ولدت فوزية محمد الفضل في مدينة أمدرمان في العام 1934، و كانت الابنة الثانية بين سبعة أشقاء: د.فاروق مستشار الطب النفسي، الأستاذة فتحية و قد تخرجت في كلية الآداب، د. فيصل مستشار الطب الباطني و امراض القلب، فاطمة و تخرجت في كلية الآداب، د.فتحي إختصاصي في العلوم السياسية، فائزة و تخرجت في كلية الإقتصاد. و قد ولدوا جميعهم في أمدرمان في دارهم الكائن أول شارع العرضة. والدتها وردة إسرائيل من رائدات التعليم وقد ترقت في سلم التعليم حتي بلغت مرتبة ناظرة مدرسة. أما والدها فهو المهندس محمد الفضل من مواليد 1903 في أمدرمان، و من أبكار خريجي كلية غردون قسم الهندسة و هو أول مدير عام لهيئة السكة الحديد بعد السودنة ورئيس مجلس إدارة هيئة السكة الحديد بعد ثورة أكتوبر 1964، كما كان عضوا بلجنة الخدمة المدنية ورئيسا لمجلس جامعة الخرطوم.
تزوجت السيدة فوزية الفضل في عام 1954 من السيد عبدالله صديق غندور، وكيل وزارة المالية و الإقتصاد الأسبق و لها أربعة أبناء: د. خالد غندور (إقتصادي)، هشام غندور (مهندس)، طارق غندور و تخصص في إدارة الأعمال و ارحب غندور (إقتصادي). و قد تلقوا تعليمهم الجامعي و فوق الجامعي في أوروبا والولايات المتحدة. أما الأستاذة فوزية فقد تهيأ لها العيش في إنجلترا خلال ابتعاث زوجها و قضت هنالك ثلاثة أعوام، ما أتاح لها السفر إلي الإتحاد السوفيتي إذ شاركت عضواً ضمن وفد السودان في مهرجان الشباب و الطلاب العالمي في موسكو عام 1956. نالت فوزية محمد الفضل شرف رئاسة التجمع النسوي الديمقراطي السوداني المنبثق من التجمع الوطني الديمقراطي الذي تأسس في عام 1989، وقد شاركت ضمن وفده في مؤتمر المرأة في بكين عام 1995، كما تراست وفده لمؤتمر ماسترخت بهولندا. وشاركت في جميع المواكب المعارضة وتحملت مسؤولية تقديم مذكرة التجمع لمندوب الامم المتحدة بالخرطوم.
لقد كانت حياة الأستاذة فوزية محمد الفضل حافلة بالبطولة الذي سنتعرض لتفاصيلها، كما كانت حياتها معركة متصلة لا هدنة فيها، معركة ضد التخلف الإجتماعي التي خاضتها بمثابرة و إقدام، و معركة ضد الإستغلال الذي ميز المجتمع السوداني و مايزال شعبنا يرسف في أغلاله، و معركة من أجل تطور المرأة السودانية و تقدمها وقد أسهمت في فك قيودها و إسارها التي كبلتها على مر الأيام و السنين و ما تزال و هكذا، مضت حياتها من معركة إلى أخرى، فالحياة في نظرها معركة متصلة و لابد للمرأة التي تستحق هذا اللقب من أن تجابه المعركة وجهاً لوجه كما سنرى، و كيف جابهتها هي نفسها كما سنبين كثيراً من جوانبها التي تستحق التسجيل من أجل التاريخ. لم تمضِ حياتها في خط مستقيم إذ نزلت عليها في باكورة حياتها فجيعة لم تكن في الحسبان بعد أن رحلت والدتها و هي في سن الثانية عشرة، فثبتت لهذه الفجيعة تستلهم منها القوة و الصبر و الثبات و الحيوية و العزم، و هي تنظر لاشقائها و قد إفتقدوا عاطفة الأم الرؤوم، فإستمدت من رحيل الأم الأليم القوة على كفاح الزمن، و ساهمت في رعاية أخوتها ووالدها بجانب الخالات والعمات. و لعل تلك المحنة هي التي ألهبت قلبها حنيناً إلي أن تحل محل الأم و استكمال ما شغر بسبب رحيلها في تربية الشقيقات والاشقاء. استطاعت فوزية أن تجعل من تصاريف القدر حيالها-على عظم المسؤولية-مجالاً خصباً فأفرغت همها في الإطلاع و التثقيف في مختلف الموضوعات مما ساعدها على الانطلاق في حياتها العامة و كانت بعدها أن بدأت مرحلة جديدة في حياتها العامة تكونت فيها شخصيتها الإجتماعية تكويناً واضح المعالم و السمات. و بذلك قد برهنت فوزية الفضل بأن الحياة الجادة أقوى من الأحداث، و للزمن سحر في تطور أحوال الإنسان و تقدمه.
انخرطت فوزية محمد الفضل في مهنة التعليم بعد أن أدركت أن الفتاة المنافحة لا تحتاج للبقاء في البيت لتنتظر حظها في الحياة وإنما تحتاج إلى المعرفة و الثقافة و العلم و الإيمان بالمثل النبيلة كي تتسلح بها في معركتها مع المجتمع الذي عليها أن تبني الكثير من شؤونه. و كان التعليم أحد هذه الميادين التي تغزوها الآن الفتاة السودانية بعد أن غزت غيره من ميادين الحياة. كانت فوزية محمد الفضل تعلم تماماً أن إقبال الفتاة السودانية-في بداية عهدها- علي مهنة التعليم لم يكون سهلاً إلا إذا إمتلأ بالمعرفة و المعاني الإنسانية الجديرة لكي تبنى الأماني التي تليق بالإنسان المعاصر. لقد رأت الاسرة إلحاقها بمدارس الراهبات في البداية تجاوزا لشرط السبع سنوات للالتحاق بالمدارس الحكومية. ثم قضت المرحلة الأولية في كلية المعلمات بأمدرمان وبعدها المدرسة الوسطى و من ثم المرحلة الثانوية في مدرسة البنات الثانوية بامدرمان، حيث تفتقت قدراتها في القيادة وكانت لها الريادة في العمل الطلابي وسط الطالبات وكان قد التحقت بعضوية الاتحاد النسائي السوداني بقيادة فاطمة احمد ابراهيم والأخريات، وساهمت مع مجموعة من بنات عطبرة حيث يجدر ذكر زميلات مناضلات من آل شكري في تأسيس فرع الاتحاد الذي ظل نشطا حتى تم حله في عام 1970 ضمن جميع المنظمات الجماهيرية الديموقراطية. و بعد العودة من إنجلترا تفتحت أمامها فرص الصياغة الجديدة التي مهدت لبدء حياتها العملية في سلك التعليم كمعلمة في المرحلة الوسطى، فجابت عددا من المدارس الى ان بلغت درجة وكيله ثم موجهة فنية وبعد انقلاب الجبهة القومية الاسلامية تم نقلها كيديا الى الدلنج بمديرية كردفان دفعا لها للاستقالة الا انها أحبطت الخطة بتنفيذها للنقل ما اجبر السلطات احالتها للمعاش للصالح العام. لقد مهدت لها تجاربها في التعليم الإمعان في ما يسود حياة المرأة السودانية من أمية و تخلف تحيط بها إحاطة السوار بالمعصم. لم يبعث كل ذلك إرتياحاً في نفسها وهي تنظر إلي أوضاع المرأة و المضي بها إلى مستقبل أفضل يسوده الوعي، فإنه لا مناص من القناعة أن المرأة و الوطن في حاجة ماسة إلى دعم و تقوية و تثبيت أقدام كل الذين يهمهم ألا تبقى المرأة فريسة للجهل و الفقر و المرض. لقد زحم كل هذا عليها الآفاق فإندفعت و بتفكير عميق ظل يشغل بالها و يزحم عليها أفكارها بأن القضية في الأصل هي تحرير المرأة من القيود التي تعطل مسيرتها و أن الحرية هي إدراك الضرورة. و أن الطاقات الروحية للشعوب تستطبع أن تمنح آمالها الكبرى أعظم القوى الدافعة (نساءا و رجالاً) بل إنها تسلحهم بدروع من الصبر و الشجاعة يواجهون بها جميع الإحتمالات و يقهرون بهما مختلف المصاعب و العقبات. فالثقافة التي لا تعبر عن هذه الطاقات الروحية و الفكرية الخلاقة أو تتناسى القيم التي لم تتناقض مع العصر أو تتخلف عنه، ثقافة مبتورة غريبة عن آمالنا و حياتنا.
مواقف مشهودة في سيرتها الذاتية
#الإنتماء للإتحاد النسائي و الحزب الشيوعي من خلال انضمامها لرابطة النساء الشيوعيات ... وكان ان شاركت ضمن أعضاء الاتحادالنسائي السوداني وبقيادة الأستاذة فاطمة احمد ابراهيم خلال ايام الردة السوداء في اقتحام اجتماع اتحاد نساء السودان - التنظيم النسائي المايوي - بصالة فندق المريديان ما ترتب عليه اعتقالها بسجن أمدرمان مع أعضاء الاتحاد النسائي المشاركات.
#التجمع النسائي، منظمة البيئة، منظمة واج (WAG) التي كانت تهتم بقضايا الأخوات من جنوب السودان
إن هذه الكلمات ليست سوى شذرات لا تعطي صورة كاملة عن تاريخ الاستاذة فوزية محمد الفضل، ولكنها إنما تقدم بعض التعريف بدور هذه الإنسانة المناضلة كمقدمة للتعريف بحياتها و نضالاتها و تضعها في محلها اللائق وسط رائدات عظيمات هكذا هي فوزية.. عطاء مستمر لا ينضب و سخاء منقطع النظير وشجاعة فائقة في ما تؤمن به من فكر. [email protected]
المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.