الأمراء
07-15-2018 01:06 PM

في أواخرعهد الدولة العباسية، إبان خلافة المستعصم بالله آخرالخلفاء العباسيين في بغداد، أصاب القحط بلاد الشام التي كان على ولايتها القائد صلاح الدين الأيوبي، فعمد الأيوبي إلى إسقاط الضرائب والخراج وكافة أشكال الجبايات عن المواطنين بما في ذلك الجزية التي تُفرض على غير المسلمين، كما عمد إلى تقليص رواتب ومخصصات الأمراء والوزراء وكبار القادة إلى 50% وجعلها في بيت مال المسلمين، ليقاسم الأمراء الرعية الضيق والشظف. وبدأ بنفسه والأقربين وحوَّل كل مايملك من ضياع إلى الخزينة العامة ولم يستبقِ لنفسه شيئاً حتى عاتبه أهل الصُحبة، بل كانت المفاجأة عندما سبقته زوجته "صفوة الدين" أرملة الملك نور الدين بمجوهراتها وحليها إلى خزينة الدولة، وكانت تقول:"إنّا لنستحي من الله أن يرانا ونحن نحتفظ بالضياع والمجوهرات والدنانير والرعية تعاني من القحط ، ولايحق لنا أن نطلبهم للتأييد والمواكب ونتخلى عنهم وقت الشدة ". وكان الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي يتبسم لقولها وقد سُرَّ سروراً عظيماً بذلك...

مهلاً أنا لستُ ساذجاً أوغارقاً في المثاليات حتى أطلب من "أمراء" المشروع الحضاري أن يضعوا عماراتهم و"فللهم" وضيعاتهم ومزارعهم وشركاتهم تحت تصرف "الركابي"، وبالطبع لن أطلب من أحدٍ أن يتخلى عن نصف راتبه ومخصصاته وامتيازاته لوزارة المالية لتفعل فيها ما تشاء، رغم أن "القحط" قد أناخ بكلكله على الأغلبية الساحقة في بلاد السودان أكثر مما فعل في بلاد الشام ، وقد وضعتهم الضائقة المعيشية وغلاء الأسعار وفوضى السوق بين براثن العوز والحاجة ، ومع ذلك لاحاجة لهم في مجوهرات الأمراء وضياعهم وعماراتهم وشركاتهم، وقطع الأراضي التي كشفت آخر التحقيقات أن أحد "الأمراء" المعتقلين حالياً يملك منها 76 قطعة ، وكلها باسمه وكأنه قد أمِن كل شيء، ألا يسجلها بأسماء الأهل والأقارب؟!!!!..

فليهنأ "الأمراء" بكل ما استولوا عليه بـ "عرق جبينهم" و"نجاحاتهم"، وشطارتهم"، وليستمتعوا بأي رزقٍ ساقه الله لهم فهنيئاً مريئاً، فقط ما يريده الرعية الآن أن تفرض الدولة هيبتها على الأسواق، ومنافذ توزيع السلع والخدمات ولاسيما وقود المزارعين وحسم الفوضى التي فاقت كل حدود التصور. ما يتطلع إليه الشعب هو أن تبسط الدولة سلطانها بإحكام الرقابة على الأسواق التي تحولت إلى مافيا وعصابات تفرض الأسعار التي تريدها لسلع وبضائع فاسدة ، وتعرض السموم القاتلة بالسعرالذي تريد، بينما غاب سلطان الدولة وهيبتها في الأسواق وفي منافذ الخدمات التي تقدمها للمواطنين . فلتُعد الدوله هيبتها وسلطانها في الأسواق وقنوات توزيع الخدمات فهذا أعلى سقف لعشم الرعية في المؤاساة ، وليس بالطبع ما فعله صلاح الدين الأيوبي، فتلك أمة خلت ووجه المقارنة بين أمرائهم وأمرائنا معدوم بالمرة ولا سبيل إلى ذلك أبداً...اللهم هذا قسمي فيما أملك...

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائمًا في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

الصيحة





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 1060

خدمات المحتوى


التعليقات
#1791250 [سامية]
0.00/5 (0 صوت)

07-16-2018 09:03 AM
إذا كان كبير أمراء الإنقاذ يذهب للعمرة بطائرة كاملة يحمل عليها العائلة والمقربين لأداء العمرة فى رمضان وكلو على حساب خزينة الدولة ثم تقله نفس الطائرة مع العائلة والمقربين لمشاهدة نهائي كأس العالم فكيف يمكن مقارنة مثل هذا مع القائد صلاح الدين الأيوبي الذي يهمه أمر رعيته ويحس بآلامهم ومعاناتهم ويشعر بحس المسلم الشفوق انه مسئول امام الله عن هذه الرعية؟.
إذا أسند الأمر إلى غير أهله فستكون النتيجة كما نرى الآن فى واقعنا، فساد غير مسبوق ولا مثيل له، حماية كاملة للمفسدين الذين يحتمون بما يسمى بالحصانة، تدهور مريع فى جميع مرافق الدولة انهيار تام للاقتصاد، وحتى محاربة الفساد المزعومة تتعامل مع المفسدين بمبدأ خيار وفقوس، إذا لم تطول هذه المحاسبة رأس الدولة واخوانه وزوجته وداد والمقربين منه من وزراء وغيرهم وأقربائه وانسبائه فلن يكون لها معنى ولن تؤتي أكلها فهل يجرؤ قوش أن يهبش هذه الفئة الاخيرة من المفسدين المحميين من البشير؟
أعتقد أن حملة محاربة الفساد المزعومة هي مجرد ذر للماد في العيون ولن تنطلي على أحد.


أحمد يوسف التاي
أحمد يوسف التاي

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة