المقالات
السياسة
النظام العام والقواعد الإجتماعية
النظام العام والقواعد الإجتماعية
12-12-2017 03:18 AM

تناول المفكر الليبرالى الحديث [روبرت نوزك] القواعد التشريعية في الدولة الحديثة إنطلاقاً من الاساس المبدئي للنظرية الليبرالية التى تقوم علي الحرية الفردية كما يجب ان تكون بواقع ارتباطها بالحقوق الطبيعية للأشخاص مع إشتراط عدم تعارضها مع فضاء الحرية الخاص بالافراد وهذا يعني بالضرورة حقوقهم التى تحظي بقدر عالي من الاهتمام لدى أصحاب المذهب الليبرالي .
فقد وضع الليبراليين مبادئ يمكن تسميتها "توجيهية" يشترط توافقها مع القواعد التى تحكم المجتمع يمكن ان نسميها قوانين او تشريعات لتحافظ علي عملية الانسجام الاجتماعي الداخلي للكيان العام للدولة فهي بالضرورة ترتبط بمبدأ الحرية كإشتراط يأسس عليه التشريع والقواعد الاجتماعية الاخري المتعلقة بتعاملات المجتمع وتعاطيه مع بعضه البعض وتضبط سلوكياته.
No paternal legislation يرفض المذهب الليبرالي التشريع الأبوي:-
فالتشريع الأبوي يتجسد في شكل القوانين التى تتدخل فى سلوكيات الافراد الخاصة بصورة مباشرة في محاولة لتطويع الرغبات الشخصية وتوجيهها في مسار محدد يتوافق مع رغبات وتوجهات المشرع ونظرته للسلوك المعتدل ، حيث يلعب التشريع هنا دور الاب المربي والمناط به تقويم سلوك أبناءه وغرس سلوكيات معينه يعتبرها صحيحة "ليس بالضرورة" وبالتالى إستوجاب العقاب فى حال ما إذا خالف أي من أفراد رعاياه الأوامر الصادرة من والقواعد التى وضعها ، وهذا يتضمن أيضاً السلوك الرقابي علي الأفراد والتدخل فى الرغبات الشخصية إذ لا مكان لحرية الإختيار فالسلوك الشخصي في هذه الحالة يدور وجوداً وعدما مع الجهاز الرقابي المسلط علي الفرد والمستعد للعقاب فعلاً .
فهو غير عقلاني بالمره , فالتشريع الأبوي يتسم بالإعتباطية"Arbitrary مثال لذلك التزيؤ
هو سلوك فرد وخيار شخصي يتعلق بالزوق الشخصي للأفراد إذ ليس لأي أحد كان في الدولة أن يفرض نمط تزيؤ معين علي الافراد بما ان الامر يتعلق بالحرية الشخصية وبما ان هذا لايدخل ضمن الاطار الخاص لحريات الاخرين ولا احد يتضرر من ذلك وبالاحري لم تتعرض حريات الاخرين للإنتهاك ، فمثل قانون النظام العام لدينا لهو قانون وحشي إعتباطي تمثيل لدولة الغابة والدولة المستبدة التى تتطفل بإجهزتها علي خصوصيات الاخرين وحرياتهم وحرماتهم ، إذ انه لا علاقة له بالقواعد القانونية المجردة فالابعد والاغرب من ذلك فهو يعتمد علي مدي أبوية وتطفل رجل الشرطة و الدولة في تقييم سلوك الاخرين الذين من حَوله وبالضرورة يرتبط الأمر بحالته النفسية والعصبية والعقلية ، في تقييم ما إذا كان الشخص الذي أمامه يخالف النظام العام أم لا ! ، إذ لا توجد معايير محددة يمكن من خلالها الحكم علي ثبوت أركان قواعد النظام العام ، علاوة علي ذلك مخالفته المنطق الحقوقي وحريات الأشخاص كميزة أساسية تتسم بها الدولة .
No morals legislation رفض التشاريع الأخلاقية :-
يرفض المذهب الليبرالي الحديث القوانين والقواعد التى تستند علي الاخلاق كمرجعية في تشريعات المتعلقة بالضوابط الاجتماعية ، وهذا لا يعني بالضرورة نفي "الأخلاق" كجزء من القيم الإجتماعية التى تنشأ عليها المجتمعات ، ولكن يجب عدم التعامل مع الاخلاق كجزء من التشريع الداخلي وترك القواعد الإخلاقية تتخلل المجتمع وتحكم تعاملاته بصورة تلقائية دون رقابة او تدخل الدولة عبر أجهزتها ، فالقواعد الأخلاقية تختلف من القواعد القانونية من حيث الموضوع والإجراء ،فإعتماد الاخلاق ضمن القانون يجعل من الاخلاق التي أنتجها المجتمع موضع خلاف ومعارضه إنعكاساً للإنفعالات الشخصية تجاه العقوبات التى تضعها الاجهزة الرقابية فيقف الافراد موقف عدائي تجاه القيم التى تحولت من "أخلاقية" الي"قانونية" مع وضعنا في الإعتبار ان القواعد الاخلاقية عقوباتها وعواقبها تختلف مع القواعد القانونية بصورة جذرية فالإلتزامات الاخلاقية لها آليات ضبطها الخاصة ورقابتها الذاتية لنفسها دون أى تدخل من أجهزة الدولة كما فى القواعد القانونية .
ما يجب علينا فعله هو مناهضة كافة القوانين التى تتدخل فى السلوك الشخصي للأفراد وتنتهك حريات الاشخاص التى تعتبر أساس لا تتنفصم عن كينونته كإنسان فهي لصيقه به ما دام على وجه الأرض فلا يمكن انتهاكها ولا يجب تعرضها لرقابة من أجهزة الدولة التى تجعل الافراد يعيشون تحت مظلة محاطة بالرقابة الدائمة لسلوكياته وتعاملاته الشخصية وتصرفاته مع نفسه ومن ثم معاقبته في الوقت الذي لم يتعرض أيما شخص للضرر من تصرفاته فقط لانها لا تروق لعقلية الرعاع الذين يسيطرون علي مؤسسات الدولة .

[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 1015

خدمات المحتوى


عبدالباسط محمد الحاج /المحامي
مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة