المقالات
السياسة
رفعت العقوبات.... ارفعوا الهمة! (1)
رفعت العقوبات.... ارفعوا الهمة! (1)
10-29-2017 04:57 PM

بفضل الله وتوفيقه، نجحت مساعي الدبلوماسية السودانية، بمساعدة من بعض الدول الشقيقة، على رأسها المملكة العربية السعودية، في تحقيق اختراق دبلوماسي كبير، رفعت على إثره العقوبات التي كانت تفرضها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية على السودان. تلك العقوبات اصابت الاقتصاد السوداني في مقتل حتى شلته تماماً، واخرجته من منظومة الاقتصاد العالمي في المجالات كافة! ولذلك لا غرو أن يفرح السودانيون بهذا الانفراج الكبير الذي يفتح الباب على مصراعيه لتدفقات مالية واستثمارية على السودان، ضمن فوائد وميزات أخرى كثيرة، لم تكن ممكنة مع وجود الحصار الاقتصادي، وهذا أمر يدعو للتفاؤل ويستوجب حسن التخطيط في كافة النواحي المتعلقة بدفع عجلة الإنتاج قدماً. ومن المعلوم أن عملية الإنتاج على المستوى القومي قد أصابها خلل بالغ، مما يستدعي همة عالية ومجهودات جبارة حتى تعود سيرتها الأولى؛ بحيث تستفيد خزينة الدولة والمواطن من الانفتاح على العالم؛ وحتى لا تضيع الفرصة من بين أيدنا مثلما حدث سابقاً مع تجربة النفط قبل انفصال الجنوب. ولكي نصل لهذا الهدف، هنالك عدة متطلبات لا بد من استيفائها قبل اتخاذ أي خطوة في هذا الاتجاه: أهمها بسط الأمن وتحقيق الاستقرار في جميع مناطق البلاد، ومن ثم يجب أن تبذل جهود حثيثة لاجتثاث شأفة الفساد من مؤسسات الدولة؛ خاصة تلك التي ترتبط بالشأن الاقتصادي والاستثمار؛ بحيث تنبني جسور الثقة مع عدة جهات محلية وعالمية، بتغيير الصورة الذهنية، التي خلفتها بعض الممارسات السالبة، خلال الفترة المنصرمة. ويستدعي ذلك تغييراً في هياكل الدولة ومنهجها باستيعاب الكوادر والخبرات حتى تصبح الكفاءة والخبرة والتأهيل هي المعيار لتولي المناصب، وليس الولاء أو المحاباة، فيما يتعلق بالخدمة المدنية، التي لم تعد قادرة على مواكبة العصر والتطور الإداري، لا من الناحية النظامية ولا البشرية. وإذا كنا فعلاً ننوي الاستفادة من رفع العقوبات، ينبغي علينا اتخاذ خطوات جريئة وسريعة لإعادة تأهيل الخدمة المدنية بسن تشريعات جديدة تحارب كافة المثالب المتعلقة بها؛ لأن التنمية والإنتاج لا يمكن أن تحدث في ظل اضطراب أمني أو فساد إداري ومالي. وفي هذا الصدد، لابد من وضع برامج عملية لإعادة تأهيل الخدمة المدنية وتدريب كوادرها بالقدر الكافي وباستخدام أحدث الطرق وبآخر ما توصلت إليه مؤسسات التطوير الإداري المتخصصة التي ستكون على استعداد لتقديم خدماتها بعدما رفعت العقوبات وصار من الممكن لكثير من الكيانات الدولية والإقليمية الدخول إلى السوق السودانية دون خوف أو قيود. من جانب آخر، مطلوب الالتفات، على جناح السرعة، لمعاش الناس وتحسين الحالة الصحية في البلاد؛ حتى يصبح الفرد لائقاً ومتفرغاً تماماً للإسهام في برامج التنمية وعملية الإنتاج، واضعين في الحسبان أن الإنسان، لا يمكن أن يعمل إذا لم تتوفر له الحاجات الأساسية من مأكل ومشرب ودواء وأمن ومسكن، وكل هذه ضرورات لازمة تتطلب تحرك عاجل من القطاعين الخاص والعام؛ لأنهما معنيان بهذه الملفات بطريقة مباشرة وملحة باعتبارهما المستفيدان من حدوث أي تنمية أو زيادة في الإنتاج. بمعنى آخر، علينا إعادة هيكلة وتأهيل البيئة الإدارية والمالية والمصرفية والاستثمارية قبل الدخول في أي نوع من الشراكات؛ حتى لا يأتي المستثمر، سواء الأجنبي، أو الوطني، ويجد أن: "حليمة لا تزال في عادتها القديمة" وساعتئذ سوف تكون الخسارة، لا قدر الله، مضاعفة؛ إذ أننا سوف نفقد ثقة المستثمرين ونضيع على أنفسنا فرصة الاستفادة من الانفراج الناتج عن رفع العقوبات. ويعتقد الكثيرون أن الكرة الآن في ملعب الحكومة، ولهذا عليها الاهتمام بالتعليم الفني خصوصاً الزراعي والبيطري باعتبار أن السودان بلد زراعي وبالتالي فإن الحديث عن التنمية المستدامة وزيادة الانتاج يرتبط بالضرورة بالزراعة بشقيها النباتي والحيواني وما يتعلق بهما من صناعات تحويلية تحتاج وجود كوادر فنية مؤهلة تستطيع استيعاب مستجدات التقنية المستخدمة في مجالات الإنتاج والتعبئة والتغليف والتجهيز والتخزين ما إلى ذلك من عمليات حيوية لازمة للإنتاج والتصدير والتسويق حتى يؤتي العمل أكله. ولهذا يجب علينا إعادة النظر في محتوى وطريقة تعلمينا الفني، كما يمكننا الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المضمار مثل إندونيسيا وتركيا والمملكة العربية السعودية وغيرها من دول الجوار التي حققت نهضة واسعة النطاق بفضل توفير مؤسسات التعليم الفني وبرامج التطوير والتدريب الفني والتقني. ومطلوب أيضاً تصحيح منهج الدولة في التعامل مع ملفات الإنتاج والاستثمار بحيث يحدث اختراق كبير في ترسيخ مفهوم العمل من أجل زيادة الإنتاج وتحقيق الفائدة المرجوة بحيث يزيد دخل المنتج والتاجر والدولة بأكملها! عموماً، رفع العقوبات وحده ليس سبباً كافياً لتحسن الأوضاع العامة والخاصة في السودان بل ينبغي بذل جهود جبارة ومعالجة مشكلات كثيرة. ومن أجل مزيد من الشفافية، يجب على الحكومة التخلي عن إدارة الشأن الاقتصادي بشكل مباشرة، باستثناء الأنشطة ذات الطبيعة السيادية، كما ينبغي تقليص دور الشركات الحكومية وتلك التي تتبع لبعض الجهات النظامية، وقد تكون هذه الوصفة مرة إلا أنها السبيل الوحيد للنهوض بالاقتصاد.

[email protected]





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 599

خدمات المحتوى


التعليقات
#1705613 [الدنقلاوي]
0.00/5 (0 صوت)

10-30-2017 11:02 AM
خلاص قضيت علي الملحدين قبلت تنافق في الحكومة، كتاب عرر!


محمد التجاني عمر قش
محمد التجاني عمر قش

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة