القدس عروس عروبتكم؟
• ما قررته الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب لم يكن خارج سياق الواقع أو مفاجئاً أو مدهشاً، هو فقط مجرد قرار تأخر إعلانه ومن ثم تنفيذه، فقد صدر القرار عام 1995 بتهويد القدس والإعتراف بها امريكيا، وتأخر كما قال ترامب وجمد بواسطة الرؤساء الذين سبقوه نسبة للحقائق التي كانوا يرونها في حينها والتي جعلت صعوبة أصدار هكذا قرار في تلك الفترات التي عاشها من سبقوه، والحق يقال فالرئيس ترامب لم يحيد عن الحقيقة قيد أنملة.
• لنكون واقعيين وحقيقيين في تعاملنا مع الأمر لابد أن نتساءل عما جعل هذا صعبا في الماضي و ممكنا في عهد ترامب، الإجابة واضحة لكل ذي عينين بأن الواقع العربي والإسلامي الآن لم يعد كما كان عليه قبل عشرون عاماً. ففي العام 1991 تم ضرب العمق الإسرائيلي بصواريخ الحسين و ابابيل التي أنطلقت من بغداد صوب تل ابيب وضواحيها وكان العرب رغم تشتت أمرهم لهم قوة يخشاها من يفكر بتهويد القدس قسراً ولو كانت تلك أمريكا نفسها، ولكن الآن لم تعد هنالك بغداد بعد أن إبتلعها الغول الصفوي المتربص بالمنطقة ومن عليها ثم تلتها صنعاء الآن و سوريا وليبيا في العمق العربي ومصر التي أضحت محايدة (على أحسن تقدير) في الصراع العربي الإسرائيلي الذي تحول لدينا الى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وصفيت القضية العربية بإحترابات الطغاة وشعوبهم وإنتاج الدراما التاريخية لبعث من في القبور لتأتي الجماعات الإسلامية المصنعة إستخباراتيا لنصير بقية داعش والغبراء وليهجر من سوريا وحدها ثلاثة مليون انسان ومن اليمن ومن ليبيا ومن العراق ، فصرنا نحن يهود التاريخ، نعوي في الصحراء بلامأوى
• ما فعله ترامب هو أنه فقط أيقظ النائمون الحالمون بمستقبل عربي أفضل في ظل الخنوع والوهن الذي إستطبناه، فلم نعد في العالم سوى شرق أوسط فقير رغم غناه و متخلف ولا يقرأ ولا يقدم للإنسانية شيئا يذكر يجعل وجوده يضيف للوجود البشري شئ سوى الترف والقرف والسطحية والبوهيمية في أجل صورها، وهذه حقيقة فعدد الكتب التي تترجم الى اللغة العبرية سنويا تبلغ عشرون ضعف للكتب التي تترجم للعربية والإنسان العربي يقرأ 0.67 كتاب في السنة ، أي نصف كتاب، فكيف نكون أمة قائدة ؟
كيف يمكن لمن لا يقرأ أن يكون سيدا على العالم؟
الأمية الهجائية متفشية فينا فكيف نتحدث عن ثورة مفاهيمية ثقافية تجعلنا امة واحدة ؟
• لو بحثت في الإنترنت عن أي مبحث علمي دقيق ليكون مشروعا تكميليا لنيل الماجستير في جامعاتنا التي لا تتحدث أبداً، ستجد يهوديا يافعا قد بحث وكتب عنه في النشاط الصفي، اليهود الآن هم عضو نبيل في العالم المتحضر لديهم 6 جامعات صنفت من أفضل مائة جامعة في العالم في الوقت الذي كان لنا في الوطن العربي المكون من 23 دولة والممتد من البحر الى البحر جامعة واحدة هي (جامعة الملك سعود للنفط والمعادن)، فبأي الآء الله تسودون يا عرب
• عندما استبيح العراق بواسطة التحالف الأنجلوامريكي في 2003، تمت تصفية منظمة لعلماء العراق في كل المجالات الدقيقة والهندسية والطبية وصناع الأسلحة وغيرهم، فقتل حسب إحصاءات الامم المتحدة ما لا يقل عن 3000 عالم، فهذا يعني أن من قتل هؤلاء يعلم تماما أنهم علماء ويعلم أن العلم هو أحد أبرز عوامل القوة والمنعة والرفعة والتطور، ونحن في السودان ننفق على التعليم 2% من الميزانية و 85% من الميزانية للأمن والدفاع ومع ذلك فنحن لسنا أقوياء ، لأن القوة في العلم، فلو بدلنا النسب أعلاه وأنفقنا على التعليم 85% لصرنا الأكبر في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية تصرف 2 تريليون دولار سنويا على البحث العلمي.
• عندما تحدث الأستاذ عثمان ميرغني عن العدل في الكيان الصهيوني والديمقراطية وقيم العدالة وقارنها في مقال له بما لدينا، خرجت علي الأزلام لتضربه في صحيفته "ملثمين"، وأنا اليوم أقول ذلك لا لإبراز عنتريتي ولكن لتفيقوا ما عادت الأشياء هي الأشياء، وأنتم من أغتصبتم القدس عروس المدائن بظلمكم وجهلكم وفسادكم ومحسوبيتكم و جبنكم وفرقتكم وشتاتكم. إسرائيل لم تهزمكم ولكنكم أنتم من هزمتم أنفسكم ، ولو أرادت إسرائيل أن تفعل بكم مثلما فعلتكم بأنفسكم لعجزت
• ماحدث رغم فاجعته و ثقله على قلوبنا ولكنه كان صدمة تحتاجها الامة لتفيق من ثباتها العميق وتبني مستقبل أبنائها على الحقائق والعلم والمعرفة والإبتكار ونظم حكمها على الحرية والسلام والعدالة و الإخاء، عل ذلك يعيد لنا مجد أمتنا الذي نتغنى به وينصرنا على أعدائنا ليس بالدعاء والخنوع ولكن بالدعاء والعمل ، نحن لا نستطيع ان نغيير الماضي ولكنا قادرون على تغيير المستقبل بإذن الله تعالى
• ما حدث يدعونا الى الوحدة ونبذ العنصرية والجهوية والمذهبية ونتفق على أساس الواحد المتنوع لنقبل بعضنا كما نحن بثقافاتنا ومعتقداتنا ونبني صروحا شامخة على الحقائق والعلوم والمعرفة والحب
يبقى بيننا الأمل في التغيير دوماً،،،
المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.