المقالات
السياسة
رفع العقوبات الجزئي, مناخ سياسي جديد للتغير
رفع العقوبات الجزئي, مناخ سياسي جديد للتغير
11-01-2017 02:52 PM



رفعت الادارة الامريكية العقوبات الاقتصادية والتجارية المفروضة على السودان منذ عام 1997 مطلع اكتوبر المنصرم, وهي العقوبات التي فرضت بموجب الامر التنفيذي رقم 13067الذي اصدره الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلنتون, حظر بموجبه المعاملات التجارية والاستيراد والتصديرعلى السودان علاوة على منع المواطنيين الامريكيين من المشاركة في اي عمل يشمل ذلك النوع من المعاملات مع المؤسسات او الحكومة السودانية.
وبقراءة متانية للمسارات الخمس التي حددتها الادارة الامريكية كمطلوبات لرفع العقوبات وهي, مكافحة الارهاب, وقف دعم جيش الرب اليوغندي,وقف العدائيات في( جبال النوبة ,النيل الازرق ودارفور), وصول المساعدات الانسانية للمناطق المذكورة,ثم اخيراً وقف التدخل في شئون جنوب السودان الداخلية اوبالاحرى دعم المعارضة الجنوبية يلاحظ الاتي : اولا : العقوبات رفعت بالاساس للتعاون غير المشروط التي بذلته الحكومة في شاًن محاربة الارهاب وربما يكون تصفية داعش وانحسارها الاخير جزء من ثمرات هذا التعاون, وبشهادة كثير من الاسلاميين الغاضبين على نظامهم فان النظام سلم الكثير من الملفات في هذا الشأن,
ثانياً: ساهمت في رفع العقوبات دول كثيرة من بينها دول الاتحاد الاروبي على راسها بريطانيا, المانيا وايطاليا ودول الخليج وفي مقدمتها السعودية والامارات وحتى اسرائيل ويوغندا.
ثالثاً: لم تلعب القضايا الداخلية مثل حقوق الانسان والسلام دورا محورياً في رفع العقوبات اذ ان الوضع الامني لازال يراوح مكانه.
رابعاً العقوبات بحسب تقرير مجموعة الازمات الدولية فان العقوبات لم تفلح في عزل النظام حيث استطاع استعادة علاقاته مع الكثير من الدول من لدن يوغندا الى دول الخليج وانتهاءً بالاتحاد الاروبي ودول اخرى محورية مثل بريطانيا.
الملاحظة الاخيرة, هي ضعف حضور المعارضة السودانية بشقيها المدني والمسلح في قضايا السودان على المستوى الاقليمي والدولي وبالطبع داخلياً.
الوضع الجديد جعل قضايا السودان رهينة للخارج بصورة كلية اذ اصبح النظام مثل السجين الذي وعد باطلاق سراحه ان هو ابدى حسن السير والسلوك ومن ثم فان الحكومة ستجتهد لاثبات انها تغيرت على عشم ان ترفع اسمها من لائحة الدول الراعية للارهاب واعفاءها من عقوبات اخرى مثل التي يفرضها قانون سلام السودان وغيرهامن الامتيازات مثل اعفاء الديون,وبالمقابل تحتفظ الادارةالامريكية بحق اعادة فرض العقوبات او اختيار عقوبات اخرى زكية ,وهنا يجدر الاشارة الى ان الادارة الامريكية اتبعت هذا الاسلوب مع النظام العسكري في بورما حيث ادى رفع العقوبات جزئياً الى تسريع العملية الديمقراطية بالبلاد والتي ادت في نهاية المطاف الى صعود الرئيسة سان سو شي الحائزة على جائزة نوبل للسلام الى سدة الحكم, الملاحظ في الوضع السوداني رغم سرية المعلومات حول مطلوبات ما بعد الرفع الجزئي للعقوبات لكن من الواضح ان السلام في مناطق الحروب والانتخابات من المطلوبات الاساسية فقد راينا كيف ان النظام لم يحاول عرقلة المؤتمر الاستثنائي للحركة الشعبية الذي عقد في اكتوبر الماضي باي عمل عسكرى او نحوه, يلاحظ ايضا اسراع وزارة الداخلية السودانية في اصدار بطاقة شخصية جديدة وربطها بالانتخابات القادمة في نفس التوقيت.
الظروف الجديدة تخلق فرصة ذهبية للمعارضة لاستغلالها واعادة انتاج نفسها كبديل قوى للنظام لان المناخ اشبه بالاوضاع التي خلقتها اتفاقية السلام الشامل لاسيما الدستور الانتقالي الذي كان محكم الصياغة ضمن الكثير من الحقوق كانت كفيلة بتغير الوضع كلية لوان المعارضة اختبرت تلك الحقوق بالممارسة والضغط بدلاً عن اضاعة الوقت في نقد اتفاقية السلام والحركة الشعبية, اليوم فان الاستفادة من هذا الواقع الجديد لتغير الوضع يجب ان يكون من اولويات اي معارضة رشيدة, خاصة وان النظام يعاني ظرف بالغة الدقة والحساسية تتمثل في صراعاته الداخلية وومحاولة تصفية مشروعه الايدلوجي بواسطة نصفه العسكري, تاسيساًعلى هذا الانتقال فان تواصل المعارضة مع جماهيرها يجب ان لايكون مكبلاً باي قيود بالاضافة الى الحق في التظاهر وغيره,مع الوضع في الاعتبار ان الفترةالتي تسبق الانتخابات القادمة ليست كافية , والانتخابات ستكون مدعومة دولياً اذ ليس خافياً الادوار الكبية التي يقوم بها الاتحاد الاروبي لاستقرار الوضع في السودان لوقف تدفق اللاجئين الى هذه البلدان التي ضاق مواطنيها بالهجرة واللاجئين مما اروبا تراهن على استقرار السودان كدولة مصدر ومعبرللاجئين في ذات الوقت.
ان الوصول الى سلام مع المجموعات المسلحة قبل الانتخابات امر متوقع, على خلفية ان القضايا السودانية تم رهنها للخارج, الامر الذي سيثبط جهود المعارضة في اسقاط النظام لجهة الضمانة الدولية ستتوافر للوضع الجديد بالاضافة الى ان ذلك سيدفع بالنظام الى مزيد من التماسك وتسوية خلافاته الداخلية او على الاقل تاجيلها لتفكيك المجموعات التي ستصل معها الى سلام .
خلاصة القول ان رفع العقوبات جزئياً يوفر مناخ سياسي جديد يمكن استثماره بواسطة القوى السياسية لاحداث تغير في السودان, وبتعبيراخر يفتح الباب لحل سياسي باعتباره الاساس للاستقراروبدونه يصعب الاستفادة من رفع العقوبات او اي انفراج في العلاقات الخارجية.
[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 520

خدمات المحتوى


خالد عبدالله ابكر
مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة