اتفاق كهرباء نيالا.. هل من شبهات؟
01-14-2018 05:46 PM
ما وراء الخبر
المتفحص لإتفاق محطة توليد كهرباء نيالا والذى أبرم بين الشركة السودانية للتوليد الحرارى وشركة سيمى الاجنبية والمنصوص على أنه إتفاق "إيجار مؤقت للقدرة" وربما قصد به نظام شراء الطاقة من التوليد المستقل أو بيع الكهرباء على نظام البناء والإمتلاك والتشغيل (البوت)، يلاحظ بكل وضوح الخلل والتجاوزات التى تمت فى هذا الإتفاق فهو لا يشبه العقود المحكمة التى ينبغى العمل بها فى مثل هذه الحالات حيث به الكثير من الأسئلة المحيرة وعلامات الإستفهام، فهل هذا الإتفاق يتماشى مع قانون الكهرباء العام؟ وهل أحترم هذا الإتفاق مهام وإختصاصات الجهاز الفنى لرقابة الكهرباء ولماذا لم يتم أخذ موافقته أولا ثم إشراكه لاحقا حيث لا توجد بصمات له فى هذا الإتفاق. أين موقع الشركة القابضة من هذا الإتفاق اذا كان لها وجود؟ أما الأمر الآخر، فإن توقيع ما يسمى بالشركة السودانية للتوليد الحرارى على هذا الإتفاق يدل بكل وضوح ويوثق تماما على أنه لا توجد شركات بالمعنى الصحيح والتوصيف الحقيقى للشركات ومهامها، بل هى مجرد إدارات تحت هيمنة إدارة واحدة بالوزارة وهو الواقع الذى كنا نردده كثيرا، فطالما أن موضوع هذا الإتفاق هو بيع للكهرباء والجميع يعلم أن شبكة توزيع الكهرباء بمدينة نيالا يتم تغذيتها مباشرة من محطة التوليد، فلماذا لم يتم توقيع هذا الإتفاق مع شركة التوزيع مباشرة؟ هل لأن قيادة الوزارة أرادت حماية جهة على حساب جهة أخرى واستغلال قيادة التوليد الحرارى للتوقع على الإتفاق.
إذا ما رجعنا الى نص وتفاصيل الإتفاق، ففى صفحتة رقم 1 نجد الآتى:
أولا، إن مسمى الطرف الأول لا وجود له على أرض الواقع، فقد كتب نصا (Sudanese Power generating Company Ltd) فهل توجد شركة بهذا المسمى؟ أم أن المقصود (Sudanese Thermal generating company)
ثانيا، وفى نفس الصفحة، وحتى يسهل الرجوع للطرف الأول والطرف الثانى فى تفاصيل العقود، فعادة يتم أعطاء كل طرف إسم مختصر لتسهل الإشارة اليه فيما بعد، وهذا من البديهيات، لكن نجد أنه فى هذا الإتفاق قد إستخدمت كلمة واحدة مكررة للطرف الأول والطرف الثانى (Customer) مما يربك الإتفاق ويثير الخلط فى إلتزامات كل طرف، فهل يجد أصحاب التخصص القانونى تفسيرا لذلك؟ لا نريد أن نستبق ما يفتى به القانونيون فنضرب المثل (حاميها .....)
ثالثا، هل هنالك ضمان مدفوع أو مستند لتوضيح جدية الشركة ومقدرتها على التنفيذ (ضمان لحسن تنفيذ الإتفاق) ثم إن المقدم 50%، وعلى ضخامته، تم دفعه لشئ يتوقع إنتاجه لاحقا، وربما لا ينتج، فهل هنالك أى إشارة إلى أن المقدم يسدد مقابل ضمان بنكى معتمد ومحددا مدته، أم اننا تعاملنا وفق النوايا الحسنة فقط !
رابعا، هل توجد شروط تحفظ حقوق الشركة السودانية للتوليد الحرارى في حاله إنهاء العقد قبل مدته ؟
خامسا، هل أعطت الشركة (المؤجرة لوحدات التوليد) نفسها الحق فى زياده التعريفه فى حالات عده منها ارتفاع أسعار العماله ومدخلات الإنتاج آخذين فى الإعتبار أن مده الإتفاق لا تتجاوز ثلاث سنوات فقط ؟
سادسا، هل منحت الشركه اعفاءات ضريبية وجمركيه ضخمة ؟
سابعا، هل ذكرت من ضمن أسباب إنهاء الإتفاق political risk event ؟ وهل مثل هذا الشرط مقبولاً ومتعارف عليه ؟
ثامنا، وقبل كل ما ذكر، أين دراسه جدوى المشروع ؟ وهل أجرت هذه الدراسة، إن وجدت، مفاضلة بين شراء المكنات وإمتلاكها بدلا عن اللجوء إلى الإيجار ؟ وأيهما أفضل ؟ وهل كان هنالك رأيا مخالفا لما تم من قبل خبراء شركة التوليد الحرارى ؟
تاسعا، هل كانت محطة الفولة (التى بيعت معداتها خردة) ستغنى عن كل هذا التخبط ؟ وهل من تعمد تحطيم مشروع محطة الفولة قد قصد إفساح المجال لمثل هذا الإتفاق ؟
لقد تعودنا أن نجد قيادات بعض الوزارات تتعمد أن تبين للجميع أنهم متحكمون في مقدرات السلطة وبإستطاعتهم توريط مجلس الوزراء وخداع المجلس الوطنى وهم يديرون وزاراتهم بشكل أشبه بدولة داخل دولة أو بحكومة ظل لا يرى منها إلا أفعالها التي تنعكس سلبا على حياة كل مواطن, خاصة فى هذا الوقت الذى يعيش فيه المواطنون ضنك من العيش في حين ينعم قلة بأموال البلد وينهبون خزينتها العامة. جاء فى بعض أقوال الحكماء (عندما يتحد المال والسلطة، تتبدل المبادئ وتختفي القيم وتذوب مصلحة الوطن لتطعن خاصرته المآرب الخاصة والمصالح الشخصية فتصب أموال الشعب في جيوب قلة من المستهترين والمستثمرين المخادعين). بعد أن تورط مجلس الوزراء مؤخراً فى التصديق على تعريفة الكهرباء، رغم انه لا يمتلك تفاصيلها ولا يعلم كيف أعدت، هل يمكنه أن يطلع على مثل هذا الإتفاق ليعرف بوضوح أين تذهب أرباح قطاع الكهرباء ؟
سؤال محير، هل ستتم مراجعة هذا الإتفاق من كل الجهات المختصة بما فيهم فريق إصلاح أجهزة الدولة ؟ ثم أين نواب تلك المناطق مما حدث فى الفولة ويحدث بنيالا ؟ نواصل
الجريدة
|
خدمات المحتوى
|
محمد وداعة
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|