المقالات
مكتبة كتاب المقالات والأعمدة
د.عبد الوهاب الأفندي
في سودان المشروع الإسلامي من يرى الشكوى إلى الله مذلةّ!
في سودان المشروع الإسلامي من يرى الشكوى إلى الله مذلةّ!
04-16-2013 07:48 AM




(1)

في مساء الثلاثاء الثاني من أبريل الجاري، أي قبل مرور يوم واحد على إعلان قرار الرئيس السوداني بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين في البلاد، وقعت مشادة داخل مباني صحيفة "الصحافة" السودانية بين رئيس تحريرها النور أحمد النور ورجل الأمن الملكف بالرقابة حول خبر أصر الرقيب على حذفه. وعندما وصل الأمر بين الرجلين إلى طريق مسدود، استسلم رئيس التحرير، ولكن بعد تلفظ بعبارة مفادها أنه يشكو خصمه إلى الله تعالى.

(2)

ولإثبات أن رجال الأمن السوداني أهل بأس وشجاعة، ولا يهمهم إلى من يشكوهم النور أو غيره، فقد حضر ممثلهم في اليوم التالي إلى مكتب الصحيفة وطلبوا إقالة رئيس التحرير فوراً. وبالفعل رضخت الصحيفة وأقالت رئيس تحريرها، رغم عدم وجود أي سند قانوني لهذا الطلب حتى في القوانين الجائرة التي سنها النظام القائم في السودان.

(3)

في نفس اليوم استدعى جهاز الأمن مدير مكتب الجزيرة في الخرطوم المسلمي البشير الكباشي، حيث احتجز لمدة ثمان ساعات استمع خلالها لانتقادات لتغطية الجزيرة للشأن السوداني. وقد تم استدعاء الكباشي مرة أخرى في اليوم التالي حيث استجوب لثمان ساعات، ثم لخمس ساعات في اليوم الذي تلا، مما يعتبر عملياً اعتقالاً جزئياً لمدة ثلاثة أيام بدون حكم محكمة. وكانت التهمة التي وجهت للكباشي أنه قلل من شأن قرار الرئيس حين قال إن سبعة أشخاص فقط أطلق سراحهم.


(4)

جدير بالذكر أن النظام السوداني كان قد أعلن من قبل إنهاء الرقابة المسبقة على الصحف، ولكن الرقابة ما تزال مستمرة. وكان الرئيس قد أعلن أيضاً قبل أكثرمن عقد من الزمان إغلاق سجن كوبر وقام بتحطيم جزء من جداره في معية طيب الذكر العقيد القذافي، إلا أن السجن ما يزال قائماً. وبنفس الطريقة صدر قرار بإنهاء فرض تأشيرة الخروج على السودانيين المغادرين، ولكن التأشيرة المسبقة ما تزال شرطاً تقتضيه شرطة المطار. إذن فلماذا يظلم الكباشي إذا أعلن أن وعداً آخر من وعود الرئيس لم ينفذ ولم تكن هناك نية لتنفيذه أصلاً كما فهم؟

(5)

كل هذا يهون أمام العمل الاستفزازي الذي قام به منسوبو الأمن ضد شخص كان كل ذنبه أن شكا بثه وحزنه إلى الله تعالى، فعوقب شر عقوبة. ولا شك إننا نحسد هؤلاء الأشاوس على شجاعتهم، فقليل من الناس من يجرؤ على تحدي مالك المشرقين والمغربين بهذه البجاحة ثم يذهب إلى سريره آمناً.


(7)

إننا بالطبع نعلم أن الله رءوف حليم، بدليل أنه لم يعذبنا بذنوبنا حتى اليوم. ويكفي أنه لم يخسف بجبل قاسيون الأرض حتى الآن، ويترك كثيراً من الظلمة سادرين في غيهم، حتى من يقل منهم أنه إله من دونه (أو يتصرف كما لو كان إلهاً، وإن لم يصرح بتلك الدعوى). ولكننا نعترف بأننا قوم "خوافون"، لا نملك الجرأة لمنازعة مالك الملك سلطانه، أو نتجرأ على من استجار بجنابه. وعليه ننصح من هم على شاكلتنا أن يتجنبواكل المناطق المحيطة بمباني أجهزة الأمن السوداني وقصور الرئاسة وغيرها من مقار الحكم التي يقطنها أولئك الشجعان الأشاوس الذي يتحدون من عز جاره وجل ثناؤه، وينكلون بمن استجار به وشكا إليه. فما نعلمه أن النور ليس الوحيد الذي يشكو إلى السماء الظلم في أرض السودان صباح مساء. والاحتياط والحذر واجب.

(8)

ما يحيرنا هو أنه إذا كان القوم بكل هذه الشجاعة، ولا يخافون الله ولا من هو دونه، فلماذا يكثرون الكذب وهو شيمة الجبناء الخوارين؟ لماذا ينادون بالحوار وهم لا يقبلون الحوار حتى مع إخوتهم من قيادات المؤتمر الوطني، الذين يطرد منهم كل من اجتهد في أمر خلافي؟ لماذا يتحدثون عن إطلاق سراح المعتقلين وهم يريدون اعتقال المزيد؟ لماذا يقولون إنهم أوقفوا الرقابة على الصحف وهي مستمرة؟ لماذا يسنون قوانين ودساتير ليست لديهم نية لاحترامها؟

(9)

وبنفس المنطق: لماذا ينشيء النظام مؤسسات لتأدية مهام بعينها، ثم يوكل نفس المهام إلى جهات أخرى؟ ويبدو أن كلاً من اتحاد الصحفيين ومجلس الصحافة والمطبوعات، وكلاهما مؤسسة مستقلة لتنظيم الصحافة في الظاهر، وواجهات حكومية في الواقع، قد اكتشفا مؤخراً أن تغول أجهزة الأمن أفرغ مهامهما من مضمونها، مما دفع بهما إلى احتجاج نادر على هذا التغول الذي لم يبدأ الأسبوع الماضي ولا يبدو أنه سينتهي. فهل ستلقى المنظمتان مصير رئيس الهيئة البرلمانية للحزب الذي أقيل من منصبه لأنه ذكر النظام بأن هناك دستور سنه النظام ونسيه؟ وهل سنسمع قريباً عن حل اتحاد الصحفيين وإلغاء المجلس؟


(10)

من مصلحة الجميع أن يكون هناك وضوح. فإذا كانت قادة النظام لا يريدون حواراً مع أحد، بل يصرون على فرض إرادتهم على الجميع بالقوة أو المخادعة، ولا يحترمون ديناً ولا قيماً ولا خلقاً، فلتكن لهم الشجاعة ليقولوا هذا بوضوح، حتى يحزم الناس أمرهم، ويروا رأيهم. ولعلهم فاعلون على كل حال.

[email protected]





تعليقات 20 | إهداء 0 | زيارات 4159

خدمات المحتوى


التعليقات
#640275 [Zoul sakiit]
2.57/5 (12 صوت)

04-17-2013 09:28 AM
انت منهم بل انت من اتيت بهم مع شيخك كلكم في الهم شرق وما وصلت اليه هو بفضل مشاركتك اولا مستشار بسفارتهم وحصولك علي وظيفة هناك بعد تركك السفارة بفضل تذكرة السفر المجانية بتاعت السفارة والنثرية والمرتب دفع ثمنها الغلابة فهم يشكون الي الله كل من أتي بهذا النظام وشارك في ارساء دعائمه وانت منهم


#640063 [الفاتح مقبول]
2.56/5 (11 صوت)

04-17-2013 06:03 AM
(كان كل ذنبه أن شكا بثه وحزنه إلى الله تعالى، فعوقب شر عقوبة)

يا دكتور..هذا الذى تلفظ وشكا امره لله
قد سمعه العنصر الامنى..
فما بالك بحوالىاكثر من (5)الف ضابط شرطة
جرى فصلهم للصالح العام ..
دون تحقيق او محاكمة
او احاطة بالاسباب
ودون ان يمنحوا فرصة
للتظلم او الاستئناف ..
وقع هذا وانتم ترفلون فى ثياب السلطة
وغيابت ثروتها..

علما بان الذى صار قد عانت منه القوات
المسلحة اضعاف مضاعفة والخدمة المدنية
بعد كل ذلك وتسألون عن ازدياد التنصير
لقد فتنتم الناس فى دينهم ودنياهم
وقدمتم النموذج السئ ولم تعرف القدوة
الصالحة الى اقوالكم وافعالكم من سبيل


#639980 [ابن السودان]
2.57/5 (14 صوت)

04-17-2013 12:44 AM
يعني جبت الرايحه من خشم البقرة ؟ شئ عجيب و الله!


#639896 [محمد احمد]
2.56/5 (8 صوت)

04-16-2013 09:09 PM
انك ميت وانهم ميتون
حتي الموت لم يكن واعظا للبشير ومساعده نافع
نسال الله ان يصلح البلاد والعباد ويهدى قادتنا


#639892 [khaid mustsfa]
2.57/5 (12 صوت)

04-16-2013 08:45 PM
لم تشارك يا دكتور الافندي باي رائ حول احتلال مصر لحلايب وادعائها بملكيتها زورا

عايزين نسمع ونقراء وجهة نظرك في ما تدعيه مصر بملكية حلايب وانبطاح سفلة الانقاذ لمصر ,,نحن في الانتظار يا دكتور


#639681 [حلايب سودانية]
2.58/5 (9 صوت)

04-16-2013 01:21 PM
(ولا شك إننا نحسد هؤلاء الأشاوس على شجاعتهم، فقليل من الناس من يجرؤ على تحدي مالك المشرقين والمغربين بهذه البجاحة ثم يذهب إلى سريره آمناً)
لا حول و لا قوة الا بالله و الله اننا نرتجف رهبة فقط من سماع مثل هذا القول.


#639678 [سلامه الصادق]
2.58/5 (10 صوت)

04-16-2013 01:16 PM
يا أستاذ عبدا لوهاب نحن نقرأ لكتاب الرأي والمقال الصحفي في صحافتنا والصحافة العربية ولم نري الترقيم أبداً في كتاباتهم ذات الموضوع الواحد كمقالك الذي بين ايدينا فموضوعك واحد فلما الترقيم . أقول يمكن دي نقله نوعيه وآخر صيحة لندنية في كتابة المقال الصحفي ونحن ما ندري ( ما نحن عالم ثالث برضو وكده كم يقول جبره) وكذلك كتاب الرأي والمقال المعتبرين في الصحافة العربية زينا يعني ما يدرون ,طيب الحمد لله , أومن باب النيولك لعبدا لوهاب . وعلي كل حال عندما قرأت المقال لماذا لا أدري قفزت لذهني مباشرة أغنية وردي (بعد إيه جاي تصالحني )وهذا بالتأكيد لسان حال أهل المعارضة معك ياعبدالوهاب , طيب ليه كده يا معارضة مع هذا القادم إلي صفك ,حرام والله وأنتو البينكم هدف مشترك وهو إسقاط النظام . أهل المعارضة يقولون حسب شعارهم المرفوع أن قيم الحرية والعدل والديموقراطية يجب أن تكون هي لباس المنادين بها في كل الأوقات ولو حصل أي تقاطع معها في أي زمان لمصالح ذاتيه فهذا يعني تفاحة فاسدة تفسد البقية من تفاح الحرية شرحه أن الذي لم يستنكف عن الإفادة من السلطة القائمة (حني بوظيفة هامشية ) في زمن كانت فيه أشد قسوة وبطشاً وتسلطاً وغرورا مما هي عليه الآن من انفتاح وحرية وشفافية لحد ما ,لا يمكن أن نجد عنده مفاتيح لمستقبلنا في الحرية والعدالة والديمقراطية كما يزعمون فتكرار الماضي جزء أصيل عند المعارضة لذلك هم يتوجسون خيفة من النازلين من سفينة الإنقاذ من أمثالك مهما أسرفوا في الكيل لها ونقدها ورميها بكل قبيح فأنت يا عبدا لوهاب حتى لو أصبحت زعيماً للعصاة والمرتدين عن منهج الجماعة فأنت ياك أنت زول الإنقاذ البخيت وحتى لو حملت السلاح مع الجبهة الثورية فغايتك عندهم نفعية فأنت ابنها وصنعتها وهي التي ألبستك حلل البريق بإعلامها الداخلي والخارجي وخلقت منك عبد الوهاب الأفندي الذي أصاب بعض شهرة وأصبح يستضاف في الفضائيات العربية والأجنبية ويأخذ برأيه رغم عدم حصافته وتلعثمه في الكلام وعدم الكاريزمية الجاذبه في شخصيته كما يقولون ,وناقل الكفر ليس بكافر. يعني باختصار يا دكتور كرتك عند أهل المعارضة محروق وعودك معها عود مره . لذلك ترفق يا أخي في نقد إخوانك وأرجع لمقالات النقد الذاتي الحنينه فلحظتك تحت الشمس كانت معهم والعشرة ما بتهون علي الأحباب .


#639645 [Mohammad Abualkhar]
2.59/5 (8 صوت)

04-16-2013 12:31 PM
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، الإسلام براء مما يفعله هؤلاء السفلة وإني لأعجب من من يتشدقون بأنهم جاءوا لنشر تعاليم الإسلام ورفع راياته وسحق الباطل وإزهاقه من أرض السودان ، وهم أكثر الناس عملا لسحق الإسلام ونشر الباطل. أفعالهم تدل عليهم إنتشار الكذب والتضليل والزنا والسرقة والرشوة والفجور وكثرت العجرفة والتعالي والكبرياء والإنفة من أزلام النظام وأشياعهم وكل من ينتسبون لهذه الجوقة فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، حسبنا الله ونعم الوكيل . سؤال لدكتور الأفندي (هل صدق قول ماركس ـ الدين أفيون الشعوب ـ في الشعب السوداني المخدر بأحاديث هؤلاء الأفاكون بأنه الأتقى والأنقى وماجاءوا إلا بأمر الله)


#639576 [سيد إبراهيم محجوب]
2.56/5 (16 صوت)

04-16-2013 11:22 AM
أخي عبد الوهاب الأفندي ، إنهم يكذبون من أول ساعة إنقلابكم حينما ذهب الترابي إلى السجن ساجناً نفسه وذهب البشير إلى القصر ....فأنت يا عبد الوهاب المنافق كنت معهم من قولة تيت حتى ديسمبر 1999م (( المفاصلة بين الشياطين)وكنت تعلم أنهم يكذبون وكنت تكذب معهم بل أكثر كذباً !!!! بل كنت مستشاراً إعلامياً في سفارتهم في لندن ....! فما الجديد أيها المتملق ..؟؟؟


#639562 [ضحايا دار الهاتف]
2.56/5 (12 صوت)

04-16-2013 11:10 AM
انت بتنفخ فى قربة مقدودة منذ 24 سنة وكنت شريك فعال فيها فاختشى يامحب الملح( مولع وبحب اى حاجة ملح) ياصهر اللورد


#639530 [صخر]
2.57/5 (11 صوت)

04-16-2013 10:48 AM
اننا لانشكوكم الا الى الله سبحانه وتعالى ان يخسف بكم الارض كما انبئنا به القرآن الكريم - اما ما لنا فى هذه الارض فسوف نأخذها بأيدينا - ثم ثانيا ايها الافندى ألم تقل من قبل انك لن نكتب مرة اخرى فى الشأن السودانى ؟ ان انها كانت فرية وكذبة؟ قبحك الله وبروفك (الخبيث) زين العابدين


#639508 [المشتهي الكمونية]
2.57/5 (11 صوت)

04-16-2013 10:31 AM
وشهد شاهد من أهلها على نفاقهم وكذبهم واجرامهم وعدم مخافتهم للخالق عز وجل


#639479 [ابوعديلة]
2.58/5 (11 صوت)

04-16-2013 10:14 AM
هذه هى ممارسات أجهزة الأمن الموروثة والمكتسبة منذ عهد نميرى , والمطورة بعد ذلك فى عهد البشير , ثم يأتى لنا من يقول بعد ذلك أن حل جهاز الأمن كان خطأا كبيرا. هل هناك خطأا أكبر وجود مثل هذه الأجهزة المتعفنة ؟


#639440 [يحيي العدل]
2.57/5 (9 صوت)

04-16-2013 09:44 AM
( فلتكن لهم الشجاعة ليقولوا هذا بوضوح، حتى يحزم الناس أمرهم)


الناس أمرهم محزوم ومهزوم .



أين الناس ؟؟؟؟



الناس نيام .
الناس في خبر كان .
قوموا قامت قيامتكم .


ردود على يحيي العدل
Saudi Arabia [وين بلد الملالين؟] 04-16-2013 11:43 AM
ما قلنا منتظرين القيامة تقوم عشان نقوم. سيبونا في حالنا نحن الشجعان ابناء الشجعان و عايشين في سيرة زمان اذا كانت سيرة زمان حقيقة. عبيد مواهيم.


د. عبدالوهاب الأفندي
د. عبدالوهاب الأفندي

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة