✍ تمتلئ النفس حسرة وألماً، وهي تتأمل جليّاً في كثير من الظواهر السالبة التي يضج بها واقعنا السوداني، وقد إمتلأ وفاض بغياب المسؤولية والحس الوطني من نفوس الكثيرين من أفراد هذه الأمة، وخاصة أولئك السياسين بمختلف الأحزاب السياسية، وكذلك شريحة الشباب التي تمثل أمل وأحلام هذه الأمة.
✍ نتفق جميعنا حكومة بمختلف توجهاتها السياسية ومواطنين في شتي بقاع هذا الوطن، نتفق تماماً على أن الوضع الإقتصادي لبلادنا الحبيبة لا يسر أحداً فينا، ونعلم جميعنا بأن بلادنا تمر بمطبات ومراحل حرجة، ولكننا بدلاً من التكاتف والعمل بروح الوحدة الوطنية والحس الوطني الأصيل، للثبات والخروج من هذه الأزمات عبر الشورى والرأي والفكر والمؤسسية المنهجية في الإصلاح والتغيير، نقف جميعنا في صفوف من التناقضات والأدوار السالبة التي خلقت منّا صراعات ونزاعات صرفتنا عن أزماتنا الأساسية وجعلت منّا مطامع لقوى خارجية تهدد أمن إستقرار بلادنا.
✍ الممارسات السياسية لمختلف الأحزاب تصب كل أهدافها فقط في الصيد في الماء العكر لتحقيق أغراضها ومراميها، ولا ترى في البلاد شيئاً جميلاً، فتجد الندوات السياسية والقروبات المتنوعة بمختلف صفحات الأسافير وهي تتمنى زوال هذه الحكومة حتى يتم التغيير، وبدلاً من تفعيل التوعية الراشدة للمواطنين وترسيخ الحس الوطني والمسؤولية تجاه هذا الشعب وايقاظ الضمائر التي صارت تقتات من عرق الضعفاء، وتمارس التهريب وتبيع وتشتري بلا ضمير ولا وازع أخلاقي، تجد معظم الممارسات السياسية هي فقط اصطياد في الماء العكر من أجل مناصب ومقاعد السلطة.
✍ الشباب المنفعل على صفحات التواصل خاصةً أولئك المقيمين خارج الوطن، وكذلك أولئك المبعدون من الحزب الحاكم، يتمنون بكل قوة أن يحدث أي شئ سلبي يؤدي للتغيير مهما كانت عواقبه، دون الإهتمام والوعي بمصير هذه البلاد ومستقبلها، يحسبون أن التغيير عبر الثورات والنزول الي الشارع، ولا يعلمون أن مثل هذا التغيير قد تدفع الأجيال ثمنه عشرات السنين مستقبلاً، يتجاهلون أن ما يدعون إليه وقوده أبرياء وإهدار دماء حرمها الله عزوجل الا بالحق.
✍ التجار وأصحاب الشركات المختلفة والأعمال الحرة بالسوق ينهشون في جسد المواطن دون أخلاق أو ضمير، يغُشون في السلع ويهربون في البضائع، ويعقدون في صفقات الأدوية وبيعها ويرفعون في الأسعار، ويعيثون في الأرض فساداً، ثم يجلسون علي المقاهي يحتسون القهوة ويشتكون من ظلم الحكومة، ومايفعلونه من ظلم للوطن أفظع بمئات المراحل مما قد يفعله مسؤول فاسد في موقعه.
✍ إن فساد الأخلاق في النفوس ليست نتاج إنتماء حزبي لأي حزب، بلا هي نتاج تربية من داخل الأسرة، وضعف في الإيمان بالله عزوجل، يحسبون أنه سبحانه وتعالى غافلا عمّا يعملونه، وأنه ليس برقيب على كونه، ويتناسون أن عدالة الله نافذة وأنه يمهل ولا يهمل، دور الحكومة يبدأ من دور المواطن واحساسه بمسؤوليته تجاه أسرته وأن ما يسوقه من مال لرزق أهله وعشيرته يجب أن يكون حلالاً خالصاً لا تشوبه شائبة.
✍ المسؤلون في السلطة، يعجزون تماماً بسبب صراعاتهم المختلفة في إخراج الفاسدين من بينهم وابعادهم تماماً عن مصالح العباد والبلاد، فيواصل ضعاف النفوس في الصيد في الماء العكر ويكنزون الأموال، ولا يعلمون أنهم يطوقون أنفسهم بما لن يطيقونه يوم العرض على رب السموات والأرض، وبعضهم يسيئون للسلطة بتصرفاتهم ويتسببون في وصف أحزابهم السياسية بالفساد، ولا يرتقون لمستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم، والتي هي مسؤولية أمام الله عزوجل قبل أن تكون أمام قياداتهم العليا.
✍ لا بد من وقفات مع النفس للتصحيح عبر الإخلاص والوفاء لهذا الوطن، وأخص برسالتي جميع الأحزاب السياسية التي شاركت في هذا الحوار، وهي تُمني نفسها بأن تُقدم لها الحكومة كل شئ في طبق من ذهب ومتناسية أنها جزء أصيل من المشاركة في الإصلاح والتغيير، وأوجه رسالتي للمسؤولين في السلطة بأن الجديّة في الإصلاح تكون عبر انزال معطيات واضحة في أرض الواقع حتي يطمئن الجميع بأن الإصلاح قادم.
✍ كُلنا يجمعنا السودان، هذا الوطن الشاسع الذي امتاز بالصمود والتحمل، وكل العالم يعرف سمات وطباع الشعب السوداني الذي لا يقبل الضيم، ولا يقبل بالفتن مهما كانت، أطفالنا ونسائنا وأهلنا وجيراننا وكل أفراد هذا الوطن هم أمانة في أعناق كل واحد منّا، فلنتكاتف من أجل الحق ومن أجل الدفع بمسيرة الوطن الى بر الأمان، بعيداً، بعيداً بعيداً عن الفتن والتحريض لثورات قد تدفع ثمنها البلاد سنيناً عجافاً قادمات، تحسين الإقتصاد السوداني ليس بمعجزة ينهزم أمامها علماء الإقتصاد بهذا الوطن، ويمكن عبر العقول السودانية المشهود لها بالكفاءة والنجاح أن يتم حل هذه الأزمة وتحسين الوضع الإقتصادي، لنتق الله عزوجل في أجيالنا، ولنحافظ علي مجتمعنا السوداني الذي هو بخير طالما تكاتف أهله في درب الحق والايمان.
✍ قال تعالى: ( لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتي جاء الحق وظهر أمر الله وهم له كارهون (48) ومنهم من يقول إئذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين (49) - التوبة.
المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.