المقالات
منوعات
هويتنا الحقيقية وهوياتنا المزيفة
هويتنا الحقيقية وهوياتنا المزيفة
12-15-2017 03:00 PM

من أفظع الأمور أن ينظر الإنسان إلى شكله ولونه ليحدد هويته؛
والأفظع من ذلك أن ينظر إلى أشكال الآخرين وألوانهم ليحدد نوع علاقته بهم!!
ولا تقتصر بشاعة هذا الأمر في أنه يعبِّر عن جهلٍ بهيم، وعنصرية حمقاء، وعُقَدٍ مركّبة، بل إنه يِنُمُّ، فوق ذلك، عن بعدٍ مُوحشٍ عن روح الله خالقنا، سبحانه وتعالى، الذي ينظرُ، لا إلى أشكالنا وألواننا، وإنما إلى قلوبنا وأخلاقنا وأعمالنا ومعاملاتنا.
الأشكال ليست هويتنا، والألوان ليست هويتنا.
الاهتمام بالألوان والاشكال خواء، وانسلاخٌ من جوهر الإنسانية، ونزولٌ من مقام التكريم إلى درجة الطيور والأنعام.
الأشكال يغيرها الزمان، بل وحتى المكان؛
والألوان تتبدل بالطقس، بل وحتى "بالكريمات"؛
وكامل أجسادنا الفانية سيلتهمها الدود – رغم أنه ليس بالعدو اللدود - فكيف تكون هي هويتنا يا إخوتنا في الوطن، ويا إخوتنا في الإنسانية، يا أخوتنا في الأرض، وفي الموت والحياة، وفي العبودية للخالق الواحد؟!
ماذا نفهم عندما يقول لنا خالقنا عز وجل في كتابه العزيز: "يومَ تبيضُّ وجوهٌ وتسودُّ وجوه"؟
متى يكون هذا الابيضاض وهذا الاسوداد في رأيكم؟
إنه يوم القيامة.
إذن فالله سبحانه وتعالى يقول لنا: لا سواد ولا بياض ولا ألوان في الدنيا!
وإنّما السوادُ سواد الأعمال السيئة يوم القيامة؛
وإنّما البياضُ بياض الحسنات والأعمال الصالحات يوم تفضّ عنها الأختام.
السواد يوم القيامة ليس مجرد لون، بل هو قَتـَـرٌ كقطع الليل المظلم يغشى الوجوه الباسرة؛
والبياض يوم القيامة ليس مجرد لون، بل هو نُضْرةٌ تنعكس من جوهر الوجوه الناظرة إلى ربها.
الألوان والأشكال في الدنيا آياتٌ من آياتِ الله سبحانه وتعالى الذي خلق جميع الألوان، وهو الذي حدد جميع الأشكال.
عن أية هوية نبحث؟
هوية عربية؟ العروبة ليست سوداء ولا بيضاء، بل هي ثقافة ولغة. وبهذا الفهم فإن جامعة الدول العربية - التي تُقاد على غير ما هدى - حريٌّ بها أن تكون، “جامعة للدول الناطقة بالعربية”، وإنه، بدلاً من أن تضيق بأعضائها الحاليين، ينبغي أن تتسع لتضم تشاد وإرتريا ومالي والنيجر وإيران وكل مَن رغب في الانضمام إليها؛
والعروبة ليست في الحمض النووي، بل في العقل والقلب والشعور؛ ولا قوامة لأحد عليها فيمنحها لمن يشاء، أويحرم منها من يشاء، وإنما الناس أحرارٌ فيما يختارون؛
والأفريقيانية ليست لغة ولا لون ولا ثقافة. بل مكان. وطن. بل حضن أمٍّ وثير لم نغادره أصلاً ليدعونا البعض إلى العودة إليه.
ولئن انفصلت جوبا في السياسة، فمن يقدر على فصلها عن جغرافيا قلوبنا؟
ليست المشكلة في اختلاف الهوية، الذي لم يمنع ملايين العرب والأفارقة والآسيويين المهاجرين من أن يصبحوا، بالتجنس، أوروبيين وأمريكيين؛
وبالمثل، لم يمنع انسجام الهوية إخوتنا في الصومال وفي اليمن من أن يقتلوا أنفسهم، ومن أن يُخرجوا أنفسهم من ديارهم، بالرغم من أن الله قد حرّم عليهم دماءهم وأموالهم وأولادهم وأعراضهم.
المشكلة ليست في الهوية، سواء كانت عربية أو أفريقية!
فالأفارقة يقتلون الأفارقة
والعرب يقتلون العرب
والبيض يقتلون البيض
والسود يقتلون السود
المشكلة الحقيقية هي أننا نعرف أن الله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى ألواننا وأشكالنا، وأنما ينظر إلى قلوبنا، ولكننا نتجاهل ذلك، لنمضي في تقييم أنفسنا والآخرين على أساس الأشكال والألوان؛
المشكلة الحقيقية هي أن الله عز وجل يقول لنا إنه خلقنا لنتعارف ونتعاون ونتحاب، و"إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، ولكننا نتجاهل ذلك فلا نتعارف ولا نتعاون ولا نتحاب؛ وبدلاً من أن نسقط المساعدات بملايين الدولارات فقط على إخواننا الجياع وأطفالهم المرضى بالكوليرا، فإننا نسقط عليهم القنابل بمليارات الدولارات!
المشكلة الحقيقية هي أن الله يقول لنا إن البياض والسواد هما لونا الأعمال يوم القيامة، ولكننا نأبى إلا أن نتفاضل على أساسهما في الدنيا!!
المشكلة الحقيقية هي أن رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول لنا: لا فرق بين عربي وأعجمي ولا بين أبيض وأسود إلا بالتقوى، ولكننا نأبى ألا خلافَ رسول الله، والعياذ بالله!
لو أنفقنا العمر كله نبحث عن هويات مزيفة تحددها الألوان والأشكال والأعراق لن نحصد إلا الضياع والسراب.
لكن إنْ أردنا هويتنا الحقيقية فسنعثر عليها في ثانية واحدة: "كلكم لآدم وآدم تراب".
كلنا من تراب...كلنا...
كلنا إلى التراب كلنا..
ما أجمله وأبلغه من نشيدٍ قومي موحد قادم...لجميع الشعوب!
إذن، المشكلة الحقيقية، كما ترون، هي في أننا "كالحمار يحمل أسفاراً"!ّ

[email protected]





تعليقات 7 | إهداء 0 | زيارات 3391

خدمات المحتوى


التعليقات
#1720332 [شروقي اسود]
0.00/5 (0 صوت)

12-17-2017 06:45 PM
كلامك يجب عليك توجيهه للسادة العرب العاربة اما نحن معشر الافارقة محرد عرب زنوج لغة عربية لون ابيض بالكريمات والعبايات الخليجية والبرقع


#1720233 [عوض بشير]
0.00/5 (0 صوت)

12-17-2017 12:28 PM
والله كفيت ووفيت وقلت ما نريده وندافع عنه جزاك الله خيرا وليتنا نعلم ان العرب ليسوا باللون ولا الرقعة الجغرافية وان الافارقة ليست جنسا ولا عرقا انما مكان كذلك الاسيوية وما سميت العراق عراقا الا لتعدد اعراقها والله جعلنا شعوبا وقبائل ومن اراد ان ينتمي للعرب فليفعل ومن اراد ان ينتمي للعجم فله ذلك وفي النهاية كلنا يضم هذا السودان ارض الخير لا ننتقص من جنس او قبيلة وان نستفيد من هذا التنوع الجميل في بناء البلد ومن يقول ان الهوية هي سبب الحروب في السودان وان هويتنا لم تحدد فهو مخطئ والحرب والقتل بدأ من قابيل وهابيل ولن ينتهي الا بقيام الساعة بل سيأتي اليوم وقد اتى ان يكثر الهرج ولا يعلم القاتل لم قتل ولا المقتول فيم قتل والله المستعان.. واجمل ما قلت يوم تبيض وجوه وتسود وجوه وهذا يوم يوم يأتي لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم


#1720164 [الأخــــــــيدر ود خمدنا]
0.00/5 (0 صوت)

12-17-2017 09:24 AM
هييييييييع
باين عليك ماك أغبش .
أظنك ماك دونالد !
هى أنت ما بتشوف برنامج أرض السمر ولا شنو ؟
ياخى الثقفة السودانية و صوالينها و رجالاتها كلها خدارة و غباشة جت !
من اللحو حتى ابوعركى لمن الترابى ذاته ..
سمارة ساى مجدعة , بعدين واضح عليك حلبى تبع ناس غردون باشا الصعلوك الذى ذبحه المهدى الاخدر و التعايشى الاغبش و الاصيل وساندهم الشعب فى عرضتاهم بالعراريق الشفافة السمحة فوق الركبة .
فما تقدونا ياخى , ارجع لتاريخك السمح فى الختان و الشلوخ و الجرتق و قطع الرحض و انتظار المسيح .
فهذا هو ما شكل السودان اليوم و حركته الاسلامية الخدراء و برنامج ريحة البن و احزابه الايدولوجية على مر تاريخه الحديث .


#1719812 [Faisal]
2.38/5 (4 صوت)

12-15-2017 09:58 PM
الاخكاتب المقال ما رايك في هوية البرازيل اهم امريك لاتين ام اوروبيون برتقال، لان البرازيل كلها تتحدث باللغة البرتقالية، وكذلك غينيا بيساو اهم افارقة ام برتقال. والسنغال هل هم فرنسيون اوربيون ام افارقة. من تريد ان تقنع بمثل هذا الطرح، ظهر المستخبي كل الدول العربية لها رأي في عروبة السودان اذا يجب ان نحترم انفسنا ونبتعد عن التكتلات التي لا تعيرنا اهتمام.


#1719764 [محمد أحمد]
2.04/5 (13 صوت)

12-15-2017 05:27 PM
الجهل مصيبة ولمصيبة الاكبر الاصرار على إدعاء هوية ليست منسجمة مع حقيقته...ما ضرك لو قلت انا افريقي وريحت وإرتحت انسجامآ مع حقيقتك الجغرافية والأنثروبيلوجية...لو ذهبت الى الصين او آيسلاند او نيوزلاند لن تسمع غير كلمة واحدة (( من أي بلد افريقي انت))...الافريقانية قدرك فلا تتهرب الى هويات اخرى ليست لك


#1719757 [محمد عبدالله]
3.45/5 (12 صوت)

12-15-2017 04:34 PM
بطل اللف والدوران الهوية افريقية وليست عرقبة العربية عرق والجامعة العربية ميان عرقي يضم العرب بالعراق أينما وجدو لو استمرت دولة الأندلس لكانت ضمن جامعة الدول العربية لكن عندما تعثر العرب في أفريقيا أصبحت الدول التي اعوتهم دول عربية عرقية ومحبت اعراق الطوارق والأمازيغ والمفارقة وكل من هنالك صار عربيا علي الرغم من أن ثقافتهم غربية ولغة محلية وفرنسية والآن تريد أن تمهي إغراق تشاد وارتتريا وتنسبها عرقيا الي الجامعة العنصرية العربية.

المصريين يعرفون انهم ليسو عرب ولكن طول ما هنالك فائدة لهم والسيطرة لهم فهم الأولي بادارتها.

تبا لكم ولما تظنون


#1719751 [عبدالله الشقليني]
2.97/5 (11 صوت)

12-15-2017 03:57 PM
( وإنّما البياضُ بياض الحسنات والأعمال الصالحات يوم تفضّ عنها الأختام.)
تحية لك
أعلاه ما تفضلت بقوله ، أن بياض الحسنات في حُسنها . وتجد من تسود وجوههم يوم القيامة : كلها تفضل اللون الأبيض على الأسود
*
يتعين علينا الخروج من قصة الهويات وصراعها . فلا أحد سيتنازل عن هويته ،
ولكن العدالة في مساواة الانسانية وهو يشمل مساواة الهويات ، لا تتفاضل بل تختلف وتتنوع .


الريح عبد القادر محمد عثمان
مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة