المقالات
منوعات
نص سردي :- يوتوبيا الذاكرة
نص سردي :- يوتوبيا الذاكرة
12-30-2017 05:47 PM

نص سردي :-
يوتوبيا الذاكرة
من بين غلالة أسجاف الماضي
تراءت من خلف الغيوم
آثار عنفوان الشباب
عميقة و شفيفة !!؟....
يستحلب "عطا" الذكرى
كقضمة الثمرة االناضجة
يستبقي مذاقها الطازج طويلاً
يستعيد تشبثهم بوهج البرق
حينما كان قاب قوسين أو أدنى
يخبو الآن نور اليقين !!؟....
تترنح رموزه
تفقد صلابتها
يلتبس على الرائي
تختلط أمام ناظريه الأشياء
تتشابه الوجوه
تتباعد الأمكنة
يتشوش
يكف عينيه عن التحديق
يكافح وعيه !!!؟؟....
يقفو ؛؛؛
* * *
يستدرج "عطا" الذاكرة
يستدعيها
يستعديها
تنبثق الأشياء
تنبجس (كالبروس)
كالخلق الأول
عادلة و متوازنة
حيادية
صافية بلا إعتكار
صارخة
مزلزلة
غاضبة
ضد أفاعيل المستبدين و بطشهم
ضالعة في كسر السائد
مسكونة بالخروج على المألوف !!!....
* * *
هذا زمن الدمار
زمن ردة عصور الإنحطاط
غياب عصر الأنوار
حينما يتوارى حلم الإشراق
الكامن في وجدان الصوفي
المصاب بلوثة المستقبل الوضاء
الهائم في طرقات المدينة !!؟؟....
يقف "عطا" عند مفترق السبل حائراً
قانطاً
لا يرى سوى الأسود
يخطو بين منزلقات الوحل
يتسمر أمام العدالة
يدمغ ذاته
يدينها بالأباطيل
يرفع الرآية البيضاء
تتشقق أرضه الصلبة
تتفكك ركائزها
تتساقط أشجارها
تلفظ ثمارها الفجة
تضيق به الأرض بما رحبت
لكنه لا يرتدع
لا يرعوي
يظل واهناً
كطفو هامشي خارج خضم التاريخ
كسفينة جانحة في لجة البحر !!؟؟....
تتخبط صوب المراسي ...
و ليس ثمة يابسة تلوح في الأفق !!....
* * *
يأتي المساء
يدلف متعجلاً
متعثراً
يكاد ينكفي على وحهه
يتملكه حنين جارف الى سنين خلت
يأخذه أخذاً
يسحبه سحباً
تلتف خيوط الذكرى
الذهبية حول عنقه
يجتذبه سحرها
تمتد يد "عطا"
صوب مخزونها
تنبش
تبعثر
ينبجس الآفل
يتجلى
يتقد ناراً
يحترق بلهيبها
يظل متنازعاً
بين التغيير السلمي
و العسكري !!؟...
تتخايل الصفحات
الوضاءة سراباً !!...
* * *
تمتد أصابع "عطا"
تقلب صور الألبوم
تتطاير الفراشات
و تغرد البلابل
تنضر الأزاهير
تنشر أريجها الفواح
يتلمظ مذاق طبق الكلاوي
نصف إستواء
يحتسي الجعة المثلوجة
يكرع الماء القراح
تتري على خاطرة
الأمكنة الأثيرة
يزدحم وقته
يدلف مع شلته
الى (كوبا كوبانا)
مفتوناً بالحوار الطلي
يسترخي على مقاعد
(أتينيه) الوثيرة مساءً
يتنقل بين باحات الثقافة و أروقتها
يراوح بين نوادي (أبادماك)
و أسكاربيه) ليلاً ؛؛؛
يختلف على (المسرح الجامعي)
أحياناً
تتواتر إسهاماته
يقرأ
يكتب
يحاور
يشارك
في (نادي السينما)
يختلف على (الأكربول و رويال)
خلال الأماسي الصاخبة
يتواصل مع شلة القرناء
الهم العام
اللغة المشتركة
الحوار الشائك
القضايا الساخنة * * *
عند ركنه الأقصى
كأنه في جزيرة معزولة
يستحيل الى آذان صاغية
وسط تدفق نهر الموسيقى الهامس
تنسرب أصداء (السمفونيات)
الى مواطن فؤاد القلب
فينهمر صوت الظل العالي
كأنه نهر الحياة !!؟...
يساقط شلالاً
التنغيم الهامس
يتجلى وجداً
بين رحاب أعلام الفن السامي
(باخ)
(جايكوفيسكي)
(بيتهوفن)
(موزارت)
(فاجنر)
(برامز)
و في معيته رواية
(أتحبين بين برامز ؟)
* * *
يوتوبيا من الأمكنة
تفجرها الذاكرة
فضاء بلا تخوم
تكمن مدينته الأثيرة
المفتونة بخُيلائلها
لا شئ معدوم في أسواقها
محفوفة بالألق
يموج ليلها بحركة الحياة
تتوسد وثارة أمواه النيلين
تغتسل فجراً ببرد (سليل الفراديس)
عقب إنقضاء نهار قائظ
لا تغفو إلا لتنهض مجدداً !!؟....
* * *
تقتلعه النوائب
لتغرسه في مدن بديلة
ينطوي على أناه العليا
يفر الى الآفل
يتشابى الى القادم
يحيل اللحظة الآنية
(كبش فداء)
* * *
أجهده التطواف
ظل يبحث عن مدينته المفقودة
إنتضى أسياف العشر
ليحرر الأسيرة
من قبضة مغتصبيها
لكنها بعيدة
و قبض ريح كمدائن السراب
أقعى في قارعة الطريق
و يوتوبيا الذاكرة
تساقط فردوسه المفقود !

فيصل مصطفى
[email protected]





تعليقات 2 | إهداء 0 | زيارات 687

خدمات المحتوى


التعليقات
#1725335 [فيصل مصطفى]
0.00/5 (0 صوت)

12-31-2017 05:21 PM
يا (سوداني) يا بديع
اللغة سحر اللغة
نظمها
تفجيرها
إمتلاك عناية مطلقة
يختص بها المبدعون
فتتكسر تحت عدساتهم
المفردات
فتتمظهر عوالمهم مهرجانات
من الألوان
إذن متن النص
و لا هامشه
لم يكونا حنيناً للماضي
بل شغل
في اللغة
كم أحظى
بعنايتك
يا أيها ال (سوداني) المجيد


#1725039 [سوداني]
0.00/5 (0 صوت)

12-31-2017 02:54 AM
اللغة _ أي لغة _ ما هي إلا كم من مفردات بيضاء ( مثلها مثل النور الابيض ) + وصفة لجمعها (نتواضع على تسميتها "النحو"). هذا ما يقدر عليه كل متحدث فصيح لتلك اللغة.
ولكن ثمة نفر قد خصتهم العناية المطلقة بعدسة تمر عبرها تلكم المفردات البيضاء، فتتكسر، وتخرج مهرجان ألوان
يأسر و يسر الناظرين. ذلك ما لا يقدر عليه كل متحدث فصيح للغه. فذلك من موهبة الأدباء المجيدين.
فيصل مصطفى أحد هؤلاء.
فشكرا له على مواصلته إثراء حيواتنا بهذا السحر.
و على أخذنا معه في هذه السياحة النوستالجية لسودان فقدناه


فيصل مصطفى
فيصل مصطفى

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة