المقالات
السياسة
عقليتان حاكمتان..!
عقليتان حاكمتان..!
01-22-2018 10:19 AM

من غرائب الأحكام التي صدرت إبان تطبيق مايُسمى بقوانين سبتمبر 1983 التي ركز فيها قضاة نميري خريجو مدرسة الجبهة الإسلامية التي قدمت تطبيق الحدود الشرعية على توفير الحياة الكريمة للناس و التي تنأى بالمسلم خاصة والمواطن بصفة عامة عن ارتياد ما يستوجب السرقة أو ارتكاب الفواحش ..فيحكى أن رجلا أدين بسرقة الة تسجيل قدرت المحكمة أن قيمتها دون نصاب حد السرقة وهو قطع اليد ..لكن القاضي العبقري بدلا من أن يفرح لعدم إضطراره لتطبيق تلك العقوبة القاسية ..لان الأمثل في مثل هذه الحالات هوالإقتداء بنهج الرسول الكريم (ص ) الذي ردَ تلك المرأة عدة مرات لتتراجع عن سيد الأدلة وعلى مدى شهورطويلة رغم إقراراها بأنها ارتكبت جرم الزنا وهي محصنة .
لكن قاضي سبتمبر قام بفتح باب الجهاز ليخرج شريط تسجيل كان بداخله ويضيف قيمته الى تقييم المسروق فيصل به الى تطبيق حدالسرقة رافعاً إياه ..وهومنتشٍ بنصره وكأنه قد إكتشف قارة جديدة ..ولكأن مهمة القاضي هي فقط البحث عما يجرّم به من يحاكمهم دون تفعيل الجوانب الإنسانية فيه لتلمس مايمكن أن ينجي به ذلك المتهم..ولومن قبيل أن الرحمة فوق العدل !
بالمقابل يقال أن قاضيا في كندا وقف أمامه سارق لرغيف ..فقال له القاضي أنا أعلم أنك سرقت لتسد رمقك ..ولكني مضطرلأحكم عليك بغرامة قدرها عشرة جنيهات ..ولانني أعلم انك لاتملك هذا المبلغ ..فسأسدده عنك ..ثم أخرجه من جيبه و أودعه خزينة المحكمة ..ثم التفت الى جمهور الحضور داخل القاعة وقررأن يغرم أي منهم ذات المبلغ قائلا لهم لانكم تعيشون دون حراك لدرء المسغبة في بلاد لازال فيها الجوع يدفع مسكيناً لسرقة رغيف الخبز ..وكانت الحصيلة ما يقارب الخمسماية جنيه سلمها للمحكوم حتى لا يعود للسرقة !
القارئة التي ارسلت لى الواقعة الأخيرة علقت أسفلها تقول..إن القاضي الكندي فقط ينقصه الإسلام .. ثم زادت مستدلة بقول الشيخ الشعراوي عليه الرحمة ..إذا رأيت فقيراً في بلادالمسلمين فأعلم أن غنياً قدسرق ماله !
فقلت لها ولكني أرى أن الحقيقة عكسية و هي ما أحوج اسلامنا لمثل هذا القاضي ..الذي يعيش في بلاد يحكمها الإسلام وهي ليست مسلمة !
بينما نحن نسكن بلاداً يحكمها من يقولون أنهم يطبقون الإسلام وهم يدعون أهلها في ذات الوقت الى خفض رؤسهم بين الرُكب ..لان من يرفع هامته فقط ليرى مايجري حوله كما يقول نائب الرئيس السيد حسبوعبدالرحمن في الخطابات الجماهيرية العلنية .. فسيقومون بقطع رقبته دون الرجوع حتى لقضاتهم من ذلك النوع ..وهم لا يعلمون أن الأصل في الإسلام أن يكون الرأس مرفوعا لا ينحني إلا للمولى العلي الرفيع !
نعم هما قاضيان متشابهان في المُسمى..لكن الفرق بينهما في العقلية الحاكمة لكل منهما فالأول يمثل دولة أرادت استغلال الدين لتمكين فكرتها بالقهر السلطوي الذي إمتد من سبتمبر مروراً بالإنقاذ وعبر تطبيق مشوه ومبتسر للشريعة بعيدٍ عن إحترامه لإنسانية البشر ..أما الآخر فإنه يستقي من عدالة قوانينه ذات الروح الإسلامية التي تجردمنها قاضينا الباحث في ظلمة عقله عما يريق وجه ذلك الإنسان دون مراعاة للظروف التي حدت به الى السرقة و تحفيزه على عدم تكرار فعلته التي لا يغفرها أي قانون حيثما كان الحدث !
وما ثورة الخبز التي هي قمة جبل الماساة الطويلة و قدبات غبارها يشتعل من خلف الشوارع المغبونة الآن إلا تجسيداً لتمدد تلك العقلية الحاكمة فينا و التي أوصلت الناس الضعفاء الى هذا المستوى من الإذلال الإنساني وفوق كل ذلك لا يرضيها أن تجأر مصارينهم بالهتاف قبل حناجرهم التي تتوعدها قبضات الحكم الخائفة باستعمال حد السكين لجزها ..وقدعجزت عن توفير كرامة العيش لهم ولوفي حدها الآدنى !
[email protected]





تعليقات 2 | إهداء 0 | زيارات 1125

خدمات المحتوى


التعليقات
#1734658 [korey]
0.00/5 (0 صوت)

01-23-2018 03:27 AM
لا فض فوك


#1734557 [مريود]
0.00/5 (0 صوت)

01-22-2018 07:45 PM
جبل المأساة. الشوراع المغبونة. تجأر مصارينهم.
(ومن نعمة صباحي)
ألبسوها قداسة ليست على مقاسها في كل تضاريس جسدها اللاهب.

إبداع لا يغيب الحقيقة. وهذا هو الإبداع الحق.

أرجو أن يأتي يوم أقرأ لكما في الأدب بعيدا عن هموم السياسة.
أستطيع أن اكتب كتابا في شرح هذه الجملة. ومثلها لا تفارق المخيلة إلا بجهد جهيد.

قلتها وأعيدها أنت ونعمة صباحي تصدران عن مورد واحد إلا أنك تكثر وتبهر. وهي تقل وماذاك لعجز منها.


محمد عبد الله برقاوي ..
محمد عبد الله برقاوي ..

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة