الحقوق والحريات ومسار التغيير في السودان
01-23-2018 02:32 PM
لا نحتاج لأن نُعددٌ مساوئ الدولة القائمة اليوم ،أو أن نُسِهب في وصف ممارساتها وطبيعتها ومنشأها.ولكن أمامنا مهمة تحديد مسار تغيير هذه الدولة ومتطلباتها ،وهي المحددة في الحقوق والحريات ،كقضية نضال .
الحقوق والحريات ،هي الإطار المؤسسي لبناء الدولة الديمقراطية،الذي يتضمنٌ تعريف واضح وصريح للعلاقة بين الدولة والمجتمع.وهذا ما سنناضل من أجلهِ ،ومايجبٌ أن نسعى إلى إقرارهِ وتحقيقهِ كهدف أقصي للتغيير.
إن وضع مفهوم الحقوق والحريات في هذه الدولة ،لجدُ مخزيٍ ومشين ،هي أسوأ من أن تكون كتلك التي تسود في ظل سٌلطة إستعمارية كتلك التى كانت في القرن السابع عشر ،وأوآخر القرن الثامن عشر،والتى فجرت حروب للتحرر،وحركة نضال لا زالت خالدة،خرجت من رحمها شعوب تنعم الآن بما ظللنا محرومين منه ،بينما نتمرغ نحن في وحل الفساد والإستبداد ،والحروب والقهر. لستٌ بصدد التنديد بما تمارسه الدولة من قهر وإذلال وتلاعب بالقوة ،بل فقط للتعبير عن الحيرة ،حينما يثور تساؤل :عن كيف إحتملنا كل هذا الإذلال ؟!!؛وعن ماهى القوى التى تقف وراء تزييف وعينا وإرادتنا لنعيش في ظل هذه المتاهة ،بدون أن نهتدي الى حقيقة فقداننا لأهم خصيصة إنسانية كالحرية ،وتغيب عن مطالب نضالنا الحقوق والحريات كقضية مركزية ،بينما نصاب بالتشويش فننحرف الى الخوض في قضايا وجدل تٌغيًب عن ناظرنا وتركيزنا واقع قوانين معيبة وغير أخلاقية لتسمح لها أن تسود في دولة وطنية ؛كقانون الأمن الوطني والمخابرات ،والقانون الجنائي السوداني !! ،ولو تجرأت للإجابة على ذلك أقول ببساطة لأننا إرتضينا أن نعيش على الحد الأدني من إنسانيتنا.
ونحن نسعى اليوم إلى التغيير، أمامنا تحدي بناء الإطار المؤسسي للدولة الديمقراطية ،أو إن شئت قٌل دولة القانون،وهي الدولة التي تتقيًد بدستورها وتمنع تعسف السلطة،فتُفعٍل الشفافية وتعزز سيادة القانون وتوفر المصداقية .وتتطلب هذه العملية أن يتولى المجتمع المدني الديمقراطي السوداني الدفاع بنفسه عن الحقوق المدنية والحريات،وفي ذلك تصعيد المطالب الشعبية بغرض إبطال مفعول تلاعب الدولة بالعنف والقوة لإخضاع السودانيين وقهرهم.
تحدي السلم والحرية:
تترافق قضية الحرية مع السلم في مأزقنا الراهن ،وهي المقايضة التي تقف وراء فجائعنا الراهنة،فالسلطة القائمة تستغل الحرب لتبقي في وضع تسلطي ،وعبر إستمرار الحرب في بلادنا كل هذا الذمن ،فالحرب بما تتطلب تعليقاً جزئياً أو كلياً للمساهة والتبادل الديمقراطيين ،ولدت التراتبية الصارمة( وتفوًق العسكرى في مجتمعنا)،وبالتالي الخضوع للمبدأ الأوتقراطي التسلطي ،لذلك علينا أن نضع الحرب كأحد المكونات الرئيسية للمشروع السياسي التنموي للتغير عبر مداخل الحريات والحقوق .وذلك عبر عزل الحرب ووضعها في هوامش المجتمع،نجعلها هدفاً أساسياً للفكر والممارسة السياسية عبر إعادة تعريف السياسة بأن تسعي الي تنظيم العلاقة بين الدولة والمجتمع ،علينا إبعاد الحرب عن الميدان الإجتماعي الوطني الداخلي ،وجعل الحرب هو الإستثناء والسلم هو المعيار.
لماذا عنف الدولة:
أشرنا أعلاه أنه لا نحتاج الى تعديد مساوئ الدولة،ولكنه يلزمنا أن نعيد وصفها بما إستقر من خلال ممارستها لقمعنا لأنها ترانا أعداء وذلك لأنها دولة حربية، وأن إستمرار الحرب يجيئ في مصلحتها لأن تتسق مع طبيعة إشتغالها،الى جانب أن الإعتقاد بأن الحرب هي إستمرار للسياسة بوسئل أخرى ،وفرت لها منصة للتسلطية التى نشهدها اليوم،ولكن مانريد ومايجب أن نشيده في الأفق السياسي التنموي الجديد هو أن الحرب والسياسة منفصلان ومختلفان مبدئياً،ونريد بذلك أن نوضح أن الحرب لاعلاقة لها بالعلاقات السياسية داخل المجتمع،وبالتالي إعادة تعريف العدو في العقل السياسي ،وهي ضرورة العقد الإجتماعي للتغير الذي تتنظم عبره العلاقة بين الدولة والمجتمع نوهو مايتطلب منا النضال من أجل الحقوق والحريات .
يحدوني الأمل وأنا أتأمل مقولة اتين دي لابوسيية في هذا الأطار،أن نعتقد أنها مقولة ملهمة فعلاً ،والتي تقول :إن لفي وسع من أراد إستقراء وقائع الماضي وسجلات التاريخ أن يتحقق ،أن من رأوُا بلدهم تُساء سياسته وتستحوذ عليه أيادي جانية ،فعقدوا العزم على تحريره بنية صادقة مستقيمة ،لا تردد فيها ،قل ألا يحالفهم النجاح ،وأن الحرية تساندهم في الدفاع عن قضيتها .
سيكون عملنا ناجحاً ،إذا كان فكرنا فاضلاً،لأن الحظ لا يكاد يتخلي أبداً في مثل هذه القضية عن مناصرة الأرادة الطيبة.
|
خدمات المحتوى
|
منتصر ابراهيم الزين
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|