التكامل الاقتصادي بين "دولتي السودان"ضرورة حتمية لمصالح الشعبين
11-17-2017 04:25 AM
يواجه الاقتصاد في الدولتين في الوقت الراهن مجموعة كبير من الاخطار والتحديات التي تتطلب إعطاء العمل المشترك دفعة قوية تتناسب مع مستوي هذه التحديات والأخطار والتي تمكنه من مواصلة العمل الجاد والطموح لتحقيق التكامل الاقتصادي التي تستهدف في المقام الاول إشباع حاجات المواطنين الاساسية ورفع مستوي معيشتهم و أمنهم واستقرارهم و لايتسني ذلك الا من خلال تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدولتين وهذا التكامل يقودنا الي أهمية قيام السوق المشتركة بين الدولتين وتفعيل القرارات الاساسية لمواجهة تلك الاخطار والتحديات ، علي رغم من ذلك نجد ان هنالك أسباب كافية للتعاون بين مواطني الدولتين منه ، ان الدولتين كان دولة واحدة، وعلى الرغم من وجود الكثير من القواسم المشتركة بين شعبين الدولتين كاللغة والتاريخ المشترك والعلاقات الاجتماعية الوثيقة سواء القبلية أو العائلية.فبعض الدول التي حققت مراحل متقدمة جدا من التكامل الاقتصادي وأصبحت مثالا يحتذى به في التكامل على المستوى العالمي، لا توجد بين دولها نصف ما توجد من العناصر التي تجمع الدولتين ، فبعضها ليست لها لغة مشتركة، وليس لها تاريخ مشترك، بل أن تاريخها موسوم بالحروب الطاحنة على مدى القرون، والتي كانت آخرها الحرب العالمية الثانية.
ولكن اذا نظرنا الي دولتي السودان نجد هناك الشروط الكافية والضرورية لتحقيق التكامل ،علما بانه قد كان للدولتين الرغبة في تحقيق التعاون والتكامل الاقتصادي منذ التوقيع علي اتفاقية الحريات الأربعة بينهما في مارس من عام 2012م ، وعلى الرغم من ذلك فقد تعطل مشروع الحريات الأربعة لأكثر من ستة سنوات نتيجة للخلافات السياسية بين الدولتين من جهة، ونتيجة لانشغال جنوب السودان بالحروب الأهلية والصراعات السياسية ، من جهة أخرى.
ومما لاشك فيه ان هناك حيزاًمشتركاً للمصالح الأمنية والإنمائية بين الدولتين للضرورة التعاون بشكل او اخر وذلك بحكم التاريخ المشترك وتنوع الموارد والثروات الاقتصادية واختلاف مستويات التطور الاقتصادي وذلك في إطار التعاون الاقتصادي الجزئي او التكامل الشامل من خلال تنمية التبادل التجاري لتعزيز وتقوية العمل المشترك ، ولذا يبقي التطبيق العملي هو الفيصل في الحكم علي مدي جدوي الامر الذي يحتاج الي إدارة سياسة تؤمن بضرورة التكامل والعمل الاقتصادي المشترك وان مصالح الدولتين يمكن أن تتواءم حتي يتمكنوا من مجابهة الاخطار والتحديات التي تواجه الدولتين في الوقت الراهن ، وهذا كله يحتاج الي إرادة سياسة من قبل المسئولين السودانين في الدولتين وذلك من خلال النظر الي مصالح شعبيهم .
ولكن علي الرغم من الإحباط الذي نعايشه بصورة يومية من قبل القائمين بإدارة الدولتين ، لا يزال أمل السودانين في دولتين شمالاً وجنوباً في ان تنصهر الدولتين في كيان اقتصادي واحد ينتقل فيه المواطنين بكل حرية للعمل والاستثمار ، وهي المرحلة التي تتطلع اليه شعوب الدولتين بشغف لرؤية قيام السوق المشتركة والتي من المتوقع أن تحدث نقلة نوعية في العمل المشترك.
فالسوق المشتركة سوف تساهم بشكل كبير في تحقيق التقارب بين الدولتين وتؤدي إلى استغلال أفضل للموارد الطبيعية والمالية والبشرية في الدولتين بشكل يساهم في رفع المستوى المعيشي للمواطنين ،علي رغم من ذلك فان هناك عددًا من العوامل التي أدت إلى تعويق تطبيق الحريات الأربعة و التكامل الاقتصادي بين الدولتين ، وعلى رأسها العوامل السياسية، والتي تتعلق بعدم توافر الإرادة السياسية، والتي تضمن التزام الدولتين بكافة القرارات التي تعمل على تنفيذ الحريات والتكامل ووضعها موضع التطبيق، والمتابعة المستمرة لها، وتطوير أساليب العمل، وضمان استمرار فعاليته.
ومن أبرز مظاهر ضعف الإرادة السياسية، ان الدولتين لم يعطِ مؤسساتها، الدور أو القدرة اللازمة لتفعيل العمل المشترك بينهما ، بالإضافة إلى المشكلات البينية القائمة لدى الدولتين في بعض القضايا العالقة التي تتمثل في ترسيم الحدود والمناطق المتنازعة عليها .ولذلك يمكن القول لتفادي تلك المشاكلات لابد من العمل علي تغليب المصالح الاقتصادية على الخلافات السياسية،و الاستفادة من تجارب الدول التي حققت مراحل متقدمة من التكامل الاقتصادي ، وأخذ العبر من الدول التي فشلت في تحقيق أي تكامل فيما بينها، والتي أصبحت عرضة للأزمات المالية الاقتصادية والسياسية. والعمل علي تقوية البناء القانوني والمؤسسي الضروري للتكامل الاقتصادي، و إعطاء الدور الأكبر للقطاع الخاص في تحقيق التكامل الاقتصادي، وذلك من خلال إشراكه في المفاوضات التجارية، وتشجيعه على الاستثمار في الدولتين .
ولكن علي الرغم من وجود الأسباب الحقيقة التي تفسر عدم تنفيذ قرارت العمل الاقتصادي بين الدولتين ولكن تبقي خيار التكامل الاقتصادي بين الدولتين ضرورة ملحة في الوقت الراهن لمصالح الشعبين .
جون ديفيد لام أتونق
باحث واكاديمي بمركز دايفرسيتي للدراسات الاستراتيجية - جوبا
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
جون ديفيد لام أتونق
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|