المقالات
السياسة
ماذا تعني عودة صلاح قوش مديراً لجهاز الأمن والمخابرات..؟
ماذا تعني عودة صلاح قوش مديراً لجهاز الأمن والمخابرات..؟
02-12-2018 10:53 AM

تأتي عودة صلاح قوش، إلى رئاسة جهاز أمن النظام ومخابراته، ليس دليل منعة وعافية، في جسد النظام السياسي الحاكم في السودان. في وقت تشهد فيه البلاد أزمة سياسية وإقتصادية خانقة أدت إلى إنهيار العملة الوطنية في مقابل العملات الأجنبية ، بالأخص الدولار ، بسبب تخطي الديون الخارجية حاجز الخمسين مليون دولار، وإرتفاع معدلات التضخم والانفاق العام، وتدني في الانتاج، مصحوباً بسوء الادارة والتخطيط وإنتشار الفساد، الذي أصبح مظهراً من مظاهر الحياة العامة، كل شيء أصيب بهذا الوباء، وصار متعذراً القيام بأي عمل أو أداء أي مهمة، خارج هذا المناخ. . !
وصارت فكرة الدولة طوال سنوات حكم النظام القائم أشبه بحلم مُستحيل التحقق . . ! وظهر أباطرة الفساد والنشاط الإقتصادي الطفيلي، وصلاح قوش، الذي أستعان به عمر البشير والبلاد تعيش أوضاع داخلية وخارجية وإقليمية ودولية متأزمة، وهو احد مظاهر الازمة وليس احد حلولها، أزمة أصبحت تهدد أمن النظام وعلى رأسه الطاغية، عمر البشير، الذي ينطبق عليه المثل الذي يقول: حينما يفلّس التاجر يرجع إلى أوراقه القديمة ! فالسؤال المهم هو، لماذا رجع عمر البشير للاستعانة بهذا القط السمين . . ؟ وهو احد رموز الفساد !
وماذا في جعبته يمكن أن يقدمه للطاغية عمر البشير لتجاوز الازمة الاقتصادية الخانقة . . ؟
المعروف عن صلاح قوش، حسب سيرته الذاتيّة، بأنه مهندس مدني، لكن الشعب السوداني لم يسمع عنه، أنه قد بنى راكوبة حتى في قرية نائية من قرى السودان الكثيرة!
ناهيك عن بناء العمارات والجسور والناطحات السحاب ! التجربة المعاشة قَالَت ومازالت تكرر القول: أنه جزار وسفاح !
بعد إقالته من جهاز امن النظام في 2009
، أصبح عضواً في برلمان النظام، فإنفتحت أمامه أبواب نعيم الفَسَاد، فأصبح احد اباطرته الكبار . . !
لذا جاء خبر تعيينه مديراً لجهاز الأمن والمخابرات في هذه الفترة ، مخيباً لأمال الشعب، الذي كان ينتظر من الطاغية عمر البشير ، الاعتذار عن الأخطاء التي إرتكبها بحق الوطن الذي فرط في وحدته . . ! والمواطن الذي أفرط في سحقه بالمعاناة وغلاء الأسعار ، وتدهور العملة الوطنية المتواصل الذي ألقى بتداعيات خطيرة على حياة الاغلبية من الشعب. . ! وليس إعادة تعيين شخص مثل صلاح قوش صاحب تاريخ ملوث بالدماء وانتهاك حقوق الإنسان، إضافة إلى إنه شخص مكروه من قبل الأغلبية من الشعب، بل حتى وسط أنصار النّظام !
إذن السؤال الذي يطرح نفسه وبالحاح شديد، ما الذي يريده عمر البشير من عودة صلاح قوش مديراً لجهاز الأمن والمخابرات . . ؟
من يتابع تصرفات عمر البشير طوال سنوات حكمه التي قاربت الثلاثين عاماً، يدرك ان عمر البشير، شخص مريض بحب السُلطة، لذا يسعى للإحتفاظ بها لأطول فترة ممكنة، لذلك أراد تحقيق ثلاث أهداف بتعيينه لصلاح قوش مديراً لجهاز الأمن والمخابرات. الهدف الأول: هو مغازلة الادارة الأمريكية الحالية بقيادة ترامب واجهزة مخابراتها التي أظهرت في الآونة الاخيرة حالة من الامتعاض من إستمراره، في السلطة التي وصلها عبر إنقلاب عسكري في القرن الماضي وقد أدى الغرض من مجيئه إلى السلطة في بلد كان يحكم بنظام ديموقراطي! لكنه إنقلب عليه ومن ثم سهل مهمة إنفصال الجنوب، وفتح السوق الوطني امام الطفيلية المحلية والعالميّة، عبر سياسة السوق الحرة التي أدت الى بيع مؤسسات القطاع العام للقطاع الخاص، ورفع الدعم عن السلع الاساسية الامر الذي فاقم من معاناة الشعب وكرس الثروة في يد قلة لا تتجاوز نسبة 5% من الشعب وهكذا إستمرت مسيرة التدهور والإنحطاط !
ومن ثم تسليمه ما بحوزته من معلومات عن الجماعات الإرهابية للإدارة الاميركية السابقة، وكان يتوقع ان يحظى بتقدير الادارة الامريكية الحالية التي تجاهلته وتجاهلت كل خدماته، بل أظهرت رغبتها في رؤية شخص آخر يشغل موقعه وهذا ما أثار حفيظته ودفعه إلى تصريحاته التي إتهم فيها أميركا بانها تعمل لإيجاد مؤطي قدم في منطقة البحر الأحمر وقد قال : أنه قد سمع ذلك من احد المسؤولين عن تلك الدورة العسكرية التي حضرها في أميركا في ثمانينيات القرن الماضي، صرح بذلك في المقابلة التي اجراها معه سلام مسافر وهو صحفي عراقي، يعمل في قناة "روسيا اليوم"، ومن ثمّ طار إلى روسيا طلباً للحماية، وقد منحها رخصة إقامة قواعد عسكرية في البحر الأحمر ، كل ذلك لانه شعر ان الأمريكان غير راغبين في رؤيته، بل يفضلون رؤية شخص آخر في المرحلة القادمة، في هذا الإطار تأتي تحركات البشير نحو روسيا وتركيا، والآن أكملها بإعادة تعيين صلاح قوش مديراً للأمن والمخابرات، بغرض مغازلة الأمريكان في الخفاء، لكي يقول لهم ، بأنه ما زال شخصاً قوياً وصالحاً لخدمة مخططاتهم في المنطقةِ، وان في يديه كروت كثيرة وأدوات متعددة وقد خبرتها المخابرات الامريكية في السابق وهي محل ثقتها لانها قد جربتها في الماضي . . !
والهدف الثاني: هو إرسال رسالة للمدنيين، في إطار مؤسسات حزبه الذين اتهمهم بأنهم قد خدعوه، وأنهم يناؤون فكرة إستمراره في السلطة، بانه قادر على تغيير قواعد اللعبة، بل هو قادر أن يقلب الطاولة على رؤوسهم التي سوغت لهم ان يبدو عدم رغبتهم في ترشيحه في مسرحية إنتخابات 2020، التي يهيء أجوائها ويعد مسرحها ومسرحيتها، وحينما تحين ساعة التمثيل على مسرح اللامعقول يصبح هو الممثل الأوحد . . !
أما الهدف الثالث: فهو إخافة الشعب السوداني، وقوى المعارضة، بأنه ما زال مُصراً على الاحتفاظ بالسلطة مهما كلفه ذلك من أثمان باهظة، وأنه مستعد للإستعانة حتى بالشيطان الرجيم للبقاء في نعيمها ، ولا يهمه ما يقوله، ويكتبه المعارضون، ولا يهمه حتى ما ورد في الدستور الذي وقع وصادق عليه الذي لا يسمح بتجديد ترشيحه . . !
ولا يهمه ما يقوله: بعض العقلانيين من رموز نظامه، إن كان هناك ثمة عقلانيين فيه . . ! البشير من خلال خطاباته ومخاطباته ونظامه على وشك الانهيار، يتحدث بلغة منفصلة عن الواقع وتطلعات الشعب، لغة لا تصدر إلا حاكم طاغية مستبد، مشبعة بحب السلطة والغرور والجنون. . ! لغة متشبثة بالاوهام والجاه، لذلك لا يهمه فيما تبقى له من عمر ، سوى بقاءه في السُلطة، ولو حالفه الحظ وطول العمر، فهو مستعد للبقاء في عرشها حتى إعلان خبر وفاته في الصفحات الاولى للصحف، وشاشات التلفزة العالم !
لهذا السبب أعاد عمر البشير، صلاح قوش لإدارة جهاز الأمن والمخابرات مرة أخرى ليس لخدمة الوطن، بل لخدمته هو، وضمان بقائه في كرسي السلطة !
لكن الذي فات عليه هو، ان عزلته ستزداد حتى داخل أركان نظامه في مؤسساته المدنية والعسكرية والأمنية ، لان صلاح قوش، رجل بلا أخلاق أو قيم، بجانب أنه من أكبر رموز الفساد المالي والاخلاقي. وربما يتغدى به هذه المرة، قبل ان يتعشى هو به مرة أخرى.
[email protected]





تعليقات 2 | إهداء 0 | زيارات 4229

خدمات المحتوى


التعليقات
#1742509 [مراقب]
0.00/5 (0 صوت)

02-13-2018 06:18 PM
بسبب تخطي الديون الخارجية حاجز الخمسين مليون دولار،
.......................................
خمسين مليار يا أخ العرب


#1742107 [zoul]
0.00/5 (0 صوت)

02-12-2018 11:54 AM
( بسبب تخطي الديون الخارجية حاجز الخمسين مليون دولار، ) خمسين مليار وليس مليون الخمسين مليون دولار دي ممكن اي واحد فيهم يدفعها

( المعروف عن صلاح قوش، حسب سيرته الذاتيّة، بأنه مهندس مدني، ) قوش ليس مهندس مدني بل خريج مدرسة العلوم الرياضية يعني رياضيات مش هندسة وليس هذا هو المهم بل ان البشير يريد الهاء الناس بايجاد موضوع يتحدثون فيه يشغلهم لفترة عن الحال البائس الذي اوصلهم اليه
قوش بعد ان اتهمه بمحاولة قلب نظام الحكم وسجنه واقصاه هاهو اليوم يعيده معززا مكرما بعد ان تاب واستغفر وطلب العفو من الناس الذين عذبهم وشردهم هاهو اليوم يعود بامر البشير لا لشئ سوى ان البشير لا يريد ان يحاسب لوحده وبدلا من ان يسعى لحل المشكلة الاقتصادية سعى لتشديد القبضة الامنية اعترافا منه بأن لا حل لمشكلة الاقتصاد وعلى الشعب الخوف والرضوخ للامر الواقع


الطيب الزين
الطيب الزين

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة