مياه الخرطوم كل يوم حكاية
07-15-2018 06:53 PM
منذ سنوات طويلة وولاية الخرطوم لا زالت تعاني من مشكلة المياه التي لا تتوفر نهائياً في بعض الأحياء، وغير مستقرة في أغلب الأحياء وعلى مدار السنين، إضافة إلى مشكلة التلوث التي لا نعرف حقيقتها بالضبط، فالمواطنون دائماً يشكون من تغير لونها ورائحتها ويقال إنها تختلط بالصرف الصحي، والجهات الرسمية بعض ينفى وآخر يعترف وكل يوم حكاية .
في شهر أبريل الماضي كتبت عن تلوث مياه الخرطوم بناءً على تقرير للمراجع العام الذي قال فيه، إنَّ ولاية الخرطوم أغلقت 28 بئراً بسبب التلوث وعدم صلاحيتها مع تفاصيل أخرى، أوضحت الظروف التي تحيط بتلك الآبار. بعدها بأيام أقامت هيئة مياه الخرطوم لقاءً تفاكرياً تشاورياً مع وسائل الإعلام، تحدث فيه مدير الهيئة وكشف عن خطتهم لهذا الصيف ووعد بصيف بلا قطوعات، وقدم من خلال الخطة معلومات مبشرة، وقال إنه في يوم 30 مايو سينتهي 95% من العمل الجاري الذي يخص صيف 2018، هذا بجانب عمل كبير كشف عنه لإنهاء العطش في الخرطوم. أما بخصوص التلوث فقد أنكر مستشار الهيئة الفني وجوده، وقال إنه لا يعترف بتلوث لا يثبته الفحص المعملي، حتى ولو كان هناك تغير في لون المياه ورائحتها.
الآن الوضع الحاصل يثبت عكس ما وعدنا به مدير الهيئة ولا نحتاج إلى الشرح والتوضيح فقطوعات المياه منذ فترة تجتاح جميع أنحاء العاصمة، وفي هذه اللحظة التي أكتب فيها نعاني نحن في أحياء العرضة والعباسية وتعويضات بيت المال جنوب من قطوعات مستمرة، مع أنها على بعد مرمى حجر من النيل . أما بالنسبة للتلوث فقد أقر والي الخرطوم شخصياً الأسبوع الماضي وأمام المجلس التشريعي، بتعرض آبار الشرب بالولاية للتلوث، وهذا يتوافق مع تقرير المراجع العام قبل ثلاثة أشهر. إذاً السؤال من الذي لا يقول الحقيقة الهيئة أم المراجع العام ووالي الخرطوم؟ ومن يجب أن يصدقه المواطن؟ أعتقد أنه يجب أن يصدق نفسه وهو لديه ما يكفي من أدلة تجعله مقتنعاً بأنه لن يجد مياهاً نظيفة ولن يرتاح من القطوعات والعطش، ما لم يتخذ القرار المناسب لنيل حقه في الحصول على مياه نظيفة أينما وجد.
مشكلة المياه عموماً هي نفس مشكلة التعليم والصحة وغيرها من القطاعات، التي تتسبب الحكومة في تعقيدها بالإهمال وسوء الإدارة والفساد، فهي أصلاً غير مستعدة تماماً للصرف عليها رغم أنها أهم مشكلة على الإطلاق، كما أنها تصر على استخدام سياسة (اللتيك) التي لا تعالج قضية بقدر ما تعقدها، ففي لقائنا ذلك مع مدير الهيئة شكا من ضعف الإمكانات، أي أن الحكومة لا توفر الميزانية المطلوبة للحلول الجذرية وما أوفرها، وكل مدير أو وزير مطلوب منه أن يوفر الحلول بطريقته الخاصة، وقطعاً هو لا يملك حل مشكلة لا تريد الحكومة الصرف عليها، والأسوأ من كل ذلك هو أن كل واحد يورث الآخر الأزمة فيرث معها سلوك التبرير والإنكار والاسقاط والكذب، لكي يصبح قادراً على تسيير الأمور، وفي نفس الوقت المشاكل تكبر وتزيد وتتعقد ويظل الحال ياهو نفس الحال، ثلاثة عقود والخرطوم مثل إبل الرحيل (شايلة السقا وعطشانة).
التيار
|
خدمات المحتوى
|
أسماء جمعة
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|