المقالات
السياسة
مدد يا روسيا
مدد يا روسيا
12-06-2017 11:06 AM


جاء في الأنباء أن الرئيس عمر البشير طالب من روسيا حمايته من امريكا وعرض عليها التواجد في البحر الأحمر (بورتسودان) ولا ندري أن كان هذا معاهدة سكرية أو مجرد قواعد ....
يبدو أن العالم تغير ففي الماضي كانت تطلب القواعد أما الآن نطلب نحن القواعد ورحم الله قادة عدم الانحياز نهرو وناصر وتيتو وسوكارنو وغيرهم , ربما أن الرئيس لاحظ حماية روسيا لنظام الأسد وأراد ذلك ولكن الأمر هنا فيما اعتقد يختلف تماماً لأن سوريا هي الموقع الوحيد الباقي لروسيا ولها قاعدة حربية كبيرة ومنطقة استراتيجية مهمة بالنسبة لها وامريكا تركت روسيا تعربد في سوريا لسببين أولهما أن نظام الأسد حافظ على امن اسرائيل ولم يطلق طلقة واحدة منذ تسلم السلطة هذا مهم جداً لاستراتيجية امريكا والثاني أن روسيا تعاني وضعاً اقتصادياً صعباً خاصة بعد تدهور اسعار البترول ولذلك ارادت امريكا استئنزاف روسيا كما فعلت في افغانستان بدليل ان روسيا الآن تبحث عن حل سياسي للمشكلة ولم تضع الأسد عقبة في مباحثات جنيف الآن وعموماً لا ندري كيف ستكون الحماية للسودان ولا أظن أنها سوف تقبل عرض كهذا دون دراسته ومعرفة تفاصيله الدقيقة.
مشكلة الرئيس الروسي بوتين أنه أصبح له عقدة من امريكا لأنه يعتقد أنها عملت على تفكيك الاتحاد السوفيتي وهو لا ينسى ما حدث حائط برلين حين كان يعمل بالمانيا الشرقية ولذلك هو مستعد للوقوف ضد امريكا حتى ولو كانت محقة وكمال قالت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة هليري كلنتون أن بوتين في استراتيجية سوى القصيرة أو الطويلة المدى بتفكيك امريكا اذا استطاع وما تدخله في الانتخابات الأخيرة الا خطوة أولى كما أن الحديث عن مشروع القبضة السوداء ايضاً ضمن برنامجه , والحديث عن احتمال انفصال الاسكا والتذمر في كلفورنيا كلها مؤشرات تخدمه , عموماً سقوط الاتحاد السوفيتي كانت أسبابه بالدرجة الأولى خطأ سياسته الداخلية بالإضافة إلى الاختراقات الأمينة الامريكية داخل أعلى السلطة لدرجة أن الرئيس يلسون حينما تسلم السلطة انقلب على الحزب , أذكر عام 1973م وكنت بالاتحاد السوفيتي ودار حديث حول سحب بطاقات عضوية الحزب لتجديدها , الآن عدد كبير أنضم للحزب من أجل المصلحة وليس المبادئ (المؤتمر الوطني) ولكن ذلك لم يحدث ولا أدري لماذا ربما اذا حدث لكان الأمر اختلف وأذكر في أول أيام الانقاذ عقد الاستاذ موسى يعقوب وكان رئيساَ لتحرير جريدة الانقاذ ندوة حول أسباب سقوط الاتحاد السوفيتي.
ودار حديث حول نية امريكا بتفكيك السودان إلى خمسة دويلات وهذا حديث غير صحيح ليس دفاعاً عن امريكا ولو كان لديها مصلحة والبيئة مناسبة سوف تفعل ولكن يجب ان لا نبحث عن شماعه كل مرة لمشاكلنا , موضوع تفكيك السودان إلى خمسة دويلات هو عبارة عن دراسة اكاديمية قام بها مركز الدراسات الاستراتيجية الاهرام في ثمانينات القرن الماضي وأنا تحدثت مع أحد الذين اشتركوا في ذلك البحث ولا أريد أن أتنازل هذا هنا ونقلت هذا الموضوع أبان العهد الديمقراطي لكل المسئولين وأوضحت لهم خطورة هذا الأمر لأن البحث يتحدث عن أن السودان سيظل ممزقاً حتى نهاية القرن واذا استمر الحال على ذلك سوف تبدأ التفكك مع بداية القرن وأوضحت لهم أني أخشى أن تتصارعوا حول الخرطوم فقط بعد ذلك وبالطبع لم يهتم أحد حتى قام انقلاب الانقاذ وأثرت الموضوع مرة أخرى ولكن هذه المرة كتابة على الصحف فنشرت مقالاً بحث بعنوان (السودان تبحث عن زعيم بالرأي العام بتاريخ ابريل 1999م ثم رسالة مفتوحة للراحل الترابي بالرأي العام سبتمبر 19991م ثم رسالتين للسيد علي عثمان محمد طه (كان وزيراً للخارجية) في نوفمبر 1996م ثم رسالة مفتوحة للتجمع الديمقراطي بالرأي العام أبريل 1998م بحسبان أن الأمر يهمهم ثم رسالة إلى ابناء وطني في الرأي العام 1999م ليعرفوا حقيقة زعمائهم ومصير وطنهم ثم رسالة للرئيس عمر البشير في أبريل 200م وكل هذه الرسائل أعدت نشرها في كتابي مشوار دبلوماسي للتاريخ ولكن يبدو أن لا أحد يقرأ واذا قرأ لا يستوعب فالسياسة فهلوة ووجاهة ومصالح شخصية أو فئوية أو حزبية ومصلحة الوطن هي أخر شئ يفكر فيها الذين امتهنوا العمل السياسي للأسف والذين فرضوا علينا بقوة السلاح.
كنت أفعل ذلك وفي ذهني مباحثات الجنوب وهو المحك والتجربة الماثلة من حيث التفكيك أولاً خاصة بأمريكا المفترى عليها الآن في هذه الحالة , تقدمت في عام 1991م بمبادرة كان أساسها وحدة السودان ووقف الحرب وعقد السيد عثمان أحمد حسن وكان رئيس اللجنة السياسية بمجلس الثورة اجتماعاً بمجلس الوزراء ضم جهاز الأمن والاستخبارات العسكرية والخارجية (وكنت امثلها) واعضاء من اللجنة السياسية مجلس الثورة وناقشنا المبادرة وكان الاتفاق أن تقبل المبادرة لأن أهم ما جاء بها هو وحدة السودان ووقف الحرب ورفع الأمر ولا أدري إلى من وقتلت المبادرة وانفصل الجنوب وكتبت مقالاً بجريدة الأيام ناشدت السيد عثمان أحمد حسن والمرحوم التاربي أن يدليا بشهادتهما للتاريخ حول ما حدث لتلك المبادرة لماذا قتلت وللأسف لم يرد علي أحد وأشرت لذلك في كتابي المشار إليه أعلاه مع بنود المبادرة كلها.
الذين يتهمون امريكا الآن يريدون التلاعب ليناسب الوضع السياسي ويتحدثون عن شماعة بدلاً عن معالجة المشاكل بصورة حادة ووطنية ومهما تفعل امريكا سوف لا تنجح طالما هناك وحدة للشعب ووقوف خلف قيادته ولكن للأسف نحن فقدنا الوحدة الوطنية منذ 1955م وحتى الآن ونتيجة لذلك فشل الساسة في تكوين أمة سودانية وفشل الساسة أدى إلى ثلاث انقلابات عسكرية ألحقت السودان ما لحق وفشل الساسة إلى استغلالهم للجيش الذي ظل يحارب بالداخل منذ 1955م حتى اليوم ولا يحارب عدو خارجي وهذا لم يحدث في أي بلد ونتيجة لفشل الساسة وفقدان الحس الوطني بدأنا نطوف العالم بحثاً عن حلول لمشاكلنا بدلاً من الجلوس معاً وتقديم المصلحة الحزبية على مصلحة الوطن مما أدى إلى تدخل خارجي وبالتأكيد هو له أجندته ومصالحه وهو ما يؤكد عجزنا في حل مشاكلنا وان ساستنا غير جديرين بالحكم .... والآن نرى جبال النوبة تطلب تقرير المصير ودارفور للذي لا يعرف تاريخها كانت حتى 1917م خارج السودان الموحد والجنوب كان حتى أخر لحظة الأمل في الوحدة يراودنا ولكن ما حدث في اللحظات الأخيرة ما قلب كل شئ وهذا تاريخ حديث سوف يكتب وسيدخل التاريخ كل من ساهم في ذلك رغم أن وفاة (أو اغتيال) قرنق عجل بالانفصال.
خلاصة الحديث أن أي نظام وطني لا يحافظ على وحدة الشعب ووحدة التراب وسيادة الوطن وهي أسس ومبادئ أي حكم وطني لا نحافظ يصبح غير جدير بالحكم ولكن كل ذلك لا يتم ولا يتحقق إلا بوحدة وطنية نجعل مصلحة الوطن فوق شئ وقيادة سياسية تلتف حولها الشعب لأنها ترعى مصالحه ومصالح الوطن وليس مصالح فئة أو حزب وسوف أظل أنادي بأعلى صوت إلى أن يأخذ الله وديعته بحثاً عن زعيم يصون ما بقي من ترابه ويوحد شعبه ويحفظ سيادته ويلملم أطرافه ويضمد جراحه.
[email protected]





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 1547

خدمات المحتوى


التعليقات
#1716839 [ديك الجـن]
1.94/5 (5 صوت)

12-06-2017 12:22 PM
سعادتك قد أسمعت لو ناديت حيا طالما يسيطر ضعف الحس الوطنى على جميع السودانيين بتقديم الذاتى والحزبى والفئوى والجهوى على الوطنى فلن ينصلح الحال حتى يهيئ الله لنازعيما بالمواصفات التى ذكرتها بآخر مقالتك وحتى يتعمق إحساسنا كشعب بقيمةالوطن والوحدةوالإعتراف بالآخر واحترامه وسيادة القانون والعدالة والمساواة، وقتها لن تستطيع أمريكا ولا غيرها مجرد التفكير فى تقسيم السودان، لكن أين العقول؟؟؟


الأمين عبداللطيف
مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة