المقالات
السياسة
ابحث عن عقلك
ابحث عن عقلك
08-18-2017 10:11 AM

ابحث عن عقلك

التجويز بحسب كافة الطوائف الاسلامية والفرق والمذاهب هو قدرة الله سبحانه وتعالى على فعل الشيء وضده، وان نظام الكون وقوانيه يمكن ان تنعكس لو اراد الله سبحانه وتعالى لها ذلك وكل شيء في حكم الجواز وبناء عليه فلا علاقة للسبب بالمسبب والامر حتم وحتف، طبعا مع اختلاف التوصيف من فئة الى اخرى.

وعلى الرغم من بعض الصحوات العقلية التي ظهرت عند المعتزلة في بداية ظهورها على الرغم من انها كانت في بعض اشكالها لدوافع مذهبية اكثر منها فكرية بالمعنى الذي نعرف، وكذلك ابن حزم الظاهري الاندلسي الذي انجبت مدرسته الفيلسوف ابن رشد والعلامة الشاطبي صاحب المقاصد الذي تحرر من قسوة اللفظ لصالح المقاصد وبعض الاصوات الاخرى التي حكموا عليها بالانزواء والفناء.


هكذا غيبت ارادة الانسان حتى اصبح مجرد جزء او مكون من مكونات النظام الطبيعي يسير وفق نظام آلي لا يملك فيه ارادة ولا سيادة ويسير مبرمجا بلا هدى منه وانما هو القضاء والقدر في تفسيره المخالف لنهج القرآن والسنة.

هكذا اديرت شؤون العالم العربي لقرون طوال بغية النيل من اي محاولة للاستقلال عن تلك الحتمية الصارمة وهذا النظام السياسي الجائر.

يجدر بنا هنا ان نقول ان العالم العربي ليس هو العالم الاسلامي لانهما عالمان متمايزان تماما، وانما بدا النزوع القبلي العروبي يعود رويدا رويدا بعد وفاة الرسول الكريم صلوات ربي عليه وسلامه ويسطو بجبروته الجاهلي على الحرية والاستقلالية التي اتى بها الاسلام في محاولة لوأد هذه الروح التي تهدد مصالح السادة في مهدها ومن ناحية اخرى لاختطاف ما انجزته روح الاسلام الجديدة في نفوس المسلمين من تنظيم ومركزية لم يعهدها العرب من قبل.

هنا تم مزج العربي بالاسلامي بخبث بديع ومن ثم العمل على اعلاء سلطة العربي بحكم المفهوم الخاطئ الذي تم تكريسه والمراد له ان يسيطر على النفوس والعقول والارواح بغية قيادها بسلاسة وبدون اي مقاومة مستندين على سطحية فهم العامة ان القرآن العظيم جاء بلسان عربي والنبي صلوات ربي عليه وسلامه عربي وعليه فالعرب هم احق بالسيادة والريادة وهم صفوة الخلق.

وما ان انتهى العهد النبوي الطاهر الذي أحدث قطيعة معرفية تامة مع نظم الاجتماع العربي المتكلسة وادوات فكره الجاهلي القائم على النسب والقبيلة النعرات القميئة والاستعباد ومن ثم ابداله بنظام الفرد (وكل اتي الرحمن فردا) ولا فضل لعربي على اعجمي إلا بالتقوى، وفتح باب الصعود في السلم الاجتماعي للكافة ليترقى فيه كل مجتهد، حتى برزت القبيلة من جديد في ابشع صورها للاجهاز على هذا الانجاز.

فكان لا بد من ايجاد مشروعية لهذه الانتكاسة المعرفية والاجتماعية والتي عادت بالعالم العربي القهقري إلى ما قبل الاسلام.

هذه المشروعية هى عقيدة (التجويز) والتي تفيد بان كل ما يحدث هو بقضاء من الله وقدره، حتى ان السلاطين حين يسرقوا ويقتلوا وينهبوا يتذرعون بان ذلك قدر من الله وما نحن إلا مسيرون لا مخيرون...

حتى قال قائلهم (انما قتلناه بقضاء الله) في محاولة لتبرئة ساحته من التهمة والقاء باللائمة على القدر وانه انما مستعمل من قبل الله لادارة شؤون عباد الله.

هذا الوضع المصادم للعقل لا يمكن ترسيخة إلا إذا تم إعدام العقل ابتداءا ثم تنحيته جانبا من ساحة الدين ثم من بعد ذلك جعل الدين كله محكم وكله توقيفي وكل شيء خاضع لسلطة النص ومفهوم النص ومفاتيحه تبقى حكرا بيد من بيده الملك.


