المقالات
السياسة
لسنا محايدين
لسنا محايدين
10-27-2017 11:33 AM

في إحدى قروبات الواتس؛ التي تجمع بين كبار المسؤولين وزعماء الأحزاب المعارضة والحكومية، كنت قد علَّقت على أحد الموضوعات، وانتقدت فيه الحكومة، ولم يرق انتقادي لوالي الخرطوم السابق الدكتور عبد الرحمن الخضر، والذي رد عليَّ، وذكر فيما ذكر أنني غير محايد، وكان ينبغي عليَّ بحكم مهنتي أن أكون "محايداً"، لا أميل إلى طرف دون الآخ ، وكان الطرف الآخر الذي يقصده بالطبع هو المعارضة.
وقبل فترة ليست بعيدة؛ نقل لي المدير العام للصحيفة عتاب أحد القادة السياسيين، مشيراً فيه إلى أني أسرف في نقد الحكومة دون المعارضة، رغم أن الأخيرة لها من الأخطاء ما تنوء بحمله الجبال، وعليها من المآخذ ما عليها...
بالطبع تذكَّرت مقولة الذي علق قائلاً: (والله الحكومة دي كان عدلت واستقامت وبقى ما عندها أي غلط ما عارف تاني عووضة والتاي يكتبو شنو).. وذاك كان حديثاً علقنا عليه أنا والزميل الأكبر صلاح الدين عوضة في حينه...
وفي هذا وذاك أقول: لسنا محايدين.. والذين يطلبون من الصُحفي أن يكون محايداً، يضعون الأغلال على يديه، ويختزلون كل القضية في صراح الحكومة والمعارضة، وهذا اختزال مخل وقاصر جداً.. بمعنى أن القضية في تقديري ليست قضية "حياد" أو انحياز لحكومة أو معارضة، بل هي قضية وطن ومواطن.. قضية نظام احتكر كل السلطات، ويحكم بالحديد والنار، يصادر الحريات.. ويقهر.. ويظلم.. ويستبد.. ما شاء الله له أن يفعل.. قضية نظام يقرِّب ويُعْلِي من شأن القيادات الفاشلة، بل والتي أدمنت الفشل.. قضية نظام أدخل البلاد في أوحال مشكلات سياسية وأمنية، وأزمات إقتصادية لا حصر لها، ومواجهته بكلمة شجاعة وأمينة هو المطلوب من الصُحفي وليس الحياد، بل المطلوب هنا الإنحياز للوطن والمواطن.. القضية قضية نظام حكم لا يحاسب الفاسدين على ما اغترفت أياديهم ..
نعم؛ القضية ليست "قضية حياد صُحفي" ولا انحياز للمعارضة، ولا زيد من الناس.. بقدر ما أنها قضية انحياز للحق والفضيلة، وحق المواطن السوداني المغلوب على أمره.. حقه في الحياة الكريمة، والعيش بكرامة.. في وطن يتساوى فيه الأغنياء والفقراء.. الرؤساء والعامة.. الوزراء والخفراء.. حقه في احترام آدميته.. وحفظ ماء وجهه.. وحمايته من النهَّابين.. والتماسيح.. والحيتان.. وشبح العوز والفقر والحاجة.. حقه في العدالة الإجتماعية.. ومنح فرص التنمية والحقوق بعدالة..
القضية سادتي؛ ليست قضية وقوف في المسافة الفاصلة بين الحكومة والمعارضة، والله لو كان الأمر يتعلَّق بالطرفين لما استحق منَّا تضحية، أو أدنى ثمن. لأن الطرفيْن هما وجهان لعملة واحدة.. وجه تجده اليوم على سُدَّة الحكم.. يقتل، وينهب، وينكِّل باسم القانون والشعب.. بينما يمارس الوجه الآخر دور المعارضة في حُلَّة زاهية من المثاليات والوعظ والتنظير. وما أن تلوح له الفرصة يفعل فِعل الحكومة التي ينتقدها بعنف دون رحمة.. إنها ذُرِّية بعضها من بعض..
ثم بقى أن نقول؛ يجيء نقدنا للحكومة بحسبان أنها "التِرس" الكبير الذي يحرك عجلة الفعل بقراراتها.. وسياساتها.. وممارساتها.. وتصرفاتها، والفعل هو الذي يؤثر في حياتنا كلها سلماً وحرباً تقدماً وتأخراً، ارتقاء وانحطاطاً.. بل يمس حياتنا كشعب مساساً مباشراً.. اللهم هذا قسمي فيما أملك...
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين..
الصيحة





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 809

خدمات المحتوى


التعليقات
#1704789 [osman mohamed hassan]
0.00/5 (0 صوت)

10-27-2017 04:27 PM
" القضية سادتي؛ ليست قضية وقوف في المسافة الفاصلة بين الحكومة والمعارضة، والله لو كان الأمر يتعلَّق بالطرفين لما استحق منَّا تضحية، أو أدنى ثمن. لأن الطرفيْن هما وجهان لعملة واحدة.. وجه تجده اليوم على سُدَّة الحكم.. يقتل، وينهب، وينكِّل باسم القانون والشعب.. بينما يمارس الوجه الآخر دور المعارضة في حُلَّة زاهية من المثاليات والوعظ والتنظير. وما أن تلوح له الفرصة يفعل فِعل الحكومة التي ينتقدها بعنف دون رحمة.. إنها ذُرِّية بعضها من بعض.."

هذا هو بيت القصيد، أخي التاي..


احمد يوسف التاي
احمد يوسف التاي

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة