جاءت صرخة ميلاده الأولى وعرفته الدنيا وهو في بيت فقير من كل شيء، إلا العفة وطهر اليدين والقيم الرفيعة، وكبر الطفل مضوي محمد أحمد وبدأ حياته فقيراً يبيع الملح والليمون من أصحاب المزارع ثم يشتري منها أيضاً الفول والبيض حتى تدرج في دنيا المال والأعمال حيث خاض تجارة الإسبيرات وتمكن من الحصول على توكيل شركة فورد ثم أسس شركة تأمين حتى صار من الأثرياء..
عاش الحاج مضوي محمد أحمد – رحمه الله - عصامياً بسيطاً تلقائياً لا يخشى في الحق لومة لائم، ولذلك عندما كان الرجال يجثو كل واحد منهم على ركبتيه يقبّل أيدي الرجال، كنا نقرأ في الصحف تصريحاته التي يقول فيها: (نقول هذا الحزب ليس ملكاً لأحد، فالحزب أرضٌ على الشيوع، أي اتحادي يمتلك فيه حصته، والعبرة بالعمل، والعبرة بالعطاء وليس بالاسم أو الميرغني، الشريف حسين صار زعيماً لأنه قدّم للحزب، وليس لأنه ابن الشريف الهندي، ومحمد إسماعيل لا نتعامل معه باعتبار أنه ابن الزعيم أو وارث للحزب، ولكن بما يعمل، ومحمد عثمان الميرغني يمكن أن يرث السيد علي في الختمية، ولكن في الحزب لا).
وعندما كانت الإنقاذ على أشد قبضتها الحديدية كنا نسمعه يقول:(أنا رأيي كالآتي... الحكومة سرقت الحكم واللي يشترك معاها يعتبر متهمًا باستلام المال المسروق.. والسارق والمستلم جريمتهما واحدة في القانون).
السياسة جاءته تمشي على استحياء ولم تكن يومًا من طموحاته وتطلعاته وكان طريقه إليها الحماس والرغبة الصادقة في دعم الحركة الوطنية وهو الذي يقول:(ولجتُ إلى مؤتمر الخريجين، لم يكن من الممكن أن أنضم إليه لأنني خريج خلوة حتى جاء القرار الذي سمح بمقتضاه من يفك الخط بالانضمام إلى المؤتمر)..
وعن نفسه يقول الحاج مضوي محمد أحمد: (أنا أديتُ رسالتي في الحياة.. ما سرقت.. ولا كذبت.. ولا شربت الخمر.. ولا زنيت.. ولا ارتشيت.. ولم أدخل على مالي حراماً).
ما أحوجنا إلى هذه الصفات التي أراهن على أنها لو توفَّرت لربع النخب السياسية بالبلاد لما كان هذا الحال المائل والبؤس الذي ضرب الحياة السياسية بالبلاد، هذه الصفات الحسنة هي التي أبقت الحاج مضوي عصياً على محاولات الاستقطاب التي تمارسها الأنظمة الشمولية مع آخرين، فعندما فشل النظام المايوي معه دبر له مكيدة بحسب ما قال في حوار صحفي (أنا قضيت سبع سنوات من عمري في سجونه ومعتقلاته وعارضته، وقد دُبرت لي مؤامرة بأن وضعوا في مزرعتي وفي مواسير مزرعتي أسلحة واعتقلت بتهمة أني أقود مؤامرة مسلحة)..
الصيحة
المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.