لا للحرب !ا
05-28-2011 12:37 PM

لا للحرب !!

رشا عوض

بعد أن انفصل الجنوب بكامله وهو يعادل ثلث مساحة السودان وقبلنا ذلك حقنا للدماء وتوقا للسلام لا يعقل الدخول في دوامة الحرب اللعينة من جديد من أجل أبيي أو حفرة النحاس أو كافياكونجي أو أية منطقة حدودية، الكلمة الذهبية شمالا وجنوبا يجب أن تكون لا عودة إلى الحرب، واللاعودة إلى الحرب تقتضي الإقبال على التسوية السياسية والمثابرة في البحث عن الحلول السلمية حتى إذا اقتضى ذلك العزل السياسي لكل من يدق طبول الحرب شمالا أو جنوبا، أبيي شمالية حسب الحدود المرسومة على الورق لعام 1956 ولكنها في الأصل منطقة جنوبية ضمت إلى الشمال بقرار إداري عام 1905 ، كما أن حلايب مصرية حسب دوائر العرض ولكنها سودانية بحكم التاريخ والجغرافيا البشرية! أبيي تحتاج إلى حل سياسي يأخذ في اعتباره حقائق التاريخ ومستجدات الواقع ومصالح كل الأطراف وهذا ليس مستحيلا إن وجدت الإرادة السياسية المنحازة للسلام كهدق استراتيجي، الشمال والجنوب كلاهما يعاني من الفقر والتخلف وعدم الاستقرار وتحديات بناء الحكم الراشد،

والجنوب يعاني من هذه التحديات بصورة أكبر وأخطر بحكم أنه الأكثر افتقارا للتنمية البشرية والاقتصادية والعمرانية والأكثر افتقارا لتراكم الخبرات الإدارية وأسس وتقنيات الخدمة المدنية وذلك على خلفية ظروفه التاريخية والتهميش الذي عانى منه فضلا عن الحرب طويلة الأمد، وبقراءة هذا الواقع لا نحتاج لكثير عناء حتى ندرك أن الشمال والجنوب كلاهما يحتاج إلى استجماع طاقاته واستنفار شعبه من أجل انتشال نفسه من واقع تخلف مرير ومزمن ولا يحتاج أحدهما أو كلاهما إلى استنفار البغضاء والكراهية ضد الآخر، فالإثنان يرزحان تحت واقع تخلف مركب في شتى مناحي الحياة وهذا التخلف الشرط الابتدائي لتجاوزه أو (لمجرد التفكير في إمكانية تجاوزه) هو السلام والاستقرار، فلماذا يبدد الشعبان طاقاتهما ومواردهما البشرية والمادية ويهدران الفرص الثمينة للنماء والتقدم في حروبات عبثية يدق طبولها محدودو الأفق الفكري والسياسي وفاقدو الضمير والإنسانية؟



بعد انفصال الجنوب سيجد الشمال نفسه أمام تحديات أزمة دارفوروالأزمة الاقتصادية الطاحنة بعد فقدان مورد النفط وأمام تحديات التغيير السياسي والاجتماعي التي إن لم ينجح في إنجازها لواجهته ثورات جديدة، كما سيجد نفسه أمام تحديات التنمية القديمة المتجددة، والجنوب كذلك عندما ينفصل عن الشمال سيجد نفسه في محك اختبار صعب، فالجنوب منذ الآن تظهر عليه بجلاء أمراض الدولة الفاشلة المتقشية في محيطه الإقليمي وعلى رأسها هشاشة التماسك القومي وتفشي القبلية واستشراء الفساد والتخلف التنموي والمشاكل الأمنية، فماذا ستفعل النخبة السياسية الجنوبيةوعلى رأسها الحركة الشعبية إزاء تحديات البداية من الصفر لبناء الدولة الجنوبية؟ ماذا ستفعل إزاء تحديات التنمية ومعلوم أن التنمية والفساد يتناسبان تناسبا عكسيا؟ كيف ستحارب الفساد؟ كيف سترتب الحركة الشعبية أولويات الإنفاق العام في الجنوب هل لصالح الفقراء والمهمشين الذين خاضت الحرب باسمهم وهم من دفعوا فاتورة الحرب أم لصالح النخب الحاكمة والمجتمع المخملي الجديد؟ ماذا ستفعل مع معارضتها السياسية؟هل ستتجه لبناء اقتصاد منتج أم تستسلم لنموذج الاقتصاد الريعي الذي يجسد ما اصطلح على تسميته( لعنة النفط)؟!

إن التحديات أمام الشمال والجنوب كبيرة وخطيرة والحرب المقدسة التي يجب عليهما خوضها (كل فيما يليه) هي الحرب على التخلف المستوطن فيهما بكل تجلياته البائسة من جوع ومرض وتشرد وأمية وجهل وخرافة وليست الحرب المقدسة هي حرب الشمال والجنوب لبعضهما البعض حول أبيي لعشر أو عشرين عاما يعودان بعدها لطاولة المفاوضات بعد إزهاق الأرواح وتبديد الموارد.

اجراس الحرية





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 2481

خدمات المحتوى


رشا عوض
رشا عوض

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة