المقالات
منوعات
مقدمة عن الإنسان وقضاياه الحضارية
مقدمة عن الإنسان وقضاياه الحضارية
12-10-2017 02:32 PM

المنهجية وعناصر الموضوع

في هذا السرد البحثي سنتطرق لمفاهيم متعددة ولكن تركيزنا سينصب على مفهوم الحضارة الانسانية وطبيعتها ومراحلها. وكذلك سوف نتعامل مع بعض القضايا المرتبطة بهذا المفهوم مثل قضية التعصب الناتج من التقديس وقضية الخلود المنتجة للعنصرية ومحاولة معالجتهم في إطار المفهوم الاساسي وهو مفهوم الحضارة الانسانية وكذلك سوف نعرج الى شرح طبيعة الإنسان والصفة الملازمة لها وتوضيح المكونان الاساسيان لطبيعة الحياة الإنسانية بشكل مبسط جدا مع مراعات أهمية الربط بين كل ذلك والموضوع الاساسي للسرد البحثي.
وسوف نثبت صحة المفهوم النسبي في القضايا الانسانية او المجالات الانسانية من خلال اثبات الفرضية التي سنتعامل معها وهي ((الدين كعامل ثابت هو مناسب للطبيعة البشرية ولظروف حياتهم وعصرهم في وقت ظهوره حضارياً ولكن هذا العامل الثابت نفسه هناك هو منتفي هنا وغير مناسب في حالة ظهوره في مجال زمني لحضارة اخرى تليه زمانياً لتغير طبيعة البشر وظروفهم وعصرهم في المجال الزمني الحضاري التالي)) بشكل ممنهج من خلال تطبيق نظرية النظام المفتوح الادارية كمنهج في معالجة وتفسير واقع الموضوع او القضية بشكل نظري ومنطقي اثرنا فيه الدقة والوضوح.

المقدمه
---------
الحضارة الإنسانية تعمل كنظام مفتوح به (مدخلات) تاتي من الحضارة المنبعثة في شكل رسالة او رؤى او مفاهيم او فلسفة لحياة إنسانها والنابعة من واقع انسانها ومن عصره وظروفه المرتبطة به وبعد إنتهاء مرحلة إنتشار المدخلات بشكل واسع بين افرادها وشعوبها كثقافة وكوعي, تبدأ مرحلة (المعالجة) لتلك المدخلات في صورة تفاعل بشري في كافة ميادين الحياة مع أنفسهم ومع بعضهم البعض ومع الطبيعة والبيئة التي من حولهم وهذا التفاعل يعمل على هضم واستيعاب وتطبيق تلك المدخلات وممارستها على ارض الواقع وبعد ذلك تأتي مرحلة (المخرجات) والتي تعبر عنها منتجات وخدمات تلك الحضارة في شكل إنجازات واسعة وعظيمة الشأن يستفيد منها البشر في كافة الميادين وخاصة الميادين التي تحمل طابع الحضارة المعنية وهذه الانجازات تؤدي لتغيرات في حياة البشر, مما يقودها الى خلق واقع حياتي للشعوبها المنضوية تحت لؤاها مختلفاً تماماً عما سبق في بداية حياتها الحضارية, وهذا يقود الى الحاجة الى تلبية تلك المتغيرات الجديدة بنوع وحجم جديد من المدخلات مناسب لها وهنا عند وصول الحضارة الى قمّتها في العطاء تبدأ في الانحسار والتفتت والانكماش حتى تفسح المجال الى حضارة انسانية اخرى تقدم نوع جديد من المدخلات مناسب لما وصلت اليه ظروف حياة إنسانها وطبيعته من تطور واختلاف قادته اليه حضارته السابقة وهكذا تدور عجلة الحياة الحضارية للإنسان والبشر وتتبادل بينهم. ويظهر حجم الاختلاف واضحا بطول الفترة الزمنية بين الحضارات الإنسانية مصدر التغير فكلما طال الزمن بين فترات التاريخ الإنساني الحضاري كلما زاد التغير في طبيعته السلوكية والجسمانية كما وكيفا. وحتى على مستوى الإنسان كفرد فهو من خلال حجم ونوع المدخلات المتجددة التي يتعامل معها العقل والجسم البشري في مراحل النمو المختلفة للوعي وللجسم البشري للإنسان والتي يقوم بالتفاعل معها وممارستها حياتياً عبر مرحله العمرية المختلفة والتي تقود الى مخرجات تظهر في حياته فتغيرها وتطورها والتغير الذي يظهر يقود هو ايضا الى الحاجة الى مدخلات جديدة تتعامل بشكل مناسب مع التغير الذي حدث له. فحجم المدخلات ونوعها التي تأتيه من المحيط الذي من حوله والتي تاتيه من نفسه او ذاته متغيرة و متجدده تماما من زمان لاخر وكذلك ينتج عنها ظهور المخرجات المستمرة والتي تقود الى عملية تغير في واقعه الحياتي ترغمه الى تغير المدخلات بشكل متبادل ومستمر مع التغير المحدث بواسطة المخرجات حتى يستطيع النجاح في حياته تحت اي معنى او مقصد.وهنا يجب الانتباه الى شئ مهم وهو ((مظاهر التغير السلوكي للإنسان اكثر وضوح وسرعة في الظهور من مظاهر التغير الجسماني لديه نسبيا ويعود ذلك لطبيعة كل مكون. فالمكون الجسماني والاجهزة التي تحدث التغير الجسماني داخل الإنسان طبيعتها تختلف من المكون الفكري والمعنوي و الاجهزة التي تحدث التغير السلوكي وايضا الطبيعة الجسمانية للإنسان تختلف من الطبيعة السلوكية له ولكل واحد فيهما درجة تغير مختلفة من الاخرى وهما طبعا مكملان لبعضهم البعض فهما معا يشكلان قطبي حركة الحياة الإنسانية من خلال التفاعل بينهما. ولكن هذا لا يعني ان التغير والتطور لايحدث لكلتا الطبيعتان لدي الانسان فالصحيح هو انه يحدث ولكن بشكل مختلف زمنيا ونوعيا وكميا.))

الموضوع
---------
فاذا نظرنا في طبيعة إنسان العصر الحجري مثلاً نجده مختلف سلوكيا وجسمانيا من إنسان العصر الحديث وذلك لتغير حجم ونوع الواقع الحياتي لكليهما كما ونوعا وذلك مثبت من خلال الحفريات والاثار المكتشفة تماما. وكذلك طبيعة إنسان الحضارة الاسلامية تختلف من طبيعة إنسان الحضارة الحديثة لاختلاف واقع نقطة البداية الحضارية بينهما معرفيا وماديا من ناحية الكم والنوع والمتمثلة في الواقع الحياتي الخاص بالإنسان لكلهما. كيف ذلك؟ وللاجابة على هذا السؤال دعونا نتناول الموضوع كما سبق وذكرت من خلال نظرية النظام المفتوح الادارية كلاتي:
المدخلات التي ظهرت مع ظهور الدين الاسلامي كوقود للحضارة للإنسانية الإسلامية و التي كمدخلات معرفية ومادية كانت مناسبة مع ظروف الحياة للإنسان في ذلك الزمان والمتمثلة في رسالته الدينية والتي ظهرت في كتاب القرآن الكريم وفي سنته التي اتبعها الرسول كمرشد لاتباعه وقد تم التعامل معها واستيعابها وهضمها ومعالجتها في عصر الخلفاء الراشدين وفي العصر الاموي ونتج عنها مخرجات سلوكية ومادية كان نتيجتها ظهور الازدهار الحضاري الاسلامي في العصر العباسي والمتمثل في رقي الادب العربي شعراً كان ام نثرا وظهور المبدعين المرتبطين به وظهور المدارس الفقهية والفلسفية وظهور مقدمات العلم الحديثة او نواته وظهور بعض مؤسساته في مجال التعليم والطب والقانون والادارة والاقتصاد وانتشار الثراء الفاحش والترف في الحياة اليومية والتطور العمراني المذهل وظهور فن العمارة الاسلامية وطابعه المميز وتطور مقدراتهم العسكرية والقتالية كل ذلك مع غيره من المظاهر ادى الى إنتشارسلطانهم على نطاق واسع بين البشر حاملاً معه إنجازات عظيمة في شتى ضروب الحياة الإنسانية والتي تميزت بطابعها الإسلامي. ولكن بعد انتهاء عملية الضهم والاستيعاب الكامل لمدخلات عصر الحضارة الاسلامية من قبل الإنسان وظهور المخرجات المتملثة في إنجازاتها الكبرى السابقة الذكر والتي خلقت بدورها ظروف حياتية جديدة للإنسان مختلفة من الظروف التي بدأت منها. فبعد وصولها الى قمة عطائها بدأت في الإنحسار والتراجع مع نهاية العصر العباسي وبداية عصر الدويلات او الإمارات الاسلامية وصولاً الى الدولة العثمانية وهنا ظهرت الحاجة لنوع وحجم جديد من المدخلات المعرفية والمادية للإنسان نتيجة للتطور الذي اوصلته الحضارة الاسلامية نفسها له, مما قاد هذا التطور الى احتياجات جديدة لطبيعة الإنسان المتجددة نتيجة لتطور ظروف الحياة من حوله ونتيجة للتطوره هو ايضا في طبيعته كإنسان. وحتى تظهر مدخلات جديدة تناسب الحاجات او المتطلبات الجديدة بدأت عوامل تأكل الحضارة الاسلامية من تفرق وانهزامات عسكرية وخسران مستمر لمناطق الفتوحات الاسلامية السابقة وظهرت النعرات الطائفية المتعصبة والتي كانت بدايتها متمثلة في الخوارج وظهور الظلم والفساد بين الامراء المسلمين وتحاربهم مع بعضهم البعض وظهور الفوضى والتخبط القيادي كل تلك العوامل ظهرت لتفسح المجال الى ظهور حضارة جديدة تقدم مدخلات جديدة تناسب طبيعة الإنسان الجديدة. وهذا ماحدث فعلا بظهور الحضارة الاوروبية والتي جاءت بمدخلات معرفية ومادية جديدة للإنسان الاوروبي الحالي وبعد معالجة مدخلاتها والتفاعل معها ظهرت بها مخرجات معرفية ومادية ضخمه جدا تمثلت في الكثير من الاتجاهات والمجالات والمناهج والتطبيقات الجديدة في كافة مناحي الحياة الإنسانية.
والان نتوجه بالنظر الى المشكلة التي تواجه الإنسان المعاصر وهي تمسك الإنسان بالمدخلات التي تأتيه من حضارته التي ينتمي اليها تاريخياً بعد زوالها, واخذ الطابع القدسي لها في وعيه عند التعامل معها. رغم انه من خلال الحضارة التي جاءت بعدها والتي بنيت على انقاض حضارته قد تم فيها استيعاب ماسبقها من حضارات بالاضافة الى مكوناتها الذاتية. فالحضارة لكي تنشاء لابد لإنسانها ان يتفاعل مع ما قبلها كي يتم التلاقح بينهم ومن ثم ظهور حضارته الجديدة نتيجة التلاقح الذي تم فيها استيعاب ما توصلت اليه تلك الحضارة السابقة في مرحلة ازدهارها من مخرجات متطورة ونتيجة للتطور الذاتي لإنسان الحضارة التي بدأ بزوق فجره يظهر. فهذا التمسك الغير مبرر منطقيا او منطقه مبني على الولاء الاعمى والتقديس المغلوط يؤدي الى ظهور ظاهرة التعصب وهي ظاهرة إنسانية تقف حاجزا امام تقبل التطور عند الاخرين والتفاعل معهم وبالتالي انقطاع عملية التلاقح الحضاري معهم ومن المهم للإنسان ليكمل عوامل تطوره الذاتية وحتى يحدث طفرة حضارية خاصة به أن يستوعب ما هو سائد من التطور الحضاري المعاصر له عند الاخرين.
وقد تعود اسباب ذلك التقديس الاعمى الى عدم معرفة طبيعة المدخلات الحضارية وعدم فهم آلية نشؤها. ومن ما لايدع مجال الى الشك عند كل دارس او باحث في تاريخ الحضارات الانسانية انها جميعاً اشتركت في عوامل نشؤ مدخلاتها مع اختلاف التفاصيل. فكل الحضارات قبل بدأها مرت شعوبها بمراحل تفكك وكانت في حوجه ماسة للوحدة وكذلك مرت بمرحلة التخلف الفكري والمعرفي ومن خلال تلاقحها مع الحضارات التي عاصرتها تنبهت لهذا التخلف قياساً بمعاصريها. وكذلك هناك عامل الظلم الطبقي بين افرادها اقتصاديا وحاجتها لتغير ذلك وكذلك ارتباط ثقافتها بعادات مضرة بها كافراد وكشعوب تتطلب التغير. وهناك الاهمال الكامل لإمكاناتها البشرية وعدم استغلالها بالشكل الأمثل بل وهدرها وتضيعها. والى جانب ذلك كله تاتي عوامل اخرى مضادة في الاتجاه وهي العوامل المساعدة للنهوض حضاريا اذا وجدت الرسالة او الرؤية او الفلسفة او المفاهيم المناسبة لهذا الواقع ومثل تلك العوامل تطور العقلية الذهنية لافرادها وظهور التميز الواضح بينهم وتوفر الموارد الاقتصادية الغير مستغلة وتوفر الموقع الاستراتيجي لمركزها جغرافيا وظهور المُنادين بالتغير والممثلين لعصر التنوير فيها. كل تلك العوامل مجتمعة تقود من خلال تفاعلها مع بعضها البعض ومع ذاتها الى ظهور الاشخاص المناسبين للعب الدور القيادي للنهضة والذي صنعت حياتهم كل تلك العوامل بالاضافة للعوامل الذاتية الخاصة بهم فمن خلال هذا التفاعل المستمر بينهم وبين الحياة والمجتمع الذي يعيشون فيه تشكلت طبيعتهم وصفاتهم وصاروا هم الناتج الطبيعي او الافراز الطبيعي لواقعهم كحل لمشاكله من خلال التشكل الداخلي للرؤية او الفكر او الفلسفة او الرسالة التي سوف يخاطبون بها مجتمعهم كحل لكل احتياجاته للنهوض به حضاريا فطبيعة المدخلات ومن يحملها ويقدمها تاتي وتنبع من واقع المجتمع والبيئة التي من حوله ومن واقع الحياة المعاصرة له ومن واقع من حولها من حضارات فكل تلك الظروف والملابسات هي التي تصنع القائد او المفكر او الرسول او الشخص الذي يقود امته للنهوض حضاريا وهي ذات الشئ الذي سيشكل نوع رسالته او فكره او فلسفته او رؤيته التي سيقدمها كمدخلات معرفية او معنوية لامته للتمسك بها للوصول الى النهضة وللتعامل مع كل تلك العوامل المعرقلة والتحديات الظاهرة وايضا للاستفادة من تلك العوامل المساعدة والمحفّزة لنشر المدخلات والتعامل معها جميعا حتى تسود مدخلاته في وعي وثقافة مجتمعه. اذن الفهم الصحيح لطبيعة وآلية تشكل المدخلات واصحابها تجعل الإنسان ينظر بشكل مختلف للامور بحيث ينتفي التقديس الاعمى للادوار وينتفي عدم فهم مصدر المدخلات وينتفي الانقياد الاعمى الى التاريخ والحضارات التاريخية كبديل للحضارات المعاصرة ويتم بعد إتضاح الامور فك الارتباط التعسفي بالماضي بشكله المتعصب وبالتالي تختفي ظاهرة التعصب الاجوف وبالتالي تسود معاني التفهم والعقلانية والنسبية محال التعصب والتقديس والمطق الاعمى ويتم الإتجاه الى الحاضر الذي فيه منبع المدخلات وقادته والإتجاه الى دراسة الواقع للتعرف على العوامل المشكلة لمدخلاته الحضارية بنوعيها وبالتالي الوصول الى حقائق الاشياء بشكل صحيح.
وهناك مشاكل انسانية اخرى ناتجة من منطق الولاء المطلق والاعمي وهي فكرة الخلود لحضارة ما او الخلود لرسالتها او فكرها او رؤيتها او مفاهيمها وطبعا هو فهم اعمى لانه لا يرى او لا يفهم دورة حياة الحضارة الانسانية وايضا لو كانت تلك المدخلات خالده لما توقفت حضارتها ولو كانت تلك الرسالة الحضارية تحت اي مسمى خالده لما إنهارت حضارتها عند نقطه معينة في الزمن. فالخلود يؤدي الى ظاهرة العنصرية وهو مفهوم ينافي طبيعة دورة حياة الحضارة ودورة حياة الإنسان والصحيح بدلا عن الخلود هو التجدد فحياة البشرية طبيعتها متجددة لتجدد واقعها وطبيعة الانسان الفرد متجددة لتجدد واقعه وحياته ولتجدد المدخلات التي تمر عليه في حياته كل لحظه وتتم معالجته بشكل مستمر وبالتالي تاتي بمخرجات مستمرة ينتج عنها واقع جديد ومتجدد. اذن انصار مفهوم الخلود لا مستقبل لهم في الواقع والمستقبل لانصار فكرة التجدد لتناسبها مع معاني الحياة الإنسانية والطبيعة البشرية.
وهذه المشكلة سببها خلود بعض مظاهر او مدخلات او مخرجات هذه الحضارة او تلك. وكمثال للخلود عند الصنيين لبعض الاماكن المقدسة من معابد وغيرها وخلود بعض الاثار العظيمة مثل سور الصين العظيم و الحِكم والاساطيرالصينية الرائعة والتقاليد والعبادات المتمثلة في اليوغا وفي غيرها من الشعائر الدينية والتي تعكس عمق الوعي للإنسان الصيني وحكمته في ذلك الزمان والناتجة من الحضارة البوذية ومن مدخلاتها وهي الديانة البوذية والموجودة حتى الان عند نسبة كبيرة من الشعب الصيني . فهل تصلح الحضارة البوذية رغم ذلك الى اعادت انتاجها حضاريا؟ طبعا لا. فبعض المظاهر الايجابية ذات الصفة المتجددة في مدخلات او مخرجات اي حضارة لا تعني صلاحية تلك الحضارة للعودة للحياة بكل مدخلاتها السابقة لان الواقع الجديد مختلف تمام عما سبق لها معالجته وتطويره حضاريا فهو واقع متطور اصلا بسببها وبسبب غيرها من الحضارات التي تلتها واذا كانت هناك بعض الحِكم والاساطير او الشعائر الدينية او التقاليد التي تحمل روح التجدد فهي بقايا اثار تدل على وجود حضارتها التاريخي وتدل على بصمتها وأصالتها في التاريخ الإنساني لا أكثر, ولكنها لا تصل مرحلة إعادتها للحياة مرة اخرى. فهي اضعف من ان تلعب ذلك الدور وكذلك هناك مثل اخر للخلود وهو الاهرامات والاثار الفرعونية الرائعة التصميم واللغة الهيرغرفية وما تحمله من افكار وقصص ومعتقدات والتي بقيت حتى عصرنا الحالي. فهل بقائها يدل على اهمية عودة الحضارة الفرعونية ام انها مجرد اثر لها وبصمة تدل عليها؟ وهل ايضا الاعتقاد في عظمتها يرتقي الى مستوى إعادت انتاج حضارتها مرة اخرى؟ طبعا الاجابة لا, بل تبقى معلم دال لعظمة إنسانها في وعي المعاصرين الان فقط. فكل واقع إنساني جديد يحتاج الى منظومه متكاملة من المدخلات المعرفية والفكرية ومنظومة متكاملة من المدخلات المادية والبشرية مناسبة لمتطلبات عصره ونابعة من ظروفه وواقعه لتستطيع التعبير عنه كحضارة ولسد حاجته للحلول لقضاياه وإشكالاته التي تحتاج للرؤية والمفاهيم والفكر المناسب لطبيعته ولا بأس في استصحاب نتائج النقد البناء للتراث الفكري لإنسانه كاحد مدخلاته واحد عوامل نهوضه ولكنه يحتاج الى العوامل الذاتية الاخرى المرتبطة بواقعه ويحتاج الى العوامل الناتجة من التلاقح الحضاري الخارجي ومن خلالهم جميعا فقط يمكن القول بامكانية ظهور فجر النهضة الحضارية القادمة ولاشئ سوى ذلك.

الخلاصة
---------
ولهذا كله يجب فهم المعنى الحقيقي للحضارة الانسانية وفهم مكوناتها المرحلية ودورة حياتها وطبيعة كلا منها جيداً حتى تعي حقيقة الوضع الذي انت فيه وطبيعة الموقف الذي انت عليه حضاريا ومن ثم التعامل مع الموضوع بشكل مدروس ومنطقي حتى تستطيع التنبؤ بمجريات الامور في المستقبل ولعب الدور المناسب فيها بشكل فعّال ومؤثر. ومن الواضح جدا نسبية الصلاحية للدين ومفاهيمه كمدخلات حضارية من زمان لاخر فما كان مناسب لوجوده تقوم نتائج مخرجاته والتي اظهرت واقع جديد الى نفي صلاحيه لإعادة تشكله للحياة الحضارية مرة اخرى. ومن المهم جدا أن يصبح الانسان صاحب الحضارات التاريخية منفكاً من الارتباط بالقدسية والخلود المتوهمان اتجاه الماضي والبدأ في البحث في عوامل نهوضه من خلال تفاعله مع الحضارة المعاصرة له ومن خلال تطوير ما يملكه من مقومات ذاتية في واقعه الحالي وكذلك يصبح الافضل له النظر بعين النقد البناء لتاريخه الحضاري لتكون نتائجه ضمن عوامل نهوضه الحضاري المستقبلية. بدلا من تبنيه للتاريخ الحضاري الخاص به برمته فيصبح هو قد ألبس واقعه الحاضر و المتطور حلول ماضيه الاقل تتطوراً منه وهنا ياتي الخسران المبين.
واخيرا اقول لكم لكل مقامٍ مقال ولكل زمانٍ رجال وبشكل اوضح لكل زمان حضارته ورسالته ورؤيته نحو الحياة ونحو إنسانها ولكل حضارة رجالها وشعوبها وإنسانها الذي يقودها.


معاذ عمر حمور
[email protected]





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 2000

خدمات المحتوى


التعليقات
#1718069 [الدنقلاوي]
2.66/5 (11 صوت)

12-10-2017 02:51 PM
هذا ما يمكن ان نسميه الخربطة المفيدة، فكل شيء في المقال مضطرب وكل تعريف خاطيء وكل تحليل جزافي لكن المحصلة، وهي أن الدين الذين ناسب حضارة قوم قبل 1500 عام لن يناسبنا أو يناسب حضارتنا، وهذا هو المفيد.


معاذ عمر حمور
معاذ عمر حمور

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة