المقالات
السياسة
أوسعتُهُم سبًّا وسارُوا بالإبل
أوسعتُهُم سبًّا وسارُوا بالإبل
01-12-2018 12:34 AM

من الأمثال العربية القديمة المشهورة قولهم:(أوسعتُهُم سبًّا وسارُوا بالإبل ) وأصلُه أن رجلاً هجم عليه لصوص فأخذُوا إبله، ولم يستطع مقاومتهم فلما بعدُوا عنه اعتَلى أكمة وأخذ يَسبّهم أقبحَ السباب ثم رجع إلى قومه فسألوهُ عن الإبل وعما صنع؟ فقال: " أوسعتهم سباً وساروا بالإبل " فصارت مثلاً لمن يقصر فعلهُ ويُطلقُ لسانه.
والحقيقة إن هذه صفة العاجزال المهزوم، عندما يشتم ويتجاوز كل القيم، ومعايير الأخلاق ليطفئ بها نار غيظه، وفشله، وشعوره العميق بالهزيمة والإحباط، هو- دون أن يعي ربما - يعلن عن عجزه، وضيق حيلته، وعدم قدرته على تغيير الواقع؛ فلا يجد أمامه إلا الشتم والقدح والسب، ليفرغ ما يُعانيه من إحباط، وما يشعر به من مرارة الهزيمة واليأس؛ وهو في وضعه المزري هذا أشبه ما يكون بذلك الرجل الذي لم يجد أمامه بعد هزيمته إلا أن كال لمن هزموه كل ما في قاموسه من السب والشتم، وعندما عاد المسكين إلى مرابع قومه قال: (أوسعتهم سباً وساروا بالإبل)، فضحك قومه، وذهبت مثلا؛ فالعبرة بمن (يكسب) في نهاية المطاف؛ ليس لمن يُجعجع، كحال الأمة اليوم التي تعبر عن عجزها وهزيمتها بالمظاهرات، وربما البعض لايستطيع أن يتظاهر.
النظام العالمي الجديد كهؤلاء اللصوص الذين ساروا بالابل لا يمانع أن تسب وأن تتظاهر وأن تعبر وأن تقول،
لكن احذر أن تفعل .. احذر أن تهاجم .. احذر أن تتعدى الحدود ..فهناك خطوط حمراء يجب عليك الوقوف عندها.
فلو قلنا حقوقنا مهضومة قالوا: بالحوار يتحقق كل شئ
ولو قلنا: بلادنا محتلة قالوا بالمفاوضات تحررها
ولو قلنا خيراتنا منهوبة قالوا: بالديمقراطية تستعيدها
ولو قلنا: أعراضنا منتهكة قالوا سيحاكم المتسبب
ولو قلنا: أبناؤنا يقتلون قالوا: ارهابيون
ولم يبقى لنا إلا إحدى الحيلتين
فهل نستمر على رفع الأصوات بالسب والشتم والتنديد والشجب والاستنكار كما هو الحال أم ماذا؟!
ولنتذكر الحكمة التي تقول: الذي لا يصنع الحرب لا يستطيع صنع السلام.
وما ضعف الأمة إلا بسبب الختلاف والتقاتل .. فكلما وجد الاختلاف وجد الفشل .. وكلما وجد الائتلاف وجد النجاح وظهور الأمة على غيرها من الأمم
فحين كانت الأمة الإسلامية في الصدر الأول مؤتلفة كانت ظاهرة على الأمم وكانت الفتوحات لا تتوقف، وكان الأعداء أشد رهبة منها وخوفاً
وحين أخذت الاختلافات العرقية والمذهبية والسياسية تعصف بها في بدايات القرن الرابع الهجري .. توقفت الفتوحات، وبدأت تُنقص من أطرافها، وما الفردوس المفقود (الأندلس) إلا شاهد على هذه الحقيقة، ذلك عندما انشغل ملوكها بالنزاع فيما بينهم مستقوين بالغزاة الفرنجة، وكان آخر ملوكها أبي عبد الله الصغير الذي سلم مفتاح قلعة الحمراء ثم غرق في البكاء فقال له أمه: (ابك كالنساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال).

وما قام الاستعمار في العالم الإسلامي على سوقه إلا حين وجد التربة الخصبة بسبب الاختلافات والنزاعات، والتنافر بين أبناء الأمة،
وانظر هذه السنة الإلهية في التاريخ المعاصر في الأمم الغالبة والمغلوبة مهما كانت ديانتها، فالفشل قرين الاختلاف والتنافر .. والقوة قرينة الائتلاف والتكامل.

ولكم من الود حمل بعير.

[email protected]





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 1335

خدمات المحتوى


التعليقات
#1730848 [Limona Fi Balad KARFANAH]
0.00/5 (0 صوت)

01-14-2018 08:47 AM
وأصلُه? العاجزال ? تحررها ? الختلاف ? فقال له أمه? قرينة?


د. محمد آدم عثمان
مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة