الحركة الاسلامية .. الشكل و المضمون
11-04-2017 11:27 AM
تعرض الإسلاميون في السودان لانقسام شهير عبر عن اختلاف كبير في رؤى كل طرف لطريقة الحكم .. يكفي هذا للتأكيد على عدم وجود (وصفة) محددة للحكم , و إلا لما بعدت الشقة بين الفريقين حتى صارا على طرفي نقيض , يسعى أحدهما لإرسال إخوان الأمس إلى السجن و يسعى الآخر لقلب نظام الحكم , رغم أن أياً منهما لم يتهم الآخر بالخروج عن الدين .
تلك التجربة تؤكد أن صفة (الإسلامي) الملحقة بالتنظيم السياسي لا تجعله معبراً عن حق الهي لا يتعدد ؛ و من ثم فإن الادعاء بأحقية التنظيم الإسلامي بتمييز ايجابي يضعه فوق الأحزاب (العادية) ادعاء باطل .
رغم وضوح هذه الحقيقة الناصعة التي أجلتها تجربة المفاصلة بين الإسلاميين في السودان , لكن ما زال البعض يتمسك بأشكال و لافتات و كأنها جوهر الفكرة , و لو تمرغت الفكرة بأوحال الفساد و الفشل و القهر , حسب ادعاء ذات المتمسكين بالشكل و اللافتة .. يتبدى ذلك في مخاوف أبداها رموز في حزب المؤتمر الشعبي من أن يكون ثمن رفع العقوبات الأمريكية عن السودان هو الحركة الإسلامية , فتزاح عن المشهد استجابة لشرط أمريكي .. و يعجب المرء من صدور المخاوف على الحركة الإسلامية عن المؤتمر الشعبي , رغم أن الحركة هي الحاضنة الفكرية لنظام الإنقاذ الموصوف من قبل المؤتمر الشعبي بكل ما هو قبيح طوال فترة معارضة و مقاومة الشعبي لنظام الإنقاذ , التي امتدت منذ المفاصلة في العام 1999 و لفترة تزيد عن خمسة عشر عاماً .. فما الذي يخيف من غياب حاضنة فكرية أفرزت كل تلك المساوئ بمعايير الشعبيين أنفسهم ؟
هذا من أفضل الأمثلة التي تشرح الاستغراق في الاهتمام بالشكليات . و قد نسمع من الشكليين في غد قريب أنهم قد يبذلون المهج و الأرواح دون سقوط راية الحركة الإسلامية , لأن نهجهم الخيالي يجعلهم يستمرئون وجود لافتة إسلامية كحركة سياسية في إناء بلوري جميل لا يختلط بتراب الخلاف و أخطاء الممارسة , فيلحق النقد و الهجوم و السباب بأعضاء الحكومة , لكن تظل الحركة محصنة من كل نقد و لو كان كل أعضاء الحكومة ـ مهدرة الدم , أعضاء في الحركة المبرأة من كل عيب .
عندما يقر الشكليون بأن كياناتهم السياسية تخضع كغيرها لمعايير التقييم التي تخضع لها كل التنظيمات , و أن صفة الإسلامية لا تمنحهم تمييزا ايجابياً , فإنهم بذلك لا ينخرطون بانسجام في المنظومة السياسية فحسب , بل يحملون عن كاهلهم عبئا ثقيلا تطوعوا بحمله حينما قدموا تنظيمهم كيانا ملائكيا لا يخطئ .
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
عادل ابراهيم حمد
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|