هكذا تم ترويض المسلم وتفريغه من اي مضمون انساني واخضاعه للسلطة السياسية ذات اللبوس الديني، وما عليه والحال كذلك إلا ان يتقرب لله بتحمله للظلم والجلد على الظهر والقهر ......وانما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب.

اما الغريب والطبيعي عقلا في الامر هو إشتراك المتصوفة والسلفية في بنية العقل القائمة على تغييب ارادة الانسان تماما، في مخالفة صريحة لكافة نصوص القران التي تدعو لتحرير الانسان من اي إكراه او قهر خارجي وان الدين لله وذلك لتزاحم الطرفان على ارضاء من بيده الملك.


لذلك نلاحظ ان نظم الحكم في العالم العربي كلها متشابهة الحالية منها والسابقة واللاحقة...

ولا اكون متشآئما إن قلت حتى المعارضة تحمل في رحمها نفس العقلية وستعيد ان تمكنت انتاج نفس نظم الحكم القائمة، فالافق يبدو معتما والعقول متحجرة...


نحن في حاجة لثورة معرفية ثقافية تطيح ببنى العقل القائمة وادواتها حتى لا تعيد انتاج نفسها من جديد وبصورة اقبح...

كل حكومة قائمة اليوم كانت قبل ذلك معارضة، وكل معارضة اليوم ستصبح غدا حكومة...

والغائب الاوحد من كل ذلك هو السوداني (العاقل) المقهور الذي لم يعد فيه قدرة حتى على الفرجة ناهيك عن المشاركة واتخاذ القرار.

صديق النعمة الطيب
[email protected]





تعليقات 3 | إهداء 0 | زيارات 873

خدمات المحتوى


التعليقات
#1683973 [صديق النعمة الطيب]
3.75/5 (3 صوت)

08-19-2017 10:17 AM
الأخ ابو الحسن اولا اشكر لك تجشمك عناء القراءة وعنت الرد، وهذا ما يراد لمثل هذه المقالات وهو تحفيز النقاش ومن ثم البحث دون اعتبار للانتصار للرأي...

ابدأ من حيث انتهيت انت، ليكن واضحا ابتداء ان حديثي عن بنية العقل التي ترتب عنها القول ب (التجويز) وبعيدا عن المحتوى وهو المعتقد، تصبح العقول اشباه الى حد كبير جدا....

لذلك وفق ما ارى يصبح الشيوعي والسلفي والاشعري الصوفي سواء من حيث المنطلق وليس المنتهي. ولا تكاد تجد فارق ذي بال.

لان الاشعري نفسه يعتقد ما يعتقد الامام احمد كما جاء في الابانه، وان قيل من البعض انما هي تقية، فهذا لا يهمنا كثيرا والشيوعي السوداني او العربي عموما لا يخرج عن الفضاء الثقافي العام الذي يغذي عقولنا جميعا...

اما الفهم القاصر للقضاء والقدر وان الامر حتف حسب قولي فقد ظهر من ايام الخليفة معاوية ابن ابي سفيان حينما نشبت الفتنة الرعناء مع الامام علي رضي الله عنهما، و وقوع الامة في حيرة ايهما على حق فبرزت عقيدة الجبر لتنفض ما علق بالنفوس من رفض ومنها وضدها خرجت عقيدة الارجاء التي كانت ردة فعل للاولى...

في تلك الفترة خرجت المعتزلة مناوئة للهرمسية والمانوية والمجوسية التي تفشت إذاك لذلك نقول المعتزلة في بادئ امرهم أسدوا خدمات جليلة للاسلام فهم الوحيدون الذين ارجعو العقل لساحة المعتقد ودافعوا عن الاسلام باستماته حتى اذا تماهوا مع السلطان خفت بريقهم وانحرف عقلهم...

أما القول عن ابن حزم الظاهري، فهو الذي حارب التاويل الباطني وشطحات المتصوفة واثبت السلطة للنص والمعنى الظاهر بناء على العقل من ناحية ومن ناحية اخرى حرم الاتباع حتى لكبار الائمة من وزن الامام ابو حنيفة والامام مالك والامام الشافعي والامام احمد رضي الله عنهم جميعا... بل لقد الغى بمفهوم المماثلة ولم يقف عند ذلك وتكلم في عدم حجية القياس الذي اتي به الامام الشافعي و وسع من دائرة الحلال وقصر الحرام على ما فيه نص فقط دون اي قياس، هنا ربما يقول البعض الغائه للقياس إلغاء للعقل ولكن العكس صحيح فهو يرى اعمال العقل بحرية دون سلطة القياس فيما ليس فيه نص.

فلم اكن مجانبا للصواب عندما اشرت الى مدرسته التي انتجت ابن رشد ثم الامام الشاطبي الذي كسر سلطة التفسير اللفظي وادخل مفهوم المقاصد وهو الاستقراء العام وهذا لعمري جوهر العقل الذي نبحث عنه.

اما النهج الذي (أرى) و ادين الله به وحسابي سيكون وفق ما اعقل (فهو فيما ارى نهج القران والصحابة ولا الزم غيري به) ان الانسان يسير وفق اقدار الله اي سنن الله في الكون وهي بفهمنا قوانين السير العامة التي لا نخرج عنها سنة الله التي خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا، في هذا الاطار العام للانسان الذي ألهم الفجور والتقوى ان يفعل وان يسلك وفق العقل الذي اودعه فيه الله سبحانه وتعالى وعلى ذلك يحاسب يوم القيامة...

بمعنى انك الان حر في ان تقرا كلامي او تصرف نظرك والامر ليس حتف وليس جبر.

اذن الامر ليس بسيط بحيث يترك حله للشيوعيين او العلمانيين وكلاهما يمتح من نبع ايديولوجي خارجي، وعليهم يقع عبئ تبيئة واستنبات ما يقولون واما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض.

الحل فيما ارى واعتقد هو التحرر من الاحكام المسبقة على بعضنا وكسر الصور الذهنية الشائهة والنقاش دون قبليات فكرية تكبل سبل التواصل وان يكون السجال بين العقول وليس الايديولوجيات ...

ولك فائق الاحترام...


#1683874 [صديق النعمة الطيب]
1.94/5 (5 صوت)

08-19-2017 06:39 AM
الأخ ابو الحسن اولا اشكر لك تجشمك عناء القراءة وعنت الرد، وهذا ما يراد لمثل هذه المقالات وهو تحفيز النقاش ومن ثم البحث دون اعتبار للانتصار للرأي...

ابدأ من حيث انتهيت انت، ليكن واضحا ابتداء ان حديثي عن بنية العقل التي ترتب عنها القول ب (التجويز) وبعيدا عن المحتوى وهو المعتقد، تصبح العقول اشباه الى حد كبير جدا....

لذلك وفق ما ارى يصبح الشيوعي والسلفي والاشعري الصوفي سواء من حيث المنطلق وليس المنتهي. ولا تكاد تجد فارق ذي بال.

لان الاشعري نفسه يعتقد ما يعتقد الامام احمد كما جاء في الابانه، وان قيل من البعض انما هي تقية، فهذا لا يهمنا كثيرا والشيوعي السوداني او العربي عموما لا يخرج عن الفضاء الثقافي العام الذي يغذي عقولنا جميعا...

اما الفهم القاصر للقضاء والقدر وان الامر حتف حسب قولي فقد ظهر من ايام الخليفة معاوية ابن ابي سفيان حينما نشبت الفتنة الرعناء مع الامام علي رضي الله عنهما، و وقوع الامة في حيرة ايهما على حق فبرزت عقيدة الجبر لتنفض ما علق بالنفوس من رفض ومنها وضدها خرجت عقيدة الارجاء التي كانت ردة فعل للاولى...

في تلك الفترة خرجت المعتزلة مناوئة للهرمسية والمانوية والمجوسية التي تفشت إذاك لذلك نقول المعتزلة في بادئ امرهم أسدوا خدمات جليلة للاسلام فهم الوحيدون الذين ارجعو العقل لساحة المعتقد ودافعوا عن الاسلام باستماته حتى اذا تماهوا مع السلطان خفت بريقهم وانحرف عقلهم...

أما القول عن ابن حزم الظاهري، فهو الذي حارب التاويل الباطني وشطحات المتصوفة واثبت السلطة للنص والمعنى الظاهر بناء على العقل من ناحية ومن ناحية اخرى حرم الاتباع حتى لكبار الائمة من وزن الامام ابو حنيفة والامام مالك والامام الشافعي والامام احمد رضي الله عنهم جميعا... بل لقد الغى بمفهوم المماثلة ولم يقف عند ذلك وتكلم في عدم حجية القياس الذي اتي به الامام الشافعي و وسع من دائرة الحلال وقصر الحرام على ما فيه نص فقط دون اي قياس، هنا ربما يقول البعض الغائه للقياس إلغاء للعقل ولكن العكس صحيح فهو يرى اعمال العقل بحرية دون سلطة القياس فيما ليس فيه نص.

فلم اكن مجانبا للصواب عندما اشرت الى مدرسته التي انتجت ابن رشد ثم الامام الشاطبي الذي كسر سلطة التفسير اللفظي وادخل مفهوم المقاصد وهو الاستقراء العام وهذا لعمري جوهر العقل الذي نبحث عنه.

اما النهج الذي (أرى) و ادين الله به وحسابي سيكون وفق ما اعقل (فهو فيما ارى نهج القران والصحابة ولا الزم غيري به) ان الانسان يسير وفق اقدار الله اي سنن الله في الكون وهي بفهمنا قوانين السير العامة التي لا نخرج عنها سنة الله التي خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا، في هذا الاطار العام للانسان الذي ألهم الفجور والتقوى ان يفعل وان يسلك وفق العقل الذي اودعه فيه الله سبحانه وتعالى وعلى ذلك يحاسب يوم القيامة...

بمعنى انك الان حر في ان تقرا كلامي او تصرف نظرك والامر ليس حتف وليس جبر.

اذن الامر ليس بسيط بحيث يترك حله للشيوعيين او العلمانيين وكلاهما يمتح من نبع ايديولوجي خارجي، وعليهم يقع عبئ تبيئة واستنبات ما يقولون واما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض.

الحل فيما ارى واعتقد هو التحرر من الاحكام المسبقة على بعضنا وكسر الصور الذهنية الشائهة والنقاش دون قبليات فكرية تكبل سبل التواصل وان يكون السجال بين العقول وليس الايديولوجيات ...

ولك فائق الاحترام...


#1683808 [abualhasan]
1.93/5 (8 صوت)

08-18-2017 10:24 PM
الاخ الصديق النعمة بعد التحية
اسمحلي بهذه المداخله
اولا=قولك أنه لا توجد علاقه بين السبب و المسبب و هو أمر حتم - يعني اجماع - و هذا غير صحيح و انما هو قول الاشاعرة اصحاب العقل الذي تدعو إليه و الأشاعرةُ ينكرون الربط العادي بإطلاقٍ، وأن يكون شيءٌ مؤثراً في شيءٍ، وأنكروا كلِّ "باءِ سببيةٍ" في القرآن ، وكفَّروا وبدَّعوا مَنْ خالفهم. ومأخذُهم فيها هو مأخذهم في القدر. فمثلاً عندهم مَنْ قال: إن النارَ تحرقُ بطبعِها أو هي علَّةُ الإحراق فهو كافرٌ مشركٌ، لأنه لا فاعلَ عندهم إلا الله مطلقا
ثانيا= قولك الانسان يسير وفق نظام آلي لا يملك فيه ارادة ، وانما هو القضاء والقدر في تفسيره المخالف لنهج القرآن والسنة. طيب اكتب المنهج الذي تراه صحيح و ما هو منهج القرآن و السنه في القدر
ثالثا= قولك المعتزلة اصحاب صحوة عقلية و بن حزم الظاهري فيلسوف هذا غير صحيح مثلا الايمان عند ابن حزم هو الإيمان بالكتاب والسنة دون أي أعمال للنظر العقلي و قد كان بن حزم شديدا على الفلاسفه ويصفهم انهم ذنادقه و ضالين - تجده في رسالة الرد على الكندي الفيلسوف
رابعا = من هم الذين يقولون بعقيدة التجويز التي ذكرتها و يسرقون و يحتجون بالقدر و يقولون انهم مسيرون هذا هو فهمك الخاطئ و الصحيح ان الانسان تارة مسير و تارة مخير -و اذكرك بمقولة عمر بن الخطاب عندما جئ إليه بسارق يقول انه سرق لان الله كتب له انه يسرق فكان رد عمر بن الخطاب له _و نحن نقطع يدك بقدر الله-
خامسا -ثم تذكر أن الغائب هو عقل السوداني المقهور ،، ابحث عنه هل تجده مثلا في اعتقاد الشيوعيين ام في اعتقاد العلمانية ام في اعتقاد اهل الرسالة الثانية و اقول لن تجد هذا العقل الا اذ تلتزم الفهم الصحيح المبنى علي القرآن و السنة علي فهم سلف الامه


صديق النعمة الطيب
صديق النعمة الطيب

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة