المقالات
السياسة
طلاب في مواجهة المشانق
طلاب في مواجهة المشانق
12-24-2017 03:51 PM

قضية الطالب عاصم عمر المحكوم عليه بالاعدام من القضايا التي شغلت الرأي العام مؤخراً، و في البدء أود الترحم على روح المجني عليه في هذه القضية؛ حسام ، تقبله الله قبولا حسنا و ألزم ذويه الصبر الجميل، فلا ينبغي أن ننسى أن هنالك أسرة فجعت في ابنها و من حقها أن تُمَلك تفاصيل ما حدث و تطالب بحقها في محاسبة المسؤول. و من ثم نستصحب عدة حقائق مهمة في فهم ما يجري؛ فعاصم من دارفور، و ينتمي لحزب المؤتمر السوداني و يدرس في جامعة الخرطوم. هذه الصفات تشكل نموذجاً يخشاه النظام لأنه يهدده بأكثر ما تهدده حركات دارفور المسلحة التي يعرف جيداً كيفية التعامل معها عسكرياً و سياسياًّ. النظام يخشى التحركات المدنية داخل العاصمة لأنه يستذكر جيداً أكتوبر 1964 و ابريل 1985، و حزب المؤتمر السوداني هو الأكثر نشاطاً في مناهضة النظام الآن في الساحة السودانية، و هو حزب معارض غير مروض و يتجاوز الخطوط الحمراء للنظام، و الجدير بالذكر أن رئيسه السابق ابراهيم الشيخ اعتقل لانتقاده مليشيات الدعم السريع كما أن عاصم نفسه حكم عليه بالجلد لمشاركته في مخاطبة جماهيرية في سابقة قضائية غريبة في يوليو 2015، الأمر الذي يؤكد تخوف النظام من أساليب المقاومة هذه و عمله على استهداف حزب المؤتمر السوداني الذي اعتقل العشرات من قياداته و أعضاءه في السنوات الأخيرة.

اذن قضية عاصم عمر يجب أن ينظر اليها باستصحاب هذه المعطيات ، و قد استفاض الأخوة القانونيين في بيان عيوب المحاكمة و تحولها لأداة سياسية في خدمة النظام، مثال لذلك مقالي القانوني سيف الدولة حمدنا الله المعنونين "أساس البراءة في قضية عاصم" و "كلمة أخيرة قبل إعدام الطالب عاصم !!"، و نظام الانقاذ بخبثه المعهود يرمي بفعلته هذه لتخويف أعضاء حزب المؤتمر السوداني و الحركة الطلابية من مغبة استمرار فعالياتهم المناهضة له، و استنزاف جهودهم و وقتهم في هذه المحاكمة السياسية عوضاً عن توجيه كل هذه الطاقات في مناهضة النظام، و دق اسفين بين النشطاء الدارفوريين و الشماليين بجعل ثمن النشاط السياسي باهظاً في حالة كونك من دارفور أو من مناطق الهامش، الأمر الذي يستلزم وجود حساسية عالية لدى المشتغلين بالشأن العام لافشال هذه المحاولات. عاصم عمر نبذ الجهوية و القبلية و اختار السودان و ناضل تحت حزب يرفع رايات القومية و التعدد فلزم علينا جميعا أن نناصره في محنته هذه.

رغم كل المساوئ التي تحيط بهذه القضية الا أن عاصم يحظى بدعم قانوني و اعلامي وفره له انتماءه لحزب محنك خاض معارك قانونية مثيلة مع النظام ( قضية قتيل جامعة النيلين 2007)، الامر الذي لم يحظى به مثلا محمد بقاري طالب جامعة شرق النيل الدارفوري الذي حكم عليه بالاعدام أيضا في ملابسات مشابهة. بقاري الذي لا ينتمي لأي تنظيم عدا رابطة طلاب دارفور لم يحظى حتى بمحامي يدافع عنه، و عندما عثر عليه المحامي سمير علي مكين بالصدفة في محكمة جنايات بحري وسط و عرض عليه تقديم العون القانوني وافق، الا أن أفراداً من جهة ما اقتادوه الى غرفة داخل المحكمة ليعود بعدها و يعلن تخليه عن محاميه سمير! لمعرفة تفاصيل أكثر عن هذه الوقائع العجيبة اقرأ التقرير المعنون "محمد بقاري ... قصة إعدام لطالب لا حزب له"

ختاماً، لنترحم على أرواح جميع القتلى سواءأ كانوا من القوات النظامية أو الطلاب بمختلف انتماءاتهم السياسية و الجهوية فكلهم سودانيون انتهكت دمائهم و نطالب بالعدالة لهم الأمر الذي يدفعنا لرفض المحاكمات السياسية و رفض استغلال النظام لأحزان و فجائع الأسر في تحقيق أهداف سياسية لمصلحة النظام و المطالبة بمحكامات تراعي أصول المهنية. ان استهداف النظام المتواصل لنشاط المعارضة السلمي عموما، و طلاب دارفور على وجه الخصوص له آثار بعيدة المدى في تمزيق النسيج الاجتماعي المتهتك أصلاً نتيجة الحروب الأهلية الطويلة و التنمية غير المتوازنة. النظام يعتمد على اثارة النعرات العنصرية لاكسابه شرعية و مبرر لوجوده وسط أبناء الشمال النيلي وفق معادلة بسيطة؛ بقاء النظام مقابل أمنكم، الامر الذي يستوجب على المخلصين من أبناء و بنات الشعب السوداني التنبه له و العمل على افشاله، و ليكن لنا في انفصال الجنوب عبرة، و قديما قيل العاقل من اتعظ بغيره و الجاهل من اتعظ بنفسه، فمالنا نضن على أنفسنا حتى بمنزلة الجهل؟

[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 627

خدمات المحتوى


وضاح أزهري عثمان
مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة