المقالات
السياسة
لن نقبل بالصادق بديلاً
لن نقبل بالصادق بديلاً
04-12-2018 05:39 PM

مع بروز تداعيات بداية نهاية منظومة الانقاذ , كشّر الانتهازيون عن انياب الانقضاض على كعكة السلطة , فهم متخصصون و ذوو تجارب طويلة الامد في انتهاز الفرص و لعب دور البطولة و تجسيد رمزية القائد الاممي المحمول على الاعناق , لكي يبسط العدل على الارض التي ملئت بالظلم و الجور و الضلال من قبل اعداء الشعب , هذا السيناريو ظل يتكرر منذ فجر استقلال البلاد , فعمل الوصوليون الطائفيون على خدمة العسكر , ومكنوهم من السلطة و افسحوا لهم المجال فبطشوا ونكلوا بشعوبهم , ثم ما ان لبث هؤلاء الدكتاوريون واوشكوا على الرحيل , حتى وجدنا هؤلاء الطائفيين اصحاب العمائم اللامعة منتفضين و واقفين , يبشرون الناس بحلول ساعة الخلاص من الطغيان , مقدمين انفسهم في ثوب نفاقي جديد , ضاربين بعرض الحائط كل الخدمات الجليلة التي منحوها للطغاة , الذين ساندوهم مساندة صادقة ادت الى رفعهم درجات على اكتاف الشعب المقهور , مستغلين الذاكرة المشروخة و المثقوبة لهذا الشعب المتصوف و الزاهد في الدنيا , و المؤمل في الوصول الى دار البقاء , ايماناً عميقاً منه انه يقيم في دار الفناء التي لم ينشغل ببهرجها و زينتها , ما مثل نقطة ضعف كبيرة في وجدان هذا المجتمع السوداني العريض , ذلك هو الانغماس في عالم الغيبيات و تناسي استحقاقات عالم الشهادة , انها المطية التي وصل عبرها الانتهازيون والكهنوتيون الى ما ارادوا منذ اكثر من نصف قرن , وظلوا يربتون على كتف هذا الرجل البسيط , و يقولون له لا عليك سوف نأتيك بكنوز الارض , وما عليك الا ان تهبنا صوتك وعهدك ووعدك عندما يحين موعد احضار الصندوق الانتخابي , هكذا سام المهرولون العباد سوء العذاب واوردوهم موارد الهلاك.
الصادق المهدي منذ انقلابه على عمه قبل اكثر من خمسين عاماً , ظل يتحدث و يكتب و ينظر و يفتي , ولم يفعل , مثله مثل الكثيرين من الاكاديميين و الناشطين في عالم السياسة و المجتمع , فياليته قبع في رواق من اروقة البحث العلمي , لكان ذلك اجدى له و لمجتمعه , لأن شئون الحكم و الأدارة ليست كما ظل يدعيه حفيد الامام المهدي الاكبر , فشتان ما بين السلف و الخلف , لقد كان الامام المهدي مفجّراً لثورة التحرر السودانية ضد التركمان و الانجليز , اما الامام الحفيد فهو بمثابة المدمر لما انجزته الثورة المهدية , ان فن سياسة الناس لا تتأتى بالعامل الوراثي او الجيني , وليس بالضرورة ان يكون الواحد منا حاكماً وحكماً بين الناس , اذا كان جده او والده قاضياً او مفتياً في الشائك من جدليات الفكر و الدين , وخير دليل على الفشل السياسي للصادق هو الضعف الذي حاق بحكومته في الديمقراطية الثالثة , والذي كان نتاج طبيعي وبديهي لضعف مقدراته السياسية , واعتماده على مرويات ومحكيات تاريخ وإرث جده بطريقة شوفونية , دون انزال المعاني و القيم المهدوية الى واقع الناس , كما كان يفعل المهدي الجد , فلم يستطع المحافظة على ديمومة الديمقراطية التي اتت به رئيساً للوزراء , بعد ان مهّد الطريق للجبهة الاسلامية القومية لتنفيذ انقلابها العسكري , ولم يبدر منه موقفاً صلباً في مقارعة الانقلابيين بعد ان فعلوا فعلتهم النكراء تلك , بل كان اكثر رؤساء الاحزاب السياسية مهادنة للنظام الجديد , في فرية ما اسماه (الجهاد المدني) الذي كان استسلاماً مدنياً واذعاناً للسلطة الانقلابية , فحتى الصادقين من اتباعه الذين انضووا تحت لواء التجمع الوطني الديمقراطي المعارض , خذلهم بعودته الى حضن النظام الانقلابي عبر اتفاق جيبوتي , بل الادهى و امر ان جيشه الذي كان مشاركاً مع جيوش التجمع الوطني لم يجد منه الاهتمام اللائق , بعد عودة هذا الجيش مع زعيمه المرتمي في احضان العسكر , فكانت تلك الازمة الكبيرة التي واجهها (جيش الامة) , من اهمال و تجاهل من قبل حفيد المهدي رئيس الحزب.
من مخازي الامام الصادق الصديق الذي لم يكن صادقاً يوما ما مع اتباعه , ولم يكن صديقاً لحبيب من الاحباب , انه كرّس للممارسة العشائرية في حزب سياسي يحمل اسم وطني كبير وعظيم مثل (الأمة) , هذا الاسم المعبّر عن صيرورة الثورة المهدية وما آلت اليه من حشد لكافة الوان طيف الامة السودانية , اذ قام الصادق باستغلال تماهي مريديه مع ما يريده هو , فزج بكريماته واصهاره في مفاصل الهرم الادراي للحزب , و قذف بابنائه الى قمة هرم الحكومة الانقلابية التي سطت على سلطته الشرعية آنذاك واغتصبتها , ومن تناقضات مواقفه وتذبذبات مبادئه و ترددات خطواته , انه بدأ يكتب و يتحدث بُعيد اعلانه لنداء السودان , عن المآسي والظلم الذي حاق باهل دارفور جراء ما راتكبه بعض المتفلتون من اتباع القبائل البدوية من تجاوزات بحق بعض سكان القرى في الاقليم , يقول الصادق المهدي هذا الحديث و احد ابنائه يقف على قمة جهاز الدولة الامني والاستخباراتي و يشرف على تدريب ذات المليشيات البدوية في الاقليم , و الابن الآخر يقف مساعداً للرئيس ويداً يمنى له , وهو ذات الرئيس الذي يصفه الصادق في مقال اصدره من اوروبا بانه مرتكب لجرائم الحرب في دارفور , الحديث الذي لم يستطع ان يدلي به عندما كان في الداخل , ربما خوفاً و رهبةً من الفريق محمد حمدان الذي هدده بالاعتقال ذات يوم , ما هكذا تورد الابل يا السيد الامام , ان الموقف الاخلاقي يتطلب منك سحب ابنائك من كابينة قيادة النظام الانقلابي اولاً , ثم من بعد ذلك يمكنك الحديث عن جرائم البشير في دارفور , لقد فات زمان الضحك على ذقون افراد الشعب السوداني , وخاصة الذين ينتمون الى اقليمي كردفان ودارفور , فهم يمثلون الثقل الانتخابي لحزبك الصفوي هذا , فانت يا حفيد الامام وبعد ان افسح لك بعض فاقدي الحيلة والبصيرة من ابناء دارفور المجال لكي تقودهم في مؤسسة ما سمي بنداء السودان , حاولت ان تلعب ذات الخدعة التي ظل يمارسها النظام الانقاذي في ضرب مكونات الاقليم الاثنية بعضها ببعض , فاذا كان هنالك من سياسي مركزي ساهم في وضع اول لبنة لتفتيت النسيج المجتمعي في دارفور , فهو انت , كيف لا وانت الداعم الاول و المبارك الاوحد لما يسمى (التجمع العربي) , ذلك التنظيم العنصري الذي ساهم بشكل كبير في توسعة الشقة بين المكونات القبلية في الاقليم الواحد.
ان منطلقات ابي ام سلمة عروبية صرفة , و ما ادل على ذلك الا الحديث الفطير الذي ادلى به لاحدى قنوات التلفزة العالمية , والذي قال فيه انه سليل قبيلة البرامكة العراقية , ومن محاسن الصدف ان هذا الحديث جاء بعد اعلان باريس بايام قلائل , وهذا يمثل رسالة واضحة لشركائه في نداء السودان على انه لا يكترث لقضية الهوية في السودان , تلك القضية التي ازهقت بسببها ارواح كثيرة في دارفور و جبال النوبة و الانقسنا , وايضاً يعتبر ابن السيد الصديق المحرّك الاول لجيوش المتمرد التشادي بن عمر من ليبيا الى دارفور , والذي كان مدعوماً من النظام الليبي في ذلك الوقت الذي كان فيه الصادق المهدي رئيساً للوزراء , وابن عمر لمن لا يعرفونه هو احد اذرع التوغل العروبي في افريقيا , وكان القائد المأمول فيه تغيير وجه الدولة التشادية الافريقي الى وجه عروبي , حتى يتسق مع توجه ومصالح الانظمة التي كانت تحكم ليبيا و السودان ومصر.
المثل يقول : (مجرب المجرب لا يحصد الا الندامة) , فلقد عايش الشعب السوداني التجربة السياسية للسيد الصادق المهدي منذ ستينيات القرن الماضي , ولم يشهد له موقفاً واحداً مشرفاً في الايفاء بالعهود والمواثيق , منذ الجبهة الوطنية في ليبيا وصولاً الى (جيبوتي) وماصحبها من اضحوكة (تهتدون) , فالبلاد في المرحلة القادمة لن يفيدها هذا العجوز الثمانيني الذي قضىى جل حياته ممسكاً بمضرب كرة التنس , مرفهاً منعماً لم يقدم خدمة لمجتمعه السوداني غير الكلام والارغاء و الازباد , والحديث المنمق من شاكلة السينديكالية و هلمجرا , فالدور الآن للشباب وعليهم ان ينخرطوا في بناء وطنهم بعد التغيير , و ان لا يدعوا مجالاً لهؤلاء العجزة و المسنين , الذين لن تفيدهم قيادتهم في هذا الظرف المفصلي من تاريخ الأمة السودانية , ومن اراد ان يتبعهم فبلا شك سيقودونه الى القبر ليدفنونه وما يزال قلبه ينبض بالحياة.

[email protected]





تعليقات 7 | إهداء 0 | زيارات 1234

خدمات المحتوى


التعليقات
#1761802 [محمد احمد]
0.00/5 (0 صوت)

04-15-2018 01:52 PM
الصادق و الكيزان وجهان لعملة واحدة.


#1761728 [إيهاب]
0.00/5 (0 صوت)

04-15-2018 10:24 AM
أستاذ إسماعيل
ما قلت الحقيقة المرة التي تزعج عبدة الأصنام


#1761682 [محمدوردي محمد]
0.00/5 (0 صوت)

04-15-2018 08:13 AM
من انت حتي تقبل او لا تقبل !!!


#1761432 [Zoal]
0.00/5 (0 صوت)

04-14-2018 08:14 AM
What an idiot
you are just the second face of the coin from the Islamist


#1761305 [Faisal]
0.00/5 (0 صوت)

04-13-2018 03:52 PM
جاهل يريد الظهور بئس الكاتب ضحل المعرفة ضحل للتحليل ضحل الاحداث التاريخية. فعلا المابعرف ما يدوهو يغرف.


#1761283 [Ali Ahmed]
0.00/5 (0 صوت)

04-13-2018 01:40 PM
ههه والله لكن الفيتو بتاعك عجيب
يالبؤسكم

هانت الزلابية والله


#1761121 [كرم]
0.00/5 (0 صوت)

04-12-2018 06:41 PM
لا فض فوك يارجل .


اسماعيل عبد الله
اسماعيل عبد الله

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة