المقالات
السياسة
المستقلين قوة لا تعرف الإنكسار!
المستقلين قوة لا تعرف الإنكسار!
12-31-2017 03:29 PM

خلف الستار

مشهد أول:-
أصابتني الدهشه في صيوان العزاء لجيراننا في السلمه جنوب الخرطوم،عندما رفض الأب مصافحة إبنه الذي جاء معزيا في عشية اليوم الثاني،لوفاة إبن عمه الذي جاء مستشفيا من الجزيرة وأدركه المنون،وقال:(هو زملانوا في الشغل جوا من أمس هو الحاري شنو!)فحاول الإبن التماس العزر من والده فرفض للمرة الثانية،فقال له رفقائه قدم له مبررات كافية تقنعه،فجاء وجلس بالقرب وقال(والله يا أبوي إنت عارف البلد جايطه اليومين ديل،وزملاني ديل وقع ليهم شغل خفيف ما زي حقي!يازول شغل شنو الما بحضرك السترة !،لا والله كنت ناوي أجي بس ما لقيت زول يغطي لي لانو الشباب ذاتهم ما بدوروا شغل المؤتمر السوداني لانو مرهق!وحزب كده مطلع زيتنا زيهم مافي وقدر ما سوينا ما بقيفوا ولا بخافوا،ياولدي هسي إنتا راضي عن شغلك؟يا أبوي والله أنا ذاتي زهجتا عديل ديل ما زي التانيين،قدر ما نعصرهم ما بدونا معلومات ومرات بدوك إحساس إنك ماشي في الطريق الغلط!وهسي أنا جاي قلت للشباب ما يتكلموا معاهم خالص،عشان ما يلووا ليهم روسينهم،والله ياولدي ديل زي ناس كرري في الثبات،بس كان ما إيد حكومتكم طويلة كان غلبوكم زمان،غايتو الوضع ما مطمئن بس الله يستر)
مشهد ثاني:-
في بدايات صناعة مليشيات الدعم السريع وتجيشهم المكثف بالقوي المفرطة،رفض بعض قادة القوي السياسية منهاج الحكومة الجديد، ووجهوا إنتقادات حادة لهم علي راسهم الصادق المهدي وإبراهيم الشيخ الرئيس السابق للمؤتمر السوداني،وقد تم إعتقالهم وقتها وطلبت الحكومة الإعتزار الرسمي والإعتراف الضمني بقوات الدعم السريع كقوي نظامية،مقابل الإفراج عنهم وحينها جرت مياه كثيرة تحت الجسر،فإعتزر المهدي وشطب البلاغ الموجه ضده وعاد الي دياره!أما الشيخ رفض الإعتزار والإعتراف بمليشيات صُنعت بغرض إبادة الشعب وحماية النظام،فمكث في زنازين النظام شهور عددا رافضا الخضوع والإنكسار،وقال مسترجلا لن أنحني ولن أنثني ونموت واقفين كالأشجار.
مشهد ثالث:-
رضوان داؤود يُصنف من أميز قيادات الحركة الطلابية الأشاوس المصادمين،الذي عرفته منابر الجامعات السودانية كافة منذ بداية الألفينات،وظل يشغل موقعا بارزا في تنظيم مؤتمر الطلاب المستقيلن،بعطائه المتدفق من النضال فكرا،نقدا،خطابةً،فناً وخطاً مختلفا في الكتابة متقنا معه إمتزاج الألوان!فهو إنسان مليء بالطاقة الحيوية بسيطا،مكافحا،صبورا،شجاعا ومحبا للتغيير.
وبعد زواجه من الإمريكية الرائعه نانسي حزم حقائبه متجهين لديارها،فقلت له يارضوان إني أراك في مفترقٍ للطرق!فبحسب ما أعرفه عنك لن تستطيع العيش مع محبوبتك في الأبراج العاجية طويلا،وهي لا تستطيع العودة لكرتون شمبات،الحاج يوسف والإنسياب في بساط أهلك البسطاء في نيالا البحير،فرد باسما لن تغيرني أمريكا بتقدمها المتميز،ولن أتنازل عن جوازي السوداني الأخضر مقابل جواز النجوم،وسأعود لوطني يوما ما مرفوع الرأس وهذا رهان بيني وبينك.فقلت له كثيرون قبلك قالوا ذلك ولكنهم تاهوا في متاهات النعيم،ولكن الرهان باقي.
وعندما إندلعت ثورة سبتمبر عاد مندفعا للسودان وربح رهانه،بعدما كان مولعا في الحراك السياسي الخارجي مع المجموعات الشبابية،فهو رافد ثوري منقطع النظير لكل المشاعل الثورية وماعونه النضالي لا ينضب أبدا!وبعد صولات وجولات في حركة قرفنا تم إعتقاله ووجه له العديد من التهم التي تصل لدرجة الإعدام،ومكث في زنازين النظام شهور كثيره مع رفقائه في النضال دون تراجع عن خط الثورة،وقاوم بثباته ويقينه رغبة الجلادين في تحقيق الإنتصار في المحاكم حتي نال براءته،وخرج من المعتقل شامخا مرفوع الرأس مسلحا بالمزيد من الإرادة القوية في مواصلة الكفاح.
ويقيني أن حبه المفرط للوطن جعله يطلق علي إبنته الأولي إسم {سودان}ومن يتجسد حب الوطن فيه لدرجة التسمية لا يستطيع العدو النيل منه،وربما يهابه كما يهاب زئير الأسود،فالأشوس رضوان داؤود موجود خلف غضبان النظام منذ مطلع ديسمبر،وحتي تاريخ اليوم لم يتم إخطار أسرته أو حزبه بمكان محبسه رغم محاولاتهم المتكررة.فالضرغام لايهاب وحشة الغابات المظلمة والذئاب لن تستطيع إفتراس أشبال الأسود مهما تطاولت.
فالمشهدين الأولين يؤكدان أن جهاز أمن النظام متربص بحزب المؤتمر السوداني وقادته البواسل،الذين يعلمونهم يوميا دروسا مختلفة في معاني الصمود والنضال،وطالما أثبت ابراهيم الشيخ موقفا للتاريخ في ماهية قل ماتشاء وكن ما تقل،ودفع ثمنا باهظا ضريبة لمواقفه وأفعاله سجنا،عذابا،وتنكيلا وأكد للجميع أن مباديء المدرسة المستقله لن تلين ولا تعرف التراجع،وهي تخرج عن الطاعة دوما وتذهب بإتجاهات العذاب رغم جبروت النظام،وبصلابته تلك نال حريته وخرج مفاخرا رأفعا رأسه في السماء ومثمنا حزبه الذي علمه ذلك،وقد فعل من كان قبله نفس الأمر وزمرته من بعده في دروب النضال يسيرون بذات الخطي،سوي كانوا طلابا مثل الصامد الراكز عاصم عمر أو أعضاء حزب مثل المغوار رضوان داؤود ورفاقه البقية،جميعهم أراهم ماضون في نفس الإتجاه وهذا يؤكد قوة وبنية الفكر الإستقلالي الذي ينتمون إليه.
فمجريات الأحداث وصيرورة الحياة منذ فجر التاريخ تؤكد مبدأ إلهام القادة الأفذاذ لقواعدهم،فالشجاعة والبسالة والثبات في المواقف الصعبة يولد الإنتصار،ومزيدا من التمسك بالمباديء ويجعلها عقيدة راسخة،فالمتابع للشارع السياسي السوداني يجد أن حركة المستقلين قد قويت شوكتها وإستفحلت إزاء ثبات قادتهم وتحديهم الواضح للنظام،ويوما تلو الأخر ينالون الرضي من الشعب المكلوم بأفعالهم المرئية في الشارع،وبنهجهم المعتدل أصبحوا قاب قوسين أو أدني كصوت وحيد للمواطن الطامح في التغيير الجذري للوضعية المأزومة في السودان.
إذن شكرا ابراهيم الشيخ علي ماسطرته من ملاحم بطولية لحزبكم وللشارع السوداني عكست مدي منعه،نخوة،شهامة وجسارة الرجل السوداني الذي عرفه التاريخ في بانغي،ترهاقا،دقنه،علي دينار،علي عبداللطيف وجون قرنق،والتحايا أيضا للفتي العملاق عاصم ورضوان داؤود اللذان يسطران أيضا ذات القيم والمعاني،ويقاومان نظام الإبادة الجماعية من سوح الجامعات بالفكر والوعي،وكذلك يعطرون سموات زنازين النظام بمعاني الحرية والقيم الإنسانية العليا،فحتما بكم نفتخر لانكم أضفتم للأرض المزيد من الجبال الشامخه.

صالح مهاجر
[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 812

خدمات المحتوى


صالح مهاجر
صالح مهاجر

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة