النظام..وصلاة شيخ الكامل !!

المقالات

السياسة

01-05-2018 08:35 AM

عند منحنى النيل في شمال السودان ، وكما في بقية القرى، كان أهل قرية يؤدون صلواتهم في مصلى صغير ، يؤمهم شيخ جليل يدعى شيخ الكامل. كان الشيخ حامل قرآن . وكان يطيل في الصلاة بصورة مرهقة. ذات صلاة عشاء، كان أحد المصلين من كبار السن، مرهقاً جداً لأنه كان يسقي زرعه طوال النهار متنقلاً بين النيل لعمل (الكوديق) لإزالة الرمال التي تغلق مسار الماء باستمرار،وأحواض الزراعة. ورجا شيخ الكامل أن يقصر في صلاة العشاء التي جلس ينتظرها من بعد صلاة المغرب. في الركعة الأولى بعد سورة الفاتحة،قرأ شيخ الكامل بداية سورة النجم التي تعود المصلون أن يكملها في الركعة.هنا وبصورة لا إرادية ، قال الموصي بالتقصير كمن يعاتبه ، ( والنجم يا شيخ الكامل !!؟) (والله صلاتك دي إلا اكَّان تتمها براك !!) فحمل نعليه وذهب يصلي بمفرده.
مع فارق النوايا والتقوى ، فإن النظام أصبح يشد الشعب السوداني وفق برامج لم تترك له نفساً يلتقطه . وادخله دون جريرة منه في أتون سياسات ظلت ترهقه دون توقف ولا مراعاة لدقة حاله . فأصبحت فترة النظام وكأنها اختبار لمقدرة الشعب السوداني على الصبر.والمصيبة ، أن كل ذلك تم باسم الدين . ليكتشف الناس بعد كل الانتظار أننا ما زلنا في الركعة الأولى ، ولم تكتمل القراءة بعد.والإمام مشغول بعد ثروته أثناء صلاتنا.
فإن تركنا الأجيال التي ولدت بعد الاستقلال ومن يليهم ، وركزنا مع الأجيال التي ولدت في فترة النظام ، نجدها كادت تفقد عقلها . لا لعدم تطابق الوعود التي تبذل لمزيد من الصبر على سياساته للوصول إليها عاماً بعد عام فحسب ، ولكن لهول المفارقات التي حدثت. فهو الذي تنقل في العملة ما بين الجنيه والدينار وبالعكس. وعجزت حيل النظام فيه في التلاعب بالأصفار فتصبح المائة عشرة في مرة ، والمليون ألفاً في أخرى !!. وأصبح كل شئ مسبوقاً بالتساؤل إن كان بالجديد أم القديم. عملة كانت أم زمناً. وقس على ذلك في كل المجالات. وواصل صبره حتى بلغ سعر الرغيفة جنيهاً وهو في الواقع ألف جنيه.
أعزائي.. لا طائل من ترداد ما ظل يقال..يبدو أننا يجب أن نعتبر بالمزارع المذكور في الرواية قائلين ، واله إلا اكّان تتموها براكم.
[email protected]