المقالات
السياسة
الدولار والقرار .. مرة أخرى
الدولار والقرار .. مرة أخرى
12-14-2017 02:14 PM


كانت كل التعليقات على قرارات الدول العربية والاسلامية منفردة ومجتمعة على قرار ترامب ، انها مجرد كلام وان جاء هذه المرة أكثر قوة وحدة ، واننا فى انتظار الافعال التى ستجبر الولايات المتحدة واسرائيل على موقف آخر ! وقد لاحظت فى مقالاتى السابقة عن الموضوع، ان اختلافات اساسية قد حدثت فى المواقف ، بالدرجة التى اشعرت البلدين بالعزلة التامة ، ربما لأول مرة فى تاريخ القضية ، وهذا فى حد ذاته تطور كبير لابد من استغلاله لحل القضية من الجذور . وأذكر هنا دليلا على العزلة ، ماحدث فى الجمعية العمومية للامم المتحدة ، حيث تكلم المندوب الاسرائيلى وختم حديثه بدعوة الجميع للوقوف فى ذكرى اليهود الذين ماتوا فى الهولوكوست ، فوقف من وقف وأبى من أبى . غير ان مندوبة كوبا ردت على هذا ، بان هذا هو داب اسرائيل ان تستعطف الناس بمناسبة وبدون ، ثم انه ليس من حق احد غير رئيس الجلسة ان يطلب وقوف الاعضاء . ثم طلبت من الرئيس ان يدعو الاعضاء للوقوف لذكرى من مات من الفلسطينيين بيد اسرائيل ، فوقف الكل تقريبا مع تصفيق حاد استمر لمدة من الزمن !
ولكن تبقى الحقيقة فى السؤال الذى ينتظر الرد ، ثم ماذا بعد ؟
وللرد أورد أولا الحقائق البارزة التالية :
- الادلة لاتحصى لكل ذى عينين من ان الولايات المتحدة فى أضعف حالاتها ، وليس ادل على ذلك من وجود السيد ترامب فى البيت الابيض ، وهو الذى اصدر حتى الآن مايزيد على الالف تصريح كاذب ، على حد قول أحدى الصحفيات الامريكيات . هذا بالاضافة الى ماذكرناه فى عدة مقالات سابقة عن الضعف الاقتصادى بأدلة من أقوال أهلها .لذلك فليس انسب من هذا الوقت للضرب .
- ان بيد الدول العربية والاسلامية الكثيرمن الاوراق – خصوصا فى الجانب الاقتصادى- مايمكن ان يكون مؤثرا جدا ، لو استخدم بطريقة مناسبة وفى الوقت المناسب .
- انه ، لكى تتمكن البلدان العربية والاسلامية من استخدام هذه الاوراق ، فلابد من تغييرات اساسية فى البنية السياسية لهذه البلدان , وهنا دور الشعوب . اما اذا استمر الوضع فى البلدان العربية على ماهو عليه من انظمة شمولية ، تجعل الامور بيد أفراد أو جماعات يقولون ما لايفعلون ، فلن تراوح هذه القضية وغيرها منطقة الشعارات والهتافات . ولتوضيح الصورة أكثر فى هذا الجانب الاساسى اليكم مثالين :
أولا : النموذج التركى :
فى اليوم الذى يعقد فيه مؤتمر القمة الاسلامية فى تركيا بدعوة من اردوغان ، يزور وفد اقتصادى تركى مكون من 120 عضوا دولة اسرائيل لبحث تطوير العلاقات بشكل استراتيجى ملخصه : رفع التبادل التجارى من حوالى 4 مليارات من الدولارات الى 10 مليار خلال الخمس سنوات القادمة . فهل تظنون ان تركيا اردوغان ستكون قادرة على لمس هذه العلاقات بأى شر ؟ ولعل افضل رد على هذا التساؤل ، هوماجاء على لسان السيد يؤاف غالنت ، عضو المجلس الوزارى الاسرائيلى المصغر ، تعليقا على تصريحات اردوغان النارية ،حيث قال :( لاشئ حقيقيا .. لأنه يخرج من حين الى آخر بتصريحات انطلاقا من مصالح .. لكن عندما يصل الامر الى حدود التطبيق العملى فان لتركيا مصالح أخرى ) !
ثانيا :النموذج الخليجى :
يقدر اقتصاديون مختلفون الاموال والاستثمارات العربية فى الخارج تقديرات متفاوتة، غير ان الارقام التالية ربما تعطى صورة تقريبية لما عليه حقيقة الامر :
تقول هذه الارقام ان الاموال العربية المودعة فى البنوك الامريكية تقدر بحوالى 700 مليار دولار وان الاستثمارات تبلغ حوالى 680 مليارا ، وهو مايساوى 12.8% من جملة الاموال العربية فى الخارج . بينما تبلغ نسبة الموجود فى اوروبا حوالى 34.8% . أما الرقم الصادم فهو الاستثمارات فى البلدان العربية والتى تقدر بحوالى 10 مليارات من الدولارات !
فهل من عاقل يظن ان الدول العربية – الخليجية – قادرة على أخذ موقف جاد وحاد حيال امريكا تحت هذه الظروف الضاغطة ، خصوصا بعدما حدث من تجميد ارصدة لايران والعراق والكونغو على طريقة الكاوبوى ! البلدان تتخذ مواقفها بناء على المصالح فى الاساس ، وليس أدل على ذلك من موقف بلدان مثل انجلترا والمانيا من الازمة الخليجية ، أفلا ترون ؟!
لهذا انتقل الى النقطة الهامة الثانية : وهى ضرورة التغيير السياسى فى البلدان العربية ، وهو أمر بدأت تستشعر ضرورته حتى بعض قيادات تلك البلدان ، كما يحدث الآن بالمملكة السعودية . لابد من نظام يسمع فيه صوت الشعوب ، ويكون فيه الحاكم هو القانون ، حتى تطمئن رؤوس الاموال للاستثمار دون خوف من الامراء أو اخوان الرئيس أو أجهزة الامن ذات قانون فوق القانون !
وبهذا فلا يظن أحد ان المعركة بسيطة أو قصيرة الامد . فليس من الممكن سحب الاموال بين عشية وضحاها ، ولا أحداث التغيير السياسى بين يوم وليلة ، ولكن مشوار الالف ميل يبدأ بخطوة ، واشعال شمعة خير من لعن الظلام ألف مرة !
هناك ايضا وفى المجال الاقتصادى أمر هام اشرت اليه بشكل عابر فى المقالات السابقة ، وهو ضرورة مساعدة السلطة الفلسطينية لتبقى قوية ، بل ولتنمو وتتطور ، وهو مافعله داعمو اسرائيل ولا يزالون يفعلون ، ومن فلوسنا ! خصوصا وان الولايات المتحدة واسرائيل قد بدأتا بالفعل ضغوطهما الاقتصادية على السلطة الفلسطينية ، بل وحتى على الامم المتحدة بعد ان دمغتها ممثلة امريكا بانها متحاملة ضد اسرائيل . بالامس طلبت الولايات المتحدة نخفيض ميزانية المنظمة بمقدار ربع مليار من الدولارات !
لدى مقترح بسيط وسهل التطبيق فى مجال دعم الدولة الفلسطينية ، بل ويشمل بقية الدول العربية ، خصوصا منها ذات الموارد الطبيعية غير المستغلة بسبب عدم توفر المال . المقترح هو انشاء مشروع يماثل مشروع مارشال – تحت أى مسمى مناسب للموضوع، تساهم فيه الدول والافراد من العالمين العربى والاسلامى لتفيذ خطة تنموية يضعها الخبراء فى هذه البلدان .
وليطمئن كل من سيشارك فى تمويل الخطة ، فانها ، مثل مشروع مارشال ، لم تكن خطة عطاء لله ، فهذا ليس موجود فى عرف الرأسمالية ، ولكنها ذات عائدات كبيرة ، وليس اقتصادية فحسب . فمشروع مارشال كان هو مسمار جحا الذى جعل امريكا القطب العالمى الثانى ، ثم الاوحد ، ثم يعود الآن مع التدهور المشهود ، لتصبح واحدة من عدة اقطاب فى طرقها للغروب المحتم . فأليس من المهم ان يكون لنا دور هذه المرة فى هذا التشييع المهم ؟!
فمارايكم ، دام فضلكم ؟ مع رجائي الا تكون البداية بالاختلاف على تسمية المشروع !





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 3597

خدمات المحتوى


عبدالمنعم عثمان
عبدالمنعم عثمان

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة