المقالات
السياسة
مصر تغرق في شبر مية
مصر تغرق في شبر مية
07-01-2013 08:56 AM


هل تتذكروا يوم قلت لكم انحنوا لعاصفة الربيع العربي ؟ . بالطبع فأن البعض منكم لا زال يتذكر تلك المقالة التي كتبتها بصحيفة (الراكوبة) و تحدثت عبرها عن الفخ الكبير الذي تم نصبه لاصطياد العرب من المحيط ألي الخليج ، ولست هنا لتكرار ما قلت مرة أخري ولكن بصدد تحميل بعض الدوائر المخابراتية العربية ما وصل أليه الحال بمصر أم الدنيا التي غدت بين عشية وضحاها ألي مدينة من الأشباح ورقعة من الفوضى الرجعية بصورة لا يمكن ابدا تخيلها ، فالحياة هناك باتت قطعة من نار والسياسة فرقت بين مكونات المجتمع وأحدثت التصدعات المذهبية العميقة التي ما فتئت تضع مستقبل البلاد علي كف عفريت ، فبدل ما كان الشعب يكره النظام البائد حد المطالبة بالقصاص من الرموز التي كانت تسيطر علي المفاصل السياسية بالبلاد ، صار بقدرة قادر يبدي تحسره علانية علي حقبة الرئيس حسني مبارك علي الرغم من أنها كانت حقبة مليئة حتى أخمص قدميها بأحدث فنون الفساد المقنن ، مع ذلك عاوده الحنين أليها ، وهذه ظاهرة جديرة بالتأمل ودلالة تحمل مضامين جوهرية مهمة مفادها أن الظلم والطغيان مع توفر الأمن والسلام أفضل بمليون مرة من دعاوي الديمقراطية وانفراط عقد الأمن وتحول حدود الوطن ألي غابة كبيرة القوي فيه آكل والضعيف مأكول ، فالوعي الجماهيري لا تنهض مكوناته المهولة لتنير له الطريق الا بعد ممارسة اقسي صنوف التحريض الاستفزازي علي خلفياته المخزنة لدي باطن الاعتقاد ، والمصريون بلغوا حد الكمال في ذلك ، واكتشفوا علي علم من عندهم أن دول العالم الثالث لا تربطها أي وشائج حضارية بمفاهيم الحريات ، فالديمقراطية تقترن اقتران تصاهري حاد مع الطبيعة الثقافية لمكونات أي مجتمع وهي تلزمها شروط فكرية أساسية لكي تسود ، خلاف ما يرسخ لدي اعتقاد البعض علي انها مجرد مصطلح سياسي يكفيه أجراء شكلي لانتخاب مزور فتصبح لائقة بحدود السيادة ، أنها عملية فنية شائقة تحتاج ألي مجتمعات تتفوق في كل شي ، وتلك المجتمعات المعنية ما أدركت قيمة الديمقراطية الفعلية الا بعد أن بلغتها دون مساعدة من أطراف خارجية ، فالمصريون لو لم يتم التغرير بهم وسيقوا في ( دوقة ) كما يقولون ألي جهنم التغير لكانوا اليوم علي بعد خطوة من ثقافة التغير المسئول ، فهامش الحريات الذي كان متاح في عهد الرئيس حسني مبارك ليس بالهامش الضيق بل كان من الاتساع بحيث استفادت منه التنظيمات الحصيفة ايما استفادة مكنتها من المنافسة في الانتخابات التي أعقبت الثورة ضد النظام ، فاستعجال النخب السياسية المصرية هو الذي ورط الربيع العربي في وحل التاريخ ، فالكل لهث مثل الكلب ليخطب ود الذي يقدر علي المساعدة حتى يبلغه سدة الحكم ، والكل تعري كالمومس علي قارعة الشوارع والمدن العالمية يستجدي أن يعتليه من يدفع أكثر ليتذوق معه متعة السلطة ، لهذا القاهرة الان تنافس روما ونيقوسيا علي صدارة أوكار الجاسوسية ، فرجال المخابرات وخاصة العربية يضعون الخطط للمتظاهرين ويرسمون بخبث شديد علي الوقيعة بين أهل البلد الواحد ، فهناك المجتمع تم تميزه بين مسلم ومسيحي وشيعي وسني ، فالمسلمون بالباطن يكرهون المسيحيون ، والمسيحيون يجدون السند والعضد من الموساد والسي أي أي ، والاخيرة تؤكد للمسيحيين بأن المسلمين يكيدوا سرا بهم ، فيثورا علنا ويشكلوا جسرا للتواصل بالغ السرية يغذي الشيعة بالمعلومات المخابراتية المفبركة التي توقع جحيم الفتنه بينهم والسنة ، فيغضب السنة ويسافر البعض منهم ألي قطر فيعود محمل بالدولارات ليشتري ذمة ألارهاب لتعمل آلياته التدميرية قتلا وتشريدا ضد الشيعة ، فيكتشف الشيعة أن السنة مذهب يحل الدماء المعصومة دون وجه حق ، فيطلبوا الغوث من ايران فتمدهم ايران بألف من المقاتلين المسومين فينزلوا علي شوارع القاهرة ليتظاهروا مثلهم مثل المصريين أمام بوابة قصر الاتحادية ، فيتنبه لهم المسيحيون ويهرول الاقباط ناحية السفارة الأمريكية فيغضب الأمريكان ويرسلوا المصورين ليوثقوا لحقيقة الحكاية ، وأول ما تحط أرجل المصورين ساحة التظاهرات تلتقطهم أعين مخابرات الشيعة فتنطلق الذخيرة من وسط المجاميع الثائرة فيسقط المصورين الذين هم في الأساس عملاء للمخابرات الأمريكية ، ويحتمي وطيس المعارك كرا وفرا ، ويتبارز الخصوم بقوة تنافسية محمومة ، وفي الوقت الذي تتعطل فيه الحركة بالعاصمة القاهرة وتنتشر الحرب علي الشوارع والأزقة الضيقة وفي مداخل الحواري ، ترقد الدوحة غريرة العينين كفتاة غجرية مستلقية علي حضن التاريخ ، وتنام طهران مطمئنة كأنها منتجع سياحي يوفر لمرتاديه الدعة والراحة ، وتري تل أبيب تعطي قواتها المقاتلة أجازة عسكرية مفتوحة طالما حزب الله مشغول بالمنافحة عن تثبيت النظام السوري ، والمصريون شغلهم الله بأنفسهم ...


[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 1001

خدمات المحتوى


راقية عباس السر
مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة