السودان ولعبة المحاور
11-30-2017 01:01 PM
في 12 أغسطس 1993 أدرجت وزارة الخارجية الامريكية السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب ردا على استضافة زعيم القاعدة أسامة بن لادن. وفي عام 1996 أوقفت الوليات المتحدة عمل سفارتها في الخرطوم. وفي 3 نوفمبر 1997 أصدر الرئيس بيل كلينتون قرار تنفيذيا بفرض عقوبات مالية وتجارية على السودان تم بموجبها تجميد الأصول المالية السودانية.
فبعد هذه العقوبات اتجهت الحكومة السودانية الي محور ما يسمي بالمقاومة وهو المحور الإيراني السوري الفلسطيني (حماس)
وترجع هذه السياسة العدوانية التي انتهجتها الحكومة تجاه كل هذه الدول لعدم النضوج السياسي واتباع سياسة (النبيح والشتم) وهذا الأسلوب ليس له أي علاقة بالسياسة وقد زادات هذه العزلة عندما احتل صدام حسين الكويت، فالسودان وقف بجانب صدام في غزوه للكويت مخالفا بذلك كل الدول العربية والعالمية وقد ادي ذلك لقطع العلاقات مع معظم دول الخليج.
ووجدت إيران في موقف السودان فرصة سانحة لها للتدخل في السودان ونشر المذهب الشيعي وتكون بذلك احكمت المحاصرة على المملكة العربية السعودية من كل مكان، وقد تحسنت هذه العلاقة بين السودان وإيران بصورة كبيرة جدا لدرجة ان سفارة إيران بدأت بفتح مراكز ثقافية في كثير من الاماكن في السودان وكانت مهمتها نشر المذهب الشيعي الجديد كليا على الشعب السوداني فالمعروف ان الشعب السوداني جميعه سنة والاقلبية هم صوفيه والذين عرف عنهم حبهم لأهل البيت كما الشبعة. وبالفعل بدا يظهر التشيع في السودان بفضل هذه المراكز الثقافية.
ولما شعرت الدول الخليجية بهذا الخطر الذي بدا يظهر لها من الغرب اضطرت الي ان تراجع سياساتها تجاه السودان ولذلك دخلت مع الحكومة السودانية في مفاوضات بان تقطع الحكومة السودانية علاقتها مع ايران وأقفال جميع المراكز الثقافية في البلاد في مقابل ضم السودان الي المحيط الخليجي والمساعدة في رفع العقوبات الامريكية عن السودان واستثمارات ضخمة في الزراعة والتعدين والكهرباء لمساعدة الاقتصاد السوداني وبالفعل انضم السودان للمحور السعودي الخليجي وانسحب من المحور الإيراني وقام بقفل السفارة الإيرانية واقفال جميع المراكز الثقافية ،ولما حدثت حرب اليمن انضم السودان الي السعودية والامارات في هذه الحرب بل كان من اكثر الدول حضورا في الأرض من حيث عدد الجنود المشاة.
وبعد دخول السودان في المحور السعودي والمشاركة في عاصفة الحزم في اليمن وبعد مرور سنتين تم رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان من قبل الوليات المتحدة الامريكية ،وكان ذلك ثمرة مفاوضات استمرت اكثر من ستة شهور ،وقد أوضح وزير الخارجية السوداني ان هذه العقوبات رفعت بمساعده دولة الامارات والمملكة العربية السعودية ،وبعد رفع العقوبات عادت الحكومة الامريكية لسياستها المفضلة وهي لعبة العصا والجزرة ففي كل يوم تفرض شروط جديده علي الحكومة ،ويبدو ان الحكومة كانت لها طموحات عالية من الاخوة العرب في دعم الاقتصاد السوداني بعد رفع العقوبات وهذا الذي لم يحدث ،وفي اخر لقاء للرئيس السوداني مع قناة (R T ) أوضح ان العقوبات رفعت ولكن البنوك لم تباشر عملها مع السودان وعند سؤال البنوك يقولون لم تأتيهم تعليمات رسمية بالتعامل مع السودان وينطبق هذا مع البنوك العربية أيضا.
وفي الزيارة الأخيرة للرئيس السوداني لروسيا كانت المفاجأة للجميع حتي للمقربين من الحكومة ان يطلب الرئيس السوداني من بوتين حماية السودان من أمريكا وان أمريكا قسمت السودان وهي الان تريد تقسيم السودان الي خمسة دول وطلب من بوتين انشاء قاعدة في البحر الأحمر مقابل الحماية من أمريكا ،وقد أدت هذه التصريحات التي قالها البشير الي كثير من اللغط في العالم وداخل السودان فمعظم السودانيين استاءا من هذه التصريحات في ظل التقارب الأمريكي ورفع العقوبات ويبدو ان الرئيس السوداني احس ان هناك تسويف من الجانب الامريكي وزياده في الضغوطات ويريد مزيد من التنازلات وفي نهاية المطاف لن يأخذ من الوليات المتحدة الا الذي تريد ان تعطيه إياه ولذلك قرر ان لا يضع جميع البيض في سلة واحده ،وهذا هو الصحيح في السياسة الخارجية فعدو اليوم يمكن ان يصبح صديق الغد ويرجع كل ذلك للمصلحة العامة للدولة ،واذا نظرنا الي مصر فمصر لم تتدخل في حرب اليمن وقد حاولت دول الخليج الضغط عليها بوقف البترول عنها وتوقيف بعض المشاريع ولكن مصر لم ترضخ لهذه الإملاءات لان سياسة جيشها تقوم علي حماية مصر فقط ورغم ذلك نجد ان القروض تتدفق علي مصر وتم اعاده ضخ النفط لها من جديد ويرجع ذلك لان مصر لها جيش قوي من حيث العدة والعتاد ويعتبر اقوي جيش عربي وافريقي والدول الكبرى لا تحترم الا القوي فاذا كنت قويا تجد الناس يفاوضونك ويعطونك اعتبار واما اذا كنت ضعيفا فلا قيمة لك..
وهذا ما حدث مع إيران لان إيران دولة قوية ولها صواريخ بالستية وصناعات نووية جلس الغرب كله معها ووصل معها الي اتفاق بما عرف (الاتفاق النووي الإيراني).
يجب على الحكومة السودانية ان تبني علاقاتها الخارجية على المصالح فقط وان تكون براغماتية جدا في ذلك ويجب الاقتداء بتركيا التي يمكن ان تصالح وتعادي دولة في يوم واحد، ويجب ان لا نعادي دولة من اجل خاطر دولة اخرى فالعلاقات الخارجية لا تبني بالعاطفة.
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
حذيفه الباقر
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|