الرجل الابيض
03-01-2014 03:39 PM

هم َ بالخروج من البيت ، و هكذا هو كل يوم ، كأنه ذاهب الي موعد مهم ، يدخل في ملابس كانت انيقة في زمن ما ، و في عينيه لا زالت كذلك ، لم يمش الزمن علي موضتها و لا الشمس غيرت لونها و لا الماء و الصابون تمكنوا من ان ينالوا من نسيجها . هكذا علي الاقل يراها هو .

خطواته بلا رسائل من عقله وحدها يمكنها ان تمشي الطريق الذي رسمه لها ، يكاد يسير علي نفس الخط و كأنه خط مرسوم واضح علي الارض . يخرج من الباب الخلفي لبيتهم العتيق ، حتي لا يقابل اكوام البشر كما يسميهم بالحي . الباب الخلفي تفصله خطوات فقط عن نهاية الحي يمَكنه من الغوص مباشرة في اول حافلة الي الحديقة العامة حيث يقضي كل النهار .

يأتي باكرا مما يمكنه ان يلحق مكانه خاليا كل يوم ، يجلس علي نفس المقعد ظهره الي شجرة اللبخ الاكبر في الحديقة و وجهه الي اخري ، صديقته التي يحكي لها طوال النهار .

في هذا المكان تحلق احلامه كالعصافير في كل مكان ، من السودان الي امريكا مرورا بكل القارات ، هذا افقيا ، اما رأسيا فانها تشق السماء ، تجاور القمر و النجوم .

عصافيره هذه مقفولة في صندوق ، لا يمكن ان تحيا حقيقة و تبدأ رحلاتها في الفضاء الاّ اذا هو فتح الصندوق ، و ليحصل علي المفتاح لا بدّ ان يبيع بيتهم العتيق .

يحلم ان . . ليطور . . . الدراسات تؤكد . . يحتاج هذا النوع . . . المشاركة الدولية . . و ذلك سيساهم في دمج . . . و في ذلك سيقوم . . ان نقل النموذج سيحسن من فرص . . الصرح سيخدم . . النجاح و الارباح . . بالتالي توزيع الاسهم . . . لان الوطن . . العالمية تبدأ من . . العقارات . . ان قطاع الخدمات . .

قد تختلف مسميات و تفاصيل الاحلام من فترة لأخري و لكن الحلم الذي لم يتغير و ظل قاسما مشتركا في كل تلك الاحلام هو، حبيبته صغيرة اليدين ، ناعمة المحيا ، التي تسكن قبالتهم، دائما يتذكرها و هي تدخل عليهم مع امها ، و كيف تنزل عينيها خجلا ان رأته . انه متأكد انها تكن له من الاعجاب اكثر مما يكن هو لها ، اسمها دائما ما يناديه و يدعوه ان يحجز لها مكانا وثيرا في احلامه.

هو في غاية التأكد انه سيأتي اليوم الذي سيجتمعا فيه معا في بيت واحد ، عندما يكون قد تمكن من . . اقامة . . تطوير . . ليساهم . . الصغيرة الناعمة ستكون جائزته حين ينجز ما يحلم به .

بيتهم كبير ، تتعدد فيه الغرف ، واسعة ، عالية النوافذ ، يتفسح فيها الهواء كأنه في رحلة . هو يحتل اوسعها ، كانت الصالون في حياة ابيه . اضطر ان يوزع اثاثها علي غرفتين . تتكدس في غرفته لوحانه التي يقضي معظم المساء في رسمها و بعض من الليل في التحديق فيها و التأمل . امه المريضة و اختاه، و ضيوفهن يشغلن الغرف الاخري . لا احد يريد ان يبيع البيت غيره ، و لكن هذا لم يغير في رغبته و عرضه علي الراغبين في الشراء لأنه الحل لتمكين العصافير من الطيران .

نادته اخته الصغري و هي تمد اليه بطاقة دعوة، و اخبرته ان ذاك الرجل قد جاء مرة اخري ، و قبل ان يسألها أي رجل كان قد القي نظرة علي بطاقة الدعوة و جدها معنونة باسم الاسرة . اجابته بأنه الرجل ابيض البشرة، ابيض الشعر الذي جاء يسأل عنه من قبل .

جاء الرجل اول مرة قبل عدة اسابيع الي بيتهم مع احد الراغبين في شراء البيت و كانوا قد جالوا فيه و اعجبهم و عرضوا مبلغا يطيّر العصافير من اي صندوق لا من صندوقه فقط . و لكن و كما يعرف مسبقا رفضت امه و بالتالي اختاه . كان يأمل ان يغريهم المبلغ الكبير . الرجل الابيض الشعر و البشرة كان قد عبّر عن اعجابه الشديد بلوحاته في المرتين اللتين جاء فيهما لمعاينة البيت، و قد جاء في غيابه و ترك له رقم هاتفه في ورقة مع اسمه و عنوانه و طلب ان يتصل به ، و عندما لم يفعل جاء بنفسه مرة اخري و قال انه في عجلة و يريده في امر هام بخصوص اللوحات . تساءل لما يهتم به هذا الرجل ، انه لا يريد ان يراه و لا يرغب في ان يعرف لما جاء يبحث عنه . قال لأخته بشكل حاسم ان جاء مرة اخري اعلميه اني لا ارغب في رؤيته و عليه الاّ يعود مرة اخري . و في طريقه الي الباب الخلفي فتح بطاقة الدعوة ، دعوة لزفاف ، قفز قلبه و هو يقرأ اسم اسرة حبيبته ، و لكن و الحمدلله اسم العروس لم يكن اسمها و لكن ماذا لو كان الاسم الذي يعرفه اسم ثان لها و اسمها الحقيقي هو الذي في بطاقة الدعوة .وهو يفتح الباب خارجا صرخ منادياً اخته و قلبه يدق ، دي منو العروس دي ، دي سلافة .صرخت بدهشة ، سلافة كيف يعني ، دي بتها .





تعليقات 7 | إهداء 0 | زيارات 3693

خدمات المحتوى


التعليقات
#931627 [بابكر]
2.56/5 (19 صوت)

03-03-2014 01:39 PM
الاخ حسن اشكرك علي وصفك هذه اراء وتقييم لعمل ادبي وسرد قصصي.ومجرد تقييم لعمل .انت اول يوصفني بالكذب ز التحيه لك.


#931146 [بابكر]
2.56/5 (16 صوت)

03-02-2014 11:06 PM
انتي روائيه كاملة الدسم . ذكرتيني بالروائي غبرائيل غارسيا ماركيز


ردود على بابكر
United States [حسن] 03-03-2014 01:13 PM
بلاش كذب ونفاق


#930714 [أحمد التوم عبد الله]
2.56/5 (18 صوت)

03-02-2014 01:45 PM
رائعة دائماً


#930367 [ABOALKALAM]
2.56/5 (20 صوت)

03-02-2014 08:38 AM
حل الغلوتية دي

فيلم الرجل الأبيض المتوسط للمثل المصري احمد ادم


#929876 [الكلس]
2.56/5 (18 صوت)

03-01-2014 06:13 PM
ههههههههههه
حيرتينا يا بت
معقولة الراج لكان حابيِ ام البت يعني؟؟؟


#929845 [سجمان]
2.56/5 (21 صوت)

03-01-2014 05:33 PM
قمة الابداع رائعه بحق


#929818 [Amin]
2.56/5 (19 صوت)

03-01-2014 04:44 PM
ودّع الأحلام يا جميل وأصحى


اماني ابوسليم
اماني ابوسليم

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة