بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكاتب عبدالله الشقليني،
بعد التحية والسلام لشخصكم الكريم
قرأت بتعجب واندهاش مقالكم في حق د. بدوي مصطفى، رحمه الله، الذي حملتموه فيه، دونما أدنى حق أو علم وبعد تحليل سطحيّ لا منطقيّ، قضيّة كارثة التعليم انطلاقا من منهجية تعريبه التي ناضل من أجلها في مجلس الوزراء إذذاك. قضيّة التعريب يا سيدي الكريم قضية بيداغوجية، اجتماعيّة وثقافية شائكة ومعقدة إلى أبعد الحدود لا يتثنى في غضون مقال صحفي متسرّع رصدها وتحليلها، دون دراية أو معرفة بمساطر وتقنيات علم الاجتماع وللأسف أنكم في هذا المقال تجرمون هذا الرجل – رحمه الله – دون حق، أمالكم كيف تحكمون؟!
كنت أتمنى أن تتوخوا الحذر أخي في الحديث عن أعلام هذه البلد وأن يكون المقال علميّ تسنده ركائز بحثيّة معتمدة على أدلّة علميّة بينّة بدلا من الانطباعيّة الشخصيّة فيه التي لا تقدم ولا تؤخر بل تحسب عليكم وعلى سطحية العمل الصحفي المتسرع. هذه جريمة في حق الرجل!
اسمح لي أن أشير إلى أهميّة الحذر في الحديث عن أعلام هذه البلد في الآتي:
أولا: خطورة الحديث عن رجل له أياد سابغة على هذا البلد، أولها في النضال وفي استقلاله ذلك مع الرعيل الأول، من أولئك الذين ضحوا بالنفيس والغالي من أجل رفعته ومن ثمّة نضاله السياسي المستميت ضد تسلط المستعمر وفوق هذا وذلك ترسيخ الحراك والعمل الصحفي في البلد ككاتب ورئيس تحرير لعدة صحف على مدى السنين؛
ثانيا: كان ينبغي عليكم من جهة، الرجوع إلى مرجعيات علميّة وتوثيقية وإلى من عرفه حق المعرفة ووقف على عمله ونضاله في مجلس الوزراء من أجل إنشاء صروح علميّة خرّجت الملايين إلى الآن، على سبيل المثال لا الحصر الجامعة الإسلاميّة، كلية القرآن الكريم، إضافة إلى الدعم الاقتصادي الذي انبثق من انشائه لمصلحة صندوق الزكاة، ومن جهة أخرى الإلمام بقضايا التعريب أو التعليم بلغة غير اللغة الأم (أو المتداولة في البلد) ذلك تجدونه في بطون علم الاجتماع وفي أبحاث علميّة عديدة.
ثالثا: كان د. بدوي مصطفى شموليا واسع الأفق متسامحا رغم تدينه وورعه، بعيد النظر في كثير من الأمور السياسية سيما قضية تعريب التعليم بلغة البلد، وهذه القضية أعطت أكلها وأظهرت نجاحها في السودان، هذا البلد، الذي خرج في تلك الفترة عباقرة في كل المجالات الأدبية أم العلميّة، يشار إليهم بالبنان إلى هذا اليوم، وساهموا في بناء التعليم والدولة في العديد من الدول العربية والأوروبية حتى، ولم يكن التعليم في زمنه وضيعا مبتذلا – كما تدعي - بل كان رسالة سامية دافع عنها وحافظ عليها بكل ما ملكه من أيمان وشجاعة. وأعلام البلد من الرعيل السابق خير محام لما وضعه من قواعد وأسسه من بناء في النهوض بعجلة التعليم في السودان في الستينيات.
لكن ماذا فعل الذين أتوا من بعده؟ لماذا لم تتحدث عن تغيير السلم التعليمي في البلد من اثنتي عشرة سنة إلى أحد عشرة؟ لماذا لم تتطرق إلى الزخم الموادويّ في العديد من المراحل التعليميّة التي أدخلتها الإنقاذ دون تخطيط أو دراية؟
رابعا: هل تعتقد أن مشكلة التعليم هي فقط اللغة العربية؟ نعم، اللغة العربية في ضائقة الآن وليس الأمر بهذه السهولة أن نربط تطور العقول بلغة ما؟ ها هي الدول الأفريقية تدرس باللغتين الفرنسية والانجليزية، أين هي من الحراك العلميّ والثقافي في العالم؟ القضية أعمق مما تتصور سيدي الكريم. وها هي الصين تعلم بلغتها، وهل كان ينبغي عليها أن تتخذ اللغة الانجليزية أيضا منهجا لتصل إلى ما وصلت إليه الآن؟
نحن نفتقد إلى أبجديات أوليّة منها مناخ ملائم وإلى الحريات العامة منها حرية التفكير وحرية الرأي وكل الحريات الأخرى التي وأدها هؤلاء ومارست وأدها الأنظمة السابقة من نميري إلى البشير، فهل تنتظر من اللغة الانجليزية أن تخرجنا من هذا المأزق بعد؟
ارجع البصر فيما كتبت يا أخي، ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك هذا التجريم خاسئا وهو حسير وينقلب إليك السرد الانطباعي بما لا ترضى عنه أنت.
بدوي مصطفى والأزهري ومحمود ويحيى الفضلي وكثيرون هم اسماء ندين إليها في أعمالها الخالدة وينبغي على كل فرد منّا أن يحترم هذه الهامات وهؤلاء الرجال المؤسسات لما قدموه من عمل ناكرين للذات في حق السودان وحق أمته.
ردود على Arabisation
[ميمان] 11-07-2017 09:29 AM
يا أخي انت اوف بوينت ولم ترد على الموضوع الأساسي المثار. الرجل لم يتصدى لشخص بدوي مصطفى بل لقرار خاطئ اتخذه الاستاذ بدوي مصطفى وهو تعريب التعليم الذي اتخذ دون دراسة ودراية ومعرفة بمآلات السودان واصبحنا بسببه مجموعة من الجهلة
[عبدالله] 11-07-2017 12:27 AM
اقتباس:ان د. بدوي مصطفى شموليا واسع الأفق متسامحا رغم تدينه وورعه، بعيد النظر في كثير من الأمور السياسية سيما قضية تعريب التعليم بلغة البلد، :
يازول خلي الكركبة والتطويل الما فيها فايدة وخلينا نتكلم عما جنيناه من التعريب, انت عارف انو التعليم بقي يعتمد علي اللغة الانجليزية ومعظم المراجع والمجلات العلمية تكتب فيها المقالات بهذه اللغة, اما اللغة العربية فمنتوجها العلمي ضعيف وذلك لعدم توفر المراجع والمجلات المحكمة.
هل تعلم لماذا يفشل الطالب السوداني في الحصول علي منح دراسية خارج السودان؟ السبب لانهم لا يجيدون اللغة, هل تعلم لماذا قل منتوج البحث العلمي من الاساتذة السودانيين في المجلات العالمية وخاصة الاساتذة الذين نهلوا من بالوعة التعريب ؟ الاجابة نفس السبب , لماذا تصدر جامعة الملك سعود والملك عبدالعزيز صدارة التصنيف للجامعت العربية؟ لان اساتذتها يقدمون منتوج علمي غزير في الدوريات المتخصصة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكاتب عبدالله الشقليني،
بعد التحية والسلام لشخصكم الكريم
قرأت بتعجب واندهاش مقالكم في حق د. بدوي مصطفى، رحمه الله، الذي حملتموه فيه، دونما أدنى حق أو علم وبعد تحليل سطحيّ لا منطقيّ، قضيّة كارثة التعليم انطلاقا من منهجية تعريبه التي ناضل من أجلها في مجلس الوزراء إذذاك. قضيّة التعريب يا سيدي الكريم قضية بيداغوجية، اجتماعيّة وثقافية شائكة ومعقدة إلى أبعد الحدود لا يتثنى في غضون مقال صحفي متسرّع رصدها وتحليلها، دون دراية أو معرفة بمساطر وتقنيات علم الاجتماع وللأسف أنكم في هذا المقال تجرمون هذا الرجل – رحمه الله – دون حق، أمالكم كيف تحكمون؟!
كنت أتمنى أن تتوخوا الحذر أخي في الحديث عن أعلام هذه البلد وأن يكون المقال علميّ تسنده ركائز بحثيّة معتمدة على أدلّة علميّة بينّة بدلا من الانطباعيّة الشخصيّة فيه التي لا تقدم ولا تؤخر بل تحسب عليكم وعلى سطحية العمل الصحفي المتسرع. هذه جريمة في حق الرجل!
اسمح لي أن أشير إلى أهميّة الحذر في الحديث عن أعلام هذه البلد في الآتي:
أولا: خطورة الحديث عن رجل له أياد سابغة على هذا البلد، أولها في النضال وفي استقلاله ذلك مع الرعيل الأول، من أولئك الذين ضحوا بالنفيس والغالي من أجل رفعته ومن ثمّة نضاله السياسي المستميت ضد تسلط المستعمر وفوق هذا وذلك ترسيخ الحراك والعمل الصحفي في البلد ككاتب ورئيس تحرير لعدة صحف على مدى السنين؛
ثانيا: كان ينبغي عليكم من جهة، الرجوع إلى مرجعيات علميّة وتوثيقية وإلى من عرفه حق المعرفة ووقف على عمله ونضاله في مجلس الوزراء من أجل إنشاء صروح علميّة خرّجت الملايين إلى الآن، على سبيل المثال لا الحصر الجامعة الإسلاميّة، كلية القرآن الكريم، إضافة إلى الدعم الاقتصادي الذي انبثق من انشائه لمصلحة صندوق الزكاة، ومن جهة أخرى الإلمام بقضايا التعريب أو التعليم بلغة غير اللغة الأم (أو المتداولة في البلد) ذلك تجدونه في بطون علم الاجتماع وفي أبحاث علميّة عديدة.
ثالثا: كان د. بدوي مصطفى شموليا واسع الأفق متسامحا رغم تدينه وورعه، بعيد النظر في كثير من الأمور السياسية سيما قضية تعريب التعليم بلغة البلد، وهذه القضية أعطت أكلها وأظهرت نجاحها في السودان، هذا البلد، الذي خرج في تلك الفترة عباقرة في كل المجالات الأدبية أم العلميّة، يشار إليهم بالبنان إلى هذا اليوم، وساهموا في بناء التعليم والدولة في العديد من الدول العربية والأوروبية حتى، ولم يكن التعليم في زمنه وضيعا مبتذلا – كما تدعي - بل كان رسالة سامية دافع عنها وحافظ عليها بكل ما ملكه من أيمان وشجاعة. وأعلام البلد من الرعيل السابق خير محام لما وضعه من قواعد وأسسه من بناء في النهوض بعجلة التعليم في السودان في الستينيات.
لكن ماذا فعل الذين أتوا من بعده؟ لماذا لم تتحدث عن تغيير السلم التعليمي في البلد من اثنتي عشرة سنة إلى أحد عشرة؟ لماذا لم تتطرق إلى الزخم الموادويّ في العديد من المراحل التعليميّة التي أدخلتها الإنقاذ دون تخطيط أو دراية؟
رابعا: هل تعتقد أن مشكلة التعليم هي فقط اللغة العربية؟ نعم، اللغة العربية في ضائقة الآن وليس الأمر بهذه السهولة أن نربط تطور العقول بلغة ما؟ ها هي الدول الأفريقية تدرس باللغتين الفرنسية والانجليزية، أين هي من الحراك العلميّ والثقافي في العالم؟ القضية أعمق مما تتصور سيدي الكريم. وها هي الصين تعلم بلغتها، وهل كان ينبغي عليها أن تتخذ اللغة الانجليزية أيضا منهجا لتصل إلى ما وصلت إليه الآن؟
نحن نفتقد إلى أبجديات أوليّة منها مناخ ملائم وإلى الحريات العامة منها حرية التفكير وحرية الرأي وكل الحريات الأخرى التي وأدها هؤلاء ومارست وأدها الأنظمة السابقة من نميري إلى البشير، فهل تنتظر من اللغة الانجليزية أن تخرجنا من هذا المأزق بعد؟
ارجع البصر فيما كتبت يا أخي، ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك هذا التجريم خاسئا وهو حسير وينقلب إليك السرد الانطباعي بما لا ترضى عنه أنت.
بدوي مصطفى والأزهري ومحمود ويحيى الفضلي وكثيرون هم اسماء ندين إليها في أعمالها الخالدة وينبغي على كل فرد منّا أن يحترم هذه الهامات وهؤلاء الرجال المؤسسات لما قدموه من عمل ناكرين للذات في حق السودان وحق أمته.