غسيل يا عمو؟
12-21-2017 12:31 AM
غسيل يا عمو ؟ سؤال يبتدرك به صبي يحمل إناءاً من البلاستيك وفوطة وصابون ويقف بالقرب من السيارة، لا تستطيع أن تنسب ابتداره إلى تسويق نفسه ومهنته أم توسلاً بأن تجيب بالإيجاب .لكنك في كل الأحوال تجد نفسك متنازعاً بين موقفين.إما التعاطف معه والموافقة ، أو الرفض واحتمال تحويله إلى فاشل في كسب قوته من مصدر رزق حلال.لتنهض أمامك كل أدبيات الحملات المناهضة لعمالة الأطفال وأين أنت منها.
كل من هؤلاء الصبية بالقطع ينبئ عن قصة تختبئ وراء تواجده في سوق العمل.أهو عائل على صغر سنه لأبوين وإخوة صغار ؟ أم هو مستغَل بواسطتهما ؟ أفشل في المواصلة في الدراسة بالمدرسة أم لم ينل ترف الانضواء تحت قائمة التلاميذ ؟أهو ضحية فقدان والد في قضية طلاق أم بجريمة قتل أم هو نازح بفعل حروب الهامش ؟ وغير ذلك مما قد يتبادر إلى ذهنك من أسئلة مشروعة.
لكن السؤال الأكثر إيلاماً هو :أين الدولة من هؤلاء ؟ هل هنالك متابعة لحالاتهم ؟ هل من راصد لإحصائياتهم ؟ وهل من مدرك لحالات كل منهم على حدة ؟ وان تم ذلك ، هل ستكون بعض أسباب نزوحه إن كان هو السبب، هي نفس أسباب عجز الدولة عن استيعاب طفولته وصباه ؟ في واقع اختلالات الأولويات في الصرف .؟
أسئلة كثيرة من هذه الشاكلة ينبغي أن تؤرق الضمير الوطني والإنساني.لا لكون هؤلاء الأطفال ضحايا فقط . ولا لمخالفة أوضاعهم كل قوانين الاهتمام بالطفولة فقط . ولكن من أجل الوطن الذي إن أهملهم اليوم. فسيختطفونه غداً هم ومن لم يجد الرعاية اللازمة وانحرف إلى الجريمة بكل أنواعها واستغل بواسطة العصابات الإجرامية التي تتاجر في كل شئ ولا يرعون في طفولتهم إلاً ولا ذمة.
والواقع أن الظاهرة في كل تجلياتها . تحمل في طياتها مدى اتساع دائرة الفقر وانهيار اوضاع ذوي الدخل المحدود. وأذكر أنه في أوائل التسعينات ، عندما أطلق العنان لأسعار السلع كما في أيامنا هذه، كان صبي ورنيش يلمع أحذية بعض زملائي المعلمين في كسلا وقتها ،وهو لا يعرف وظائفهم . وعندما استكثروا الثمن وسؤاله عن دخله اليومي ومدى تلبيته لحاجاته، جاءتهم إجابته صاعقة. حيث قال : أنه يكفيني .ولكن شقيقي الأكبر معلم لا يتركني على حالي. فمعظم مصروفه اليومي من عملى !!كتموا ضحكاتهم وهم يدفعون له أجره ، بغية أن ينصرف قبل أن يعرف مهنتهم.
معمر حسن محمد نور
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
معمر حسن محمد نور
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|