المقالات
السياسة
مصلحة السودان أولاً وقبل كل شئ
مصلحة السودان أولاً وقبل كل شئ
12-29-2017 07:24 PM

كثيرا ما كان يحضرني قول أحد الزعماء الأفارقة بما استدللت به كثيرا في مقالات سابقة وهو قوله (كان يمكن للسودان أن يكون أفضل الأفارقة ولكنه اختار أن يكون أسوأ العرب)، السودان مع العرب مثل كرة الدافوري تتقاذفها الارجل المتبارية حيث تشاء لا تستقر على حال... لا هو أصبح عربيا صرفا فتكون له كلمة مسموعة بينهم ولا أصبح أفريقيا خالصا تقتدي به الأفارقة وهو مؤهل بذلك، وإنما أرادت حكوماته المتعاقبة أن تمسك العصى من الوسط وهذا ما شتت حبل أفكارها وجعلها تبدو كالبهلوان في السيرك في كثير من الأحيان...... أما آن لهذا الكيان الكبير أن يعود لحضنه الدافئ وأصله الأفريقي؟ بأفريقيته وسُمرة لونه غزا السودان مصر وحكمها رغم الأقلام القزمة التي تريد النيل منه الآن حتى استنجدت به اليهود من جور البابليين الذين تأبطوا بها شراً وليس بعروبته....
ضاع من عمر الشعب السوداني الكثير وهو يحاول عبثا تعريف الهوية السودانية بأنها دولة أفريقية ذات هوية عربية... وشكرا لزيارة اردوغان التي كشفت زيف التخبط الذي ولجت قلة من السودانيين بحثا عن هويته في دهاليز العروبة وأروقتها والآن جاء الرد قاسيا ليس من أنفسهم بل من داخل العرب المستعربين أنفسهم وجاء الخبر صادما بأن السودانيين عبيد ولم يدر هؤلاء بان عهد الاسترقاق قد انتهى وان الدين الاسلامي قد نهى عنه وجعل من مكفرات الذنوب (عتق رقبة) كما نهى عنه الرسول بقوله (لا فضل لعربي على عجمي ولا لابيض على أسود إلا بالتقوى)... أؤلئك الذين يريدون أن يعودوا بالاسلام لعصور الجاهلية الأولى عليهم أن يستحوا مما خطّت اقلامهم تجاه السودان والسودانيين.
فالسودان أبدا ما كانت دولة عربية في يوم ما ولن تكون وإنما الحكومات السودانية المتعاقبة هي التي حشرته حشراً في كيان هو فيه غريب الوجه واليد واللسان، فأنا شخصيا لم أكن أدري ولا كلمة عربية واحدة حتى دخولي للمدرسة فالحمد لله لي لغة ذات حضارة موغلة في القدم أرغمت المصريين يفتخرون بها وهم ليسوا من الناطقين بها... ولو كانت للحكومات السودانية خط الرجعة الى رشدها لاعادت للسودان هويته الأفريقية الضائعة، ولما أصبحت هذه الدولة الغنية بمواردها الطبيعية والبشرية ألعوبة في يد كل من هبّ ودبّ....
يجب أن تكون للسودان سياسة واضحة وثابتة مع وضع مصلحته الذاتية أولا قبل مصلحة الآخرين، أما سياسة الأحلاف والسير مع اتجاه الريح فلن تجدي نفعا لأنها سياسات عابرة كسحابة صيف وليست مبنية على مصالح مشتركة راسخة وثابتة...
فكفى للسودان أن يكون فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين أنفسهم وأكثر عروبة من العرب أنفسهم، فماذا جنى من ذلك غير التجاهل والنكران ... عليه أن يعود الى هويته الحقيقية وثقافته الافريقية الأصيلة.... لن يتقدم السودان إلا حين يجد نفسه حيث هو، دون رتوش أو مكياج...
وكلنا يذكر بأن السودانيين ذوي السحنة السمراء هم الذين حكموا مصر القديمة قبل وجود العرب في مصر وليست حلايب فقط هي جزء من السودان التي يطالب بها السودان ولكن حتى أسوان والأقصر شمالا لنا أرضها وارثها وحضارتها وسيأتي اليوم الذي ستعود فيه الى حضن الوطن... فلماذا يتباكى أمثال الدكتور هاني رسلان وأحمد موسى ويتوجسون خيفة من زيارة الرئيس التركي للسودان، فمعظم الذين كانوا يمسكون مفاصل الدولة المصرية ولا زال البعض منهم من ذوي الاصول التركية الآن، فكل الأفلام المصرية قامت على أكتاف الممثلين الأتراك أمثال فريد شوقي وعادل ادهم ورشدي اباظة وميمي وزوزو شكيب وشويكار وليلى فوزي وهند رستم وبوسي هذا على سبيل المثال وليس الحصر فهم بالآلاف وحتى أمير الشعراء (احمد شوقي) الذي يفتخرون به تركي الأصل، فعلام هذا التباكي على زيارة أردوغان للسودان؟ ولولا مصر لما دخلت تركيا الى السودان أصلا منذ القدم فمصر هي التي فتحت لتركيا أبوابها وأبواب جميع الدول العربية بما فيها دول الخليج لتدخل منها....
فمصر اليوم تعج بالآثار التركية القديمة بل وتعتز بها فاشهر شارع في وسط القاهرة حتى الآن يسمى بشارع محمد علي باشا الذي انبثق منه كل الكباريهات والكازينوهات والممثلات فمن محمد علي باشا ؟ أليس هو الألباني الذي حكم مصر باسم العثمانيين؟

وهناك القلعة والقناطر الخيرية والمساجد والجوامع وجامعة القاهرة فكلها آثار تركية... وجزيرة سواكن مساحتها لا تتعدى الخمسة كيلومترات بنتها الأتراك كميناء بحري لهم وبعد أن تم هدمها من بدايات القرن الماضي بواسطة الانجليز جاءت الأتراك لإعمارها وترميمها من جديد في عهد أردوغان فما العيب في ذلك؟ أقلام حاقدة وغبية ما إن يضع السودان حجرا لبناء أو حبا على الأرض إلا وتقوم قيامتها لإعادته الى المربع الأول...

فالذين كانوا يحكمون مصر باسم الباب العالي كانوا أتراكا... فمصر اليوم قبل غد تنشد زيارة أردوغان لها وتسعى لها سعيها حثيثا لإتمام تلك الزيارة وبأي ثمن حتى ولو من تحت الطاولة... فكل السياسات المصرية في عهد الفضاءات المفتوحة أصبحت مكشوفة... فاي بلد يزوره مسئول سوداني تجد ابصار المصريين شاخصة عليه وتلهث من بعدها لزيارة نفس البلد بعد مغادرة المسئول السوداني، إما للسعي لخلط الاوراق من جديد أو لتعكير صفو العلاقات بينهما... فمصر تسعى بكل الطرق لقطع علاقات السودان مع دول الجوار خاصة ومع العالم الخارجي عموما لعزلها وتسهيل تمرير سياساتها الاقتصادية والخارجية عبر السودان فكأنما السودان هو الجسر الذي تمر فوقه مصر تجاه أفريقيا... فما معنى زيارة وزير الخارجية المصرية مؤخرا الى اثيوبيا ومصر تحارب وتعرقل تنمية اثيوبيا بشدة وتطالب وساطة البنك الدولى في سد النهضة، ولماذا ترفض الوساطة الدولية في احتلالها لحلايب؟ إننا نعارض البشير وحكومته في كثير من سياساتها ولكن حينما يتعلق الأمر بالسودان فنحن مع البشير قلبا وقالبا بعيدا عن خلافاتنا الداخلية... فلتعلم مصر هذا جيدا وعليها أن تدع السياسة الازدواجية التي تنتهجها مع الأفارقة وتعلم بأن سياسة الأحلاف قد انتهت والعلاقات الدولية أصبحت تعتمد على من يدفع أكثر ومصر تعلم أن جيوبها أخوى من فؤاد أم موسى لذا عليها أن تنأى بنفسها عن هذه اللعبة المزدوجة وتعود لحجمها الطبيعي كدولة تريد أن تعيش في سلام مع جيرانها...

[email protected]





تعليقات 4 | إهداء 0 | زيارات 2981

خدمات المحتوى


التعليقات
#1725281 [sudani]
0.00/5 (0 صوت)

12-31-2017 03:06 PM
يا سلام مقال جميل من انسان مثقف هذا هو روح الوطنية التي نريدها والله والله ما كرهت حكومة اكثر من الكيزان لكن في مصلحة علينا ان نتفق جميعا


#1724744 [بعانخى]
0.00/5 (0 صوت)

12-30-2017 05:44 AM
برافو عليك استاذ حمدى كفيت ووفيت مقال بمداد من ذهب


#1724703 [عمر التجاني]
1.00/5 (1 صوت)

12-30-2017 01:18 AM
شوف العبقرية
وهذا ما يرمي له نظام البشير استغلال ما يبثه رعاع الإعلام المصري ليصوروا لنا أن الشعب ملتف حول البشير.
على من تضحك يا هذا؟ (( أننا نعارض البشير وحكومته في كثير من سياساتها ولكن حينما يتعلق الأمر بالسودان فنحن مع البشير قلبا وقالبا بعيدا عن خلافاتنا الداخلية.)) من مكن المصريين غير البشير وزمرته ومطبليه من سمح لهم باحتلال حلايب من أرسل قواته لتقتل حسني مبارك ليحتل بعدها مبارك حلايب لماذا لم يتكلم البشير. يضع المصريون حلايب مقابل الجنائية. لم ولن يتحرك البشير لاسترداد حلايب.
ولماذا لن تعلق على الفشقة ومثلث ليبيا، واعطاء سواكن للباشبزق الاخواني الكريه اردوغان لم لم تعلق على تهليل الأخوان المسلمين على زيارة من يفتخر بأنه حفيد العثمانيين مستعمري السودان.
حسنا أنك لم تتكلم باسم السودان بل قلت ((إننا نعارض البشير وحكومته)) أنا شخصيا لن أقف مع البشير مهما كانت الظروف.
وكثر من الناس يورد مقالتك وعليك لو سمحت أن تورد لنا اسم الزعيم الافريقي الذي قال وماهي مراجعك (( كثيرا ما كان يحضرني قول أحد الزعماء الأفارقة بما استدللت به كثيرا في مقالات سابقة وهو قوله (كان يمكن للسودان أن يكون أفضل الأفارقة ولكنه اختار أن يكون أسوأ العرب)، )) وكمان كنت تستدل به.
مسالة الهوية لا تحددها النزوات ولا كلام الغوغاء من الناس وحتى تصبخ خبيرا في علم الاجتماع بعدها حدت الناس عن أصل السودان.
مسالة أننا نعارض دي أكتبها في صحيفة الهندي عز الدين. لكي تخدع بها نفسك.
ولك أن تصلق بي تهمة العمالة أنا لن أكون مع البشير أبدا واقول له أذهب أنت وربك وقاتل المصريين إني هاهنا قاعد.
وليس من أجل طموحات الباشبزق أردوغان الذي يطمح في استعادة الدولة التركية البعيضة ان نساير الاخوان المسلمين.


حمدي حاج هلالي
حمدي حاج هلالي

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة