رحلة الموت {3}
12-07-2017 10:47 PM
خلف الستار
بعد تعبئة العبارة التي تتكون من ثلاثة طوابق خشبية بسعة 500شخص بضعف عددها،أي 900 ونيف يصرخ البوس الليبي قائلا للحراس الذين كانوا في مطاردة من هربوا ،عندما شاهدوا البحر لأول مرة والذي بدأ لهم مظلما،غامضا،مخيفا،مفترسا يأوي في عمقه الكائنات المتوحشة التي تشتهي لحوم البشر!أها جبتوا الحيوانات ديل؟فيجيب أحدهم نعم يامعلم كلهم قبضنا عليهم تمانية رجال وخمسه حرمه!تمام أسمعوا بقولكم اليوم رجعه مافي،وقدامكم خيارين إما تركبوا مع إخوانكم أو كل واحد يأخد طلقة في رأسوا ونكبكم في البحر!فتصرخ إمراة من بين أخواتها يامعلم أنا حامل وخايفه شديدة وما دايره القروش بتاعي بس خلوني أرجع عليكم الله،فيضحك المعلم هههههه ويرد ساخرا قفلي بوذك {ياقبحه قامز لوتا} ويرفع يده للعمال فيأتون مسرعين ويحملونها عنوة وهي تبكي،ويرمونها كشوال السكر وسط إخواتها اللائي لا يستطعن التنفس من شدة الزحام!فتصرخ متوجعه بطني بطني ولا أحد يُبالي،أما الأخرين تم ضربهم بمخرة البندقية في رؤوسهم وأجسادهم ودفعؤا نحو الأمام حتي المدخل،فيقبض الرجل المتوحش مفتول العضلات،كثيف الشعر واللحية كل شخص بيديه الإثنين ويقذفه الي الداخل فوق أخوته كالبضاعه،غير مهتم بالكسور والجراح التي يسببها إزاء وحشيته المفرطة فقط يُريد التخلص بأسرع ما يمكن ويعود لأدراجه من أجل تقسيم الغنائم التي نهبوا من المهاجرين،متمثله في الموبايلات الحديثة ،الساعات، السلاسل والأساور الذهبية.
وفي تلك اللحظه المريبه التي تشير عقارب الساعة للواحدة صباحا،تطلق صافرة رحلة الموت ويقول المعلم للمصري صانع العبارات والقوارب الخشبية،يلا سوق ليهم وقدمهم شوية ويبدأ التحرك والُكل يتمايل يمنة ويسري والماكنه تصرخ بأعلي صوتها مؤكدة زيادة الحمولة،وتوحي سرا بإشارات العطل والتوقف قريبا،ولكنها تواصل التشغيل عندما يعلي السائق السرعه،وعلي جانبي العبارة زورقين حديثين يحملون رجالا مدججين بالأسلحه كالقراصنه البارعون يتقاطعون في مختلف الإتجاهات،ونحن نمضي مبتعدين عن الشاطيء رويدا رويدا وملامح أوجه الشباب تكسوها الشفقه والحزن علي مفارقة الدنيا،والبعض يلعن في سره يوم ميلاده!وتخرج أصوات أنين من الطابق التحتي رأفضين تسرب السوائل البشرية التي تتساقط فوق رؤوسهم،ياجماعه ده شنو ياجماعه!ولا أحد يرد فقط تعلوا بعض اصوات الترانيم الإنجيلية من الأحباش بالإضافة الي تراتيل قرانية،والكثيرون يرددون بضع أيات خلف الشيخ ولايدرون مايقولون ولكنهم يقرأون!كما أن جموعا من غرب وجنوب إفريقيا ينظرون للسماء ويحركون أفواهم في صمت،ممارسين طقوس النجاة من الموت الذي بات قاب قوسين أو أدني،ومن أقصي خلف العبارة يعلو صوت أحمد تنقو السوداني وهو متيم بالجأن{الحوت} مرددا لحنا عذبا كأني مديوووووون للعذاااااااب وأدفع سنين من عمري ديل،ويستمر كأني مديووون مديووون مديوووون مديووووووووون!!.
وبعد تلاشي اخر أضواء مدينة تركناها في الخلف نري البحر ينطبق مع السماء من كل جانب،وفي وسط حالة الذهول تلك يتوقف السائق ويقول ياشباب مين فيكم بعرف بسوق؟فيصمت الجميع مندهشين من سؤاله!ويمضي مكررا ذلك ولا أحد يُجيب،ثم إلتفت يمنة ويسري وقال طيب ياشباب أنا مهمتي إنتهت وما قصرت معاكم بعد كده إتصرفوا!وعندما همه بالمغادرة صرخ صومالي يدعي جني لأنه غريب الأطوار دقيقة يامعلم خلاص أنا بسوق فقال له تحتاج الي مساعدين واحد يمسك ليك البوصله والهاتف،والتاني يراقب ليك المكنة ويتم الوقود،فتبرع تسفاي بمتابعة مهمة مراقبة المكنة ونزل الي الأسفل بعد توجيهه،ثم قال أما الزول البمسك البوصلة والهاتف لازم يعرف يتكلم إنجليزي عشان يتصل لناس الإنقاذ لامن تصلوا المياه الإقليمية!فهب أدم النيجري وهو سوداني واقفا وقال خلاص جيبوا وتم توكيله بمهة القبطان وخصص له المقدمة،ثم صرخ هووي ياناس لامن سفينة الإنقاذ تجيكم ما تخبروهم بالسائق منو عشان ما تضيعوا مستقبلوا!وجني يكرر سامعيين ما دايرين طعرصه ويضحك ههههه هو فضل فيها مستقبل!! فعاد السائق الأول الي الزورق وأشار لجني بالتحرك وإتباع جهة الثلاثه نجوم الفي السماء بوصلوكم إيطاليا، وقتها الجميع يردد بسم الله،بسم الله،براحه يا جني براحه ولكنه لايُبالي كعادته وينطلق بقوة ويرفع صوته هووي أنا ما داير أي كلااام والما عاجبوا يجي يسوق،فيعم الصمت ويمضي ممارسا جنونه بإنهماك،ويقول صديقي الفاتح بيلو وهو من رواد المدرسة المستقله ياجماعه ما ممكن يعبونا زي قش الكبريت مشكوكين كده وتاني يمرقونا مع سواق مجنون؟فيغازله رفيقه نقد هووي يا أفتكر تحتج لمنو هنا إنتا قايل روحك وين يازول أبرد وأعمل نايم دي ميتة محققة!وحينها يتحول القارب لبيت عزاء بدون معزيين، ورغم عويل ثلاثة مئات من النساء كثيرا،إلا أن صوتهن لا يعلوا فوق صوت البحر الذي يتعنفن ويتنفرس بأمواجه العاتية،وأثناء العبور فإذا بنا نشاهد فتية يصرخون في قارب مطاطي يطفو فوق سطح الماء النجدة ،ساعدوووونا الموتور حقنا إتعطل فيضحك جني ويضغط علي الأبنص بشدة ويقول ليهم أقبلوا جازكم هو نحنا ناقصين.ونواصل.
صالح مهاجر
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
صالح مهاجر
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|