المقالات
السياسة
سيرة ذاتية و تأملات: ب. قرشي محمد علي
سيرة ذاتية و تأملات: ب. قرشي محمد علي
06-16-2018 12:19 AM

علي أكتافهم

علي أكتافهم عنوان دال، إذ يعتقد الكاتب بأن إنجازه و نجاحه قام علي أكتاف الآخرين! و يا له من تواضع و وفاء ولعل في ذلك مبالغة، إذ لقرشي عقل راجح و ضراع وافر فقد عُرف منذ صباه بالجد و المثابرة و الذكاء.مارس العمل اليدوي منذ مرحلة الأساس و أثناء الجامعة و خلال البعثة لدرجة الدكتوراة ! قرشي من الشاكرين، و من لا يشكر الناس لا يشكر الله.سأعود لعمل قرشي لاحقاً في هذا العرض.
سفر صقيل ، متوسط الحجم ، في نحو ثلاثمائة صفحة من الحجم المتوسط.صدر الكتاب عن دار الجامعة الوطنية للنشر وهذه قصة تحتاج لكتاب مفرد.الاخراج جميل و متفرد ، إذ يبرز كل فصل من فصوله الثلاثة عشر بلون يُميزه عن غيره ، كما أن الطباعة ممتازة و قد تمت بتركيا ، إستنبول- طاهر و طاهري، لا تعيبه بضع أخطاء لغوية طفيفة.
الكتاب ممتع و لغته رائعة و متفردة و هو يجمع بين السيرة و التأملات و تزداد المتعة بمعرفتك للكاتب و البيئة التي نشأ فيها و بعض من ذكر من الأفراد و لا تملك إلا أن تأسف لقعود كثير من أعلام البلاد عن إحجامهم من الكتابة، و لو أنهم فعلوا لأثروا المكتبة الوطنية و المعرفة في البلاد و لألهموا غيرهم علي ذات الدرب.
يُضفي ب. قرشي صفات طيبة علي من عمل معه و من إلتقي بهم في حياته العامرة بالقرية و المدرسة و الجامعة و بالعمل في السودان و في خارج البلاد – فهم جميعهم متميزون مثل الكاتب ، فهو فريد و بسيط و طيب إنسان و لا تملك إلا أن تحترمه و قد إنعكست شخصيته علي أسلوبه في الكتابة: قسط،عدل ،ةمتبسط ،صادق ، ملهم وخدوم.
إلتحق قرشي بالخلوة و حفظ أجزاء من القرآن ،ليكمل حفظه لاحقاً، لذلك جاءت لغته سهلة جذلة و صعبة، مختصرة ، في جمل قصيرة دون تطويل أو إسهاب و يخلص بعد كل محطة أو حكاية بتأملاته العميقة- فهو يرجو أن تكون خلاوي القرآن كخلوة الشيخ هاشم ، خليفة الشيخ البصير و قد وصفه بأنه شاب معاصر و شيخ منفتح علي الشباب و الطلاب ، يستخدم مصطلحاتهم و بؤاكلهم و يسترجعهم للحفظ و الصوم و الذكر الصوفي بطبوله و حركاته و له برامج مكثفة للطلاب و الموظفين و تمني في نهاية حديثه عن شيخ هاشم بدعاء أن أن يكون كل الشيوخ كشيخ هاشم.يتجلي أدب و علم ب. قرشي في تحليله و عدم تحامله و في توازن خطابه- حين يكتب في أي موضوع مثلما كتب حول مشروع الجزيرة و يخلص إلي أن الحكومات في الأربعين عاماً الآخرة لم يفشلوا في المشروع و إنما لم يحاولوا أن ينجحوا فيه! و يذهب إلي أن مشكلة المشروع الآن هائلة بقدر ما هي جذرية و شاملة و متسارعة، تتأزم بالتقادم و في متوالية هندسية. وهكذا يمضي ب. قرشي دون إسفاف و في توازن عقل راجح، يغوص فيها و يصل لنتائج هادية و مرشدة لو تم الأخذ بها لانصلح الحال. عند ذهابه لمدرسة صافية في عام 1958 لم ينقطع عن الخلوة يذهب إليها في قريته كل إسبوع ليسمع ثلاثة ألواح! و يصف الخلوة بأنها مؤسسة مفتوحة جزئياً مستخدماً المصطلحات الجديدة مثل الخلوة الافتراضية! وهنا أتفق مع ب. قرشي وقد نقلتُ رؤيتي للخلوة كمدرسة للمعلم الواحد و ذات الفصل الواحد وأقنعتُ رئيسة السياسات بمنظمة أوكسفام البريطانية في عام 2008 لتقديم تجربة الخلوة في السودان للمنظمة كنموذج إيجابي في التعليم بالبلاد، يخدم البيئة ، إقتصادي و مناسب مع إمكانية تطويرها- عندما كنت أعمل في إعلام المنظمة و كان تابعاً لقسم السياسات،كان ذلك في إطار برنامج لتعريف المنظمة بالبلاد و ما فيها من الايجاب و تعريف أهل البلاد بما عند المنظمة من معارف و مميزات في التخطيط، في السياسات، في التمويل، وفي العمل الطوعي و إدارته.تبادل للمنافع و المعارف.
أدركتُ أخيراً سر زواج ب. قرشي الثاني ، وفاءً لأهله فقد كان مقيماً مع جدها في المدرسة الأولية و لهم قرابة.
يتضح ذكاء قرشي المبكر و هو يصف عقابيل الخريف و تأثيره في المدارس – من نمو للأعشاب العالية ، إذ يكتب" حتي تتسلل نابتة من الشقوق في الحوائط و قوائم الأبواب و النوافذ " و يمضي" لم يعد الأمر كذلك، فهذا تغيير مناخي ملحوظ ، حدث في حياة البشر القصيرة" وهو كذلك !لاحظتُ في مناطق أخري من السودان تمتاز بأمطارها الغزيرة ، حيث تنمو الأعشاب علي الجدران و شقوقها و علي سقف المنازل الطينية.وهنا تجئ رؤية ب. قرشي في إستخدام الطلاب في نظافة المدرسة و لم يكن يري فيها أهدافاً تربوية ذكية ! فأنظر للذكاء المبكر و الوعي الكبير! و يستدرك ذلك أخيراً و يحسبه من الأعمال المجتمعية الجيدة إذ تنمي السلوكً الجيد.
و نتبين إنفتاح ب. قرشي و سمو نفسه عند الحديث عن د. محمد يوسف أحمد المصطفي (زميله في المدرسة الوسطي) إذ كانوا أصدقاء متحابين رغم ما بينهم مما يبعد من إختلاف البلاد و العباد و الفكر و الفكر المضاد. لكن د. محمد يوسف أصبح أوسع ثقافة و أكثر إستعداداً لتحمل الآخرين،...و لم يتحوصل في عباءة حزبه اليساري، لقد إنتمي بوعي و رؤية للحركة الشعبية و تعارضت عقلانيته مع تيار متهور فيها، فسلك طريقاً يميزه عن الآخرين و لا يفاضله بأي إمتيازات شخصية. و هكذا قرشي عادلاً و منصفاً!
و يمضي قرشي خلال المرحلة المتوسطة ليتكلم عن الجمعية الأدبية و مكتبة الفصل و أهمية هذه الأنشطة في نمو الفكر و الثقافة و الوعي.فكرة مكتبة الفصل ظللت محاولاً إعادتها بذات الاسم و الآن تأتي الدعوات أقل طموحاً لمكتبة المدرسة! فأنظر كيف تدهور الوضع !
لم تكن حياة قرشي سهلة يسيرة و قد كان يعمل في الحواشات في كامل العمليات الفلاحية من تيراب إلي نظافة و شلخ و مسح في مرحلة مبكرة من حياته –منذ المدرسة الأولية و حتي جامعة الخرطوم و أثناء الدراسة لدرجة الدكتوراة في لندن. و مع ذلك يصفون مزارع الجزيرة و إنسان السودان بأنه كسلان !علي هؤلاء أن يجربوا الأعمال التي أداها ب.قرشي!
من القصص المشوقة و الملهمةما حكاه قرشي عندما دعي بعض الأهل لوجبة غداء ذبحت فيه الوالدة حملاً و جاء المزارع الماحي و بعد أن أكل و مسح يديه بدهن اللحم ، إلتفت إلي قرشي قائلاً" ما عندك فرقة يومين تلاتة تمسح لي فيهن؟" من من أهل السودان أو الأعراب يستطيع أن يمسح الأرض أو حتي يعرف ذلك المصطلح؟
لقد توقف ب. عوض محمد أحمد و هو طبيب متميز عند هذا الحوار و قد أضحكه! أما أنا فقد ألهمني عندما سرد لي الأخ إبراهيم أحمد موسي تلك الواقعة ،فقلت له "تُري لو أن برنامجنا لتحفيز الطلاب المتميزين و المتفوقين من منطقة الحلاوين كان قائماً وقتها، هل كان قرشي ليعاني و يتعب؟ إقترحت علي إبراهيم أن يساهم في ذلك البرنامج و يخصص جائزة باسمه، لقد إختار إبراهيم أن يُخصص جائزة باسم عمه عبد الوهاب موسي ، تم منحها منذ عامين ضمن مهرجان منطقة الحلاوين للتميز و الابداع، الذي بدأناه قبل 6 أعوام و يأتي العام السابع و قد توسع النشاط بقيام منظمة لتطوير و تنمية المنطقة و هي ذات رؤية ب. قرشي ، عند حديثه حول مشاكل الاقاليم و حمل مواطنيها للسلاح كوسيلة لتحقيق التنمية بانتزاع الحقوق من المركز الظالم! و لكن أهل الجزيرة متسامحين و قد تحملوا عبء البلاد لعقود و عقود من الزمان.
لذلك آمل أن تنظر السلطات المحلية و الولائية و الفيدرالية و الأمنية للجمعيات و المنظمات الطوعية بشكل إيجابي و مساعدتها في التسجيل و تيسير أنشطتها! حتي لا يصاب الناس في الأقاليم بالقنوط و الياس و الاحباط فيحملون السلاح ، يخربون و يدمرون – بدلاً من إستخدام وقتهم و مالهم و جهدهم في الأعمال النافعة التي تسد الثغرات في التعليم و الصحة و البيئة و في أعمال التنمية. يتبع





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 1512

خدمات المحتوى


التعليقات
#1783227 [محمد حسن فرح]
3.75/5 (3 صوت)

06-18-2018 01:06 PM
ما هـــــــذا!!!؟


إسماعيل آدم محمد زين
مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة