“الدندهوبات زي بعض”..!!
12-19-2017 12:48 PM
ومن فرط تزاحم الهموم وتعطل مسارات المعالجة والحلول وتشابه الأيام، صارت الصحافة تعيد نفسها وتحكي باحتفاء ذات القصص والأخبار القديمة التي كانت هي نفسها قد احتفت بنشرها في وقتها كسبق لها قبل أشهر أو أعوام بل الأغرب من ذلك أن المؤسسة التي تدلي بمعلومات تعتبرها مهمة وجديدة تأتي هي نفسها بعد وقت قصير وتعقد مؤتمرا صحفيا تعيد وتردد فيه نفس حديثها الأول دون أن تنتبه الى أن المتلقي قد شاهد هذا الفيلم على شاشتها من قبل..!!
تماما مثل تلك الحالة التي وصفها الراحل محمد الحسن سالم حميد في قصيدة الضو وجهجة التساب لحال القرية التي انفجر النيل في وجهها:
بعض المسافات اتلغت
الفارغي طمبجا.. والملاني اتفرغت
الدندهوبات زي بعض.. شكل العديدي ورصّها
نفس العناقريب نفسها
عفشك ده.. حق غيرك تشك
يدخل في بالك ألف شك
وفي الوقت الذي ترقص فيه ولايات السودان بالتناوب في مهرجانات (عيش اللحظة، وانسى) مهرجانات الهروب من الواقع، يهم وزير الصحة أو من معه من المسؤولين لتمليك الرأي العام معلومات قديمة ينسون أنهم يكررونها بوصفها جديدة على المتلقي بكونها ستلفت الانتباه لأزمة أو قضية صحية بصفة العاجل المهم فتبرز الصحف ووكالة سونا نفسها تلك التصريحات القديمة المتجددة بخبر تبدأه الوكالة الرسمية سونا بكلمة (كشف) د. خاطر يوسف عبد الله مدير مستشفى الذرة لعلاج الأورام لولاية الخرطوم عن أن المستشفى يستقبل يوميا حوالي ألف مريض بالسرطان..
ويضج الفيسبوك والواتساب بهذه المعلومة التي تدمي القلوب، في حين أن نفس هذا المرسل أي مستشفى الذرة ونفس المتلقي ونفس الوزير وذات (الفيسبوك والواتساب) وتلك الانفعالات كانت قد بذلت قبل أشهر تفاعلا مع نفس الخبر في مؤتمر صحفي للوزير في فبراير الماضي ذكر فيه مدير مستشفى الذرة بالإنابة أن المستشفى يستقبل يوميا ألف حالة سرطان وشكا من قلة الإمكانيات وقلة الأجهزة وآثار العقوبات الأمريكية.
وبرغم رفع العقوبات وزوال الحجة القديمة والعذر التقليدي المسمى العقوبات الأمريكية لا يزال المستشفى بحسب تصريحات مديره يستقبل 79 % من نسبة الألف حالة اليومية تلك من الولايات المختلفة (المشغولة حكوماتها بمهرجانات الغناء وما يسمى بالسياحة) بينما 21 % فقط من المرضى الذين تستقبلهم المستشفى يأتونها من داخل ولاية الخرطوم..
وليس السبب في هذا الخلل أن العقوبات الأمريكية التي رفعت عن الخرطوم مثلا لا تزال مفروضة على تلك الولايات.. بل السبب أن ولاة تلك الولايات التي لا يجد مواطنوها مستشفيات مؤهلة وعلاجا لمرضى الولاية فيسافرون للخرطوم و(يتجهجهوا) في رحلة مرهقة ماليا وبدنيا هي ولايات مشغولة (بالفارغة)، لا تحسن حكوماتها ترتيب أوراقها بشكل صحيح وترتيب أولوياتها كما ينبغي ..
سنظل نكرر نفس الشكوى ونستقبلها بنفس الدهشة وننسى حتى مشاعر الانفعال بها والتفاعل معها.. لأننا نعيش مفارقات غريبة..!
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
اليوم التالى
|
خدمات المحتوى
|
جمال على حسن
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|