هناك بعض الملاحظات التي من الواجب التنويه عليها حيث ان الامر يتعلق بحقائق ممة و ليس مجرد حوار عابر:
1.لقد اخطأ كاتب المقال في قوله ((يلاحظ أن الصورة التي ترسمها أيات الكتاب للرسل والانبياء و حواريهم تختلف كثيرا ما عما هو وارد بكتب الفقهاء وكتب التراث الأسلامي, فتلك الكتب تصورهم كأشباه ملائكة يمشون علي الأرض)).
فعامة كتب التفسير عندما تتعرض لسير الانبياء تفسر ما ورد في القرءان الكريم مع الاستعانة ببعض القصص من مصادر اخرى مثل الاحاديث النبوية و بعض الاسرائيليات و من المعلوم ان الاسرائيليات فيها الكثير من الاساءة لانبياء بني اسرائيل و وصفهم بفعل افعال لا يفعلها المؤمن التقي العادي و بالتالي لا تصور الانبياء كملائكة. هذا مع العلم ان اهل العلم يذهبون الى ان الانبياء افضل من الملائكة و ذلك لأن الملائكة جبلوا على عبادة الله بينما اعطي الانسان فرصة الاختيار.
2.أيضا أخطأ كاتب المقال حين تحدث عن نبي الله موسى عليه السلام بوصفه ( كشخص سريع الغضب و قلق (قتله للمصري, رميه للألواح , عدم صبره مع الخضر) )فغضبه عليه السلام كان في الله , مثلا كيف لا يغضب عندما يكتشف ان بني اسرائيل عبدوا العجل في غيبته بعد كل الاكرام و الايات التي حباهم بها الله عز وجل؟؟؟
3. -قال كاتب المقال: (( هذا الفهم المتقدم والايمان المطلق بالمعية الآلهية و الذي وصل له سيدنا موسي في مرحلة لأحقة من نبوته نجد أن المصطفي عليه أفضل الصلأة والسلأم قد وصل له منذ البدء , ودليلي علي ذلك ألآية التي تتحدث عن اللحظات التي أوشك فيها كفار مكة علي اللحاق بالرسول و صاحبه في غار ثور (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) . ))
تعليق : هذا القول غير صحيح و فيه سوء أدب مع رسول من أولي العزم .
صجيج ان نبينا محمد صلى الله عليه و سلم أفضل الرسل و لكن هذا لا يعني ان نبيا كلمه الله تكليما , تفضيلا له على غيره لم يصل الى فهم معية الله الا بعد سنين طويلة!!!
و للتفصيل في هذا القول نوضح ما اخطأ فيه كاتب المقال :
أ- لقد كان الخوف من العصا عندما اهتزت كأنها ثعبان في بداية تلقي موسى عليه السلام للوحي و تكليم الله أياه و هذا أمر طبيعي , فنبينا محمد صلى الله عليه و سلم أصابه نفس الشيء في بدء الوحي كما هو مذكور في صحيح البخاري ( كتاب بدء الوحي)
ب-أما الخوف من بطش فرعون والخوف من أن يغلبه السحرة , فهو أمر طبيعي فالانبياء بشر و ليسوا ملائكة و نبينا صلى الله عليه و سلم كان اذا خاف قوما قال: اللهم اني أعوذ بك من شرورهم. و قد قال الله سبحانه و تعالى : " وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ "
و قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ " اي ان الله سبحانه و تعالى سوف يحميك من اذى المتربصين
ت-ايضا قول كاتب المقال ((نجد أن المصطفي عليه أفضل الصلأة والسلأم قد وصل له منذ البدء , ودليلي علي ذلك ألآية التي تتحدث عن اللحظات التي أوشك فيها كفار مكة علي اللحاق بالرسول و صاحبه في غار ثور (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا). ))
هذا القول , فيه جهل كبير بالسيرة النبوية , فحادثة الهجرة وقعت بعد ثلاثة عشر عاما من بدء البعثة النبوية اي بعد 13 عاما من بدء النبوة او بدء نزول الوحي , هل هذه الفترة تعتبر (منذ البدء) كما ادعى كاتب المقال ؟؟؟!!!
ردود على ود الحاجة
[ود الحاجة] 05-29-2018 10:38 AM و عليكم السلام و رحمة الله
الاستاذ عبدالجليل , شكرا على الاعتمام باراء المعلقين فهي سمة طيبة لاي كاتب .
بخصوص قتل نبي الله موسى عليه السلام , فان الحادثة وقعت قبل النبوة اي قبل أن يوحى اليه , هذا من جهة و من جهةأخرى , فانه لبى ناءاستغاثة من احد ابناء قوميته او قبيلته و الذين كانوا مضطهدين بشدة و بالتالي هو لم يكن في حالة غضب شخصي و ايضا لم يكن موسى عليه السلام يريد قتل المصري و انما من فرط قوة الضربة قتل المصري.
لا اعتقد ان في الامر عنصرية فبنو اسرائيل كان يعانون الامرين و هذا من باب نصرة المظلوم.
[حسين عبد الجليل] 05-28-2018 06:36 PM السلام عليكم أخ ودالحاجة و مشكور علي مداخلتك .
أنت تقول (أيضا أخطأ كاتب المقال حين تحدث عن نبي الله موسى عليه السلام بوصفه ( كشخص سريع الغضب و قلق (قتله للمصري, رميه للألواح , عدم صبره مع الخضر) )فغضبه عليه السلام كان في الله , مثلا كيف لا يغضب عندما يكتشف ان بني اسرائيل عبدوا العجل في غيبته بعد كل الاكرام و الايات التي حباهم بها الله عز وجل؟؟؟)
وردي عليك هنا هو:
وهل كان غضب سيدنا موسي عليه السلام من المصري وقتله له غضبا في الله؟ أم انتصارا للذي من شيعته كما يوضح القرآن؟ "عنصرية كما نقول بتعبير اليوم"
وهل ما زلت يا أستاذ تقرأ تلك التفاسير الساذجة، هل يعقل ان اقتنع يتفسير قوله تعالى ( انا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فأبين أن يحملنها ......)ان الامانة هي الصلاة والصوم والحج والغسل من الجنابة!!!!
أليس هذا تفسيرا" غبيا" ومخجلا"؟؟؟
متي يتحرر العقل الاسلامي من كتب التفسير وكتب قصص الانبياء والبداية والنهاية وغيرها وينبذها وراء ظهره؟
لقد كان فضيلة الشيخ الشعراوي اكثر ذكاءا" ونباهة" من ابن كثير والطبري والبغوي، حينما كان يشرح آيات القرأن تحت مسمى (خواطر حول القرآن) رافضا" ان يسميها (تفسير القرآن) لأنه لا يريد ان (يعلب القرآن) للناس الذين سيأتون من بعده، ويكتشفوا ان ما قاله سخيف لا يوافق الواقع والعلم التطبيقي المتغير كل يوم بل كل ساعة.
لماذا يقف العقل الاسلامي في محطة ابن كثير والطبري؟ جميل من الكاتب قوله انه لم يقتنع بتفسير ابن كثير، ولو كتب موضوعه هذا في بعض الدول الاسلامية لمنع من النشر وجلب له المشاكل.
ردود على عزوز (الأول) المناكف الذي لن يهدأ له بال حتى ينصلح الحال
[حسين عبد الجليل] 05-28-2018 11:26 AM تحياتي أخ عزوز . لاضير في قراءة التفاسير القديمة , ذلك لو قرأها المرء باعتبار أن ماقدمه الاقدمون كان (ذلك مبلغهم من العلم) حسب فهمهم للاشياء في عصرهم ذاك . أيضا يستفيد القارئ كثيرا من معرفتهم العميقة للغة العرب .
المشكلة تكمن عندما ينظر البعض لتلك التفاسير باعتبارها صالحة لكل زمان
مشكور أخوي الزول علي تعليقك الضافي .
أجمل من شرح مسألة المعية في نظري المتصوف عبدالجبار النفري , فهو في كتاب "المواقف و المخاطبات " يقول :
(أوقفني في القرب وقال لي ما مني شيء أبعد من شيء ولا مني شيء أقرب من شيء إلا بحكم إثباتي له في القرب والبعد.
وقال لي أنا القريب لا كقرب الشيء من الشيء وأنا البعيد لا كبعد الشيء من الشيء.
وقال لي القرب الذي تعرفه مسافة، والبعد الذي تعرفه مسافة، وأنا القريب البعيد بلا مسافة.)
تعرف يا استاذ حسين موضوع المعية دا مشكلته الوحيدة التي كانت عند عامة أئمة السلف هي مشكلة التوفيق بين المعية العامة والمعية الخاصة. فالعامة كما في الآية 4من سورة الحديد (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ، والآية 7من سورة المجادلة (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، والآية 108 من سورة النساء (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً)، صدق الله العظيم.
وهذا النوع من أنواع المعية العامة المراد به أن الله مع جميع الخلق بعلمه فهو مطلع على خلقه شهيد عليهم وعالم بهم؛ وسميت عامة لأنها تعم جميع الخلق. ومما ورد في السنة بهذا الخصوص حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني" ورد بالصحيحين البخاري ومسلم.
والمعية الخاصة وردت في آيات كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر الآيات التالية: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) الآية (128) من سورة النحل، و (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) الآية (153) من سورة البقرة، و(ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) الآية (40) من سورة التوبة. وهذه هي معية الإطلاع والنصرة والتأييد، وسميت خاصة لأنها تخص أنبياء الله وأولياءه دون غيرهم من الخلق.
وحل الاشكال بين المعية العامة والخاصة بقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: "معية الله التي ذكرها في كتابه نوعان: معية العلم والاحاطة وهي المعية العامة، فإنه مع عباده أينما كانوا. ومعية خاصة، وهي معيته مع خواص خلقه، بالنصرة والعطف والتأييد" تفسير السعدي تيسير الكريم الرحمن ص 14. وفي الحقيقة لم يكن هناك اشكال حيث يجتمع عامة السلف على أن المعية هي معية العلم والاحاطة والنصرة والتأييد وليست معية حسية، فهم يفسرونها تفسيراً مجازياً لعدم اعتقادهم بالجسمية. إنما حصل الاشكال عند ظهور الجسمية الذين ينسبون إلى السلف زوراً وبهتاناً وهم يخالفون السلف في أساس العقيدة الاسلامية وهي تنزيه ذاته تعالى عن الجسمية (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). فبسبب هذه العقيدة المنحرفة اضطروا للقول بعدم وجود مجاز في النص القرآني وكل لفظ فيه يفسرونه على حقيقته فلفظ العين واليد والوجه الخ هي عين ويد ووجه حقيقة عندهم حتى وقعوا في اشكال تطبيق ذلك على المعية. قال الإمام ابن القيم الجوزية تلميذ ابن تيمية: " ... فمعية الله تعالى مع عبده نوعان عامة وخاصة وقد اشتمل القرآن على النوعين وليس ذلك بطريق الاشتراك اللفظي بل حقيقتها ما تقدم من الصحبة اللائقة"!- مختصر الصواعق 2/266. وها هو ابن تيمية يقول في كتابه العقيدة الواسطية ص 79 فصل في الجمع بين علو الله جل وعلا على خلقه ومعيته لهم حيث شرح الآية 4 من سورة الحديد " وليس معنى قوله "وهو معكم" أنه مختلط بالخلق فإن هذا لا توجبه اللغة!! التعجب من عندي. "بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته، ثم هو موضوع في السماء وهو مع المسافر أينما كان !! ، "وهذا الكلام الذي ذكره الله من أنه فوق العرش وأنه معنا حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف ولكن يصان من الظنون الكاذبة" !!! اهـ.
فتأمل هذه البهدلة التي جرتهم إليها عقيدة التجسيم الفاسدة فشبه الله تعالى بالقمر للمسافر في اصرار وغباوة لا يحسدون عليها على أنهم لا يشبهون الله إلا بما يليق به جلوساً على العرش وعلواً في السماء وعلى خلقه ولكنه اختشى من المعية بمعنى الاختلاط بخلقه! فهل هذا لأنها فقط لا تليق رغم إمكانها لكونه جسم ؟ تعال الله عن الجسمية والشيئية علواً كبيرا.