المقالات
السياسة
ترامب أساء لشعبه قبل غيرهم!
ترامب أساء لشعبه قبل غيرهم!
01-28-2018 03:56 PM

سألت أحد زملائي الأمريكان، في مقر عملي، عن دلالات انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية فرد بسخرية واضحة وصراحة تامة قائلاً: "انتخاب ترامب يدل على أن كثيراً من أفراد الشعب الأمريكي أغبياء: “it proves that many Americans are really idiots” والعهدة على ذمة القائل! لكن هذا ما تؤيده تصرفات ترامب ومواقفه المعلنة وتغريداته الساذجة في موقعه الرسمي في تويتر، فضلاً عن أسلوبه الفج في التعامل مع الأحداث والقضايا العالمية. ويبدو لي أن الرجل لا ينظر للأمور من موقعه كرئيس لأمريكا، وإنما بخلفيته كتاجر ذي قدرات عقلية متواضعة إلى أقصى حد، وهو لهذا السبب يميل دوماً لاستخدام العبارات السوقية واتخاذ المواقف التي تمليها عليه ظروف السوق، فلا يكترث كثيراً للباقة والكياسة التي تقضيها متطلبات موقعه كرئيس لدولة عظمى! ليس هذا فحسب بل إن بعض المثقفين والعقلاء من الأمريكان أنفسهم يعتقدون بأن دونالد ترامب مصاب بنوع من الاضطراب النفسي الفظيع، الأمر الذي قد يعرضه للمساءلة أمام الكونجرس، أو ربما يتهم بعدم القدرة على إدارة شؤون البلاد، وقد تتخذ ضده إجراءات قانونية حسبما يسمح الدستور والقانون الأمريكي بذلك، كممارسة ديمقراطية مشروعة وممكنة! بشكل عام، إن ما ذهب إليه ترامب في تصريحاته عن العرب والأفارقة يعني بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الرجل غير جدير برئاسة أقوى دولة في عالم اليوم. وإذا كان كل الأفارقة بتلك الصفات البشعة التي وصفهم بها ترامب، فكيف يعقل أن يكون سلفه في الأبيض من الأمريكان السود، Black Americans أي من أصل إفريقي؟ أم أن الرجل أراد أن يسيء لشريحة عريضة من شعبه؟ وفيما يتعلق بالعرب فكفي أنهم هم من نقل الحضارة إلى المجتمعات الغربية وانتشلوها من وهدة التخلف والعصور المظلمة والجهل الذي كان يطبق على قارة أوروبا في وقت لم تكتشف فيه أمريكا بعد! وبذلك يكون العرب هم من أسس للحضارة الغربية المادية التي يتفاخر بها هذا الغر المخبول. كما أن العرب هم الذين شرفهم الله بأن بعث منهم خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه الكتاب الذي به أكتمل الدين، وجعل المسلمين خير أمة أخرجت للناس بنص الآية الكريمة "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" وكفى بهذه من شهادة! ولذلك عندما دانت الدنيا للمسلمين عمروا الأرض وأرسوا دعائم العدل والإنسانية وحاربوا الجبروت والطاغوت الذي كانت تمثله الحضارات الرومانية والإغريقية والهيلينية فضلاً عن وثنية الفرس والمجوس وغيرهم. ومع أن الأمتين العربية والإفريقية تمران بفترة انحطاط وتخلف سياسي وعلمي وفكري إلا أن ذلك ربما يكون نتاجاً لما تعرضت له البلدان العربية والإفريقية من استعمار وهيمنة أوروبية فرضت على تلك المجتمعات نمطاً من الفكر والسلوك يتنافى تماماً مع معتقداتهم وأسلوب حياتهم، وكانت النتيجة الحتمية ما تشهده هذه البلدان من تخلف في كثير من المجالات. وبالنسبة لإفريقيا فقد كفانا بعض السفراء الأمريكيان الذي عملوا في عدد من دول القارة السمراء مشقة الرد على هذا المفتري؛ فقد أنصفوا الأفارقة في خطابهم الذي أرسلوه إلى البيت الأبيض وترافعوا فيه عن الشعوب الإفريقية التي شهدوا لها بالكرم والمودة الخالصة التي تقوم على موروث حضاري ضارب في القدم والأصالة! ومع أن بعضاً من الدول الإفريقية يواجه تحديات تعوق مسيرة تقدمه وتطوره السياسي والاقتصادي إلا أن هذه القارة تزخر بمصادر طبيعية متعددة تجعلها قبلة للاستثمار وتؤهلها للتنمية بالشراكات الذكية مع الجهات التي تتوفر لديها القدرات المطلوبة للاستفادة من تلك المصادر التي من شأنها أن تساعد حتى الشركات الأمريكية على تحقيق النجاح الذي تصبو إليه. وأضاف هؤلاء السفراء أن الأفارقة لديهم قيم وتقاليد تتناسب وطريقتهم في العيش، ومن بينهم العلماء والمعلمون والفنانون والأدباء والشعراء والمفكرون؛ ولذلك لا يمكن وصفهم بما ذهب إليه ترامب في تصريحاته المسيئة! خلاصة القول، يبدو أن الرئيس الأمريكي لا يزال يعيش تحت تأثير المفاهيم الاستعمارية التي كانت سائدة لدى قادة أوروبا في القرن التاسع عشر، أو أنه لا يزال يحمل جرثومة الحضارة الغربية التي تتحدث عن عبء الرجل الأبيض أو بمعنى أدق مسؤولية "الغرب الحضارية" وهي المبرر الفكري الزائف الذي بموجبه غزت أوروبا دول العالم "غير المتحضر والهمجي"، من أجل تحضيرها وتعليمها أسس الحكم! وهذه لعمري هي المغالطة التي استند إليها مسؤولون وعدد كبير من الكتاب الغربيين في تبرير سياسات الغزو والاحتلال، ليس حباً في شعوب الدول المستعمرة وإنما تحقيقاً لأهداف استعمارية تمثلت في أبشع صورة لإذلال البشر؛ إذ هٌجّر أكثر من عشرين مليون من الأفارقة وبيعوا كرقيق حتى يعملوا في مزارع البيض في الدنيا الجديدة. ومع إننا لا نقر ما ذهب إليه ترامب في تلك التصريحات التي تجافي كل الأعراف والقيم الإنسانية، إلا أننا نعتقد بأن العالم العربي والأفريقي يشهد واقعاً سياسياً واقتصادياً مزرياً جراء مساندة الغرب لبعض المفسدين والظالمين.

[email protected]





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 495

خدمات المحتوى


التعليقات
#1737031 [عمر التجاني]
0.00/5 (0 صوت)

01-28-2018 09:20 PM
ايهما اكثر إساءة لشعبه؟ترامب ام البشير؟ عندما يتمطع الاخوان المسلمون ليظنوا ان الناس اغبياء. ترامب على الاقل اختاره شعبه ولم يات عبر دبالة مثلما خطط علي عثمان محمد طه الذي هللت له يوما مرحبا به في شمال كردفان كما كتبت من قبل. الاخوان المسلمون وتوابعهم من المرتزقة يريدون صرف انتباه الناس عن قضية اولاد البلد الحقيقيه وهي اسقاط إنقلاب علي طه الءي هللت له من قبل.
ماهو دخل الشعب السوداني في ترامب علي عثمان الحاقد قاتل الأطفال ليس كترامب فلا مجال لامقارنه


محمد التجاني عمر قش
محمد التجاني عمر قش

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة