المقالات
السياسة
بين المعارضة والإنقاذ ... مسألة ( لياقة )
بين المعارضة والإنقاذ ... مسألة ( لياقة )
01-12-2018 12:18 AM


قد تكون كريما ويتصورك من حولك بخيلا .. وقد تكون شهما شجاعا كريما ويتصورك الآخرون إنك جبانا بخيلا.. وقد تكون تقيا ورعا ويعتقد البعض إنك متحرر لدرجة المجون .. وقد تحب الناس وجيرانك لكنهم يبتعدون عنك ويكرهونك بسبب لا تعرفه أو لصورة رسموها لك من خلال تصرف خاطئ أو إنفعال في غير محله , أو اراء قلتها وأساءوا فهمها
كل تلك المشاكل قد نواجهها في حياتنا , ودائما ما نشكو وننتهي إلى نتيجة واحدة وهي إن الناس لا تفهمنا أو أن من حولنا يسيؤون فهمنا أو أن الناس فهمونا ( غلط )
لو حدث لك ذلك لا تلقي باللوم على الآخرين , فلماذا يسيؤون فهمك أنت وحدك ويفلحون في فهم الآخرين حتى لو أنهم علي خطأ ألا يمكن أن يكون العيب فيك أنت وليس في الآخرين . وهذا هو حال المعارضة ودائما ما تشكو منه .. أو أنهم في الحقيقة يتشاكوا ويشكون أنفسهم إلى أنفسهم ... كما يشكون أن العامة من الناس يسئؤون فهمنا !!
هناك مبدأ ظهر منذ عدة أعوام في الغرب وهو يقول ليس شرطاً أن تكون إنسانا طيبا صالحا أمينا على حقوق الناس ليدرك الآخرون ذلك ( ممكن أن تكون حرامي منافق ) وليس شرطا أن تكون وطنيا ورعا تقيا عفيفا ليعلم الناس ذلك ( ممكن أن تكون خائن وداعر وفاسد ).. وهذا المبدأ صار مع بعض التعديلات هو الأساس لما يعرف بإسم علم العلاقات العامة وهذا هو حال حكومة الإنقاذ ومشروعها الحضاري لقد أبدعت في هذا العلم وفنونه
وعلم العلاقات العامة في عالم اليوم ليست حكراً على الشركات أو المؤسسات وإنما مبدأ يطبق على الأفراد وعلى الأحزاب وحتى على الحكومات وعلى الجمعيات بمختلف أهميتهم وفي الغرب هناك حملات للعلاقات العامة هدفها تحسين صورة حكومة معينة أو مرشح معين أو إبراز كل الأشياء الجميلة التي لا يعلمها عنه الآخرون وإبراز كل الجوانب الإيجابية عن هذا الشخص أو عن هذه المؤسسة أو عن هذه المجموعة مثالا على ذلك الرئيس الأمريكي البلطجي (ترامب) لقد فاز في الإنتخابات بالرغم أنه لا يستحق هذا الفوز كما يتصور الكثيرون .. ومثل هذه الحملات تبرز الجوانب الإيجابية إن وجدت أو خلقها من عدم التي ربما يغفلها عنه الناس

اللياقة مشكلة عندنا ... وعلى مستوى الأفراد العاديين أساتذة في فن العلاقات العامة يرسمون لك إبتسامة عريضة ويحدثونك حديث لم تسمعه من قبل ولن تسمعه من بعد ويستقبلونك بحلو الكلام وأحرّ المشاعر مثل هؤلاء يستطيعون أن يقنوعك بأشياء قد يصعب إقناعك بها أو بقبول آراء أو أشياء قد تتردد في قبولها لو عرضها عليك شخص آخر ... بينما هناك من يتفننون في الإساءة لصورتهم فهم يلقون أراءهم السئية بلا أدنى حذر وقد ينفعلون ويثورون إلى درجة مخيفة وقد يملك بعض هؤلاء عقولا وأفكارا وقلوبا جميلة ولكن قليلين حولهم هم الذين يستطيعون أن يدركوا ذلك .. فيما يسهل أن يضحك عليك بعض من يملكون قلوب ونفوس الشياطين ونفاق المنافقين وتحسبهم (موسى) وعلى أنهم وكلاء الله في الأرض وبعد السرقة والخراب وفوات الأوان تكتشف حقيقة أمرهم وأنهم على إستعداد أن يقدموا لفرعون دروس في الفجور والفسوق والعصيان
الركن الأساسي في نجاح حملات العلاقات العامة هو الإعلام وخاصة الإعلام المريء والمسموع والمعارضة (28 سنة ) تفتقر لأهم وأبسط مكون لتحسين صورتها وتقديمها للآخرين وهي ( قناة فضائية ) وحقيقة إنها قبل أن تكون مصيبة فهذه فضيحة بجلاجل عندما تكون معارضة لأكثر من ربع قرن من الزمان لم يتفقوا في ما بينهم على تأسيس قناة فضائية فكيف لهم أن يتفقوا بإدارة دولة ؟ أو حتى قناة على اليوتيوب بالمجان يطلّ على الناس أحدهم ويفند ما يشاع عنهم !! وهذا السؤال يتبادر في أذهان الكثيرين فعلينا أن نطرحه في العلن نعم نطرح الكثير من الأسئلة كما نحتاج إلى أصوات عالية تحدد الخطأ وتنتقده وتذكر أصحاب الأمر به وإلى أقلام تغمس حبرها في مواجع جسم المعارضة المريض وتقترح أفكارا تساعد على صحته وعافيته... وبمعنى أدقّ المعارضة ينقصها العامل الذي يقوم بتوصيل مادتها للشعب وإظهار الجوانب الإيجابية فيها والتعريف بها وببرنامجها...
ولا نذهب بعيداً المعارضة المصرية تمتلك أكثر من قناة فضائية وبها برامج دسمة متنوعة وعبرها سوقت لنفسها ومنها خلقت لنفسها هيبة يهابها ويخشاها جميع أعدائها حتى في الخارج لم يتعاونوا مع النظام ليلتقطوهم كالخراف وتسفيرهم , كما عبرها أسقطت هيبة النظام في الداخل وهذا جزء مهم من النضال وعمرها في المعارضة لا يتجاوز ( 5 ) سنوات فقط مقارنة مع ديناصور المعارضة السودانية ربع قرن من الزمان ( ومكانك سرّ)

ولحكومة الإنقاذ كوادر في الإعلام الرسمي والذي يدور في فلكها يجملون في صورتها ليلا نهارا بكثير من المساحيق (المضروبة) دون مراعاة لمشاعر المظلومين والمحرومين بكادر مدرّب ويصرف عليه بسخا وعندما ما يعجز في إصلاح ما أفسده الدهر سرعان ما يلجأ للإساءة والتشكيك في وطنية الأفراد والجماعات والأحزاب المعارضة لسياسة الإنقاذ والمدهش يحمّلوهم كل الفشل والأخطاء التي إرتكبها النظام في (28) سنة وأدّت إلى هذه الأزمة التي نعيشها اليوم !! ... البعض لا يتحدثون عن المعارضة إلا عن الجوانب السلبية والنقص فيها وأغلب أحاديثهم تصنف علي إنها نقد وملاحظات ولا يخرج عن دائرة عدم الرضا عن مستواها وهناك جوانب أخرى قد تكون جميلة لا يتحدث هؤلاء عنها والسبب في ذلك عدم وجود وسيلة إتصال كافية لإظهار هذه الأشياء وعليكم تلوموا أنفسكم قبل أن تلقوا اللوم على الآخرين
وما يدور اليوم من حراك متواضع لا علاقة له بأحزاب ( الديناصورات) .. إنهم فتية آمنوا بقضاياهم وأنهم وطنيون مخلصون يحبون وطنهم ونذروا أنفسهم للعمل الوطني الجاد يقفون في وجه ( الجداد الإلكتروني ) في جميع الوسائط بمجهود فردي مقدّر ومن غير أي دعم معنوي أو مادي أو تدريب من أي جهة ما.. تحمّلوا التجريح والعنصرية متحدين القمع والإستبداد ... هؤلاء الشباب وقوداً لحركات التغيير في كل المجتمعات .. فلا تراهنوا على الكبار لأنهم فسدوا وأُفسدوا ودخلوا القصر وتوزروا بلا وزارة ومستشارين بلا إستشارة لا يعرفون إلا مصالحهم وهم سبب إطالة عُمر هذه الأزمة والتاريخ لن يرحم.. فأنتم أمل الأمة لما تتمتعون به من حماسة القلب، وذكاء العقل، وحب المغامرة والتجديد، والتطلع دائماً إلى كل جديد، والثورة على التبعية والتقاليد والفساد.
[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 505

خدمات المحتوى


ياسر عبد الكريم
ياسر عبد الكريم

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة