منهج التفسير الاهتدائى
11-30-2013 12:48 AM

منهج التفسير الاهتدائى

تعريف التفسير: التفسير لغة صيغة تفعيل من الفعل (فسر) وهو البيان، يقال فسرت الشيء إذا بينته.أما التفسير اصطلاحا فهو: العلم أو المعرفة بدلالات(معاني) ألفاظ القران الكريم . هذا المعنى الاصطلاحي للتفسير نجده في تعريفات العلماء لعلم التفسير، يقول الإمام الزركشي في كتابه البرهان:
علم يبحث فيه عن أحوال القرآن المجيد من حيث دلالتُه على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية. ويقول صديق بن حسين القنوّجي في كتابه أبجد العلوم: هو علم باحث عن معنى نظم القرآن بحسب الطاقة البشرية وبحسب ما تقتضيه اللغة العربية.أما علم أصول التفسير – والذي يتضمن منهج التفسير- فهو مجموعة من القواعد التي تحدد مناهج ( طرق) معرفه دلالات(معاني) ألفاظ القران الكريم.
الاهتداء كغاية للتفسير: وينطلق منهج التفسير الاهتدائى من أن غاية النص القرانى هداية الناس إلي ما فيه صالحهم في كل زمان ومكان، وبالتالي فان غاية التفسير الاهتداء إلي ما فيه صالح الناس في زمان ومكان معينين ، فهو منهج تفسير ينطلق من مفهوم الهدايه القرانى، واستنادا إلي الأبعاد الحكمية والمنهجية والمعرفية لمفهوم الاستخلاف. فطبقا لحكمه الاستخلاف ومفاهيمها الثلاث (التوحيد، الاستخلاف، التسخير) ينطلق منهج التفسير الاهتدائى من أن الهداية صفة ربوبية أي أن مضمونها دال علي الفعل المطلق الذي ينفرد به الله تعالي (كلا ان معي ربي سيهدين ) (الشعراء :162) ، وعالم الشهادة قائم علي ظهور صفة الهداية (شأن سائر الصفات الالهيه).
ولهذا الظهور شكلان: الشكل الأول: تكويني (الهداية التكوينية): ويتمثل في الفطرة من حيث هي إمكانية التزام السنن الإلهية التي تحكم الوجود ، والتي يجب علي الإنسان الخضوع لها ليهتدي إلي ما فيه صلاحه (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في الظلمات والبر والبحر )(الإنعام : 97) ،(والقي في الأرض رواسي ان تميد بكم وانهارا وسبلا لعلكم تهتدون) (النحل : 15).
والشكل الثاني: تكليفي الهداية التكلفية):ويتمثل في الوحي من حيث تضمنه للشرائع المتضمنة للأصول اللازمة لهداية الناس في كل زمان ومكان(يريد الله ليبين لكم سنن الذين من قبلكم)(النساء: 26 ).(وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون)( البقرة: 53).والاستخلاف هو إظهار الإنسان لربوبية الله تعالى وإلوهيته في الأرض على المستوى الصفاتى ، وبالتالي فإن مضمونه هنا إظهار الإنسان لصفة الهداية كصفه من صفات الربوبيه في الأرض ، وهو ما عبر عنه القرآن بالاهتداء(من اهتدى فإنما يهدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل لنفسه)( يونس: 108).هذا الإظهار يتم من خلال:أولا: توحيد الربوبية: بإفراد الهداية لله تعالى(إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) (القصص: 56)،ثانيا: العبودية (التكوينية والتكليفية):وذلك باتخاذ مقتضى الهداية التكويني (الهداية التكوينية)، والتكليفي (الهداية التكلفية) ضوابط موضوعية مطلقة(من يهد الله فهو المهتدي)( الأعراف: 178).
أما طبقا للاستخلاف كمنهج للمعرفة فان منهج التفسير الاهتدائى يهدف إلى اهتداء الإنسان إلي القواعد الموضوعية (من وضع الله تعالى لا عقل الإنسان) ، المطلقة (لا تخضع للتطور أو التغيير في المكان او المكان) ، التي تحدد كدحه إلى الله تعالى (تطوره المادي والروحي) ولا تلغيه فتكمله وتغنيه فتكون بمثابة ضمان موضوعي لاستمرار فاعليته، وذلك من خلال الاهتداء إلي القواعد التي تحدد نمط الفكر الذي يصوغ حلولها، والقواعد التي تحدد أسلوب العمل اللازم حلها. وعلى هذا الوجه يتم الربط بين التفسير والواقع الاجتماعي والمشاكل التي يطرحها،وهو ما قرره السلف والعلماء، يقول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه (ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق ولكن أخبركم عنه إلا أن فيه علم ما يأتي، والحديث عن ما مضي، ودواء دائكم ،ونظم ما بينكم)( علي بن أبي طالب، نهج البلاغة، خطبة 157).
أما طبقا للاستخلاف كنظرية للمعرفة فان منهج التفسير الاهتدائى يستند معرفيا إلى أن العلم كصفة إلوهية تظهر في عالم الشهادة من خلال شكلين:
تكويني:يتمثل في عالم الشهادة والسنن الإلهية التي تضبط حركته ،كمصدر للمعرفة والحواس والعقل كوسائل لمعرفته، وتكليفي يتمثل في عالم الغيب كمصدر للمعرفة والوحي كوسيلة لمعرفته. ومضمون الاستخلاف هنا إظهار العلم الإلهي في الأرض، وذلك بإفراد العلم المطلق لله ، واتخاذ صفة العلم الإلهية مثل أعلى مطلق يسعى لتحقيقه في واقعه المحدود، دون أن تتوافر له امكانيه التحقيق النهائي له ، وهو ما يتم باتخاذ مقتضى هذه الصفة كضوابط موضوعية مطلقة تحدد المعرفة الإنسانية ولا تلغيها. ويترتب على هذا أن هناك نوعان من الموضوعية: موضوعية تكوينية: تتمثل في أن للكون وجود مستقل عن العقل الإنساني وغير متوقف عليه .وموضوعية تكليفية: تتمثل في الوحي ذو الوجود المستقل عن عقل الإنسان وغير متوقف عليه (لأنه وضع إلهي لا من وضع العقل الإنساني) وهي موضوعية مطلقة. والتفسير يمثل الذاتية ، والنص القرآني يمثل (الموضوعية التكليفية)، بينما الكون يمثل (الموضوعية التكوينية)، وبالتالي فإن الموضوعية التكليفية (النص) تمثل (المطلق)، والموضوعية التكوينية (الكون) والذاتية (التفسير) يمثلان المحدود، ولما كان المطلق يحدد المحدود ولا يلغيه ، فإن النص القرآني يحدد جدل المعرفة القائم على الانتقال من الموضوعي(فيحدد طرق معرفه المشكلة العينية)، إلي الذاتي ( فيحدد طرق العلم بالحل المجرد لها )، إلي الموضوعي (الواقع) مرة أخرى من أجل تغييرها بالعمل (فيحدد الأسلوب اللازم لحلها)، ولا يلغيه فيكون بمثابة ضمان لاستمرار فاعليته.
المحكم والمتشابه(الأصل والفرع):يترتب على ما سبق أن غاية النص القرآني هداية الناس إلي ما فيه صالحهم في كل زمان بحكم أن الإسلام الرسالة الخاتمة (وما كان محمداً أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين)، وكل مكان بحكم أن الإسلام رسالة لكل الناس (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).والنص القرانى يجمع بين كونه مطلق (وضعا وغاية)عن قيود الزمان والمكان غير خاضع للتطور أو التغير فيهما، ومراعاته التطور خلال الزمان و التغير في المكان ،وذلك بانقسامه إلى قسمين: القسم الأول هو ما أسماه المفسرين آيات الأصول أو الآيات المحكمات أو أم الكتاب ، والقسم الثاني هو ما أطلقوا عليه اسم آيات الفروع أو الآيات المتشابهات قال تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات)، يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى" هُنَّ أُمّ الْكِتَاب ":
أَيْ أَصْله الَّذِي يُرْجَع إِلَيْهِ عِنْد الِاشْتِبَاه )، والقسم الأول يمثل المطلق والقسم الثاني يمثل المحدود ، وهذا التقسيم ينصب على الدلالة لا الوضع لان كلاهما وضع الهي وبالتالي مطلق.حيث يمكن تقسيم النص القرانى :أولا:من حيث وحده الدلالة أو تعددها (إمكان التاؤيل أو عدمه): ينقسم النص القرآني هنا إلي آيات ذات دلاله واحده لا تحتمل التأويل.وآيات ذات دلالات متعددة،وبالتالي تحتمل التأويل،وفي تأويلها اختلف المسلمون ومازالوا يختلفون دون إثم. فالآيات الأولى هي الآيات المحكمة والثانية هي الآيات المتشابهة، ينقل السيوطى ( وقال الماوردى: المحكم ما لا يحتمل إلا وجها واحدا، والمتشابه بخلافه) (الإتقان في علوم القرآن،4-9).
ثانياً: من حيث الغايات والوسائل: ينقسم النص القرآني هنا إلي آيات ذات دلاله قائمه بذاتها وآيات ذات دلاله قائمه بغيرها ينقل السيوطي(وقيل: المحكم ما استقل بنفسه، والمتشابه: ما لا يستقل بنفسه إلا برده إلى غيره) (الإمام السيوطى،المرجع السابق، نفس المكان ).فالآيات الأولى يمكن اعتبارها غايات تتحقق من خلالها هداية الناس في كل زمان ومكان،أما الآيات الثانية فيمكن اعتبارها وسائل للغايات السابقة ، ولما كانت الغايات تحدد أسلوب العمل اللازم لتحقيقها (الوسائل)، فإن النوع الأول من الآيات يحدد النوع الثاني ، بحيث لا يمكن تفسير الأخيرة إلا استناداً إلي الأولى.
تفسير آيات الأحكام: الأحكام هي قواعد السلوك العامة (تخاطب الكافة ) المجردة (لا تنصب على واقعة معينة زماناً أو مكاناً أو أشخاصاً ) الملزمة ( آمره أو ناهية) . وغاية النص القرآني هنا (متمثلاً في آيات الأحكام) أن يهدي الناس إلي أفضل القواعد التي يحتاجون إليها لتحقيق مصالحهم في كل زمان ومكان قال تعالى(ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)(البقرة: 1) ولتحقيق هذه الغاية ينقسم النص القرآني إلي قسمين:
الأصول: وتتمثل فيما جاء في القرآن من أحكام (قواعد سلوك) ملزمة (القواعد- الأصول) والتي تهدي الناس إلي أفضل (القواعد – الفروع) التي يحتاجون إلي وضعها في زمان ومكان معينين ولو لم ترد فيه نصاً. وهي تمثل المطلق غير أنه يجب التمييز بين شكلين لها:
من حيث وحده الدلالة أو تعددها: آيات ذات الدلالة الواحدة التي لا تتحمل التأويل، وتتمثل في الآيات المحكمة على هذا الوجه كمصدر للقواعد الأصول.
من حيث الغايات والوسائل: أي الآيات ذات الدلالة (المعنى) القائمة بذاتها بحيث يمكن اعتبارها إحدى الغايات التي يتحقق من خلالها غاية النص القرآني، أي هداية الناس إلي مصالحهم في كل زمان ومكان ، وتتمثل في ما يسمى بقواعد النظام العام أو الحدود وهي القواعد (الأحكام) الآمرة كقوله تعالى (تلك حدود الله فلا تعتدوها)( البقرة: 229) أو الناهية كقوله تعالى(تلك حدود الله فلا تقربوها) ( البقرة: 187) والتي تهدف إلي تحقيق مصلحة الجماعة في كل زمان ومكان. وقد أسميت حدوداً لأنها تحدد الفعل الإنسان وإن كان الفقهاء قد أطلقوا بلفظ الحدود على العقوبات في مرحلة تالية يقول ابن تيمية (الحدود في لفظ الكتاب والسنة يراد بها الفصل بين الحلال والحرام و الأمر والنهي أما تسمية العقوبة المقدرة حداً فهو عرف حادث)( ابن تيمية مجموع الفتاوى، ط1¬، الرياض ج28) ويدل على المعنى الحقيقي للحد قوله صلى الله عليه وسلم (من أصاب حداً فعجلت له عقوبته في الدنيا فالله أعدل من أن يثني على عبده العقوبة في الآخرة)( مشكاة المصابيح ج2 ص209). ينقل ابن كثبر في تفسيره:وَقَدْ اِخْتَلَفُوا فِي الْمُحْكَم وَالْمُتَشَابِه فَرُوِيَ عَنْ السَّلَف عِبَارَات كَثِيرَة فَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : الْمُحْكَمَات نَاسِخَةٌ وَحَلَاله وَحَرَامه وَأَحْكَامه مَا يُؤْمَر بِهِ وَيُعْمَل بِهِ … وَقَالَ يَحْيَى بْن يَعْمَر :
الْفَرَائِض وَالْأَمْر وَالنَّهْي وَالْحَلَال وَالْحَرَام(تفسير ابن كثير،الايه7:العمران).
الفروع:
من حيث وحده الدلالة أو تعددها: أي الآيات ذات الدلالات المتعددة ،والتي بالتالي تحتمل التأويل وفي تأويلها اختلف المسلمين ويختلفون دون إثم ، ومن أخطأ فهو مثوب مرة ومن أصاب فهو مثوب مرتين، وقد يرجع الخلاف إلي دلالة اللفظ على معنيين ، وقد يرجع إلي المفاصلة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي إلي آخر الأسباب المعروفة في فقه القرآن. وتتمثل في الآيات المتشابهة كمصدر للقواعد الفروع.
من حيث الغايات والوسائل: أي الآيات ذات الدلالة غير القائمة بذاتها، بل قائمة بدلالة الآيات (الأصول)، فهي بمثابة وسائل لتحقيق الغايات التي تتضمنها آيات الأصول.
تفسير آيات الصفات: غاية النص القرآني من آيات الصفات هداية الناس إلي وجوده تعالى واتصافه بالربوبية والالوهيه، ولتحقيق هذه الغاية انقسم النص القرآني إلي قسمين:
الأصول: أي الآيات ذات الدلالة القائمة بذاتها،والتي تعتبر غايات تتحقق من خلالها غاية النص القرآني، وتتمثل في الآيات التي تقرر أن وجود الله تعالى الوجود منزه عن قيود الزمان (بالتالي لا تحده الحركة خلال الزمان) كقوله تعالى (هو الأول والآخر) يقول ابن الجوزي: (يستحيل على الله عز وجل الحركة والتنقل والتغير لأن ذلك من صفات الحدث)( دفع شبهة التشبيه، ص8.) ومنزه عن قيود المكان (وبالتالي لا يحده وجود في المكان) كما في قوله تعالى (أينما تولوا فثم وجه الله) ، وقوله تعالى( وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير) يقول ابن الجوزي: (تعالى الله عن المحل والحيز لاستغناءه عنهما)، ومنزهه عن امكانيه أن يتصوره أو يتخيله الإنسان كقوله تعالى "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) (الأنعام: 13). يقول ابن
الجوزي: (وما ليس كمثله شئ لا يتصوره خيال والخيال والتصور إنما هما من نتائج المحسوسات والمخلوقات تعالى عن ذلك)( دفع شبهة التشبيه، ص8).
الفروع : أما الآيات ذات الدلالة القائمة بدلالة الآيات السابقة ، فهي بمثابة وسائل للغاية التي تضمنتها الآيات السابقة (آيات الأصول)، وتتمثل في الآيات التي يفيد ظاهرها التشابه بين الله والإنسان مثل (يد الله فوق أيديهم) ، (يوم يكشف عن ساق)، (الرحمن على العرش استوي). يقول السيوطي( من المتشابه آيات الصفات ولابن اللبان فيها تصنيف مفرد؛ نحو: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ استوي [طه:5]، كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)[القصص:88]، ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ )[الفتح:10]ونحوها)( معترك الأقران في إعجاز القرآن 1/111. )، وينقل ابن كثير في تفسيره) اِحْتَجَّ النَّصَارَى بِأَنَّ الْقُرْآن قَدْ نَطَقَ بِأَنَّ عِيسَى رُوح اللَّه وَكَلِمَته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وَرُوح مِنْهُ وَتَرَكُوا الِاحْتِجَاج بِقَوْلِهِ " إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْد أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ " وَبِقَوْلِهِ " إِنَّ مَثَل عِيسَى عِنْد اللَّه كَمَثَلِ آدَم خَلَقَهُ مِنْ تُرَاب ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُون "
وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْآيَات الْمُحْكَمَة الْمُصَرِّحَة بِأَنَّهُ خَلْق مِنْ مَخْلُوقَات اللَّه وَعَبْد وَرَسُول مِنْ رُسُل).إذ لما كان الله تعالى ذو وجود منزه عن قيود الزمان والمكان استحال على الإنسان تصوره، وفي ذات الوقت فإن الإنسان لا يمكنه تقرير وجود موجود ما لم يتصوره، لذا كان تنزل القرآن إلي مستوى عقل الإنسان بإيراد هذه الآيات للانتقال به من تصور وجوده تعالى (وسيلة) إلي الإقرار بوجوده تعالى (غاية) يقول ابن الجوزي : (وقد حدثنا بما نعقل وضرب لنا الأمثال بما نعلم وقد ثبت عندنا بالأصل لا يجوز عليه ما يعرفه الحس علمنا المقصود بذلك)( ابن الجوزي ، صيد الخاطر، ج1 ، ص15). ومذهب اغلب أهل السنة بفرقهم المختلفة أن هذه الألفاظ تفهم على معانيها المجازية المشهورة التي يعرفها العربي من غير تأويل ، وهو مذهب وابن الجوزى و ابن الحزم والماتريدى والغزالي وغيرهم .يقول ابن الجوزى (ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر من سمات الحديث ولم يقنعوا ان يقولوا صفة فعل حتى قالوا صفة ذات ثم لما اثبتوا أنها صفات قالوا لا نحملها على ما توجبه اللغة مثل اليد على النعمة او القدرة ولا المجئ على معنى البر واللطف ولا الساق على الشدة ونحو ذلك بل قالوا نحملها على ظواهرها المتعارفه والظاهر هو المعهود من لغوت الآدميين ،الشئ إنما يحمل على حقيقته إذا أمكن فان صرف صارف حمل على المجاز)( دفع شبه التشبيه، ص8) ويقول ( ولا يحتاج إلى تأويل من قال الإصبع الأثر الحسن فان القلوب بين اثرين من آثار الربوبية هما الإقامة والإزاغة، ولا إلى تأويل من قال يداه نعمتاه )( صيد الخاطر، ج1، ص 51)،ويقول ابن الحزم( إن الألفاظ الموهومة للتشبيه أمثال قوله " يد الله فوق أيديهم " " ويبقى وجهك ربك ذو الجلال والإكرام " " فانك بأعيننا" ليس هناك داعي لتأويلها على غير ظاهرها ، فهي مجاز ظاهر يفهمه العربي دون حاجة إلى أدنى تأويل، فوجه الله مثلا ليس غير الله بدليل قوله عز وجل " إنما نطعمكم لوجه الله "حاكيا عمن رضي عنهم من الصالحين وهم لا يقصدون بذلك غير الله ،وقوله أيضا " أينما تولوا فثم وجه الله" ومعناه فثم الله بعمله وقبوله لمن أراد التوبة)( الفصل، ج2، ص4) ، ويقول الغزالي ( التقديس معناه إذا سمع اليد والإصبع ... وقوله (ص) قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن.. فينبغي ان يفهم ان هذه الألفاظ تطلق على معنيين احدهما الوضع الاصلى وهو العضو المركب من لحم وعظم وعصب . وقد يستعار هذا اللفظ لمعنى أخر ليس هو هذا بجسم أصلا فعلى العامل ان يتحقق قطعا ويقينا ان الرسول لم يرد بذلك جسما هو عضو مركب من لحم..)( الغزالي ، إلجام العوام عن علم الكلام ) تفسير آيات القصص التاريخية:غاية النص القرآني في آيات القصص التاريخية هداية الناس إلي الحق والعبرة عند النظر إلي التاريخ ولتحقيق هذه الغاية انقسم النص القرآني إلي قسمين:
الأصول: أي الآيات ذات الدلالة القائمة بذاتها، والتي يمكن اعتبارها غايات يتحقق من خلالها غاية النص القرآني ،وتتمثل هنا في غايتي (أو مفهومي) الحق والعبرة باعتبارهما مفهومين لازمين لهداية الناس في كل مكان وزمان في مجال النظر التاريخي.الحق: تهدف آيات القصص التاريخية إلي دعوة الناس إلي ما هو حق أو تحري الحقيقة التاريخية دون افتراء وهو ما يبحثه علم التاريخ مثل قوله تعالى: (وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين)(
هود: 120) العبرة: كما تهدف هذه الآيات إلي الموعظة والعبرة أو المغزى والمعنى وهو ما تبحثه فلسفة التاريخ مثل قوله(لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب)( يوسف: 111).
الفروع: أي الآيات ذات الدلالة غير القائمة بذاتها، بل القائمة بدلالة الآيات السابقة وتتمثل هنا في مضمون هذه القصص. فهي بمثابة وسائل لتحقيق الغايات السابقة، وآية هذا أن الوقائع التاريخية تتميز بالفردية: أي تتحدث عن فرد مشخص لا يتكرر. والمكان والزمان: أي أن زمان ومكان الواقعة معين، بينما قصص القرآن لم تتقيد بالزمان أو المكان المعين وبعضها يلغي مقولة الفردية فلم يذكر أسماء أصحاب الكهف أو من جاء من أقصى المدينة رجل أو من قال (ان يك كاذباً فعليه كذبه).. ينقل ابن كثير في تفسيره(وَقِيلَ فِي الْمُتَشَابِهَات : الْمَنْسُوخَة وَالْمُقَدَّم وَالْمُؤَخَّر وَالْأَمْثَال فِيهِ وَالْأَقْسَام وَمَا يُؤْمَن بِهِ وَلَا يُعْمَل بِهِ رَوَاهُ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس ).
تفسير الآيات العلمية والكونية:غاية النص القرآني في الآيات العلمية والكونية كالتي تصف جريان الشمس ومنازل القمر وتسيير السحاب وتصريف الرياح وإرسال الرعد والبرق وإنبات الزرع... الخ. هداية الناس إلي العلم ، وان يستخدموا العلم في تسخير الطبيعة باعتبار ذلك جزء من المفهوم العام للعبادة (في مجال العلم) ،والاستدلال بالوجود المحدود لعالم الشهادة على الوجود المطلق (الذي ينفرد به الله تعالى) ، واتصافه بالفاعلية فينفرد بكونه الفاعل المطلق (مضمون الربوبية). والغائية فينفرد بكونه غاية مطلقة (مضمون الألوهية) "في مجال العقيدة". ولتحقيق هاتان الغايتان انقسم النص القرآني إلي قسمين:
الأصول:هي الآيات ذات الدلالة القائمة بذاتها والتي يمكن اعتبارها غايات يتحقق من خلالها غاية النص القرآني هداية الناس إلي مصالحهم في كل زمان ومكان وتتمثل هنا في غايتين:
الأولى: هداية الناس إلي الله واتصافه بالربوبية والإلوهية،وذلك من خلال الاستدلال القرآني القائم على الانتقال من عالم الشهادة (مقدمة) إلي عالم الغيب (نتيجة).
الثانية: هداية الناس إلي أسس المنهج العلمي كتقرير أن الكون ومفرداته ذو وجود موضوعي مستقل عن معرفتهم وقابل للمعرفة بالحواس والعقل والدعوة إلي معرفته ﴿ وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم﴾ (الذاريات: 20- 21).
﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم﴾( فصلت: )53. (قاعدة الموضوعية) وتقرير أن حركة هذا الكون منضبطة بسنن لا تتبدل ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين﴾( آل عمران: 137). ﴿ فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً ﴾ (فاطر:3 ). قاعدة السببية﴾ ..الخ.
وتتضمن هذه الأصول الآيات الكونية القطعية الدلالة(التي لا تحتمل التأويل) المتضمنة لتفسير بعض الظواهر الطبيعية ، وهي بمثابة أدله لإثبات إعجاز القران ، وفى نفس الوقت أمثلة مضروبة للناس من أجل حثهم على البحث العلمي في السنن الإلهية التي تضبط الواقع الطبيعي والإنساني لا الاكتفاء بما في القرآن.
الفروع: وهى الآيات ذات الدلالة غير القائمة بذاتها ، بل القائمة بدلالة الآيات السابقة ، فهي بمثابة وسائل لتحقيق الغايات التي تضمنتها آيات الأصول، وتتمثل في الآيات التي تتحدث عن وصف مشاهد الكون المختلفة.وتتضمن هذه الفروع الآيات الكونية الظنية الدلالة(التي تحتمل التأويل) .
مذاهب تفسير الآيات الكونية:
المذهب الأول: رد الأصل إلى الفرع والإعجاز العلمي في القران: يعتبر الآيات العلمية و الكونية بمثابة غايات للنص القرآني لا وسائل له ،وذلك من خلال شروعه في استخراج النظريات العلمية من هذه الآيات لا من الكون نفسه، دون تمييز بين آيات الأصول والمتضمنة للآيات الكونية القطعية الدلالة، وآيات الفروع والمتضمنة للآيات الكونية الظنية الدلالة . والنص القرآني مطلق عن قيود الزمان والمكان غير خاضع للتطور خلال الزمان والتغير في المكان فهو بمثابة الأصل،أما التفسير فهو اجتهاد انسانى محدود بالزمان والمكان خاضع للتطور والتغير فيها فهو بالتالي يمثل الفرع .غير أن هذا المذهب يجعل العلم الأصل (المطلق) والقرآن الفرع (المحدود) وذلك بتأويل النص القرآني ليتفق مع نظرية علمية معينة. فضلاً عن أن النظريات العلمية (كشكل من أشكال المعرفة الإنسانية) محدودة نسبية لذا تحتمل الصواب والخطأ وبالتالي فإن اعتبارها من القرآن يؤدي إلي نسبة هذا الخطأ إليه وهو الخطأ الذي وقع فيه بعض المفسرين المتقدمين كالرازي في تفسير الآية (كصيب من السماء) :إن من الناس من قال أن المطر يحصل من ارتفاع أبخرة الأرض إلي الهواء فتنعقد هناك من شدة برد الهواء ثم تنزل مرة أخرى فذلك هو المطر فأبطل الله ذلك المذهب حين بين أن الصيب ينزل من السماء.وقد وجه الشاطبى النقد لبعض أنصار هذا المذهب في عصره(جاءت الشريعة على معهود العرب وما تعرفه من علوم ولم تخرج مما ألفوه وان كثيرا من الناس تجاوزوا في الدعوى على القران الحد فأضافوا إليه كل علم يذكره المتقدمين والمتأخرين... وكان السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن يليهم كانوا اعرف بالقران وعلومه وما أودع فيه ولم يبلغنا أن تكلم منهم احد من شيء من هذا المدعى سوى ما تقدم من أحكام التكاليف وأحكام الاخره... وقال المراد بقوله تعالى ﴿ ما فرطنا في الكتاب من شيء﴾ باللوح المحفوظ)( نقلا عن يوسف القرضاوى، نظرات في التفسير العلمي للقران، مجله مركز بحوث السنة، قطر، 1997، ص13).كما وجه الإمام الغزالي النقد إلي بعض الذين حاولوا الانتصار إلي أو نقض بعض النظريات العلمية من منطقي ديني لا من منطلق التجربة والاختبار العلميين (القسم. الثاني ما لا يصدم مذهبهم فيه أصلاً من أصول الدين ليس من الضرورة تصديق الأنبياء هو الرسل منازعتهم كقولهم أن كسوف القمر عبارة عن انمحاء ضوءه بتوسط الأرض بينه وبين الشمس ومن ظن أن المناظرة في إبطال هذا من الدين فقد جنى على الدين وضعف أمره فإن هذا أمر تقوم على براهين هندسية وحسابية لا تبقى معها ريبة في من يطلعه عليها.. ومن ظن وإذا قيل له أن هذا على خلاف الشرع لم يسترب في الشرع وضرر الشرع بمن تنصره بغير طريقة أكثر ممن يطعن عيه بطريقه)( الغزالي، تهافت الفلاسفة ،طبع بيروت، بدون تاريخ،ص111) المذهب الثاني: رد الفرع إلى الأصل والإعجاز القرانى في العلم: أن الفهم الصحيح للآيات العلمية والكونية ينتهي بنا إلي التمييز بين آيات الأصول التي تتضمن أسس المنهج العلمي والدعوة إلى استعماله والآيات الكونية القطعية الدلالة التي هي بمثابة أمثله مضروبة للناس لاستعمال هذا المنهج العلمي للكشف عن السنن الالهيه في الطبيعة والإنسان.وآيات الفروع التي تتضمن الآيات الكونية ظنية الدلالة(تحتمل التأويل) والتي يمكن تفسيرها بما ينتهي إليه البحث العلمي من نظريات أثبت صحتها بالتجربة والاختبار مع تقرير أن هذا التفسير اجتهاد انسانى محدود يحتمل الصواب والخطأ ،وطبقا لهذا تصبح هذه النظريات العلمية هي جزء من هذا التفسير لا جزء من النص القرانى.
تفسير الآيات المتصلة بالسياسة والدولة :إن غاية النص القرانى من آيات المتصلة بالسياسة والدولة هداية الناس إلى المفاهيم والقيم السياسية الكلية، اللازمة لتحقيق صلاح الناس في المجال السياسى، في كل زمان ومكان،ولتحقيق هذه الغاية انقسم النص القرانى إلى قسمين :
الأصول:هي الآيات ذات الدلالة القائمة بذاتها، والتي يمكن اعتبارها غايات يتحقق من خلالها غاية النص القرآني هداية الناس إلي ما فيه صلاحهم في المجال السياسى فى كل زمان ومكان ، وتتضمن المفاهيم والقيم السياسية الكلية، التي تشكل أسس الفلسفة السياسية الاسلاميه.
الفروع: وهى الآيات ذات الدلالة غير القائمة بذاتها،بل القائمة بدلالة الآيات السابقة ، فهي بمثابة وسائل لتحقيق الغايات التي تضمنتها آيات الأصول، وتتمثل في الآيات التي تتحدث عن وسائل تحقيق المفاهيم والقيم السياسية الكلية السابقة الذكر.
مذاهب تفسير الآيات المتصلة بالسياسة:
المذهب الأول :رد الاصل إلى الفرع (التفسير السياسى للدين): وهو مذهب يقوم على رد الأصل إلى الفرع ، اى يجعل السياسة الأصل (المطلق) والقرآن الفرع (المحدود)، وذلك بتأويل النص القرآني ليتفق مع مقولات سياسيه مذهبيه معينة.
المذهب الثاني: رد الفرع إلى الاصل: (التفسير الديني – الشرعي للسياسة):
وهو مذهب يقوم على رد الفرع(السياسه) إلى الأصل(الدين) ، ويميز بين آيات الأصول التي تتضمن الآيات قطعيه الدلالة التي لا تحتمل التأويل،والتي تتضمن المفاهيم والقيم الكلية التي تشكل أسس الفلسفة السياسية الاسلاميه، وآيات الفروع التي تتضمن الآيات ظنية الدلالة، التي تحتمل التأويل،والتي يمكن تفسيرها طبقا لمقولات سياسيه معينه، مع تقرير أن هذا التفسير اجتهاد يحتمل الصواب والخطأ ، وطبقا لهذا المذهب تصبح هذه المقولات السياسية جزء من هذا التفسير، لا جزء من النص القرانى ذاته.
الموقف من مناهج التفسير: كما سبق ذكره فان التفسير اصطلاحا هو العلم أو المعرفة بدلالات(معاني) ألفاظ القران الكريم، و علم أصول التفسير- المتضمن لمنهج التفسير - هو مجموعة من القواعد التي تحدد مناهج( طرق) معرفه دلالات(معاني) ألفاظ القران الكريم. وطبقا للتعريفات السابقة فانه إذا كان النص القرانى هو وضع الهي، فان التفسير ومناهجه هو اجتهاد انسانى ، لذا كان تعدد التفاسير ومذاهب علم أصول التفسير ومناهجه بتعدد المناهج ونظريات المعرفة التي يستند إليها التفسير المعين (والمذهب المعين في علم أصول التفسير).ففي إطار أهل السنة هنالك التفسير الأشعري كما في" التفسير الكبير" للفخر الرازي، وهناك التفسير الحنبلي كما في "تفسير القرآن العظيم" لأبن كثير...ولا يترتب على ذلك – طبقا لمنهج التفسير الاهتدائى- إلغاء كل التفاسير، و كل الاجتهادات في مجال علم أصول التفسير- بما في ذلك مناهج التفسير- التي وضعت في العصور السابقة ، بل التمييز بين ما هو محكم (أصل) وما هو متشابه(فرع)، ففي الحالة الأولى يجب التزام ما اتفق عليه السلف وعلماء أهل السنة في مجال التفسير (وأصوله) مع مراعاة أن مصدر الإلزام هنا النص المحكم(الأصل)لا اتفاقهم على تفسير معين( أو قواعد معينه في علم أصول التفسير)،أما في الحالة الثانية فانه ينبغي اتخاذ اجتهادات السلف وعلماء أهل السنة على اختلاف مذاهبهم(حنابلة، أشاعره، ماتريديه ، طحاويه،أهل الظاهر) في مجال التفسير (و أصوله) نقطه بداية لا نقطه نهاية.
-للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان (http://drsabrikhalil.wordpress.com


د.صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم
[email protected]





تعليقات 4 | إهداء 0 | زيارات 2893

خدمات المحتوى


التعليقات
#855526 [حمد النيل]
2.56/5 (13 صوت)

12-12-2013 04:40 PM
اقترح ان يتم تعيين الدكتور الشيخ صبري في التشكيل الوزاري الجديد بوظيفة مفكر او رائد الفكر الجدلي ولا نامت اعين الحساد والحاقدين


#851950 [حمد النيل]
2.56/5 (17 صوت)

12-09-2013 03:11 PM
يا شيخ صبري والله طولت من المقالات ، ما تنزل لينا مقال جديد ، نحن في الراكوبة منتظرين مقالاتك بفارغ الصبر ، يا اخي والله مشوقين نقرا فلفسة جدل الإنسانن ، ما تشغتل بالناس الحاسدين ، اشتغل شغلك واتركهم في حسدهم ،،،


#844645 [حمد النيل]
2.56/5 (16 صوت)

12-02-2013 03:21 PM
والله الدكتور صبري ده في ناس كتار حاسدينوه، لأنه رجل عالم وقامة من قامات السودان وفيلسوف عظيم ومنظر خطير وقد اتي بما لم يأتي به احد من فلاسفة السودان او ممن يشتغلون في الفلسفة في السودان ، نتمنى من الحاسدين ان يتكروا حسدهم على الدكتور ونقول الله يخليهو لينا


#844545 [حمد النيل]
2.56/5 (16 صوت)

12-02-2013 01:55 PM
مقال عظيم من فيلسوف عظيم وعالم كبير من علماء السودان والعالم العربي والأسلامي ولا نامت اعين الجبناء والحاقدين امثال ابو البشر (يونس عبد الحليم عبد الله)


د. صبري محمد خليل
د. صبري محمد خليل

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة