندنا يومها لما كانت تلك البندقية شيئاً يذكر. هل قصد الاخ عمر أن يقول لنا إن عمنا جبريل قد حارب مع من ظنهم شيئا كما أنه اهمل عند دخل علينا السودان الحقيقي في أول يناير 1956؟
القضية الثانية استعمال اللهجة السودانية الدارجة . الحقيقة القصة مكتوبة بالفصحى ولكن العم جبريل ومن معه كانوا يتحدثون باللهجة الدارجة. أهذا "نقل" لكلام العم جبريل دون الدخول في عناء "ترجمته" للفصحى أو هو الرغبة في إظهار الدفء في اللغة الدارجة والبساطة فيها؟ استعمال اللغة الدارجة أمر طرحه الأستاذ لويس عوض، كاتب مصري، في بداية الستينات ولعل الكثيرين من أبناء جيلي قد قرأوا كتاب الأستاذ لويس وتفكروا في أمره ولا زالت القضية مطروحة: أالعامية أدق تعبيراأم الفصحى؟ الدارجية في السودان ليست شيئا واحدا،فهناك دارجية أهل الوسط ودارجية أهل الغرب ودارجية أهل الشرق ودارجية أهالي الشمال وهناك الدارجيات التى استخرجها اولئك الذين لا يتكلمون العربية كلغة أساسية ، مثل دارجية أهلنا من النوبة الوسط وأهلنا الذين تحدثوا ما ظل بعضنا يسميه "عربي جوبا". هذه الأنماط كلها من "دارجية" أهل السودان فكلها من كلام الناس العادي واليومي في بيوتهم وأسواقهم ومراعيهم وحقولهم. وهناك "دارجية الافندية" المطعمة بالكثير من كلمات اللغة العربية الفصيحة- مثل "ياأخي، مالك ماشى على رجليك؟" " يا أخي، ما تيجي تتغدى معانا".
أما القضية الثالثة فهي تلك التي اندست في كلام الاخ عمر واجتازت حد التدقيق دون حق والأخ عمر ليس وحده الذي تحدث عن الفريق عبود والعقيد نميري والعميد عمر حسن أحمد البشير بأنهم "رؤساء السودان." حقيقة الأمر أن أياً من هؤلاء لم يكن "رئيساً" للسودان وذلك لأن أهل السودان لم ينادوا على أي منهم ولم يقدموه للانتخاب والخيار. هؤلاء غصبة لأمر السودان وما فعلوه لا يرقى لأن يعطيهم حقا في رئاسة السودان ولا قيادة أهله. إن اعتصاب الفريق للسلطة أو اغتصاب العقيد لها أو اغتصاب العميد البشير لا يكون أساساً لحق في الرئاسة بل أن الاغتصاب هذا نفسه عمل مخالف للقانون على مستوى الخيانة الوطنية وحقه المحاكمة أمام محكمة سودانية عسكرية ذات اختصاص وأغلب الامر أن نتيجة المحاكمة ستكون الطرد من الخدمة والتجريد من الرتبة والإعدام شنقاً أو رميا بالرصاص. "وخطبتي الصغيرة" هنا هي لأولئك السودانيين الذين يضعون هؤلاء الرجال في مصاف رؤساء السودان- أقول لهم: اهتموا بأمر السودان وبأمر أهله الذين اشبعهم هؤلاء إهانة وقلة وعدم اهتمام وأن السودان ما بلغ مثل ما بلغ الآن إلا بتسلط هؤلاء عليهم على مدى السنوات الطوال. وأنا مع الذين يقولون"على الباغي تدور الدوائر" والله قاهر وغالب على أمره وهو الرحمن الرحيم.
أحمد إبراهيم علي
من القانونين السودانيين
كالفورنيا-الولايات المتحدة الأمريكية
كالعهد بك ياعمر تكتب دائماً وتشخص حال الإنسان السّوداني آنى كان واين وجدوانت تكتب القصة. لقد أظهرت براعة في السرد تمثلت في الرجوع بالقارئ إلى حيث تركته‘ بعد رحلة يكون فيها قد تفهم ما ترمي إليه بإستخدام صور وكأن القارئ يشاهدها. كما أنك أظهرت‘شان الباحث المدقق‘ معرفة بالزمان والمكان والبئة عند تصوير بطل القصة وجعلته والبئة المحيطة به وشخوص الرواية‘ في الماضي والحاضر شيئاً واحداً ولعنت الحرب المفروضة على الإنسان السّوداني وكانهامتلازمة لا فكاك منها "يعني بعد خمسين سنة من الحرب في برقة وطبرق هل نحن خلقونا عشان نحارب بس"
الناس في السودان الكبير يبحثون عن السلام وعن لقمة العيش والحريةأنى كانوا.كان من حسن حظي أن درست في جبال النوبة الساحرة ومازلت أحفظ ما جادت به قريحة أستاذنا وراق ( رحمه الله أنى كان)
أين مني معهد ضافي الجلال* عبقري المجد ريّان الظلال* ويخاطب جبال النوبة قائلاً: ياعروس الغرب يحويك الجمال* عندما تزهو المراعي والتلال* ويرف الزهر تيهاً والظلال* في خريف لا يدانيه الخيال. وزاملت عدداً كبيراً من مختلف مجموعات النوبة الإثنيةوتعرفت وفق البرامج المعد للدراسة على جميع المناطق. وبدأت حياتي العملية في جبال الإنقسنا‘ التي تشابه جبال النوبة في الجمال وخصال النّاس وسماحتهم. ويشهد الله أنني مارأيت أجمل منهما في حياتي ولم أتأسف على أيّ ساعة قضيتهاهناك ‘وإن صار في العمر فسحة فاتمنى أن أكون مثل جبرين صابون ود صندلية كنجي آكل من حديقة منزلي الخلفيّة دون أن تمرّ فوق سمائي طائرات الأنتنوف أو مليشيات الأنظمة العسكرية الغاشمة.
يا عمر - والله أنت راجل فنان ورائع و سردك ممتع (you are a perfect narrator )- ويا ريت ألاقيك لأصاحبك و أستمتع بونستك - و أنا برضو مثل عمنا جبرين صابون - فقد أشتغلت فى السفن التجارية منذ 42 عاما و جبت كل المحيطات والبحار وزرت معظم موانى العالم - وأستقريت لسنوات فى أسبانيا و منها هاجرت الى كندا لمدة 16 سنة و ثلاثة سنوات فى ديترويت متشجان بأمريكا - و لكن غلبنى الحنين و رجعت لبلدى السودان و الآن أعيش فى سعادة غامرة مع زوجة قروية فى بيت صغير مع مزرعة صغيرة على جروف النيل فى قرية صغيرة منسية قرب مروى بالشمالية - يعنى أنا عمك صابون سنجك الشايقى -هاهاها - لك تحياتى و مودتى .
فلم وثائقي قمة الروعه والامتاع
التحية ليك ولاسره عمنا جبرين صابون